المشروعات الريادية ماذا تعرف عنها: أهم الأفكار وكيف تبدأ؟

تدور المشروعات الريادية دائماً حول السُّلوك والأفكار والهدف النّهائيّ والاستفادة من الإخفاقات في الوقت ذاته، ومع فهم الأنواع المختلفة من المشروعات الريادية وطريقة تنفيذ الأفكار، بل كيف في البداية تعثر على الفكرة، وهل يتطلَّب الأمر شهاداتٍ وتخصُّصاتٍ عميقةٍ أو ميزانيةٍ ضخمةٍ، فإنَّه يمكنك بالشَّغف والمثابرة ومتابعة التَّحدِّيات أن تُطلقَ مشروعاً رياديَّاً جديداً يُحقّق لك أرباحَ ماديَّةً واجتماعيَّةً في الوقت ذاته.

ما المقصود بالمشروع الريادي؟

قد تعتقد أنَّ مشروعاً رياديَّاً يعني أن يكون شديد الضَّخامة بميزانيَّة من 7 أصفارٍ وفريق عملٍ ضخمٍ، ولكن قد تُفاجأ تماماً أنَّ الأمر لا يتعلَّق بالميزانيَّة بقدر تعلُّقه بالمخاطرة والمسؤوليَّة واستثمار الوقت، فريادة الأعمال هي تطويرٌ وإنشاءٌ وإدارة مشروعٍ تجاريٍّ جديدٍ يهدف إلى تحقيق، ليس فقط الرَّبح، ولكن أيضاً إضافة شيءٍ جديدٍ ومبتكرٍ مع استثمار كلِّ ما يحتاج إليه من وقتٍ وطاقةٍ ومجهودٍ وميزانيَّةٍ. ^[1]  

ما هو أثر ريادة الأعمال على المجتمع والاقتصاد؟

تؤثِّر ريادة الأعمال على المجتمع والاقتصاد بطرقٍ عدَّةٍ، فهي واحدةٌ من الموارد الرَّئيسيَّة التي يصنِّفها الاقتصاديون باعتبارها جزءاً لا يتجزَّأ من الإنتاج بمساواةٍ تامَّةٍ مع الأرض والعمالة والموارد الطَّبيعيَّة ورأس المال، فمن دون رجل أعمالٍ يجمع المال ويوظِّف العمالة ويستغلُّ الأرض والموارد الطَّبيعيَّة، لن يكون هناك إنتاجٌ ولا نموٌّ اقتصاديٌّ وفقاً لرؤية الخبراء، ومن أهمّ تأثيرات ريادة الأعمال على الاقتصاد والمجتمع: ^[2]

• خلق فرص العمل وتحفيز النُّموّ الاقتصاديّ مع منح المبتدئين وسيلةً لاكتساب الخبرات اللَّازمة والتَّدريب للعمال باختلاف خبراتهم.
• الابتكار عبر توفير مشروعاتٍ جديدةٍ والتَّفكير الدَّائم في طرقٍ غير تقليديَّةٍ للبقاء في المنافسة وتحسين السّلع والخدمات.
• التَّأثير الإيجابيُّ على المجتمع والتَّنمية عبر زيادة المرافق وتقليل عدد الأحياء الفقيرة والمساعدة في تحقيق حياةٍ اجتماعيَّةٍ أكثر استقراراً.
• تحسين مستوى معيشة الأفراد من خلال زيادة الدَّخل عبر ارتفاع مستوى الإنتاج.
• دعم البحث والتَّطوير عن طريق اختبار المنتجات والخدمات الجديدة قبل إطلاقها.

وكلُّ هذا يُسهم في التَّنمية الاقتصاديَّة المحليَّة والعالميَّة، وتُحسِّن بالتَّالي من الخدمات الصّحيَّة والتَّعليميَّة والتَّرفيهيَّة، ومن مستوى جودة الحياة عموماً. 

لا يوجد رجل أعمال ريادي ناجحٍ لم يتعرَّض للإخفاق مرَّةً على الأقلّ قبل تحقيق النَّجاح، ومن أساسيَّات نجاح المشروعات الريادية: ^[4]  

• الشَّغف: ويعني الحماس الدَّائم للفكرة والإصرار على تحقيق الهدف والشُّعور بالإثارة عند ابتكار شيءٍ جديدٍ سواءً في منتجاتٍ أو لمساعدة المجتمع والآخرين.
• الشَّجاعة: قد يشعر رجل الأعمال الريادي بالخوف مثل أيّ شخصٍ آخر، ولكن لا يدعه يعيقه مطلقاً عن تنفيذ فكرته طالما درسها جيداً، بل يستغلُّ هذا الخوف لدفع نفسه للعمل بجديَّةٍ أكبر.
• المرونة: وهي شديدة الضَّرورة لمواجهة انتكاسات المشروع الريادي والَّتي لا بدَّ منها، فإذا لم يتمتَّع المشروع بالمرونة، فلن يتغلَّب على العوائق والتَّحدّيات أمامه.
• العمل المستمرُّ: فلا يُتوقَّع النَّجاح لمشروع ريادي يعمل القائمين عليه 5 أيَّامٍ في الأسبوع لمدَّة 40 ساعةً، فإذا لم يكن خلف المشروع فريقٌ دائمُ التَّفكير والحرص على الإبداع ولديهم قدرةٌ على بذل ساعاتٍ طويلةٍ من العمل الشَّاقّ طوال أيَّام الأسبوع فلن يحقِّق النَّجاح.

مميزات المشروع الريادي

إطلاق مشروع ريادي أمرٌ محفوفٌ بالمخاطر، ولكنَّه من ناحيةٍ أخرى يمنحك الكثير من المميزات التي تستحقُّ الكفاح من أجلها، ومن أهمّ مميزات المشروع الريادي: ^[8]   

• مرونة أوقات العمل وقدرتك على تحديد ساعات عملك حتَّى إذا كانت مضغوطةً أو أكثر من الأوقات التي يعمل بها الموظَّف العاديُّ، كما يمكنك دائما العمل من أيّ مكانٍ وفقاً لأولويَّاتك.
• السَّيطرة الكاملة على العمليَّات التّجاريَّة وحريَّة انتقاء فريق العمل وفقا لمعاييرك الشَّخصيَّة والمهنيَّة.
• زيادة القدرة على الإبداع مع التّوصل المتكرّر لحلولٍ للمشكلات المعقَّدة.
• إمكانات تحقيق أرباحٍ غير محدودةٍ إذا امتلكت الإصرار الكافي والقدرة على النُّهوض بعد أيّ فشلٍ.
• تنمية الشَّخصيَّة بسرعةٍ غير مسبوقةٍ مقارنةً بالمهن العاديَّة فرائد الأعمال يحتاج للتَّعلُّم والتَّكيُّف باستمرارٍ، ممَّا يبني شخصيّته سريعاً عن غيره.
• المساهمة الاجتماعيَّة الفعَّالة في زيادة فرص العمل ودفع عجلة النُّموّ الاقتصاديّ.

شاهد أيضاً: لماذا تتزايد أهمية الاستدامة للمشروعات الرّيادية عالمياً؟

ما أنواع المشروعات الريادية؟

هناك الكثير من أنواع المشروعات الريادية، ولكن تلك الأنواع الأربعة هي الأكثر شيوعاً على مستوى العالم: ^[5]  

• المشروعات الريادية الصغيرة: وهي الأكثر انتشاراً وكثافةً في السَّنوات الأخيرة، وتبدأ من محلَّات البقالة إلى الشَّركات الاستشاريَّة، وحتّى إنشاء مطعمٍ، وعادةً ما يكون الرّبح كافياً لتوفير حياةٍ كريمةٍ وليس التَّأثير الفعليُّ في الصّناعة.
• المشروعات الريادية القابلة للتَّطوير: وهي التي تبدأ ويعلم صاحبها أنَّ لديه رؤية يمكنها تغيير العالم عبر التَّفكير خارج الصُّندوق؛ لذا يُركِّز على الاستعانة بأمهر المتخصِّصين ومحاولة اجتذاب رؤوس أموالٍ استثماريَّةٍ ضخمةٍ لدعم الفكرة.
• المشروعات الريادية للشَّركات الكُبرى: فالضُّغوط تزيد أكثر على الشَّركات الكبرى لإطلاق مشروعات ريادية تظلُّ بها في المنافسة، واستمرار إرضاء العملاء؛ لذا تحاول تلك الشَّركات دائماً إطلاق مشروعاتٍ أو طرح منتجاتٍ جديدةٍ مع الاستعانة بأفضل أدوات الابتكار.
• المشروعات الريادية الاجتماعيَّة: وهي التي تركِّز على طرح خدماتٍ ومنتجاتٍ تحلُّ مشكلةً اجتماعيَّةً موجودةً بالفعل، ولا تهدف عادةً لتحقيق أرباحٍ، ويُمكن أن تنفّذها مؤسَّساتٌ كبرى أو أفرادٌ عاديُّون.

مراحل إنشاء المشروع الرِّياديِّ

إذا كنت ترغب في إطلاق مشروع ريادي، فإنَّ المراحل التي عليك محاولة اتّباعها تتمثَّل في: ^[3]  

• الفكرة المميَّزة: وهي لا يجب دائماً أن تكون جديدةً، ولكن يجب أن تسدَّ فجوةً في السُّوق عبر تحديث منتجٍ أو الوصول لقطَّاعٍ مختلفٍ أو تقديمها بطريقةٍ أفضل للمستهلك أو غيرها.
• وضع خطَّة عمل: تصف فيها فكرتك وهدفك وتحليل السُّوق، وهي من المراحل المهمَّة للحصول على التمويل ومعرفة الطَّريقة المُثلى لاستخدامه.
• تأمين التمويل اللازم للبدء: فـ29% من الشركات الناشئة تفشل بسبب نفاد الأموال؛ لذا عليك وضع خطَّة تمويلٍ واقعيَّةٍ سواءً من الأصدقاء أو العائلة أو ممتلكاتٍ شخصيَّةٍ أو مستثمرين، ويمكنك استخدام أدواتٍ تقنيَّةٍ لتتبُّع النَّفقات والبقاء دائماً على الخطّ المرسوم مع ترك مبلغٍ إضافيٍّ للطَّوارئ حتَّى لا تضطرُّ لإغلاق المشروع في بدايته.
• التَّأكُّد من اتّباع جميع الخطوات القانونيَّة: لإطلاق المشروع وتأسيس موقعه سواءً فعليَّاً أو أونلاين.
• وضع خطَّة تسويقٍ ملائمةٍ: فهي التي تُظهرك بين المنافسين وتجذب العملاء وتُعزِّز من سمعة الشَّركة، بالإضافة لتميز علامتك التجارية وصعوبة محاربتها.
• وضع خطَّة التَّوسُّع مبكّراً: فلا تقلِّل من مستوى طموحاتك إلى مستوًى مجرَّد البدء، بل يجب عليك وضع خطَّة التَّطوُّر والتَّوسُّع مبكِّراً، وتكون لديك رؤيةٌ شاملةٌ لموقع شركتك بعد 5 أو 10 سنوات والسَّعي الدَّائم لتحقيق هذه الرُّؤية.

أبرز النصائح لإنشاء مشروع رياديّ ناجح

إذا كنت تُفكِّر جديَّاً في إطلاق مشروع ريادي، فربَّما من المناسب الاستماع إلى بعض نصائح الخبراء في هذا المجال: ^[7]  

• الشَّغف المستمرُّ بما تقوم به ليرشدك لاتِّخاذ القرارات الصَّحيحة، فالأمر ليس مجرَّد عاطفةً بل حبٌّ واقتناعٌ حقيقيٌّ بما تفعله.
• حافظ على التَّعلُّم المستمرِّ في كلّ المجالات، وخصوصاً المتعلّقة بنشاطك التّجاريّ أو حتَّى بعيدةٌ عنه فحافظ على المعرفة الدَّائمة.
• توسيع شبكة اتّصالاتك دائماً والمشاركة في لقاءاتٍ مختلفةٍ سواءً خاصَّة أو مهنيَّة، ويمكن لتخصيص محتوًى جذَّاب أن يزيدَ من معارفك.
• تأكَّد تماماً أنَّ الفشلَ ليس النّهاية، بل استسلامك له هو ما يُنهي طموحك؛ لذلك واجهه دائماً بحلولٍ مبتكرةٍ.
• لا تتهاون في إنشاء خطَّة عملٍ قويَّةٍ من البداية تشمل فكرتك وجمهورك والقيمة التي تضيفها، فالصُّورة الواضحة أساسيَّةٌ لك حتَّى إذا كانت الظُّروف حولك غير مستقرَّةٍ.
• ركّز دائماً على ما يُرضي العملاء مع فهم احتياجاتهم وتفضيلاتهم والاستجابة للنَّقد البنَّاء.

أفكارٌ ممكنة لمشاريع ريادية عربية

العالم العربيُّ في تطوُّرٍ مستمرٍّ، وهناك الكثير من المجالات المميزة التي تحتاج إلى مشروعات ريادية لاستغلال مواردها، ومن أفضل الأفكار لمشروعات ريادية ملائمةٍ للمجتمع العربيِّ:

• مشروعات الرّعاية الصّحيَّة، فشعبيَّة الصّحة الرَّقميَّة في ارتفاعٍ مستمرٍّ مع انخفاض التَّكاليف وسهولة الوصول لكلّ المناطق.
• مشروعات الواقع الافتراضيّ في التَّعليم والتَّرفيه والرّياضات الإلكترونيَّة.
• مشروعات البيع بالتَّجزئة سواءً ملابس أو منتجات غذائيَّة ومعدَّات وأجهزة كهربائيَّة وغيرها.

السياسات العامة الداعمة لمشاريع ريادة الأعمال في المنطقة العربية

أثبتت الكثير من الدّراسات والتَّجارب العالميَّة دور المشروعات الريادية وأهميَّتها في دعم الاقتصاد، ومن أهمّ السِّياسات العربيَّة لتذليل العقبات أمام تلك المشروعات ودعمها: ^[6]  

• التَّحوُّل الرَّقميّ في الكثير من الدُّول العربيَّة، وهو ما أدَّى إلى زيادة سرعة إطلاق الشركات الناشئة دون إجراءاتٍ شديدة التَّعقيد.
• محاولة إطلاق قوانين ونُظماً لتسهيل العقبات أمام أصحاب المشروعات الصَّغيرة.
• إجراء مسابقاتٍ مستمرِّةٍ لأفضل أفكار مشروعاتٍ ودعمها لعدَّة سنواتٍ.

ولكن مع انتشار السّياسات الدَّاعمة، إلّا أنَّ الأمر ما يزال يحتاج إلى المزيد من التَّكامل بين الحكومات والمؤسَّسات الكُبرى وحاضنات الأعمال لزيادة المشروعات الريادية وضمان استمرارها.

التحديات أمام المشروعات الريادية في الوطن العربي

على مستوى العالم بأكمله لا تحقِّق كلَّ المشروعات الريادية النَّجاح، فهناك تحدّياتٌ عامَّةٌ، مثل: التَّمويل والخلافات الدَّاخليَّة والمشكلات القانونيَّة، قد تتسبَّب في إعاقة هذه المشروعات، وبالنِّسبة للتَّحدّيات التي قد تواجهها عند إطلاق مشروع ريادي في الوطن العربيّ، نذكر ما يلي:

• النَّقص الكبير في رؤوس الأموال الجريئة وعدم قدرة حاضنات الأعمال على استيعاب كلِّ المشروعات مع التَّركيز الأكبر على الرِّبح.
• تحدّيات التَّوسُّع والانتشار حتَّى مع الحصول على التَّمويل اللَّازم لرغبة المستثمرين في تحقيق التَّوسُّع السَّريع، وهذا صعبٌ للغاية في ظلِّ ظروفٍ سياسيَّةٍ واقتصاديَّةٍ غير مستقرَّةٍ.
• استمرار قصور التَّشريعات المنظَّمة لإطلاق واستمرار وعمل الشَّركات النَّاشئة على الرَّغم من محاولات تطويرها، وكثرة الإجراءات الرَّسميَّة المطلوبة، وصعوبة الوصول إلى الأسواق العالميَّة.

شاهد أيضاً: متى يكون الانسحاب من مشروعٍ ناجحٍ خيرٌ من الاستمرار؟

وفي النِّهاية، إنَّ المشروعات الريادية هي الفرصة الحقيقيَّة أمام جميع أنواع الاقتصادات لتحقيق النُّموّ وزيادة فرص العمل وتقليل الاعتماد على المصادر الخارجية.

الأسئلة الشائعة 

كيف يمكن تحويل الأفكار إلى مشاريع ريادية؟

عبر الشَّغف بها ودراسة السُّوق المناسب لتنفيذها والمرونة مع استمرار العمل عليها، مهما كانت التَّحدّيات، طالما كانت فكرةٌ جيدةٌ ويمكنها تحقيق التَّغيير.

ما هي مقوُّمات نجاح الفرص في المشاريع الريادية؟

التَّمويل المناسب والفكرة التي تسدُّ فجوةً في السُّوق والخطَّة الواضحة والفريق المميز.

ما هي أسباب فشل المشروعات الريادية؟

نقص التمويل وغياب التَّشريعات الملائمة وعدم وجود خطَّة توسُّعٍ واضحةٍ من البداية مع الاستسلام للعقبات.

ما هي الموارد التي يحتاجها الرياديون؟

الأموال اللَّازمة لبدء وإطلاق المشروع واستمراره، والمستشارون المتنوِّعون في التَّسويق والأمور القانونيَّة والفنيَّة، والعمالة المناسبة.

هل هناك من أمثلةٌ لريادة الأعمال الاجتماعيَّة؟

شركة TOMS Shoes التي تتبرَّع بزوج من الأحذية لطفلٍ محتاجٍ مقابل كلِّ زوجٍ تبيعه، وشركة Warby Parker التي توفِّر نظاراتٍ للفقراء مقابل كلَّ نظارةٍ تبيعها، فهي الشَّركات التي تُركِّز على التَّغيير الاجتماعيّ عبر منتجاتها.

كيف تؤثّر ريادة الأعمال على حياة الإنسان؟

تزيد من رفاهية الإنسان عبر توفير فرص العمل وزيادة جودة التَّعليم والمجالات الصّحيَّة والتَّرفيهيَّة.

ما هي أشكال ريادة الأعمال؟

ريادة الأعمال الاجتماعيَّة والصَّغيرة والقابلة للنُّموّ والاستمرار، وريادة الأعمال المعتمدة على الابتكارات المستمرَّة.