المهارات الوظيفية: طريقك للنجاح أم اختراع لإضاعة الوقت؟
تعرّف على أهمّية القدرات العمليّة المميّزة، لتمتلك المفتاح الذّهبيّ وبطاقة العبور الأولى إلى عالم الفرص
يبدو من الظُّلم وصف المهارات الوظيفيَّة بأنَّها اختراعٌ لمضيعة الوقت أو على الأقلّ هذا ما يُمكن اكتشافه من متطلَّبات سوق العمل الحديث، حيث يتمُّ التَّعامل مع تلك المهارات كما لو أنَّها الجواز السّريُّ للعبور إلى الفرص الوظيفيَّة، كذلك تبرز أهميَّتها أكثر مع تزايد الطَّلب على العمل عن بعد. فهل يكفي أن تكون خبيراً في مجالكَ؟ أم أنَّك بحاجةٍ إلى مواكبة التَّطوُّرات التّقنيَّة وفنون التَّواصل عبر الشَّاشة؟ في مقالنا هذا، سنستعرض أبرز المهارات الوظيفية المطلوبة في سوق العمل بشكله التَّقليديّ من الشَّركة، كذلك سنتحدَّث عن أهمّ المهارات الَّتي يمكن أن تجعل من غرفة المعيشة الخاصَّة بك مركزاً للإنتاجيَّة العالميَّة.
ما هي المهارات الوظيفية؟
المهارات الوظيفية هي المهارات الأساسيَّة الَّتي يستخدمها المحترفون لإيجاد حلولٍ عمليَّةٍ في حياتهم الشَّخصيَّة والمهنيَّة، حيث تتميَّز هذه المهارات بأنَّها عمليَّةٌ وقابلةٌ للتَّطبيق في مجالاتٍ متعدِّدةٍ، ممَّا يجعلها قابلةً للنَّقل عبر الصّناعات المختلفة وخيارات الوظائف المتنوّعة. ومن أمثلة هذه المهارات: الرّياضيَّات، وتكنولوجيا المعلومات والاتّصالات (ICT)، ومهارات اللُّغة الإنجليزيَّة، إذ تعدُّ جزءاً أساسيّاً من الدَّورات الَّتي يطلبها أصحاب العمل في برامج التَّدريب المهنيّ والبرامج المشابهة، ويُمكن تطبيق هذه المهارات في مجالاتٍ متنوِّعةٍ، مثل الرّياضة، والسّياحة، والماليَّة، والمحاسبة، والتَّدريس، والهندسة، والأعمال التّجاريَّة.
تكتسب المهارات الوظيفية أهميّةً كبيرةً لأسبابٍ عديدةٍ، فهي تُوفِّر الأساس في مهارات الحساب والقراءة والكتابة الَّتي تحتاجها لإجراء المعاملات اليوميَّة، كما توفِّر المعرفة الأساسيَّة الَّتي يمكن استخدامها للعمل والتَّعلُّم والمساهمة في التَّقدُّم المهنيّ والمجتمعيّ، وتعتمد هذه الدَّورات على سيناريوهات من الحياة الواقعيَّة لتعليم تلك المهارات.
إلى جانب ذلك، تُتيح المهارات الوظيفيَّة للأفراد من مستوياتٍ تعليميَّةٍ وخبراتٍ مختلفةٍ اكتساب المعرفة وتطبيقها بفعاليَّةٍ، على سبيل المثال، يمكن أن تُعزّزَ هذه المهارات قدرة الأفراد على القراءة والفهم والتَّواصل والكتابة، كما تُسهِم في تحسين استيعاب المفاهيم الرّياضيَّة العامَّة، هذه القدرات تزيد من فرص الحصول على وظائف وتحسّن الكفاءة والأداء في العمل. [1]
شاهد أيضاً: أبرز المجالات والمهارات المطلوبة في المجال التقني
ما هي المهارات اللازمة للتوظيف؟
المهارات اللازمة للتوظيف لا غنىً عنها في أيّ مرشَّحٍ، بغضّ النَّظر عن الوظيفة الَّتي يسعى للحصول عليها، من العامل المبتدئ إلى المدير التَّنفيذيّ المخضرم، هناك مجموعةٌ من المهارات الشخصية الَّتي يجب أن يمتلكها الجميع لضمان النَّجاح في عملهم والمساهمة في دفع الشَّركة نحو الأمام، وإليك نظرةٌ على أبرز هذه المهارات الَّتي يُفضّلها أصحاب العمل.
مهارات الاتّصال: الأمر ليس مجرّد حديثٍ فارغٍ
تخيَّل أنَّك تمتلك جميع المهارات التّقنيَّة المطلوبة، لكن لا يمكنك التَّعبير عنها! هنا تأتي أهميَّة الاتّصال، أكثر من ثلثي مسؤولي التَّوظيف يؤكّدون أنَّ التَّواصل الفعَّال، سواءً شفهيّاً أو كتابيّاً، هو المهارة الأهمُّ الَّتي يبحثون عنها، يبدو أنَّ القدرة على إرسال بريدٍ إلكترونيٍّ واضحٍ أو إجراء مكالمةٍ هاتفيَّةٍ مفهومةٍ ليس أمراً بدهيّاً للجميع؛ لذا تأكَّد أنَّ المرشَّحَ الَّذي تُفكِّر فيه يجيد هذه المهارة، وإلّا قد تجد فريقكَ يتواصل بالإيماءات أكثر من الكلمات. [2]
اتّخاذ القرارات: ليس فقط للإدارة العليا
قد تعتقد أنَّ اتّخاذ القرارات الذَّكيَّة هو عمل المدراء فقط، لكن في الحقيقة كلُّ موظَّفٍ يجب أن يكون قادراً على اتِّخاذ قراراتٍ سريعةٍ وحكيمةٍ تصبُّ في مصلحة الشَّركة، من الحسم في اختيار الأولويَّات إلى حلّ المشكلات اليوميَّة، لا يمكن تجاهل أهميَّة هذه المهارة كإحدى أهمّ المهارات الوظيفية، وفي نهاية اليوم، تدرك أنَّك لا تريد فريقاً ينتظر الإشراف على كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ.
المرونة: القدرة على الانحناء دون الانكسار
ربَّما تبدو بعض الوظائف روتينيَّةً ومستقرَّةً، لكنَّ الحياة مليئةٌ بالمفاجآت؛ لذلك حتَّى العامل في أبسط الوظائف يحتاج إلى المرونة للتَّعامل مع المفاجآت غير المتوقَّعة، ففي الغالب لا يسير كلُّ شيءٍ كما هو مخطَّطٌ له دائماً، ومن الأفضل أن يكونَ لديك فريقٌ يُمكنه التَّكيُّف بسرعةٍ بدلاً من الوقوف مكتوفي الأيدي.
الالتزام: لأن الهروب ليس خياراً جيداً
إن كنُت تعتقد أنَّ الالتزام هو مفهومٌ قديمٌ، دعني أخبركَ أنَّك مخطئٌ كثيراً، حيث إنَّ الشَّركات الذَّكيَّة تعرف أنَّ الموظَّفين الملتزمين هم الأساس الَّذي يبنى عليه النَّجاح، الموظَّف الَّذي يظهر التَّفاني في عمله لا يُسهِم في رفع الإنتاجيَّة فحسب، بل هو أيضاً أقلّ عرضةً للانتقال إلى شركةٍ أُخرى بمجرَّد أن تقدِّم له عرضاً أفضل، وفي زمن التَّنافس على المواهب، يعدُّ هذا الأمر ميّزةً لا يُستهان بها.
الابتكار: ليس للمخترعين فقط
في حال كُنت تظنُّ أنَّ الابتكارَ يقتصر على العلماء في المختبرات أو المخترعين المجانين، فكِّر مُجدَّداً! الابتكار اليوم هو محرِّك النُّموِّ في كلِّ شركةٍ، وفقاً لدراسةٍ أجرتها PWC، يرى 43% من المدراء التَّنفيذيين أنَّ الابتكارَ ضرورةٌ تنافسيَّةٌ؛ لذا لا تبحث فقط عن الشَّخص الَّذي يتَّبع التَّعليمات، بل عن الشَّخص الَّذي يجلب أفكاراً جديدةً إلى الطَّاولة.
النّزاهة: لأننا لا نريد متلاعبين
قد يبدو الأمر واضحاً، لكن ليس كلُّ مرشَّحٍ يتمتَّع بالنَّزاهة والشَّفافيَّة، في عالم الأعمال، النَّزاهة تعني القدرة على اتّباع القواعد، والحفاظ على سريَّة المعلومات الحسَّاسة، والحديث عند رؤية شيءٍ خاطئٍ، الموظَّف الَّذي يتمتَّع بالنَّزاهة لا يُسهم فقط في تحسين بيئة العمل، بل يحمي الشَّركة من الوقوع في مشكلاتٍ أخلاقيَّةٍ أو قانونيَّةٍ.
القيادة: لا تقتصر على كبار المديرين
قد لا تكون قائد الفريق، ولكنَّ القدرة على القيادة والتَّحفيز يجب أن تتواجدَ لدى الجميع، ويرى الكثير من الخبراء أنَّ الإلهامَ وتحفيز الآخرين إحدى أهمُّ المهارات الوظيفيَّة الضَّروريَّة لجميع الموظَّفين، وليس فقط المدراء، فالموظَّفون الَّذين يمتلكون مهارات القيادة يرفعون من معنويات زملائهم ويجعلون بيئة العمل أكثر إنتاجيَّةً وإيجابيَّةً.
التعلم المستمر: التعليم ليس فقط للأطفال
الموظَّفون الَّذين يتوقون إلى التَّعلُّم المستمرِّ هم من أفضل الأصول الَّتي يمكن أن تحصل شركتك عليها، إذا كان المرشَّح قد حصل على عدَّة شهاداتٍ أو دوراتٍ تدريبيَّةٍ، فهذا مؤشّرٌ قويٌّ على رغبته في تحسين نفسه وتطوير مهاراته، وفي عالم الأعمال المتغيّر باستمرارٍ، هذا النَّوع من الموظَّفين هو الَّذي يحافظ على تطوُّر الشَّركة.
الدّافعية: الفرق بين الجيّد والرّائع
الموظَّف الجيّد يؤدّي عمله، لكنَّ الموظَّف العظيم يشعر بالشَّغف تجاه ما يفعله، كما يقول دانييل بينك في كتابه Drive: "ما يجعلنا سعداء بين التَّاسعة والخامسة ليس المال، بل ما إذا كان عملنا يمنحنا الرّضا الشَّخصيَّ"، الموظَّفون المتحمّسون لوظائفهم ليسوا مجرَّد أيدٍ عاملةٍ، بل هم محرّك النَّجاح.
التّفاوض: ليس مجرّد مهمّةٍ لفريق المبيعات
سواء كُنتَ في فريق المبيعات أو غيره، مهارات التَّفاوض ضروريَّةٌ في العديد من المواقف، المرشَّح الَّذي يجيد التَّفاوض هو من يستطيع التَّوصُّل إلى تفاهماتٍ مُرضيةٍ بين الأطراف المختلفة وإقناع الآخرين باتّخاذ إجراءاتٍ معيَّنةٍ، فهذه المهارة يُمكن أن تكونَ الفارق بين حلّ النّزاعات أو تعقيدها.
العمل الجماعي: اليد الواحدة لا تُصفّق
فريق العمل النَّاجح هو ذلك الَّذي يتعاون أفراده ويعملون معاً نحو تحقيق الأهداف المشتركة، وبحسب استطلاعٍ أجرته جامعة كوينز فإنَّ 75% من أصحاب العمل يعدُّون العمل الجماعي مهارةً بالغة الأهميَّة، حتَّى في الوظائف الَّتي قد لا تعتمد على الفرق بشكلٍ دائمٍ، يجب أن يكونَ الموظَّف قادراً على العمل بفاعليَّةٍ مع الآخرين.
إدارة الوقت: لأنّ الساعات لا تنتظر أحداً
تقريباً كلُّ وظيفةٍ تتطلَّب من الموظَّفين ارتداء عدَّة قبعاتٍ في وقتٍ واحدٍ؛ لذلك القدرة على إدارة الوقت بفاعليَّةٍ وترتيب الأولويَّات هو أمرٌ لا بدَّ منه، الموظَّفون الَّذين يعرفون كيفيَّة تنظيم وقتهم وإتمام المهام ضمن الأطر الزَّمنيَّة المحدَّدة هم أكثر من مجرَّد موظَّفين جيدين، إنَّهم أصولٌ قيّمةٌ للشَّركة.
شاهد أيضاً: إدارة الذات: مفهومها، عناصرها، وأهم مهاراتها
أبرز المهارات الوظيفية اللازمة للعاملين عن بعد
قد تختلف المهارات اللَّازمة للتَّوظيف في العمل عن بعد، قليلاً عن المهارات الوظيفية المطلوبة في العمل من داخل الشَّركة، فأصحاب العمل من المنزل يبحثون عن مهاراتٍ مختلفةٍ عن متطلَّبات الخبرة المحدَّدة للوظيفة، كما أنَّها غالباً ما لا تكون مذكورةً في إعلانات الوظائف، مع ذلك فإنَّ معظم المدراء سيقومون بتقييمها خلال مقابلات العمل عن بعد. [3]
مهارات التواصل: الاتصال الفعّال حتى عن بعد
يُدرك أصحاب العمل أنَّ الكثيرين يجدون صعوبةً في التَّواصل الفعَّال عبر الوسائط الرَّقميَّة مقارنةً باللّقاءات الشَّخصيَّة، وواحدةٌ من الطُّرق الأساسيَّة لإثبات استعدادك للعمل عن بعد هي إظهار مهارات التَّواصل الاحترافيَّة. ويمكنك التَّدرُّب عن طريق تسجيل فيديو لنفسك أو العمل مع مدرِّبٍ افتراضيٍّ لتحسين ردودك، عند مراجعة الفيديو، لاحظ إذا كُنتَ تستخدم فترات التَّوقُّف المناسبة وتتواصل بفاعليَّةٍ، كُن مستعدَّاً لمناقشة كيفيَّة تعاملك مع تحدّيات التَّواصل، مثل العمل مع زميلٍ عن بُعدٍ لديه أسلوب تواصلٍ مختلفٍ.
المهارات التّقنيّة: التّكنولوجيا هي شريان الحياة للعمل عن بعد
يعتمد العمل عن بعدٍ بشكلٍ أساسيٍّ على التُّكنولوجيا؛ لذا يبحث أصحاب العمل عن موظَّفين يمتلكون المهارات التّقنيَّة ويستطيعون إدارة المشكلات التّقنيَّة بأنفسهم، فإذا كُنتَ غير خبيرٍ بتقنيَّةٍ معيَّنةٍ، كن صادقاً، ولكن أوضح ما تقوم به لتحسين مهاراتك أو كيف ستجد الحلول إذا واجهتك تحدّياتٌ، إظهار روح المبادرة والقدرة على التَّعلُّم لا يقلُّ أهميَّةً عن امتلاك المهارات التّقنيَّة ذاتها.
الخبرة السّابقة في العمل عن بعد: لا تقلّل من أهمّية أيّ تجربةٍ
قد لا تتطلَّب جميع الوظائف خبرةً سابقةً في العمل عن بعد، ولكنّ امتلاكها يمكن أن يمنحك ميزةً تنافسيَّةً، حتَّى لو لم يكن لديك دورٌ رسميٌّ عن بُعدٍ، يمكنك إبراز تجارب أُخرى تظهر قدرتك على النَّجاح في بيئة عملٍ افتراضيَّةٍ، فإذا لم تكن لديك تجربةٌ رسميَّةٌ، تأكَّد من ربط تجاربك السَّابقة بمهارات العمل من المنزل، وأوضح كيف أعدتك هذه التَّجارب للتَّعامل مع التَّوقُّعات الافتراضيَّة وإدارة المهام عن بُعدٍ بنجاحٍ.
التّحفيز الذّاتيّ: العمل من المنزل ليس للجميع
بينما يتمتَّع العمل من المنزل بالعديد من الفوائد، يُدرك المسؤولون عن التَّوظيف أنَّ هذا النَّوع من العمل لا يناسب الجميع، واحدةٌ من أكبر التَّحدّيات في العمل عن بعد هي الحاجة إلى التَّحفيز والانضباط الذَّاتيّ، عندما لا يكون هناك شخصٌ يراقبك، قد يكون من السَّهل تأجيل المهام الضَّروريَّة؛ لذا فإنَّ مهارة التَّحفيز الذَّاتيّ واحدةٌ من أهمّ المهارات الوظيفية الَّتي يجب أن يمتلكها العاملون من المنزل.
المبادرة والثّقة: كيف تبرز في بيئة العمل الافتراضيّة
في العمل عن بعد، يُمكن أن تفقدَ الكثير من التَّواصل المباشر مع الزُّملاء والمدراء؛ لذا يجب أن تكون قادراً على اتّخاذ المبادرات وطلب المساعدة عند الحاجة، بالإضافة إلى ذلك، لضمان تحقيق الرّضا المهنيّ على المدى الطَّويل، يجب أن تسعى دائماً إلى تطوير نفسك والبحث عن مهامٍ جديدةٍ تُعزِّز نموَّك المهنيّ.
إدارة الوقت: التّحدي الحقيقيّ في العمل من المنزل
يعلم مسؤولو التَّوظيف أنَّ المكتب المنزليَّ مليءٌ بالإلهاءات، وأنَّ البقاء منتجاً دون الوجود في بيئةٍ مكتبيَّةٍ تقليديَّةٍ يمكن أن يكون تحديّاً كبيراً للبعض، ولهذا السَّبب يبحث أصحاب العمل عن مرشَّحين قادرين على إدارة وقتهم بفاعليَّةٍ في العمل عن بعد.
في النِّهاية يُمكن القول إنَّ المهارات الوظيفية هي المفتاح الذَّهبيُّ لأداءٍ متميزٍ في بيئة العمل، كما أنَّها بطاقة العبور الأولى إلى عالم الفرص، فماذا تنتظر للتَّدرُّب على امتلاكها إن لم تكن قد تعلَّمتها بعد؟