الرئيسية المال الناتج المحلي الإجمالي: ما هو وما الذي يُؤثّر عليه؟

الناتج المحلي الإجمالي: ما هو وما الذي يُؤثّر عليه؟

حتّى منتقدي الناتج المحلي الإجمالي كأداة قياسٍ يرون أنّه أفضل محاولةٍ لقياس شيءٍ يُصعبُ قياسهُ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

غالباً ما يتمُّ النَّظرُ إلى الناتج المحلي الإجمالي بكونهِ أداةً مهمَّةً لقياس أداء اقتصاد دولةٍ ما، فهو يُتيحُ للحكومات تحديدَ المبلغ الذي يُمكنها تحمُّلهِ من الضَّرائب والإنفاق، كما يُساعدُ الشَّركات على اتّخاذ قرارٍ بشأنِ توظيف المزيدِ من الأشخاصِ. وعلى الرَّغم من أهمّيَّته، إلَّا أنَّ العديدَ من الاقتصاديّين ينتقدونهُ ويُشكّكون به، لماذا إذن؟ على الرَّغم من أهمّيَّة الناتج المحلي الإجمالي لدى معظم الدُّول، دعونا نحاول فهم آليَّة عملهِ وأسباب انتقادهِ.

ما هو الناتج المحلي الإجمالي؟

الناتج المحلي الإجمالي هو إجماليّ القيمة النَّقديَّة أو السُّوقيَّة لجميع السّلع والخدماتِ التي تصنعُ داخل حدود الدَّولة بشكلٍ كاملٍ، وفي فترةٍ زمنيَّةٍ مُحدَّدةٍ، وباعتبارهِ مقياساً واسعاً للإنتاج المحليّ، فإنَّ الناتج المحلي الإجمالي يعملُ بمثابة بطاقةِ أداءٍ شاملةٍ لصحَّة الاقتصاد في بلدٍ ما.

غالباً ما يتمُّ استخدامُ مجاميع الناتج المحلي الإجمالي السَّنويّ لمقارنةِ الاقتصادات الوطنيَّة حسب الحجم، كما يهتمُّ صُنَّاع السّياساتِ والمشاركون في الأسواق الماليَّة ومديرو الأعمال بالتَّغيُّرات في الناتج المحلي الإجمالي مع مرورِ الوقتِ، والتي يتمُّ الإبلاغ عنها كمعدَّلٍ سنويٍّ للنُّموّ بحال كان النَّاتج جيّداً، أو الانكماش إذا كان سيّئاً أو أقلَّ من العادة، وهذا ما يجعلُ مقارنة المعدَّلات السَّنويَّة والرُّبع سنويَّة سهلةً.

ويُفيدُ قياس الناتج المحلي الإجمالي، بما يلي: [1] [2]

  • الناتج المحلي الإجمالي يتتبع صحَّة اقتصاد البلد.
  • يُمثِّل قيمةَ جميع السّلع والخدمات المُنتجة خلال فترةٍ زمنيَّةٍ مُحدَّدةٍ داخل حدود بلدٍ ما.
  • يُمكن للاقتصاديّين استخدام الناتج المحلي الإجمالي؛ لتحديدِ ما إذا كان الاقتصادُ ينمو أو يُعاني من الرُّكود.
  • يُمكن للمستثمرين استخدام الناتج المحلي الإجمالي لاتّخاذ قرارات الاستثمارِ.
  • يوفِّر الناتج المحلي الإجمالي لمحةً اقتصاديَّةً عن بلدٍ ما، ويستخدمُ لتقدير حجم الاقتصاد ومعدَّل نموّهِ.

على الرَّغم من أنَّ احتسابَ الناتج المحلي الإجمالي يتمُّ عادةً على أساسٍ سنويٍّ، لكن في بعض الدُّول يتمُّ احتسابه على أساسٍ ربع سنويٍّ أيضاً، كما هو الحال في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، التي تُصدِرُ الحكومة فيها تقديرات الناتج المحلي الإجمالي السَّنويّ لكلّ ربعٍ ماليٍّ، وللسَّنة التّقويميَّة أيضاً.

ما هو الناتج المحلي الإجمالي؟

يُمكن حساب الناتج المحلي الإجمالي بثلاث طُرقٍ، إمَّا باستخدام النَّفقات أو الإنتاج أو الدَّخل:

  • الإنتاجُ: وهو القيمة الإجماليَّة للسِّلعِ والخدماتِ التي تُنتجها جميعُ قطّاعاتِ الاقتصاد، مثل: الزّراعة والصّناعة والطَّاقة والبناء، كذلك الخدمات الحكوميَّة.
  • الإنفاق: ويعني قيمة السِّلع والخدماتِ التي تشتريها الأُسر والحُكومة، والاستثمار في الآلاتِ والمباني، ويشملُ هذا الصَّادرات مطروحاً منها الوارداتِ.
  • الدَّخل: ويعني قيمة الدَّخل المُتوّلد ومعظمهُ من الأرباحِ والأجورِ.

كما بالإمكان تعديلهُ ليتناسبَ مع التَّضخُّم والسُّكَّان لتوفير رؤىً أكثرَ عمقاً، وعلى الرَّغم من القيود التي يُواجهها الناتج المحلي الإجمالي، فإنَّه يُشكِّل أداةً رئيسيَّةً لتوجيه صُنَّاع السّياسات والمُستثمرين والشَّركات في عمليَّة صنع القرار الاستراتيجيّ.

شاهد أيضاً: التخطيط الاستراتيجي بأبسط حلّة: قاعدة السّاعة الواحدة

مكونات الناتج المحلي الإجمالي

تشملُ مكونات الناتج المحلي الإجمالي أربعةَ أمورٍ رئيسيَّةٍ، وهي: الاستهلاك، والاستثمار، والنَّفقات الحكوميَّة، وصافي الصَّادرات. [3]

الاستهلاك

يُقصد بالاستهلاك السّلع والخدمات التي تشتريها الأُسر، والّتي بدورها تُقسم إلى ثلاث فئاتٍ:

  • سلعٌ غيرُ مُعمِّرةٍ، والتي تدوم لفترةٍ قصيرةٍ مثل الغذاء والملابس.
  • سلعٌ مُعمِّرةٍ، والتي تدومُ لفترةٍ طويلةٍ، مثل السَّيَّارات والأدوات الكهربائيَّة.
  • الخدمات، وتشملُ العملَ الذي يُؤدِّيه الأفراد والشَّركات للمستهلكين، مثل: زيارة الطَّبيب وقصّ الشَّعر.

باختصارٍ، الاستهلاك هو كلُّ ما يُمكن أن تنفقهُ الأُسر، سواء على الخدمات أو على السِّلع، بما فيه تناول الطَّعام في الخارج، وشراء الأدواتِ المنزليَّة، وحتَّى قضاء عطلةٍ صيفيَّةٍ في أحد المُنتزهات الجبليَّة.

الاستثمار

الاستثمار هو شراءُ المُعدَّات الرأسماليَّة والمخزونات والهياكل كالمصانعِ والمعاملِ، ويشملُ الاستثمار أيضاً شراء منزلٍ جديدٍ، وعلى الرَّغم من أنَّه يبدو للوهلةِ الأولى إنفاقاً، إلَّا أنَّه استثمارٌ.

وفي بعضِ الأحيانِ، يرتبكُ القادمون الجُدد إلى الاقتصاد الكُلّيّ بسببِ استخدام خُبراء الاقتصاد الكلمات المألوفة بطرقٍ جديدةٍ ومحدَّدةٍ، تماماً مثل مصطلحِ الاستثمارِ، وينشأ الارتباك لأنَّ ما يبدو وكأنَّه استثمارٌ بالنّسبة للفرد قد لا يكون استثماراً للاقتصادِ.

القاعدة العامَّة هي أنَّ الاستثمارَ في الاقتصاد لا يشملُ المُشتريات التي لا تُؤدِّي إلَّا إلى إعادة توزيع الأصول القائمةِ بين أفرادٍ مُختلفين، فالاستثمار كما يستخدمهُ خبراء الاقتصاد الكُلّيّ، يعني أنَّه يخلقُ رأس مالٍ جديدٍ.

النّفقات الحكوميّة

تشملُ النَّفقات الحكوميَّة شراء السّلع والخدمات من قبل الحكومات المحلّيَّة والحكومات الفيدراليَّة، على سبيل المثال شراء غوَّاصةٍ بحريَّةٍ. وغالباً يحتاج الأمرُ بعض التَّوضيح، مثلاً حين تدفع الحكومة راتب موظَّفٍ، فإنَّ هذا الرَّاتب يكون جزءاً من الإنفاق الحكوميّ، ولكن حين تدفع الحكومة إعانة الضَّمان الاجتماعيّ لأحد كبار السِّنِّ، يُسمّى هذا الإنفاق الحكوميُّ بالدُّفعة التَّحويليَّة، كونه لا يتمُّ مقابل سلعةٍ أو خدمةٍ مُنتَجةٍ حاليّاً.

ومن وجهة نظر الاقتصاد الكلّيّ، فإنَّ المدفوعات التَّحويليَّة تشبهُ الخصم الضَّريبيَّ، وتعملُ مدفوعات التَّحويل على تغيير دخل الأسرة، إلَّا أنَّها لا تعكسُ إنتاج الاقتصاد، ولأنَّ الناتج المحلي الإجمالي يهدفُ إلى قياس الدَّخل النَّاتج عن إنتاج السّلع والخدمات والنَّفقات عليه، فإنَّ مدفوعاتِ التَّحويل لا يتمُّ احتسابها كجزءٍ من الإنفاق الحكوميّ.

صافي الصّادرات

المقصود بصافي الصَّادرات، هو ما يشتريه الأجانب من السّلع المُنتجة محلّياً؛ أي: الصَّادرات مطروحٌ منها المُشتريات المحلّيَّة من السّلع الأجنبيَّة؛ أي: الواردات.

مثلاً حين تبيع شركةٌ محلّيَّةٌ لمشترٍ في بلدٍ آخر، فإنَّ هذا يؤدّي إلى زيادة الصَّادرات، وتشيرُ كلمة "الصَّافي" في صافي الصَّادرات إلى الواردات الَّتي يتمُّ طرحها من الصَّادرات. ويتمُّ إجراء هذا الطَّرح لأنَّ واردات السِّلع والخدمات مدرجة في مكوِّناتٍ أُخرى من الناتج المحلي الإجمالي.

قانون ومعادلة الناتج المحلي الإجمالي

قانون ومعادلة الناتج المحلي الإجمالي أمورٌ لا بدَّ من التَّعرُّف إليها؛ لاكتساب مفهومٍ أكثرَ عمقاً عن كيفيَّة احتسابهِ، ففي الاقتصاد ينقسمُ المُستخدمون النّهائيُّون للسّلع والخدمات إلى ثلاث مجموعاتٍ رئيسيَّةٍ، هي: [4]

  • الأسر.
  • الشَّركات.
  • الحكومة.

إنَّ إحدى طرق احتساب الناتج المحلي الإجمالي المعروفة بنهج الإنفاقِ، يُقصد بها جمع النَّفقات التي تنفقها المجموعات الثَّلاث من المُستخدمين، وبناءً على ذلك يتمُّ تعريف الناتج المحلي الإجمالي، بالمعادلة التَّالية:

الناتج المحلي الإجمالي = الاستهلاك + الاستثمار + الإنفاق الحكومي + صافي الصادرات.

مؤشر ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي

يُعرَف مؤشّر ومعدَّل نموِّ الناتج المحلي الإجمالي أيضاً باسم معدَّل النُّموّ الاقتصاديّ، وهو يقيسُ التَّغيّر في النَّاتج المحليّ الإجماليّ للبلاد مقارنةً بفترةٍ سابقةٍ، فيما يتمُّ قياس مقدار التَّغيُّر بالنّسبة المئويَّة التي تُعدُّ بمثابة مُحدّدٍ لصحَّة الاقتصاد في الدَّولة ومعدَّل النَّموّ المُحتمل في المستقبل.

ودعونا نحاولُ فهم معدّل نموّ الناتج المحلي الإجمالي: [5]

يأخذُ الناتج المحلي الإجمالي في الاعتبار الأسعار النّهائيَّة لجميع السّلع والخدمات التي تمّ إنتاجها في عامٍ واحدٍ، وعندَ مقارنتهِ بفترةٍ أخرى، يُمكن أن يُظهِرَ مقارنةً يُمكن قياسها باستخدام الصّيغة التَّالية:

النموّ الاقتصاديّ = (الناتج المحلي الإجمالي 2 - الناتج المحلي الإجمالي 1) / الناتج المحلي الإجمالي 1

ويتمُّ التَّعبير عن النَّتيجة بالنّسبة المئويَّة. فإذا كانت النَّتيجة إيجابيَّةً، هذا يعني أنَّ الاقتصادَ ينمو بمعدّلِ النّسبةِ المذكورةِ، وإذا كان معدَّل النُّموّ 2% عن الرُّبع السَّابق حتَّى الآن، فهذا يعني أنَّ النَّشاط الاقتصاديَّ ارتفع 2%، إمَّا نتيجة زيادة الإنفاق الحكوميّ، أو ارتفاع الاستهلاكِ أو في الصَّادراتِ والوارداتِ.

بالعموم يُعدُّ قياس معدَّل النمو الاقتصاديِّ ضروريّاً لفهم طبيعة الاقتصاد والاتّجاه الذي من الممكن أن يذهبَ إليه خلال السَّنواتِ القادمةِ.

العوامل الداخلة في الناتج المحلي الإجمالي

تشملُ العوامل الدَّاخلة في الناتج المحلي الإجمالي 4 مجالاتٍ هي: زيادةٌ في السّلع الرأسماليَّة المادّيَّة، والتَّطوُّر التّكنولوجيّ، ونموُّ القوى العاملة، وزيادة رأس المال البشريّ. [6]

زيادة في السلع الرأسمالية المادية

إضافة رأس المال إلى الاقتصاد يؤدّي إلى زيادة إنتاجيَّة العمل، بعبارةٍ أُخرى: إنَّ الحصولَ على أدواتٍ أكثر حداثةً والمزيد منها، يعني أنَّ العُمَّالَ يستطيعون إنتاج المزيدِ من السِّلع.

كمثالٍ على ذلك، الصَّيَّاد الذي يستخدمُ الشَّبكة سيصطاد عدداً أكبر من الأسماك في السّاعة، مقارنةً بالصَّيَّاد الذي يستخدمُ الصّنَّارة، الشَّبكة هي التَّعبير الحاسم بالنّسبة لاستثمار المال في تحديثِ أدواتِ العملِ.

التطور التكنولوجي

العامل الثَّاني المُؤثّر في الناتج المحلي الإجمالي هو التَّطوُّر التّكنولوجيُّ، حيث تسمح التِّكنولوجيا المتطوِّرةُ للعُمِّال بإنتاج المزيد من السِّلع بنفس المخزون من السِّلع الرأسماليّة، عبر الجمع بينهما بطرقٍ جديدةٍ أكثر إنتاجيَّةً، تماماً مثل نموِّ رأس المال، إذ يعتمدُ معدَّل النُّموّ التّقنيّ بشكلٍ كبيرٍ على معدَّل الادّخار والاستثمار، حيث إنَّهما ضروريَّان للانخراط في البحث والتَّطوير.

نموُّ القوى العاملة

نموُّ القوى العاملة واحدٌ من العوامل المؤثِّرة في الناتج المحلي الإجمالي، ومع تساوي كلّ العوامل الأخرى، فإنَّ المزيدَ من العُمَّال يولّدون المزيد من السّلع والخدمات الاقتصاديَّة.

كمثالٍ على ذلكَ، ما حدثَ في القرن التَّاسع عشر -حين كان جزءاً من النُّمِّو الاقتصاديّ القوي في الولايات المتَّحدة- يرجعُ إلى التَّدفُّق الكبير للعمالة المُهاجرة ِالرَّخيصةِ والمُنتجةِ.

زيادة رأس المال البَشريِّ

العامل الأخير المؤثّر في الناتج المحلي الإجمالي هو زيادة رأس المال البشريّ، ويعني أنَّ العُمَّالَ يصبحون أكثر إنجازاً في حِرَفِهم، ما يسهمُ بزيادة إنتاجيَّتهم عبر التَّدريب على المهارات والتَّجربة، أو ببساطةٍ المزيد من المُمارسة لاكتسابِ الخبرةِ.

يُمكن أن يُشيرَ رأس المال البشريّ إلى رأس المال الاجتماعيّ والمؤسَّسيّ، فالميول السُّلوكيَّة نحو زيادة الثّقة الاجتماعيَّة والمعاملة بالمثل جنباً إلى جنبٍ مع الابتكارات السّياسيَّة أو الاقتصاديَّة كتحسين حقوق الملكيَّة، هي من أنواع رأس المال البشريّ الذي يُمكنُ أن يزيدَ من إنتاجيَّة الاقتصاد.

شاهد أيضاً: استراتيجيات لزيادة الإنتاجية دون الوصول للاحتراق الوظيفي

أثر الضرائب وسعر الفائدة على الناتج المحلي الإجمالي

عند الحديثِ عن النُّموّ الاقتصاديّ، لا يُمكن إغفال أثر الضَّرائب وسعر الفائدة على الناتج المحلي الإجمالي، فكلاهما مؤثّران جدّاً.

أثر الضرائب على الناتج المحلي الإجمالي

تؤثّرُ الضَّرائب على النُّموّ الاقتصاديّ، على الأقلّ في المدى القصير، من خلال تأثيرها على الطَّلب، حيث إنَّ خفض الضَّرائب يؤدّي إلى زيادة الطَّلب عبر زيادة الدَّخل الشَّخصيّ المُتاح، وتشجيع الشَّركات على التَّوظيف والاستثمار.

ومع ذلكَ، فإنَّ حجمَ التَّأثير يعتمدُ على قوَّة الاقتصاد، إذا كان الأخير يعملُ بحدودِ طاقتهِ، فمن المرجَّح أن يكونَ التأثيرُ صغيراً، وإذا كان يعملُ بشكلٍ أقلَّ بكثيرٍ من إمكانيَّاته، فسيكون التَّأثير أكثر وضوحاً، ويُقدِّر مكتب الميزانيَّة في الكونغرس الأميركيّ أنَّ التَّأثير في الحالة الأخيرة أكبر بثلاث مرَّاتٍ منه في الحالة الأولى.

كما وجدَ مكتب الميزانيَّة في الكونغرس، أنَّ التَّخفيضات الضَّريبيَّة ليست فعَّالةً بشكلٍ عامٍّ في تحفيز النُّموّ الاقتصاديّ، مثل زيادة الإنفاق الحكوميِّ، وذلك لأنَّ أغلب الإنفاق يُعزِّز الطَّلب، في حين تعمل التَّخفيضات الضَّريبيَّة على تعزيز المُدَّخرات وكذلك الطَّلب.

ويتلخَّص أحدُ هذه الطُّرق لتخفيف هذا التَّأثير في توجيه التَّخفيضات الضَّريبيَّة إلى الأُسر ذات الدَّخل المُنخفض والمتوسّط، والتي من غير المرجَّح أن تضعَ أموالها في المدّخرات. [6]

أثر سعر الفائدة على الناتج المحلي الإجمالي

تؤدّي الزّيادة في أسعار الفائدة إلى زيادة الحافز على الادّخار، ما يؤدّي إلى زيادة الادّخار في الاقتصاد، والذي يُسهمُ بانخفاض الاستهلاكِ. وبالمقابل تُؤدّي الزّيادة في أسعار الفائدة أيضاً إلى زيادة تكاليف الاقتراض، وبالتَّالي تكلفة الاستثمار، وهذا لا يُشجِّع الشَّركات على الاستثمار، فينخفضُ الأخير وترتفع مدفوعات فوائد الدَّين الحكوميّ نتيجة ارتفاع كلفة الاقتراض. [7]

وبناءً على ما سبق، فإنَّ الزّيادةَ في أسعار الفائدة، من شأنها أن تُؤدّي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقيّ.

ماذا يعني ارتفاع النَّاتج المحليِّ؟

إذن، ماذا يعني ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي؟ العبارة الأحبُّ على قلوب الاقتصاديّين والسّياسيّين، والتي يودُّون سماعها بشكلٍ دائمٍ. إذ إنّ زيادة الناتج المحلي الإجمالي علامةٌ تدلُّ على القُوَّة الاقتصاديَّة، وبخلاف ذلك فإنَّ انخفاضهُ يُشير إلى الضَّعف الاقتصاديّ. وذلك لأنَّه يعني في العادة، بأنَّ النَّاس ينفقون أكثر، ويتمُّ خلق فرص عملٍ إضافيَّةٍ، ودفع المزيد من الضَّرائب، كذلك يحصلُ العُمَّال على زيادةٍ أفضل في الأجور والرَّواتب.

أمّا حين ينخفضُ الناتج المحلي الإجمالي، فإنَّ هذا دلالةٌ على انكماش الاقتصاد، ما يُشكّلُ خبراً سيّئاً للغاية للشَّركات والعُمّال على حدٍّ سواء، وفي حال انخفض الناتج المحلي الإجمالي لربعين مُتتالييّن، يُعرف ذلك بالرُّكود، ما يُمكن أن يؤدّي إلى تجميدِ الأجورِ وفقدانِ الوظائف. [8]

وعلى الرَّغم من الأهمّيَّة البالغة التي توليها الدُّول لقياس الناتج المحلي الإجمالي، إلَّا أنَّ هناك منتقدينَ يجادلون في مدى أهمّيَّتهِ، ويُشكّكون بها، وغالباً ما يقول معظمهم: إنَّه مقياسٌ إمَّا شاملٌ للغاية بحيث لا يعكسُ بدقَّةٍ الأعمال الدَّاخليَّة للاقتصاد، أو غير شاملٍ بما يكفي لمراعاة جوانب الحياة التي تتجاوزُ النَّاتج الاقتصاديَّ.

ومن وجهة نظرِ مُنتقدي مقياس الناتج المحلي الإجمالي، فإنَّ الأخيرَ غير دقيقٍ حتماً، كونهُ يحاولُ تقييم القيمة عبر العروض الاقتصاديَّة الواسعة والمتنوّعة، وعلى الرَّغم من ذلك لا يُنكرُ منتقدوهُ أنَّه أفضلُ محاولةٍ لقياس شيءٍ يصعبُ قياسُهُ. [9]

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: