نصائح حيوية لتجاوز أزمات البحث عن وظيفة في 2025
في ظل الأتمتة والتّغيّرات الاقتصاديّة، يحتاج البحث عن وظيفة إلى استراتيجياتٍ ذكيّةٍ ومهاراتٍ حديثةٍ لتحقيق النّجاح
تتزايد حالة الرّكود في العمل بين أصحاب الشّهادات العليا والخبرات المرموقة، فمع زيادة الاعتماد على الذّكاء الاصطناعيّ والأزمات الاقتصاديّة الخانقة الّتي يعاني منها العالم بأكمله بسبب الحروب والكوارث البيئيّة وتغيّر المناخ، فإنّ الكثير من أصحاب الياقات البيضاء يجدون أنفسهم في حالة تسريحٍ عن العمل ربّما بعد 10 أو 15 عاماً من آخر مرّةٍ تقدّموا فيها لوظائف.
وهذا الأمر أصبح أكثر شيوعاً في 2023 و2024 أكثر من أيّ وقتٍ مضى، وترتفع درجات الإحباط منه باستمرارٍ مع الأزمات النّفسيّة والجسديّة، لذا سواءٌ كنت شخصاً خبيراً تضطرّ للبحث من جديدٍ، أو حديث التّخرّج تريد البدء بطريقةٍ صحيحةٍ، فعليك التّعرّف على القواعد الجديدة للبحث عن وظيفةٍ في 2025.
تغلّب على أتمتة طلبات التّوظيف
بدأت أتمتة البحث عن المرشّحين للوظائف على استحياءٍ منذ عدّة سنواتٍ، لكن ارتفع الاعتماد عليها بشكلٍ مطّردٍ في كلّ المجالات، فأنت ترسل سيرتك الذّاتيّة أو ملفّك الشّخصيّ عبر الإنترنت، ويستخدم أصحاب العمل روبوتاتٍ لتصفية السّير الذّاتيّة واختيارها بناءً على كلماتٍ مفتاحيّةٍ محدّدةٍ بها. لذا يجب تخصيص سيرتك الذّاتيّة وفقاً للكلمات المكتوبة في متطلّبات الوظيفة الّتي تتقدّم إليها بالدّقّة دون تغييرٍ لتمرّ بسلامٍ من روبوتات التّصنيف، وتنتقل إلى المرحلة التّالية.
وإذا كان التّخصيص يستغرق منك الكثير من الوقت، فيمكنك الاستعانة بروبوتٍ للتّغلّب على روبوتات الأتمتة، فهناك أدواتٌ مثل "تيل" (Teal) تقارن سيرتك الذّاتيّة بقوائم التّوظيف، وتقترح إضافة نقاطٍ جديدةٍ ليكون طلب الوظيفة أكثر تطابقاً.
لكن لا تتّبع حيلة كتابة الكلمات المفتاحيّة باللّون الأبيض للتّغلّب على روبوتات التّصفية؛ لأنّ مسؤول التّوظيف يستبعدها بعد هذا باعتبارك متحايلاً وغير أمينٍ.
كن أميناً في تقييم مهاراتك دون مبالغةٍ، بل وتجاهل بعضها!
تظهر الدّراسات أنّنا كبشرٍ نبالغ في تقدير مهاراتنا الحقيقيّة، ويصنّف معظم الأشخاص أنفسهم باعتبارهم أعلى من رؤسائهم وأكثر مهارةً. وفي حين أنّ هؤلاء الرّؤساء أنفسهم قد لا يكونون على حقٍّ دائماً، لكن هذا لا يعني أنّنا جيّدون بما فيه الكفاية أيضاً.
ولتقييم مهاراتك بدقّةٍ، اسأل زميلاً تربطك به علاقةٌ جيّدةٌ، أو مديرك السّابق إذا بقيت على اتّصالٍ به، أو كليهما، وكن منفتحاً على الاستماع والتّعلّم دون مواقف دفاعيّةٍ.
وبالنّسبة لمن تولّى وظيفةً إداريّةً سابقاً، فإنّ عليه أن يتجاهل ذكر بعض مهاراته إذا كانت أكبر من الوظيفة الّتي يتقدّم لها فعلاً. فهذا يجعل مسؤول التّوظيف يعتقد أنّك فوق النّقد، أو لن تكون موظّفاً مرناً، ويتقبّل الإشراف من أشخاصٍ آخرين. لكن ركّز على مهاراتك الفرديّة أكثر، إلّا إذا كانت الوظيفة تتطلّب فعلاً مجموعة المهارات الّتي تملكها جميعاً.
شاهد أيضاً: أبرز 3 اتجاهات توظيف في سوق العمل الحالي
تابع تطوّرك مثل نجوم الرّياضة
لا يتوقّف نجوم الرّياضات المتنوّعة مطلقاً عن ممارسة لعبتهم، بل يحاولون التّحسّن دائماً. وفي حين كان البعض يلجأ لموضوع التّحسّن قديماً بالدّراسات الجامعيّة المتخصّصة للحصول على التّرقيات، فإنّ الأمر اختلف الآن، فأصبح لكلّ وظيفةٍ متطلّباتٌ مختلفةٌ عليك الإلمام بها جميعاً مع إتقان جانبٍ منها على الأقلّ تماماً.
ولكن لن ينجح التّطوّر إذا لم تلتزم به فعليّاً ولفترةٍ طويلةٍ، وليس فقط حتّى تحصل على وظيفةٍ. إنّ سوق العمل المتغيّر والمتطوّر يتطلّب منك تعلّم مهاراتٍ جديدةٍ دائماً وإدراج هذا التّطوّر والتّعلّم المستمرّ في سيرتك الذّاتيّة. لذا عليك متابعة الجديد وعدم الانفصال عن الواقع.
استخدم طريقة STAR أو ChatGPT للإجابة على أسئلة المقابلات
ينصح الخبراء بالإجابة على أسئلة مقابلات العمل بتجربة طريقة "ستار" (STAR)، وهي تعني ترتيب الإجابة ليظهر الموقف (Situation)، ثمّ المهمّة (Task)، ثمّ تصرّفك (Action)، ثمّ النّتيجة (Result).
فمثلاً، إذا سألك مدير التّوظيف: "أخبرني عن وقتٍ تعرّضت خلاله لمشكلةٍ قويّةٍ في العمل"، فلا تقل إنّك لم تتعرّض إلى مشكلةٍ من قبل، فهذا غير واقعيٍّ إطلاقاً. بل اذكر الموقف بوضوحٍ، ومهمّتك المعلنة خلاله، وتصرّفك الفعليّ، ثمّ النّتيجة. وهكذا في طبيعة أيّ سؤالٍ تكون الإجابة بهذا التّرتيب مهما كان نوع المقابلة، ومهما كانت طبيعة السّؤال.
حتّى إذا كانت الإجابة سلبيّةً من وجهة نظرك، فهذا يعكس صدقك وكونك مررت بتجارب متنوّعةٍ تعلّمت منها، فمن لا يخطئ لا يتطوّر مطلقاً.
كذلك يمكن لأدوات الذّكاء الاصطناعيّ مثل "تشات جي بي تي" (ChatGPT) مساعدتك من خلال تحميل سيرتك الذّاتيّة ومواصفات الوظيفة المطلوبة، ليقترح عليك أسئلة المقابلة المتوقّعة للتّدريب عليها. ولكن لا تتلُ إجاباته حرفيّاً إذا وصلت لمرحلة المقابلة، فيمكن للمدراء الآن معرفة الإجابات الآليّة الجاهزة. ولكن استخدمها فقط للحصول على فكرةٍ عامّةٍ والتّقليل من رهبة المقابلة.
التّواجد القويّ على الإنترنت
إذا كنت من جيلٍ سابقٍ، وتبحث عن وظيفةٍ، فقد لا تتخيّل مطلقاً أهمّيّة وجودك ونشاطك على مواقع التّواصل الاجتماعيّ عموماً، والاحترافيّة منها خصوصاً والمتعلّقة بمجال عملك. فكن حريصاً على عدم وجود أيّ شيءٍ غير ملائمٍ للوظيفة على صفحاتك الشّخصيّة. كما يجب أن تهتمّ كثيراً بتحسين ملفّك الشّخصيّ على لينكد إن (LinkedIn) تحديداً، مع طلب رسائل توصيةٍ من زملائك ورؤسائك السّابقين لتعزيز نفسك كعلامةٍ تجاريّةٍ.
نعم، لم تقرأ الكلمة السّابقة بطريقةٍ خاطئةٍ، فإنّ كلّ ما تنفذه على الإنترنت يساهم في تحسين صورتك وترك انطباعٍ إيجابيٍّ لدى كلّ من تراسله للبحث عن وظيفةٍ. فلا تستهن مطلقاً بالتّواجد على الإنترنت واجعله احترافيّاً قدر الإمكان.
ضع قائمةً بالشّركات الّتي ترغب بالعمل بها وأبقِها قصيرةً
لا تفترض أنّ سوق العمل المتدهور الآن يتطلّب نشر سيرتك الذّاتيّة لدى كلّ الشّركات والمجالات المتعلّقة بوظيفتك دون تفكيرٍ. فهذا نهجٌ خاطئٌ تماماً، خصوصاً إذا كنت تتمتّع بخبرة عدّة سنواتٍ. لذا وجّه طاقتك لعددٍ محدودٍ من الشّركات، وتابع منشوراتها على مواقع التّواصل الاجتماعيّ، واطلب إحالاتٍ من زملائك، أو حاول التّواصل مع المسؤولين بها بأيّ طريقةٍ. وهذا يضمن عدم إهدار وقتك وطاقتك دون طائلٍ. ولا تخشَ من التّواصل المباشر معهم وعرض مهاراتك أو ما يمكنك تقديمه لهم، حتّى إذا لم ينشروا إعلانات توظيفٍ. فهذا يزيد من فضولهم نحوك.
أرسل سيرتك الذّاتيّة بمجرّد رؤية إعلان الوظيفة
لا تتردّد كثيراً في إرسال سيرتك الذّاتيّة لوظيفةٍ تراها ملائمةً، فمع كثرة المرشّحين للوظائف، فإنّ الشّركة قد تحذف قائمة الطّلبات بمجرّد الوصول إلى عددٍ كافٍ من المرشّحين. فليس هناك وقتٌ عادةً لفحص جميع الطّلبات. لذا تابع مواقع التّوظيف والشّركات الّتي ترغب بالتّوظيف بها، وراقب الإشعارات بانتباهٍ حتّى لا تفوّت على نفسك فرصةً تكون جديراً بها.
لا تأخذ الرّفض على محملٍ شخصيٍّ، واحرص على توفير مجموعة دعمٍ
أصبحت قرارات التّوظيف أكثر فوضويّةً بكثيرٍ عن فتراتٍ سابقةٍ. وتؤكّد شركة "داتا بيبول" (Datapeople) المسؤولة عن تحليلات التّوظيف، أنّ ما يقارب ثلث الوظائف المعلن عنها لا تسفر فعليّاً عن تعيين أشخاصٍ بها. فظروف السّوق المتغيّرة والقرارات السّريعة وصعوبة تحديد الأولويّات، كلّها أمورٌ تتدخّل في التّوظيف.
لذا لا تشعر مطلقاً بالإحباط من الرّفض، واحرص على أن تكون وسط مجموعة دعمٍ تتفهّم معاناتك في البحث عن عملٍ. فلست وحدك مطلقاً في هذا، مع الحرص على فترات راحةٍ بالإجازات الأسبوعيّة. فإنّ الإرهاق النّاجم عن البحث عن عملٍ لا يقلّ مطلقاً عن إرهاق العمل نفسه. لذا حافظ على هدوئك قدر الإمكان لتستمرّ في البحث بكفاءةٍ وثقةٍ أكبر.
وفي الختام، إنّ البحث عن وظيفةٍ جديدةٍ في عام 2025، لم يعد من الأمور الأكثر سهولةً على مستوى العالم. لذا تحتاج دائماً إلى تطوير مهاراتك والانفتاح على وظائف قد تكون مختلفةً عمّا اعتدت عليه، والخروج المستمرّ من مناطق الرّاحة مع تعلّم شيءٍ جديدٍ يوميّاً. فهذا فقط يجعلك أكثر كفاءةً مع رضاً وظيفيٍّ مستمرٍّ.