تأثير هاوثرن: كيف يتغير سلوك الموظفين تحت الأضواء؟

تأثير هاوثرن، أو ما يُعرف بـ"Hawthorne effect"، هي ظاهرةٌ نفسيّةٌ واجتماعيّةٌ مثيرةٌ، كشفت كيف يمكن أن تُحدث مجرّد الملاحظة تغيّيراتٍ جذريّةً في سلوك الأفراد. هذا المفهوم، الّذي وُلِد من سلسلة تجارب أُجريت في مصنع هاوثرن بشيكاغو في القرن العشرين، لا يزال يُثير فضول الباحثين ويؤثّر في الممارسات الإداريّة حتّى يومنا هذا، ممّا يعكس فكرة أنّ الأفراد، بمجرّد إدراكهم أنّهم تحت المراقبة، يغيّرون سلوكهم بطرقٍ قد تكون مؤقّتةً ولكنّها فعّالةٌ.

تعريف تأثير هاوثرن

يشير تأثير هاوثرن إلى التّغيير الإيجابيّ المؤقّت في أداء الأفراد عندما يشعرون أنّهم محطّ اهتمامٍ أو مراقبةٍ، إذ تمّ اكتشاف هذا التّأثير من خلال تجارب أُجريت بين عامي 1924 و1932 في مصنع هاوثرن في شيكاغو. والهدف من التّجارب كان في الأصل دراسة تأثير ظروف العمل المختلفة -مثل: الإضاءة- على الإنتاجيّة، لكن الباحثين لاحظوا أن العاملين كانوا يزيدون من إنتاجيّتهم بغضّ النّظر عن التّغيّيرات الّتي تُجرى، فقط لأنّهم شعروا بالاهتمام.

تطبيقات تأثير هاوثرن في عالم الأعمال

• تعزيز الإنتاجيّة: يثبت تأثير هاوثرن أنّ إظهار الاهتمام بالموظّفين وتحفيزهم يُمكن أن يزيد من إنتاجيّتهم. لذا، أصبح الاهتمام برفاهيّة العاملين جزءاً لا يتجزّأ من استراتيجيّات إدارة الموارد البشريّة.

• التّدريب والتّطوير: عند تنفيذ برامج تدريبيّةٍ أو تقييماتٍ، قد يُظهر الموظّفون تحسّناً مؤقّتاً في الأداء، ويمكن للشّركات استغلال هذا التّحسّن المؤقّت كفرصةٍ لتعزيز التّحفيز طويل المدى.

• فهم السّلوك البشريّ: يفيد تأثير هاوثرن في تحليل كيفيّة تفاعل الأفراد مع بيئات العمل المختلفة، ممّا يساعد على تصميم برامج عمل مرنةً تُلبّي احتياجات العاملين وتزيد من رضاهم.

انتقادات مفهوم تأثير هاوثرن

• تأثير محدود: يرى بعض الباحثين أنّ التّحسّن النّاتج عن تأثير هاوثرن يكون مؤقتاً فقط، حيث يعود الأداء لمستوياته الطّبيعيّة بمجرّد أن يعتاد الأفراد على المراقبة.
• نقص في الأدلّة التّجريبيّة: رغم شعبيته، إلّا أنّ هناك انتقاداتٍ حول منهجيّة التجارب الّتي أدّت إلى صياغة المفهوم، حيث يرى البعض أنّها قد لا تكون كافيةً لدعم تعميم الفكرة.

تأثير هاوثرن ليس مجرّد ظاهرةٍ عابرةٍ، بل درسٌ يُذكّرنا بأنّ الاهتمام الإنسانيّ يمكن أن يكون له تأثيرٌ كبيرٌ على الأداء، سواء في بيئة العمل أو في الحياة اليوميّة، إذ يبقى الاهتمام عنصراً حاسماً لتحقيق التّميّز.