الهدف الوظيفي في السيرة الذاتية.. ما أهميّته؟ وما بدائله؟
بينما يرى بعض الخبراء أنّه يعزّز هوية المرشّح للوظيفة، يعتبره آخرون تقليدياً وغير فعّال في إبراز القدرات الحقيقية له، فما الأصح؟
يُؤكِّد العديد من خبراء التّوظيف على أهميّة كتابة الهدف الوظيفي في السّيرة الذّاتيّة، كونه يُعدّ جزءاً أساسيّاً في إبراز هويّة المُرشَّح وتقييمه. في المقابل، يرى آخرون أنَّ هذا النّهج قد أصبح تقليديّاً وغير مُجدٍ، إذ لا يعكس قدرات المُرشَّح بفعاليّة، وغالباً ما يتمّ تجاهله خلال عمليّة اختيار المُرشَّحين للوظائف المُعلنة.
إذاً، ما هي الحقيقة؟ وما هو الهدف الوظيفي في الأساس؟ وكيف يمكن اتّخاذ القرار الصّائب بشأن تضمينه؟ وما هي الطريقة المثلى لكتابته إن اخترت إضافته؟ وما هي البدائل الحديثة الّتي بات بعض الخبراء يُوصون بها في الآونة الأخيرة؟ سنستعرض في هذا المقال الإجابة عن هذه التّساؤلات بشكلٍ متكامل.
ما هو الهدف الوظيفي في السّيرة الذّاتيّة؟
الهدف الوظيفي هو عبارة عن فقرة قصيرة تُلخِّص الخبرات والمهارات المهنيّة وأهداف الشخص الوظيفيّة. تتألّف عادةً من جملتين إلى ثلاث جمل، وتُكتب في بدايّة السّيرة الذّاتيّة، أسفل الاسم ومعلومات الاتّصال مباشرة.
وباعتبار أنَّ الهدف الوظيفي هو أوّل ما تقع عليه أعين مديرِي التّوظيف عند مراجعة السّيرة الذّاتيّة، فإنَّ كتابته بعنايةٍ ودرايةٍ يعكس مدى احترافيّة المُرشَّح، ويعزِّز فرصه في الحصول على الوظيفة. ومن الضّروري أن يُصاغ الهدف الوظيفي بما يتناسب مع طبيعة الوظيفة المستهدفة وثقافة الشّركة، وأن يحمل في طيّاته إقناعاً خفياً يعكس سمات الشّخصيّة المهنيّة للمرشّح. هذا التّحدِّي يتطلّب دقّةً وحرصاً؛ نظراً للتّنافسيّة العالية في سوق العمل.
إذاً، يمكن تلخيص الهدف الوظيفي على النّحو التّالي: "من أنت + ماذا تريد + ما الذي يمكنك تقديمه للشركة؟"
كيفيّة كتابة الهدف الوظيفي في السّيرة الذّاتيّة
إذا اخترت كتابة الهدف الوظيفي في سيرتك الذّاتيّة، فعليك اتباع خطواتٍ دقيقةٍ وممنهجة، ومنح هذه الفقرة أهميّة خاصة. وإليك بعض الخطوات الّتي تُساعدك على صياغة هدف وظيفي احترافي:
1. قراءة الإعلان الوظيفي بدقة والتّركيز على الوصف الوظيفي
عند كتابة الهدف الوظيفي، من الضّروري قراءة إعلان الوظيفة بعنايّة، مع التّركيز على المهارات والمسؤوليّات المطلوبة في الوصف الوظيفي. بعد ذلك، حاول إعادة صياغة تلك المتطلّبات بأسلوبك الخاص وإدراجها في الهدف الوظيفي. لا تقتصر على نسخ الوصف كما هو، بل أضف لمساتك الشخصيّة مع مراعاة تخصيص السّيرة الذّاتيّة لهذه الوظيفة تحديداً، ممّا يعطيك ميزة تنافسيّة واضحة.
2. تحديد المهارات الأكثر ملاءمة للوظيفة
بعد مراجعة الوصف الوظيفي، حدِّد أهم المهارات والخبرات الّتي تحوزها وتتناسب مع المتطلّبات المُعلنة. وعلى الرّغم من أنّك قد لا تدرج كلّ المهارات الّتي حددتها، إلّا أنّ هذه الخطوة ستساعدك على صياغة عباراتٍ دقيقةٍ وملائمة للوظيفة.
3. توضيح القيمة الّتي ستضيفها للشركة
عند كتابة الهدف الوظيفي، من المهم التّركيز على ما يمكنك تقديمه للشركة. اذكر الإنجازات الّتي تميزك، مثل الشّهادات الأكاديميّة أو الخبرات السّابقة ذات الصّلة أو العمل مع عملاء بارزين. من الضّروري أن تكون هذه الإنجازات ذات صلةٍ بالوظيفة الّتي تتقدم لها، حتى تبرز قيمتك كمرشّحٍ محتمل.
4. صياغة الهدف الوظيفي
بعد جمع الأفكار الأساسيّة، اكتب أكثر من نسخةٍ للهدف الوظيفي، حتى تصل إلى الصّيغة الأنسب. قراءة النّص بعيون مدير التّوظيف سيساعدك على التّخلص من الحشو والكلمات غير الضّروريّة، وتجنب التّكرار الذي قد يُضعف من قوة رسالتّك.
إليك نموذجاً لكيفيّة صياغة هدف وظيفي:
"باحث مساعد بخبرة تزيد عن سبع سنوات في مجال تحليل البيانات وتوليد الأفكار، يسعى لشغل وظيفة كاتب في BBC. يتمتّع بخبرة في إعداد التّقارير الإخباريّة وسرد القصص وإنشاء محتوىً فعّالٍ يتوافق مع تحسين محركات البحث".
يوضّح هذا المثال لمدير التّوظيف هويّة المرشح، وخبرته، وهدفه، والقيمة الّتي سيضيفها للشركة.
الأخطاء الّتي يجب تجنُّبها عند كتابة الهدف الوظيفي
هناك بعض الأخطاء الشّائعة الّتي قد تُقلِّل من فاعليّة الهدف الوظيفي، وتؤثّر سلباً على فرصة المُرشَّح في الحصول على الوظيفة، منها:
1. الأنانيّة في الصّياغة
يجب أن تكون الصّياغة احترافيّة، مع تجنّب استخدام ضمير المتكلم مثل "أنا" أو "نحن". فمحور الحديث في السّيرة الذّاتيّة هو أنت في الأصل، ولكن ينبغي ألّا يُظهر الهدف الوظيفي غروراً أو مبالغة.
2. الأخطاء اللغويّة والنّحويّة
سواء كنت تكتب سيرتك الذّاتيّة باللغة العربيّة أو الإنجليزيّة، من الضّروري التّدقيق في النّص لتجنب أي أخطاء لغويّة أو نحويّة قد تترك انطباعاً سلبياً.
3. التّركيز على الراتب
من غير المناسب الإشارة إلى الراتب المتوقع في الهدف الوظيفي، إذ يُفضل أن يكون التّركيز على القيم المهنيّة والمهارات الّتي يمكنك تقديمها للشركة.
4. وضع شروط متعلقة ببيئة العمل
تجنَّب ذكر عبارات مثل "أسعى للعمل في بيئة مستقرة"، حيث قد يظهر هذا أنك غير مستعد لمواجهة التّحديات. من الأفضل التّركيز على المهارات والخبرات بدلاً من وضع شروط مسبقة.
5. استخدام نفس الهدف الوظيفي لجميع الوظائف
يجب تعديل الهدف الوظيفي لكلّ وظيفةٍ تتقدّم إليها بما يتناسب مع المتطلّبات المحدّدة للإعلان الوظيفي.
6. ذكر الهوايات
الهدف الوظيفي ليس المكان المناسب لذكر هواياتك، حيث يجب أن يركّز على ما يتعلّق بالعمل المهنيّ فقط.
نصائح أساسيّة لكتابة الهدف الوظيفي
-
استخدام الكلمات المفتاحيّة ذات الصّلة
الكثير من الشركات تستخدم أنظمة تتبع المتقدمين (ATS) لتصفيّة السّير الذّاتيّة. هذه الأنظمة تبحث عن كلمات مفتاحيّة محددة تتطابق مع الوصف الوظيفي المُعلن عنه. لذلك من الضّروري أن تتضمن سيرتك الذّاتيّة الكلمات الرئيسيّة ذات الصّلة بالوظيفة الّتي تتقدم إليها، لضمان عدم استبعادك من المنافسة في مرحلة مبكرة. -
تجنُّب العبارات العامة والمبهمة
يجب أن يكون الهدف الوظيفي محدداً وواقعياً، متجنِّباً العبارات العامة مثل "أرغب في تطوير مسيرتي المهنيّة" أو "أسعى لتحقيق النّجاح". الأفضل أن تُدعم جملتك بأرقام أو بيانات تعكس خبراتك وإنجازاتك. -
تخصيص الهدف الوظيفي بناءً على الوصف الوظيفي
تأكَّد من أن الهدف الوظيفي يعكس المهارات والقدرات المطلوبة في الوصف الوظيفي المُعلن. يُفضل تخصيص كل هدف وظيفي بما يتناسب مع متطلبات كل إعلان للحصول على اهتمام أكبر من المسؤولين عن التّوظيف. -
اختيار أهداف طموحة
من المفيد تحديد أهداف طموحة تُظهر استعدادك للتحدي، مثل تحسين المبيعات بنسبة معينة أو زيادة عدد العملاء. هذا يعكس رغبتك في تقديم إضافة ملموسة للشركة، مما يجعل سيرتك الذّاتيّة أكثر لفتاً للانتباه. -
إبراز القيمة الّتي تضيفها
في نهايّة الهدف الوظيفي، من المفيد دائماً أن تُشير إلى القيمة الّتي يمكنك إضافتها للشركة، مثل زيادة الإنتاجيّة أو تحسين أداء الفريق. هذا يعكس وعياً عميقاً باحتياجات الشركة، ويُعزِّز من فرصك في الحصول على الوظيفة. -
تجنُّب العبارات الغامضة
عند ذكر خبراتك وإنجازاتك، تجنَّب الغموض أو التّعميم مثل "عملت في عدة شركات" أو "لديّ خبرة في عدة مشروعات". الأفضل أن تكون محدداً، مع ذكر عدد الشركات أو المشاريع الّتي عملت عليها، والتّفاصيل المهمة حول تلك الإنجازات. -
تجنُّب المبالغة في ذكر الصّفات الشخصيّة
بينما من المهم أن تُظهر بعض السّمات الشخصيّة مثل العمل الجماعي أو الاهتمام بالتّفاصيل، فإن الإكثار من استخدام هذه الصّفات دون إرفاقها بإنجازات ملموسة قد يُعطي انطباعاً سلبياً. لذا، احرص على ذكر 3 إلى 5 صفات ترتبط مباشرة بالوظيفة الّتي تتقدم إليها.
نماذج من كتابة الهدف الوظيفي
إليك بعض الأمثلة العمليّة الّتي توضّح كيفيّة كتابة الهدف الوظيفي حسب نوع الوظيفة:
-
لوظيفة مسؤول مبيعات:
"خريج مجتهد بدرجة بكالوريوس في إدارة الأعمال، حاصل على دورات تدريبيّة في المبيعات، يسعى إلى الانضمام لشركة ABC لتقديم مهاراته في إدارة المشروعات وتقديم خدمة عملاء مميزة". -
لوظيفة مصمم ويب:
"مصمم ويب بخبرة تزيد عن خمس سنوات في إنشاء تصميمات مواقع مبتكرة ومتعددة المستويات، يسعى للانضمام إلى شركة Microsoft لتطوير واجهات مستخدم تفاعليّة وحديثة". -
لوظيفة مهندس مشروعات:
"مهندس مشروعات بخبرة سبع سنوات في إدارة مشاريع البنيّة التّحتيّة والتّعدين، يتمتع بمهارات قويّة في التّخطيط والتّصميم، يتطلع إلى تطبيق خبراته لزيادة كفاءة وسرعة تنفيذ المشاريع في شركة XYZ".
شاهد أيضاً: 21 سؤالاً غريباً ولكن فعالاً في مقابلات العمل
بدائل حديثة للهدف الوظيفي في السّيرة الذّاتيّة
يعتقد بعض خبراء التّوظيف أنَّ كتابة الهدف الوظيفي أصبح نهجاً قديماً قد لا يُحقِّق الفائدة المرجوة، بينما يُصر آخرون على أهميته في زيادة فرص النّجاح، لا سيما لوجود كلمات مفتاحيّة ذات صلة. على أي حال، القرار يعود إليك حسب المجال الذي تعمل فيه أو الوظيفة الّتي تسعى إليها. وبشكل عام، هناك بدائل حديثة يمكنك تجربتها إذا كنت ترغب في عدم كتابة الهدف الوظيفي التّقليدي. ومن أبرز هذه البدائل:
1. ملخص السّيرة الذّاتيّة
يُعتبر ملخص السّيرة الذّاتيّة من البدائل الشائعة للهدف الوظيفي، ويختلف قليلاً من حيث التّركيز. في هذا القسم، تقوم بكتابة نبذة مختصرة عنك، تُظهر فيها من أنت، وما يمكنك القيام به، وتسليط الضّوء على الإنجازات والخبرات الرئيسيّة ذات الصّلة. مثلاً، يمكنك تضمين بيانات محددة مثل "زيادة عدد المتابعين بمعدل 1000 متابع شهرياً" أو "تحقيق أهداف مبيعات سنويّة بنسبة 20%". هذا الملخص يُساعد في إثبات قيمتك كمرشح للوظيفة.
2. جدول المهارات
يعتمد هذا الأسلوب على عرض مجموعةٍ من المهارات الرّئيسة في جدولٍ بسيط، يحتوي على مهاراتك الأساسيّة والمتعلّقة بالوصف الوظيفي المُعلن. يُفضّل أن يكون الجدول في مقدّمة السّيرة الذّاتيّة، حيث يُسلّط الضّوء على الكفاءات الأكثر أهميّة والمطلوبة من قِبل الشّركة.
3. التّصريح بإنجازات محددة
هذا البديل يصلح للأشخاص الذين يتمتّعون بخبرةٍ عمليّةٍ قويّةٍ وإنجازاتٍ ملموسة. يُمكنك استبدال الهدف الوظيفي بفقرةٍ قصيرةٍ تُلخِّص إنجازاتك العمليّة السّابقة، مثل "زيادة المبيعات بنسبة 30% في سنتين" أو "إدارة مشاريع تقنيّة ناجحة مع تحقيق معدل نمو سنوي ثابت". هذه الطّريقة تُعزز مكانتك كمرشّحٍ من خلال تقديم أرقام ونتائج ملموسة.
كيفيّة اتّخاذ قرار كتابة أو عدم كتابة الهدف الوظيفي في السّيرة الذّاتيّة
قد تجد نفسك في حيرة من أمرك عندما يتعلق الأمر بكتابة الهدف الوظيفي أو تجنبه. لاتّخاذ القرار المناسب، إليك بعض الإرشادات الّتي تُساعدك في تحديد متى يجب تضمين الهدف الوظيفي في سيرتك الذّاتيّة، ومتى يمكن الاستغناء عنه:
حالات يُفضَّل فيها كتابة الهدف الوظيفي:
-
عندما يتطلب الإعلان الوظيفي ذلك صراحة
إذا ذُكر في الإعلان الوظيفي ضرورة كتابة الهدف الوظيفي، فعليك الالتّزام بذلك وتقديم أفضل ما لديك لإظهار مهاراتك وقيمتك المهنيّة. -
حديث التّخرج
إن كنت حديث التّخرج ولا تملك خبرات عمليّة كافيّة، يُفضَّل كتابة الهدف الوظيفي. يمكن أن يُبرز هذا الهدف من أنت، وما تسعى لتحقيقه، وما الذي يمكن أن تُقدمه للشركة. -
الانتقال إلى مجال عمل جديد
إذا كنت تنتقل إلى مجال عمل مختلف تماماً عن مجالك السّابق، فمن الضّروري أن تشرح الهدف من هذا التّحول، وكيف يمكن لمهاراتك وخبراتك أن تُسهم في نجاحك في المجال الجديد.
حالات يُفضّل فيها عدم كتابة الهدف الوظيفي:
-
عندما يطلب الإعلان بنوداً محددة دون زيادة أو نقص
إذا كان الإعلان الوظيفي واضحاً وصريحاً فيما يتعلق بالمتطلّبات والمعلومات الضّروريّة، قد لا يكون هناك حاجةٌ لإضافة الهدف الوظيفي. -
في حال كان تاريخك المهنيّ واضحاً جداً
إن كان لديك تاريخٌ مهنيٌّ طويلٌ وواضحٌ في مجالٍ معيّن، وكنت مرشّحاً نموذجيّاً للوظيفة، قد لا تحتاج إلى كتابة الهدف الوظيفي. بدلاً من ذلك، يُمكنك التّركيز على إنجازاتك السّابقة. -
في الوظائف المتخصّصة للغايّة
بعض الوظائف التّخصصيّة مثل الطب أو الهندسة قد تتطلّب درجاتٍ علميّة أو خبرات محددة جداً. في هذه الحالات، يكون الهدف من الوظيفة واضحاً عموماً ولا حاجة لتوضيحه في سيرتك الذّاتيّة ما لم يُطلب ذلك صراحةً.