الكاريزما القيادية: فنُّ التوازن بين اللطف والكفاءة
تعلّم كيف تبني شخصية قيادية مميّزة، لجذب الآخرين والعمل معهم بحماسٍ
لقد صادفنا جميعاً شخصاً نحبُّ العملَ معهُ أو تحتَ إدارتهِ، وشخصاً يبدو أنَّه يمتلكُ قدراتٍ استثنائيَّةً لتحفيز الفريق، وجعل الجميع يقدِّمون أفضل ما لديهم، وهؤلاء الأشخاص يمتلكون جاذبيَّةً مغناطيسيَّةً تشدُّ الجميع نحوهم، ويتمتَّعون بالكاريزما، لكنَّ هذا النَّوع من الجاذبيَّة قد يكون من الصَّعب تحديده أو تعريفه. فما هي الكاريزما حقَّاً؟ وهل هي صفةٌ يولد الإنسان بها، أم يمكن اكتسابها وتطويرها؟ [1]
الأمر الإيجابيُّ هو أنَّك تستطيعُ تطويرَ الكاريزما، خاصَّةً عندما تفهمُ العنصرين الرَّئيسيين اللَّذين يُحدِّدانها: اللُّطف والكفاءة.
بناء الكاريزما
إذا سألتَ شخصاً عن تعريفِ الكيمياء في سياقِ القيادة، فقد يُجيبكَ ببساطةٍ: "لا أعرفُ، لكنِّي أحبُّها فقط"، وهذا يوضِّح العنصرَ الأوَّل الَّذي يُسهِمَ في بناء الكيمياء: ألا وهو اللُّطفُ.
يظهرُ القادةُ الكاريزميون انفتاحاً صادقاً وفرحاً بوجودهم بين النَّاس، وفرحهم معدٍ وينتشرُ في أرجاء الفريق. يبدأ ذلك عادةً بابتسامةٍ دافئةٍ، وربَّما مصافحةٍ أو تربيتة على الذِّراع أو حتَّى عناقٍ، حسب الظُّروف، وهؤلاء القادة يظهرون سعادتهم برؤيتكَ ويستمتعون بوجودكَ.
يجعلكُ هذا الشُّعور بالاحتواء تشعرُ بأنَّك مرئيٌّ ومسموعٌ، وربَّما حتَّى تكونُ على استعدادٍ لبذل كلِّ ما في وسعكَ لهذا الشَّخص، لكنَّ الكاريزما الحقيقيَّة لا تتوقَّف عند إظهار اللُّطف فقط، بل تشملُ أيضاً إظهار مستوى عالٍ من الكفاءة، هذا يعني أنَّ القائد قادرٌ على إنجاز الأمور بكفاءةٍ، إنَّهم أذكياءٌ وقادرون، ويحبُّ النَّاس العمل معهم؛ لأنَّهم يعرفون أنَّهم سيكونون ناجحين، وعندما يجتمع هذان العنصران -اللُّطف والكفاءة- في قائدٍ واحدٍ، يُمكنك الرِّهان على أنَّ لديهم أشخاصاً مُستعدِّين لاتِّباعهم.
ومن السَّهل أيضاً رؤية الجانب الآخر من هذه المعادلة، وكم عدد الأشخاص الَّذين سيكونون على استعدادٍ لاتِّباع قائدٍ بارد الشَّخصيَّة وغير كفءٍ في وظيفتهِ؟ هذا سؤالٌ بلاغيٌّ، يُمكنني أن أتخيَّلَ بعض البيروقراطيين الَّذين تبدو وجوههم خاليةً من الملامح، ولا تبدوا عليها أيُّ تعابيرٍ، والَّذين تتمثَّلُ وظيفتهم الوحيدة في جعل الحياة بائسةً للجميع.
لكنَّ هذا يشير أيضاً إلى الحاجة إلى إيجاد توازنٍ بين العنصرين، إذا كُنتَ تسعى لتحسين مهاراتكَ الكاريزميَّة.
شاهد أيضاً: وظّف الشخص وليس السيرة الذاتية: أهمية المهارات الشخصية
إيجاد التّوازن الصّحيح
التَّحدِّي أمامَ أيّ شخصٍ يسعى لتطوير شخصيَّته الكاريزميَّة هو أن يكونَ لديه أحد العنصرين بوفرةٍ أكبر من الآخر.
فكِّر في شخصٍ يتمتَّع بطبعٍ ودِّيٍّ لطيفٍ بشكلٍ طبيعيٍّ، ستجدهُ لطيفاً جدّاً، لكنَّه ليس ذكيّاً أو جيداً في عملهِ، هؤلاء هم الأشخاص الَّذين يجيدون الابتسام والمصافحة، ولكن تنقصهم المهاراتُ الأخرى، وقد يكونون ممتعين في الحفلات، لكنَّهم آخر من يُختار للعمل ضمن الفريقِ في المكتبِ.
وبالمثل، نعرف جميعاً أشخاصاً بارعين في وظائفهم، يمتلكون مهاراتٍ فائقةً، لكنَّهم يفتقرون إلى الودِّ والدِّفء، فكِّر في الجرّاحين العباقرة الَّذين يُمكنهم إنقاذُ الأرواحِ، ولكنَّهم لا يعرفون كيفيَّة التَّعامل بلطفٍ مع مرضاهم. قد ترغب في العملِ مع هؤلاء الأشخاص، لكن ليس في أيِّ دورٍ يتطلَّبُ التَّعامل مع العملاء، وغالباً ما يكون الأشخاص الأكفاء الَّذين يتمتَّعون بشخصيَّاتٍ باردةٍ وجافَّةٍ باحثين أو محاسبين ممتازين؛ لأنَّهم يفضِّلون عدم التَّعامل مع الآخرين في العملِ.
مرَّةً أُخرى، من الجيد أن يتفوَّق النَّاس في أحد الجانبين، اللُّطف أو الكفاءة، ولكن إذا كُنتَ ترغب في التَّفوُّق كقائدٍ حقّاً، يجب عليكَ تحقيق توازنٍ بين الاثنين لتطوير الكاريزما الحقيقيَّة.
شاهد أيضاً: تحذير خطير: نحن بحاجة للتحدث عن عدم الكفاءة في القيادة
القيادة بالاعتماد على الكاريزما
أتذكَّر رئيسي السَّابق، كان أكبر منِّي سنّاً عندما عملتُ معهُ، وكان من أطيب وألطف الأشخاص الَّذين عملتُ معهم، وكنت أجدُ التَّعاملَ معهُ ممتعاً، ولكن ما جعله قائداً فعَّالاً هو أنَّه كان أيضاً ذكيّاً جدّاً، إذ كان واحداً من أذكى الأشخاص الَّذين قابلتهم. وبفضلِ هذا المزيجِ من الصِّفات، كان قائداً مذهلاً لدرجة أنَّ الجميعَ في الشَّركة كانوا يتمنَّون شرف العملِ معهُ.
لذا فكِّر في القادة الَّذين أثَّروا على مسيرتكَ المهنيَّة وتأمَّل في كيفيَّة تأثيرهم من خلال توازن اللُّطف والكفاءة، ثُمَّ اسأل نفسكَ كيف يُمكنك التَّعلُّم منهم وتطوير كاريزما تجذب النَّاس لاتِّباعك بحماسٍ.