هل تتساءل لماذا يغادر أفضل موظفيك؟ قد يكون أسلوبك السبب
لا يقتصر دور القائد النّاجح على توزيع المهام فقط، بل يجب عليه أيضاً التّعرُّف على الإشارات التّحذيريَّة التّي قد تدلُّ على وجود خللٍ في قيادته
قد تكون القيادة السَّلبيَّة هي السّبب الخفي وراء تدهور معنويات فريقك وزيادة معدلات الاستقالات. إذا كنت تواجه تحدّياتٍ مستمرةً في الحفاظ على أفضل موظّفيك، فقد حان الوقت لإلقاء نظرةٍ فاحصةٍ على أسلوب إدارتك. لا يقتصر دور القائد النّاجح على توزيع المهام فقط، بل يجب عليه أيضاً التّعرُّف على الإشارات التّحذيريَّة التّي قد تدلُّ على وجود خللٍ في قيادته.
في هذا المقال، نكشف عن أبرز ثلاث سلوكياتٍ إداريَّةٍ خاطئةٍ قد تدفع الموظّفين الموهوبين إلى ترك العمل، وكيف يمكنك تجنُّبها لتحسين أداء فريقك والحفاظ على المواهب.
1. التَّنمُّر في مكان العمل
التَّنمُّر ليس مجرد تصرُّفٍ سامٍّ، بل هو أمرٌ مُكلفٌ أيضاً. وفقاً لمسحٍ أجراه "معهد التَّنمُّر في مكان العمل" (Workplace Bullying Institute) في عام 2021، أفاد 30% من البالغين في الولايات المتّحدة بتعرُّضهم للتَّنمُّر في العمل، بينما يتعرَّض 43% من العاملين عن بُعد لمثل هذه السّلوكيات. والأسوأ من ذلك، أنَّ 65% من المتنمِّرين يشغلون مناصب إداريَّة.
كيف يمكنك التّمييز بين المدير الصّارم والمدير المتنمِّر؟
يُقدِّم المدير الصّارم ملاحظاتٍ واضحةً وبنَّاءةً تهدف إلى تحسين أداء الموظف. أمّا المدير المتنمِّر، فيوجِّه انتقاداتٍ تحطُّ من قيمة الموظّف، وتهاجمه على الصّعيد الشّخصي بدلاً من التّركيز على أداء العمل.
التَّنمُّر في بيئة العمل يُدمِّر الإنتاجيَّة، حيث ينشغل الموظفون بمحاولة النّجاة من هذا السّلوك السّام بدلاً من التّركيز على مهامهم. فيصبحون ضحايا لخوفٍ دائمٍ من النّقد الجارح، ممّا يجعلهم أقلّ تحفيزاً وإبداعاً. والنّتيجة؟ انحدارٌ في الأداء وخسارةُ مواهبَ قد يصعب تعويضها.
2. غياب التّعزيز الإيجابي
الملاحظات الإيجابيَّة جزءٌ حيويٌّ من القيادة الفعَّالة. مع ذلك، أظهرت دراسةٌ نشرتها "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) شملت 8,000 مدير، أنَّ 40% منهم نادراً ما يُقدِّمون تعزيزاتٍ إيجابيَّة، ممّا يُساهم في خلق بيئة عملٍ جافَّةٍ وغير محفِّزة.
أظهرت الدّراسة نفسها أنَّ المدراء الذين يُقدِّمون تغذيةً راجعةً إيجابيَّةً يُنظَر إليهم على أنَّهم قادةٌ أكثر فعاليَّةً وصراحةً في التّواصل. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر الأبحاث أنَّ الفِرَق ذات الأداء العالي تتلقَّى تغذيةً راجعةً بمعدّل ستة أضعافٍ مقارنةً بالفرق الأقل إنتاجيَّة.
السّبب في ذلك أنَّ الموظفين الذين يتلقَّون دعماً إيجابيّاً يشعرون بالتّقدير والاحترام، ممّا ينعكس بشكلٍ مباشرٍ على أدائهم وإنتاجيّتهم. تحسين الأداء يعني نجاحاً أكبر للشركة، وتجاهل التّعزيز الإيجابي يؤدّي إلى بيئة عملٍ مُحبِطة، حيث يشعر الموظّفون بأنَّ جهودهم غير معترفٍ بها.
3. تجاهل التّوازن بين العمل والحياة الشَّخصيَّة
في ظل انتشار العمل عن بُعد وجداول العمل المرنة، قد يظن البعض أنَّ تحقيق التّوازن بين العمل والحياة الشَّخصيَّة أصبح أسهل. لكن الواقع مختلفٌ تماماً. لا يزال العديد من المدراء يُمارسون سيطرةً مفرطةً على جداول عمل موظفيهم، ويتوقَّعون منهم أن يكونوا متاحين طوال الوقت.
هذه العقليَّة تؤدِّي إلى أن يضطر الموظفون لتقديم حياتهم الشَّخصيَّة والعائليَّة كأضحيةٍ من أجل العمل. الكثير منهم يعملون لساعاتٍ تفوق 50 ساعةً في الأسبوع، ونادراً ما يحصلون على إجازاتٍ أو وقتٍ للاستراحة. والنّتيجة؟ إجهادٌ بدنيٌّ وعقليٌّ كبير. حيث وجدت دراسةٌ ضخمةٌ أجرتها جامعة ستانفورد (Stanford University) أنَّ ساعات العمل الطّويلة مُرتبطةٌ بارتفاع ضغط الدّم وزيادة معدلات الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى انتشار عاداتٍ غير صحيَّةٍ مثل التّدخين وقلة النّوم.
بيئات العمل التّي تتجاهل صحَّة ورفاهيَّة الموظفين تشهد انخفاضاً في الإنتاجيَّة وارتفاعاً في الاستقالات. الموظفون الذين يشعرون بأنَّ حياتهم الشَّخصيَّة تُهمَل لصالح العمل سيبحثون عن أماكن أخرى تُقدِّر توازنهم.
بصفتك مديراً أو قائداً، فإنَّ أسلوبك في القيادة يُحدِّد بشكلٍ كبيرٍ مدى رضا وإنتاجيَّة فريقك. التّحوُّل إلى قائدٍ ناجحٍ يتطلَّب تطوير القدرة على تقديم ملاحظاتٍ بنَّاءةٍ، وتعزيز بيئة عملٍ داعمةٍ، وتقدير التّوازن بين العمل والحياة. تجاهل هذه الجوانب قد يُكلِّفك خسارة أفضل موظفيك، وهو ما قد يكون له عواقبُ وخيمةٌ على فريقك وشركتك.