بيل جيتس: ينصح شباب اليوم بالاستمتاع في حياتهم. والعلم يؤكد!
يتفق العباقرة والعلماء على أن الاستمتاع بالحياة يساعد البشر على التفكير الإبداعي وزيادة الإنجاز.
تُحدّثنا "جيسيكا ستيلمان" في هذه المقالةِ عن نصيحةٍ قدّمها "بيل جيتس" في خطابِ التّخرجِ الذي ألقاهُ في جامعة نورث أريزونا، حيث دعا الشّباب لتخصيصِ مزيدٍ من الوقتِ للمتعةِ في حياتهم والتّوقّفِ قليلاً عن العملِ.
ورغمَ أنّ خطاباتِ التّخرجِ لا تخلو عادةً من التّكرارِ والابتذالِ، إلّا أنّ جيتس قدّمَ في هذا الخطابِ نصيحةً هامّةً جداً للجيلِ الشّابِ الذي يقتدي به. وأيّدتِ الدّراساتُ العلميّةُ والأبحاثُ كلامَهُ. مع العلم لم تكنْ نصيحة متوقعة منه البتّة لا سيّما بالنّظر إلى أنّ جيتس معروفٌ بإدمانهِ على العملِ.
ندم المتعافي من إدمان العمل
لم يتعلّم جيتس أهميّةَ المرحِ في الحياةِ ببساطةٍ، تحدّث عن ذلكَ قائلاً: "عندما كنتُ في مثلِ عمركم، لم أكترث بالإجازاتِ أو بعطلاتِ نهايةِ الأسبوعِ، ودفعتُ موظفيَّ للعملِ لساعاتٍ طويلةٍ في البداياتِ الأولى لشركةِ Microsoft، وكنتُ أراقبُ موقفَ السّياراتِ من نافذةِ مكتبي، وأتتّبعُ من غادرَ مُبكّراً ومن بقي مُتأخّراً."
من ثمّ تابعَ: "ولكنّني أدركتُ مع تقدّمي في السّن -وخاصةً عندما أصبحتُ أباً- أنّ العملَ ليس أهمُّ شيءٍ في الحياةِ."
من المهمِّ أن نقضيَ وقتاً لإسعادِ أنفسنا والعيشِ بعيداً عن ضغوطِ العملِ، فقد وجدت دراسةٌ في جامعةِ هارفارد -استمرّت لـ 80 عاماً- أنّ أكبرَ مؤشّرٍ للرّضا عن الحياةِ هو جودةُ علاقاتِك أو كما قال المسؤولُ الأوّلُ عن الدّراسةِ: "السّعادة هي الحبُّ، لا شيء آخر". لكنّ الحب ليس السّبب الوحيد لإفساحِ المجالِ للمتعةِ في حياتِكَ، وعليه تقول الدّراساتُ أن التّهربَ من العملِ، قد يُساعدكَ على الاستمتاعِ بالحياةِِِ، وعلى تحقيقِ أهدافِكَ أيضاً.
المرح والعلم
يُعتبر المرحُ ترياقاً للإرهاقِ وبلسماً للإبداعِ. فعلى سبيلِ المثالِ، قال الفيزيائيّ ريتشارد فاينمان إنّ التّهربَ من العملِ لم يُنقذه من واحدةٍ من أسوأ مراحلِ حياتهِ المهنيّةِ فحسب، بل ساهمَ بقوّةٍ في العملِ الذي أكسبه جائزةَ نوبّل. وعلى ما يبدو أنّ ألبرت أينشتاين لجأ إلى التّكاسل أيضاً، فقد قضى فتراتٍ طويلةٍ من الاسترخاء ِعلى قاربه الشّراعي للتّأمّلِ في أفكارهِ. كما وتشيرُ الأبحاثُ إلى أنّ هذين العبقريين لم يكونا الوحيدين الذين ربطا بين الطّاقة الإبداعيّة والتّراخي في العملِ.
وحسب مدونةِ American Psychological Science: "وجدتِ الأبحاثُ دليلاً على أن التّراخيَ في العملِ مرتبطٌ بقدرٍ أقلّ من التّعبِ، والمللِ، والتّوترِ، والإرهاق لدى العاملين. كما يرتبطُ التّراخي بالرّضا الوظيفيّ، والشّعورِ بالكفاءةِ، والإبداعِ. وأظهرتِ الدّراساتُ أنّه عندما يتلقّى موظفٌ مهمّةً بأسلوبٍ ممتعٍ، فإنّه يكون أكثرَ اهتماماً بها ويقضي وقتاً أطولَ في أدائِها للاستمتاعِ بتنفيذِها."
لذلك وعلى غيرِ العادةِ يُساعدنا بعضُ الكسلِ على الخروجِ من أنماطِ تفكيرنا المعتادةِِ، وتغييرِ الأفكارِ والمعتقداتِ الشّخصيّةِ والثّقافيّةِ، كما يُساعدنا على الوصولِ إلى الأهدافِ وتحقيقِ الطّموحاتِ.
نصيحة بيل جيتس خالدة
في كثيرٍ من الأحيانِ، تأتي أفضلُ نصيحةٍ من الأشخاصِ الذين جرّبوا طُرقاً متعدّدةً لفعلِ شيءٍ ما. وعند الحديثِ عن إدمانِ العملِ، لن نجدَ ناصحاً أكثرَ حكمةً من بيل جيتس، فقدْ كان بعيداً عن المرحِ ومنغمساً في العملِ، إلّا أنّه اتّبع أسلوبَ حياةٍ أكثرَ توازناً في السّنواتِ الأخيرةِ. ويوضّح خطابِ التّخرجِ ذاك أنّه حتّى لو كنتَ راغباً في مهنةٍ استثنائيّةٍ مثل مهنتهِ، فلا بأسَ ببعضِ المرحِ والاستمتاعِ بحياتكَ.
كما ويحثُّ جيتس الخرّيجين قائلاً: "خذوا استراحةً من الحياةِ واستمتعوا، في هذه اللّيلةِ، وهذا المساءِ، وهذا الصّيفِ، وفي أيّ وقتٍ."
أخيراً، لا بدَّ من القولِ عليكَ إيجادُ سبيلٍ للاستمتاعِ بحياتكَ، والنّصيحةُ ليست موجهةً للشّبابِ فحسب، بل هي موجهةً للجميعِ بغضّ النّظرِ عن أعمارِهم.