انتهى التسويق عبر المؤثرين، وبدأ التسويق عبر صناع المحتوى
اعمل على بناء الثقة مع صناع المحتوى لتوسيع علامتك التجارية في عالم سيطر عليه التسويق الرقمي.
بقلم Shama Hayder، المؤسِّسة والمديرة التنفيذية لـزين ميديا Zen Media
رأينا كلّنا منشوراتِ المؤثّرين التي تحمل علامة "AD" تأتي عبر التّغذية الرقميّة في أجهزتنا. في البداية، كانت هذه المنشورات ابتكاريّةً في استثمارها لعامل سهولة التّرابط على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من أجل الإعلان عن منتجاتٍ وعلاماتٍ تجاريّةٍ بشكلٍ أكثرَ تلقائيّةٍ. لكن لأنّ العلامات التجارية غالباً ما تُملي النّواحي الإبداعيّة في مثل هذا النّوع من التعاون، فقد بدأت الموجة الجديدة من الإعلان تظهر شبيهةً بالإعلانات التقليديّة -واضحةً، مكتوبة النصِ، وغير تلقائيّة- وفي معظم الأحيان تختلف كليّاً عن بقية مشاريع ومنشورات المؤثّر. [1]
قد يبدو الأمر مجرّد اختلافٍ في الاسم، لكن ثمّة فروق جوهرية بين التّسويق عبر المؤثّر والتّسويق عبر صانع المحتوى. فالتسويق عبر المؤثر يعوِّل على الثقة والمصداقية التي يحوزها المؤثر ليشارك برسالةٍ عن العلامة التجارية، وبينما سبّب هذا الأمر نقلةً هائلةً في صناعةِ الإعلانِ عندما فضّلت العلاماتُ التجاريّةُ استثمارَ المؤثّرين على استثمار ِالمشاهير، إلا أنه سرعان ما خيّب ظن الزبائن.
مهّد هذا الأمر الطّريق للنّقلةِ الحاليّةِ إلى التّسويقِ عبر صُنّاع المحتوى. فبدلاً من الاعتمادِ الكليّ على تمييز العلامة التجارية للمؤثّر، يضع التسويقُ عبر صُنّاع المحتوى عبءَ الأمر على الفرد ذاته، ليلعب وفق نقاطِ قوّته الإبداعيّةِ، وذلك بناءً على الثّقة والمصداقيّة التي صنعها لنفسه. وفي التّسويق عبر صناع المحتوى، يتنحّى أصحاب العلامةِ التّجاريّة جانباً عندما يتعلّق الأمرُ بالمحتوى، ويقدّمون غالباً إرشاداتٍ عامّةً ومراجعاتٍ نقديةّ على عكس الوضع السّابق، حيث يوجّهون المشروعَ بأكمله.
بينما يبحر أصحاب العلامات التجاريّة على موجة التّسويق الأخيرة، عليهم أن يستوعبوا الفرقَ بين التّسويق عبر المؤثر والتّسويق عبر صانع المحتوى، ويكتشفوا كيف ينجحون في العمل مع صُنّاع المحتوى لتوسيع علامتهم التّجاريّة بصورةٍ طبيعيةٍ أكثر.
التسويق عبر المؤثرين كاسد والتسويق عبر صناع المحتوى باقٍ
لو أردتَ أن تسمّي بعضاً من المؤثرين وصُنّاع المحتوى، فمن سيخطر في بالك؟ يتمتع المؤثرون بسيطرةٍ محكمةٍ نوعاً ما على صناعات الحياة التقليدية، مثل: الأزياء، والجمال، والغذاء، والسفر. وفي المقابل يُفضّل صُنّاع المحتوى استثمارَ المنصّاتِ والتّكنولوجيا النّاشئة، محتلّين المجالات الرقميّة في البثّ المباشرِ، والألعابِ، والمحتوى التّرفيهيّ.
كيف يؤثّر هذا العاملُ في التّسويق؟ يكمن الفرق الرئيسيّ بين التّسويق عبر المؤثرّين والتٌسويق عبر صُنّاع المحتوى في الكيفية. وبالتحديد، كيف ترتبط العلامات التجاريّة مع الأفراد؟ ببناء الثقة.
عندما يصبحُ التّسويق عبر المؤثّر مشبعاً بالمحتوى المرتبطِ بالعلامةِ التجاريّة على تطبيقاتِ التّواصل الاجتماعيّ الرائجةِ مثل إنستغرام وتيك توك، يشعر المستهلكون بالإرهاق، ويفقد 48% منهم الثّقة في المؤثّرين، حسبما ذكرت التقارير. لكن عندما تسمح العلامات التجاريّة لصُنّاع المحتوى بدمجِ إعلانٍ داخل محتواهم بسلاسةٍ، فهذا يعوّض عدم الثقة، ويسمح لصُنّاع المحتوى ببناء علاقاتْ هادفةٍ مع جمهورهم.
وذلك يعني اليوم الاعترافَ بتأثير صُنّاع المحتوى والإدراكَ أن فهم المستهلكين هو أمرٌ بالغُ الأهميّة لنجاحِ التّسويق بغضّ النّظرِ عن الوسيلةِ.
اعتمد اقتصاد صناع المحتوى
بينما لا يزال التسويق عبر المحتوى يجد مُوطئ قدمٍ له، إلا أنه سيستمر. في الواقع من المقدَّر أن يتضاعف تقريباً حجم اقتصاد صناع المحتوى خلال السنوات الخمس القادمة ليبلغ 480 مليار دولار مقارنةً مع حصته الحالية في السوق البالغة 250 مليار دولار. ورغم عدم امتلاك صُنّاع المحتوى لشهرة الاسم كالمشاهير، إلا أنهم مع المتابَعات الهائلةِ على الإنترنت يحصلون على صفقاتٍ كبيرةٍْ.
وفي لحظةٍ حاسمةٍ بالنّسبة لصُنّاع المحتوى الرقميّ، وقّعت خدمة البثّ الجديدة كيك Kick صفقةً بـ 100 مليون دولار لمدة سنتين مع الكندي صاحب البث المباشر xQc، والذي غادرَ منصة تويتش Twitch المنافِسة. هذا العقد التاريخيّ، غير الحصريّ، الذي أمَّنتْه وكالة المواهب المتطورة Evolved Talent Agency، أكبر من عقد ليبرون جيمس الذي وقّعه للتو مع ليكرز Lakers والبالغ 97.1 مليون دولار، كما أنّه في المرتبة 12 بين أكبر الصفقات في تاريخ التّرفيه.
إذا وضعنا الأرقامَ المبهرةَ جانباً، فإنّ العلاماتِ التّجارية تعمل مع صُنّاع المحتوى بسبب كمِّ وسائل التّواصل الاجتماعيّ المتاحة أكثر كمنصات للإعلانِ بالمقارنة مع القنوات التقليديّة. وهذا صحيحٌ بشكلٍ خاصٍّ بالنّسبةِ للعلامات التجارية الجديدة والناشئة التي تتطلّع إلى كسبِ أكبرِ العائداتِ من استثمارِها.
عالم مسوق المحتوى في تطور دائم
بينما تلعب التّوجهات السائدة دوراً رئيسياً في تحديد النّجاح، يجب على مسوّقي المحتوى أن يتحلوّا بفهمٍ أكبر لكيفيّة الموازنة بين التكنولوجيا والتناسق عبر الحملات. وهذا يعني معرفة متى يشارك في لحظات واسعة الانتشار أو يصنعها، والتنقّل عبر خوارزمية متغيّرة باستمرارٍ، واستغلال المنصات النّاشئة.
وعلى عكس المؤثّرين، يؤسّس صُنّاع المحتوى هويةً قويةً للعلامة التجاريّة، تسمح لهم بدمج التّوجهات السّائدةِ، بسلاسةٍ في محتواهم، وفي الحملاتِ ذات العلامة التّجاريّة، بدلاً من فرض صفقاتٍ مخادعةٍ على جمهورهم. وذلك لأنّ تسويق المحتوى طريقٌ باتجاهين، حيث يعرف صُنّاع المحتوى متى يحافظون على الموثوقيّة، ويعملون مع العلامات التجاريّة التي تشاركهم القيم نفسها، مؤكّدين على ثباتِ وثقةِ المستهلك وملاءمة العلامة التجاريّة.
في عالم مسوقي المحتوى، يكون التفرُّد والتميّز هو موهبتهم، وبينما ما زال الوقت مبكراً لتحديد تأثيرات الذّكاء الاصطناعيّ على اقتصاد صُنّاع المحتوى، نجد العلامات التجارية تنظر بالفعل في دمج التكنولوجيا خلال جهود التّسويق. وسوف يحتاج صُنّاع المحتوى والعلاماتُ التّجارية على حدٍّ سواء إلى المساعدة في التّجول في هذه المنطقة الجديدة وتنشيطها.
يستطيع الجانبان الاستفادة من العملِ مع وكلاء التّرفيه الذين يفهمون قيمةَ الموهبةِ، ويستطيعون تنسيقَ صفقاتٍ أو أحداث ذات علامةٍ تجاريّةْ أثناء بناء العلاقات مع الجماهير المطلوبةِ. كما إن إحضار تمثيلٍ قانونيٍّ يُمكن أن يساعد في فهمِ بنود العقد، مثل التّفاوض على الأجر أو التعامل مع تفاصيل حول استخدام محاكاةٍ في المحتوى المعتمد على الذّكاء الاصطناعيّ في المستقبلِ.
يتطلب تسويق المحتوى أكثر من مجرد تحميل فيديو أو مشاركة تحليلات أو بيانات قياسية. فهو يعتمد على الاستثمارات بين صناع المحتوى، وأصحاب العلامات التجارية، ووكلاء المواهب، والممثلين القانونيين لتطوير شراكةٍ هادفةٍ مبنيّةٍ على فهم كليٍّ لجميع الأطراف في السّاحة. وهذا سيساعد مسوقي المحتوى على الحفاظ على نموٍّ واستقرارٍ طبيعيين، بينما يبتعد الجمهور عن المؤثّرين ويتوجّه نحو الموثوقية والأصالة.
ومع تطوّر التكنولوجيا، ينبغي أن يتذكّر أصحاب العلامات التجارية مقدارَ التأثير، الذي تمتلكه اللّمسةُ البشريّة لصانعِ المحتوى على اجتذابُ المُستهلِكين.