القائد الصامت الذي ترك بصمة لا تُنسى
لم يكن مازن مجرد ناشر، بل كان بوصلة توجيه للكثير من الكتّاب، وأنا أحدهم. ترك وراءه إرثًا خالدًا، ليس فقط في الكتب التي ساهم في نشرها، بل في النفوس التي ألهمها. اليوم، أودّع مازن رضوان – رحمه الله –،



في الأيام القليلة الماضية، فقدتُ شخصًا عزيزًا على قلبي، رجلًا لم يكن مجرد ناشر، بل كان معلمًا، ملهمًا، ووالدًا ثانيًا لي. مازن رضوان، المدير السابق لدار سيبويه للنشر في السعودية، لم يكن يسعى وراء الأضواء، بل كان يعمل في صمت، لكنه ترك أثرًا لا يُمحى في عالم النشر وفي حياة من حوله.
كشخص يعاني من عسر القراءة واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، لم يكن دخولي إلى عالم الكتابة أمرًا سهلًا. كانت لدي أفكار، لكن إيصالها إلى القرّاء كان تحديًا هائلًا. لم يكن من السهل إقناع دور النشر بأن كاتبًا بمثل حالتي يمكنه أن يحقق النجاح. كانت كتبي يتيمة بلا داعم، حتى احتضنها مازن رضوان، واحتضنني معها. بفضله، انتقلت من تأليف خمسة كتب إلى أكثر من أربعين كتابًا، بعضها أصبح من الأكثر مبيعًا.
خلال سنوات تعاملي معه، تعلّمت منه ثلاثة دروس قيّمة في القيادة، يمكن لكل قائد أو رائد أعمال الاستفادة منها.
القيادة الحقيقية تُمارَس بصمت
كان مازن قليل الكلام، لكنه عندما يتحدث، كانت كلماته مليئة بالحكمة والهدف. لم يكن يسعى للظهور، بل كان يركز على العمل وتحقيق النتائج.
في عالم اليوم، يظن البعض أن القيادة تعني الاجتماعات المستمرة والتحدث أمام الحشود، لكن القادة الحقيقيين هم من يتركون أفعالهم تتحدث عنهم.
كيف تكون قائدًا فعالًا؟
- دع إنجازاتك تتحدث عنك بدلاً من الإكثار من الوعود والكلمات.
- استمع أكثر مما تتحدث، فالفهم العميق للموقف أهم من الرد السريع.
- ادعم الآخرين، لأن أعظم إرث للقائد هو نجاح من عمل معهم.
الصبر والمثابرة أساس النجاح
عندما بدأت رحلتي في الكتابة، كنت متحمسًا لنشر أعمالي بأسرع وقت. لكن مازن علّمني أن النجاح لا يُبنى في يوم وليلة، بل يحتاج إلى صبر وتخطيط.
ينطبق هذا الدرس على عالم الأعمال أيضًا، حيث يتسرع الكثيرون في البحث عن نتائج فورية، لكن النجاح الحقيقي يحتاج إلى التزام مستمر وتطوير مستدام.
كيف تحقق نجاحًا طويل الأمد؟
- تحلَّ بالصبر وثق بأن كل خطوة تأخذها اليوم ستؤتي ثمارها لاحقًا.
- ركّز على الجودة، فقد كان مازن يقرأ كتبي قبل نشرها، ليتأكد من أنها تستحق التقدير.
- لا تتوقف عند العقبات، فالمثابرة هي ما يميز القادة الناجحين.
العطاء دون مقابل هو أعظم أشكال القيادة
كان مازن يعطي بلا حدود، يساعد الجميع دون أن ينتظر شيئًا في المقابل. هذا النوع من القيادة هو ما يصنع الفارق في المؤسسات والمجتمعات.
كيف تكون قائدًا معطاءً؟
- كن مرشدًا وساهم في تطوير الآخرين من حولك.
- احتفل بنجاحات غيرك، فالقائد الحقيقي يرفع من معه بدلًا من أن ينافسهم.
- قدّم الخير دون توقع مردود فوري، لأن الأثر الحقيقي للعطاء يظهر مع الوقت.
إرث يبقى للأبد
لم يكن مازن مجرد ناشر، بل كان بوصلة توجيه للكثير من الكتّاب، وأنا أحدهم. ترك وراءه إرثًا خالدًا، ليس فقط في الكتب التي ساهم في نشرها، بل في النفوس التي ألهمها. اليوم، أودّع مازن رضوان – رحمه الله – ، لكن دروسه ستبقى معي إلى الأبد.