القوارب الكهربائية: ثورة جديدة في عالم النقل البحري!
اكتشف كيف تُغيّر شركة Arc Boats مستقبل صناعة القوارب بتقديم بدائل صديقةٍ للبيئة وموفّرةٍ للطّاقة
في السّنوات الأخيرة، شهدنا تطوّراً كبيراً في مجال النقل الكهربائيّ، حيثُ قادت شركاتٌ -مثل تسلا (Tesla)- الثّورة على الطّرقات، مُغيّرةً طريقةَ تفكيرنا حول وسائل النّقل. واليوم، هناك اتّجاهٌ جديدٌ يقتربُ من إحداث تغييرٍ جذريٍّ آخر، لكن هذه المرّة ليس على اليابسة، بل في المياه. فالقوارب الكهربائية بدأت في شقِ طريقِها بقوّةٍ لتقديمِ بديلٍ صديقٍ للبيئة وموفّرٍ للطّاقة عن القوارب التّقليديّة الّتي تعملُ بالبنزين، فمثلما غيّرت تسلا صناعة السّيارات، فإنّ شركات القوارب الكهربائيّة تسعى لتحقيقِ نقلةٍ نوعيّةٍ في عالم النّقل المائيّ.
القوارب الكهربائية: المستقبل على الماء
في أحد أيّام الصّيف من هذا العام، كان غرانت جيدي يُمارس رياضتَهُ المائيّة المفضّلة على نهر دلتا في شمال كاليفورنيا، ومع أنّه بدا كأيّ شخصٍ آخرَ يستمتعُ بركوب الأمواج، إلّا أنّ ما ميّز تجربتهُ هو القارب الّذي كان يركبهُ، فبدلاً من استخدام قاربٍ تقليديٍّ يعمل بالبنزين، كان غرانت يركبُ قارباً كهربائيّاً، يخلو من الضّجيج المُعتاد لمحرّكات الاحتراق الدّاخليّ، ولا يُصدرُ الرّوائح الكريهة المُرتبطة بالوقود، هذا النّوع من القوارب يسمح لرُكّابه بالتّحدث بسهولةٍ والاستمتاع بنسمات الهواء دون أي إزعاجٍ.
"تبدو وكأنّك في ملعبٍ مفتوحٍ"، هكذا وصف غرانت تجربتَهُ، مُشيراً إلى سهولة التّزلج والمتعة الّتي يُوفّرها القارب الكهربائيّ، إذ تعملُ شركةُ آرك بوتس (Arc Boats)، وهي شركة ناشئة في مجال القوارب الكهربائية، على قيادة هذه الثّورة كما فعلت تسلا من قبل.
نماذج أوليّة لجمهورٍ خاصٍّ
على غرار استراتيجيّة تسلا في بداية مشوارها مع السّيارات الفاخرة، تُركّز شركة آرك بوتس على إنتاج قوارب كهربائيّة فاخرةٍ تستهدفُ شريحةً صغيرةً من الجمهور الثّريّ المُتحمّس للتّكنولوجيا، أحدُ هؤلاء العملاء هو جوناثان كون، رجل أعمالٍ ناجح أسّس شركة 1–800 Contacts، وأصبح مولعاً بالتّكنولوجيا، فبعد أن امتلك يختاً كهربائيّاً فاخراً من طراز "Arc One" بمبلغٍ تجاوز ثلاثمئة ألف دولارٍ، قرّر جوناثان شراء نموذجٍ آخر بسعرِ مئتين وثمانية وخمسين ألف دولارٍ يُدعى Arc Sport، المُصممُ خصيصاً للأنشطة المائيّة مثل التزلّج على الماء.
مقارنة مع القوارب التقليدية
بالنّسبة للأشخاص الذّين اعتادوا على القوارب التّقليديّة الّتي تعمل بالبنزين، فإنّ القوارب الكهربائية تُقدّمُ حلّاً لمجموعةٍ من المشاكلِ الّتي يعاني منها أصحاب القوارب، إذ إنّ تكاليف الوقود المرتفعة، والضّوضاء، وصعوبة الصّيانة، كلّها تحدياتٌ يواجهها من يمتلكُ قارباً يعمل بالبنزين، ولكن مع القوارب الكهربائيّة، فإنّ هذه المشكلات تكادُ تختفي، ممّا يجعلها خياراً أكثر جاذبيّةً.
جوناثان كون، الّذي لم يكن يفكّرُ في امتلاك قاربٍ كهربائيٍّ قبل بضع سنواتٍ، قال: "أفضل القوارب كانت دائماً قوارب الآخرين، حيثُ كان النّاس يفضّلون الاستمتاع بالقوارب التي يمتلكها الآخرون دون أن يتحمّلوا عناء الصّيانة أو التّكاليف، لكن الآن، مع القوارب الكهربائية، أصبح الأمرُ مختلفاً".
رحلة آرك بوتس نحو تزويد القوارب بالطّاقة الكهربائيّة
الرّئيس التّنفيذيُّ لشركة آرك بوتس، ميتشل لي، لديه شغفٌ بالتّكنولوجيا منذ صغره، إذ نشأ ميتشل على حُبّ تعلّم التّداول في البورصة منذ أن كان في الثّامنة من عمره. بعد تخرّجه من جامعةِ نورث وسترن، أسّس لي تطبيقاً للتّمويل الشّخصيّ يُدعى Penny، وباعهُ لاحقاً لشركة كريديت كارما (Credit Karma).
بعد هذا النّجاح، قرّر ميتشل، بالتّعاون مع صديقِه ريان كوك، إطلاق شركة آرك بوتس في جنوب كاليفورنيا تهدف إلى تحويل القوارب العاديّة إلى قوارب تعملُ بالطّاقة الكهربائيّة، مشابهاً لما حقّقته شركة تسلا في صناعة السّيارات، وقد أسهم التّوسعُ السّريع في استخدام السيارات الكهربائيّة وزيادة الطّلب على البطاريّات في تهيئة الظّروف لتطوير قوارب كهربائيّة مُبتكرةٍ.
مستقبل القوارب الكهربائية
يتوقّعُ ميتشل أن يكونَ هناك طلبٌ كبيرٌ على القوارب الكهربائيّة، خاصّةً في الولايات الّتي تتمتّعُ بوجود بحيراتٍ كبيرةٍ، مثل كاليفورنيا وتكساس وأيداهو ومينيسوتا، كما وتتطلّعُ آرك بوتس إلى بيع مئات القوارب من طراز Arc Sport سنويّاً في الولايات المتّحدة، ومن خلال تقديم تجربةٍ أكثرَ راحةً، تسعى الشّركة إلى تحويل الأنظارِ عن القوارب الّتي تعمل بالبنزين، والّتي تحتاجُ إلى تكاليف صيانةٍ مرتفعةٍ، وتستهلك كمياتٍ كبيرةً من الوقود.
التكنولوجيا ودورها في تطوير القوارب
تحتوي قوارب آرك سبورت على العديد من الابتكارات التّقنيّة، مثل الشّاشات الذّكيّة، وأجهزة الاستشعار، وخدمات الواي فاي، بالإضافة إلى برامج يُمكن تحديثها عن بعد،؛هذه التّحسيناتُ تجعل القارب شبيهاً بجهاز كمبيوترٍ عائمٍ، ممّا يسمحُ بإجراء تحديثاتٍ مستمرّةٍ لتحسين الأداء وإضافة ميّزاتٍ جديدةٍ. وعلى الرّغم من أنّ سعر القوارب الكهربائية لا يزال مرتفعاً، إلّا أنّ ميتشل يتوقّعُ انخفاض تكاليفها بمرور الوقت، تماماً كما انخفضت أسعار سيارات تسلا مع تطوّر التّكنولوجيا وزيادة الإنتاج.
شركاتٌ أخرى في السّباق
ليست آرك بوتس وحدها في هذا السّباق، فهناك شركاتٌ أخرى تسعى إلى إنتاج قوارب كهربائيّة، مثل: كانديلا السويديّة ونافير (Navier) الناشئة في كاليفورنيا، ومع أنّ سوق القوارب الكهربائيّة ما زال صغيراً مقارنةً بالسيارات الكهربائيّة، إلّا أنّه ينمو بسرعةٍ، وبحسب توقّعات شركة Allied Market Research، من المُتوقّع أن تصلَ مبيعات القوارب الكهربائيّة إلى 17 مليار دولارٍ بحلول عام 2031.
تعدُّ القوارب الكهربائيّة اليوم بداية ثورةٍ جديدةٍ في عالم النّقل البحريّ، مثلما فعلت السيّارات الكهربائيّة في مجال النّقل البريّ، ومع تقدّم التّكنولوجيا وتزايد الطّلب على البدائل الصّديقة للبيئة، من المُتوقّع أن نرى المزيد من التّطورات في هذا القطّاع.