بيومها الوطني.. الإمارات تُعزّز الاستدامة بالطاقة النظيفة
التجربة الإماراتية المُلهمة في تعزيز أهداف الاستدامة، حيث ورغم أنها دولة نفطية كبيرة فإنها تعمل على تنويع مصادر الطاقة بعيداً عن الوقود الأحفوري
من المذهلِ تماماً أن تعملَ دولةٌ نفطيّةٌ كبيرةٌ مثل الإمارات، على تعزيز أهداف الاستدامة والتوجّه نحو الطّاقة المتجدّدة بعيداً عن الوقود الأحفوريّ الذي تنتجهُ، بهدف حماية المستقبلِ والمواردِ، حيث تبذل جهوداً جبارةً في هذا المجال، وتدعم كل المبادراتِ الرّامية لتعزيزِ الاستدامة عبر تقديم تسهيلاتٍ كبيرةٍ في شتّى مجالاتِ العملِ.
ويبرزُ اسم الإمارات، كدولةٍ رائدةٍ في مجال الطّاقة المتجدّدة والاستدامة، وحتّى في يومها الوطنيّ أو عيد الاتحاد 52?preset=v3.0_DYNxDYN، تحاول تكريس الاستدامة من خلال شعار "رحلة ٌنحو عالمٍ مستدامٍ"، الذي يتماهى مع استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، والتي تعكسُ مدى الالتزام بالوصولِ إلى مستقبلٍ أكثر استدامةً ونظافةً من النّاحية البيئيّة.
شاهد أيضاً: 5 خطوات ضرورية لكل ريادي يسعى لتحقيق الاستدامة في الإمارات
استراتيجية الطاقة 2050
بحلول العام 2017، كان مفهومُ الاستدامة قد تبلورَ تماماً في الإمارات، التي أطلقت خلاله استراتيجيتها الوطنيّة للطّاقة 2050، التي تعتبر الأولى من نوعها من حيث توحيد الطّاقة في الدّولة، فهي توازنٌ بين الإنتاجِ والاستهلاكِ، والالتزامات البيئيّة العالميّة، وحقّقت الإمارات التزامها بتوفير بيئةٍ اقتصاديّةٍ مريحةٍ للنّمو بكافة القطّاعات.
تهدفُ استراتيجيّة الإمارات للطّاقة إلى زيادة مساهمة الطاقة المتجددة حتى 3 أضعاف بحلول العام 2030، بالتّزامن مع ضخ استثماراتٍ وطنيةٍ بقيمةٍ بين 150 إلى 2 مليار درهم، في الفترة ذاتها بهدف ضمان تلبية الطّلب المتزايد على الطّاقة في الدّولة، نتيجة النّمو الاقتصاديّ المُتسارع.
أهداف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050
رئيس الدولة وصاحب السّمو الشّيخ محمد بن زايد آل نهيان، كان قد أعلن 2023 الجاري عام الاستدامة، تحت شعار "ليوم غد"، كخطوةٍ تتماشى مع أهداف استراتيجيّة الإمارات للطّاقة 2050، فما هي تلك الأهداف؟.
- تعزيز الاعتماد على مصادر الطّاقة المتجدّدة، وتحسين كفاءة استخدامها، مع التّشجيع على استخدامها.
- دعم برامج البحث والتّطوير في مجالات تكنولوجيا الطّاقة وتشجيع الابتكار والاستثمار في هذا القطّاع.
- تعزيز قدرة الدّولة على توفير الطّاقة المُستدامة، ورفع تنافسيتها عالميّاً في هذا القطاع.
كما تهدفُ الاستراتيجيّة في أولى مراحلها:
- خفض الانبعاثات بهدفِ الوصول للحياد المناخيّ بحلول 2050.
- إزالة نسبة مساهمة الفحم النّظيف لتصبح 0% من مزيج الطّاقة.
- رفع كفاءة الاستهلاك الفرديّ والمؤسسيّ بنسبةٍ 42% - 45% مقارنةً بسنة 2019.
- رفع مساهمة الطّاقة المتجدّدة إلى ثلاثة أضعاف بحلول 2030.
- رفع اجمالي القدرة المركبة للطّاقة النّظيفة من 14.2 غيغاوات إلى 19.8 غيغاوات بحلول 2030.
- رفع مساهمة القدرة المركبة للطّاقة النّظيفة إلى 30% من إجمالي مزيج الطّاقة بحلول 2030.
- رفع مساهمة توليد الطّاقة النّظيفة إلى 32% بحلول 2030.
- توفير 50 ألف وظيفةٍ خضراء جديدةٍ حتّى عام 2030.
- تحقيق توفير مالي يصل إلى 100 مليار درهم بحلول 2030، كذلك تحقيق استثماراتٍ وطنيّةٍ بين 150 إلى 200 مليار درهمٍ حتّى العام ذاته، لضمان تلبية الطّلب على الطّاقة واستدامة النّمو في الاقتصاد الإماراتيّ.
ترشيد استخدام الطاقة
ربما لا يتّسع هذا المقال للحديثِ عن مشاريع ترشيد الطاقة التي تنتشرُ في دولة الإمارات على نطاقٍ واسعٍ، حيث تتّخذ السّلطات العديد من الخطوات لخفضِ استهلاك الكهرباء والمياه والطّلب عليهما.
ففي العاصمة أبوظبي، تعملُ دائرة الطّاقة بنشاطٍ مع السّكان لتحقيق تلك الغاية، كذلك الحال في دبي التي تُطبّق بلديتها لائحة شروط ومواصفات المباني الخضراء بشكلٍ إلزاميٍّ على كافةِ المشاريع الحكوميّة، بينما كانت تجعله خياراً للمشاريع الأخرى في الفترة بين 2011 و2013، وبحلول العام 2014، جعلت الشّروط إلزامّية على كل المباني في الإمارة.
ومع بزوغ فجر 2016، عملت دبي بنظامِ تقييم المباني الخضراء "السعفات"، والذي طبقته على كل أنواع المباني، سواء السّكنية أو التّجاريّة أو الصّناعيّة، بهدف تحسين أداء تلك المباني عبر ترشيد استخدامِ الطّاقة والمياه والمواردِ.
لا يختلف الحال في باقي الإمارات، ففي الشّارقة تم استحداثُ إدارةٍ مخصّصةٍ للتّرشيد، علماً أن هيئةَ كهرباء ومياه وغاز الشارقة، تعتبرُ أوّل جهةً عربيةً تتبنّى وتطبّق توصيّاتٍ منظمّة المقاييس العالميّة "أيزو 50001"، كما حقّقت نتائج إيجابيّة جداً.
أما في عجمان، فقد أطلقت دائرة البلديّة والتّخطيط مبادرة الدّائرة الخضراء عام 2012، بهدفِ التّقليل من مخاطر التلوث البيئي النّاجم عن الممارساتِ اليوميّة السّلبية.
وإلى رأس الخيمة، التي أصدرت بلديتها لائحةَ شروط المباني الخضراء "بارجيل" الإلزاميّة منذ عام 2020، بهدفِ تضمينِ المباني الجديدة فيها معايير الاستدامة، ومن المتوقّع أن تستهلكَ تلك المباني الطّاقة والمياه بنسبة 30% أقل مقارنةً بالمباني النموذجيّة في الإمارة ذاتها.
شاهد أيضاً: في اليوم العالمي للطاقة: أهم مشاريع الطاقة النظيفة في الإمارات
فرص الاستثمار والابتكار
بالإمكانِ القول إنّ دولة الإمارات تقودُ الجهودَ العالميّة في قطّاع الطّاقة المتجدّدة، فهي تمتلكُ القدرة على إنتاج الطّاقة الشّمسية الأقل كلفةً في العالم اليوم.
كما أنّها تُعتبرُ أوّل دولةٍ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تستخدمُ الطّاقة النٌووية لتوليد الكهرباء، مع استمرار التّركيز على زيادة الاستثماراتِ في الطّاقة المتجدّدة، تخيلوا إذاً أنّنا أمام بلد طوّع أكثر أنواع الطّاقات فتكاً، لخدمة البشريّة عوضاً عن قتل البشر، نحن هنا أمام أبلغ صور الاستدامة الإنسانيّة، إن جاز التّعبير.
إضافةً لما سبق، فإنّ الإمارات أوّل من قام ببناء مشروعٍ للهيدروجين الأخضر، عام 2021، بينما تتوسّع في إنتاج الهيدروجين الأزرق بهدف خلق مزيجٍ متنوّعٍ من مصادر الطاّقة، بينما بلغ عدد مشاريع الطّاقة صديقة البيئة في الإمارات، 11 مشروعاً بقيمةِ 159 مليار درهمٍ حتّى نهاية عام 2022.
الدّولة التي أعلنت عام 2021 عن مبادرتها الاستراتيجيّة لتحقيق الحياد المناخيّ بحلول 2050، تُعتبر أوّل دولةٍ في المنطقة تطلق تلك المبادرة، كذلك فهي تُوفّر فرصاً استثماريّةً جديدةً في مجال الطّاقة النّظيفة.
خارج الحدود
لم تكتفِ دولة الإمارات بنشرِ ثقافة الاستدامة البيئيّة داخل حدودها، فهي تدعمُ العديد من المشاريع ومبادرات التّحول نحو الاستدامة في المنطقةِ.
وخلال شهر سبتمبر، أعلنت السّلطات الإماراتيّة، تخصيص 4.5 مليار دولار أميركيٍّ، لبدء مجموعة من مشاريع الطّاقة النّظيفة في قارة إفريقيا، وذلك خلال قمّة المناخ التّاريخيّة التي استضافتها كينيا.
وتكتسبُ الجهود الإماراتيّة للتحوّل نحو الطٌاقة المتجدّدة أهميّةً كبيرةً جداً، ليس فقط على صعيدِ العمل الجاد والإنجاز الذي حققته السّلطات بالتّعاون مع المجتمع المحليّ، إنما أيضاً على صعيد كون الإمارات بيئةً مثاليّةً للحياة، وكل من يعيش فيها يشعر بالانتماء لها حتّى لو لم تكن بلده الأصل، وبالتّالي فإنّ الجميع يعملون على تحقيقِ أهدافها، ما يُسهّلُ عمليّة التّحول نحو الطّاقة النّظيفة ويسرّع وتيرتها.