تجاهل قاعدة الانتظار: اشرب قهوتك الأولى متى تشاء
أبحاثٌ جديدةٌ تكشف لا حاجة لتأخير فنجان القهوة الصباحي للهروب من إرهاق الظهيرة.
أظهرت مراجعةٌ شاملةٌ لـ 127 دراسةٍ مختلفةٍ -نُشرت في المراجعة السّنويّة للتّغذية- أنّ القهوة تُقلّل من خطر الإصابة بالسّرطان بنسبةٍ تصل إلى 20%، كما تُقلّل من خطر الإصابة بمرض السّكري من النّوع الثّاني ومرض باركنسون. هذا وقد أظهرت دراسةٌ نُشرت في مجلّة Circulation أنّ القهوة تُقلّل من خطر الإصابة بالسّكتة الدّماغيّة بنسبة 20%. فيما وجدت دراسةٌ شاملةٌ أُجريت على أكثر من 260 ألف شخصٍ من المعاهد الوطنيّة الأمريكيّة للصّحة، أنّ الأشخاص الذين يشربون أربعة أكوابٍ أو أكثر من القهوة يوميّاً هم الأقلّ عرضةً بنسبة 10% تقريباً للشّعور بالاكتئاب من أولئك الذين لم يشربوا القهوة.
قد تجعلكَ القهوة أيضاً أكثر ذكاءً، في حين أظهرت بعض الدّراسات أن تناولَ الكافيين قبل تكوين ذكريات جديدةٍ ليس له تأثيرٌ يُذكر، إذ وجدت دراسة نُشرت في مجلة Nature Neuroscience أن تناولَ الكافيين بعد التّعلّم يُحسّن من استرجاع الذّاكرة حتى 24 ساعةٍ، بعد ذلك كشفت الدّراسة أنّه من المنطقيّ أن تشربَ القهوة لتنشيط يومكَ. فالقليل من القهوة في نهاية اليوم يُساعدكَ على تذكّر ما تعلّمته في ذلك اليوم بشكلٍ أفضل؟ ومن المنطقيّ أيضاً شرب القهوة للاستفادة من فوائدها الصّحيّة الواضحة.
لكن في بعض الأحيان هناك أمورٌ لا منطقيّة، مثل: أن تعتقدَ أنّه يجب عليك الانتظار ساعةً أو ساعتين قبل شرب فنجانكَ الأّول من القهوة. إذ يُوصي العديد من الأشخاص -بمن فيهم أخصائيّة التّغذيّة هيوستن نوبيان غاتلين- بالانتظار، فتقول غاتلين: "تساعدنا القهوة على الاستيقاظ، ولكنّني غالباً ما أوصي بتأخير شرب القهوة لأوّل مرّةٍ حتّى ساعةٍ أو ساعتين بعد الاستيقاظ من النّوم، وبهذه الطّريقة يكون لدى الجسم فرصة للاستفادة من مصدر الطّاقة الخاص~ به أوّلاً".
يبدو ذلكَ معقولاً. ومع ذلك، تُظهر الأبحاث العلميّة خلاف ما ذكر. خذ على سبيل المثال، الشّعور بالتّعب في فترة ما بعد الظّهر، وإليك تحليلٌ شاملٌ لأكثر من 200 دراسةٍ نُشرت مؤخّراً في مجلّة الجمعيّة الدّوليّة للتّغذية الرّياضية حول استهلاك القهوة:
لا يوجد أيّ دليلٍ على أنّ تناولَ الكافيين بعد الاستيقاظ من النّوم مباشرةً يُسبّب انخفاض الطّاقة في فترة ما بعد الظّهر، أو أنّ تأخيرَ تناول الكافيين في المقام الأوّل قد يمنع حدوث ذلك.
ضع في اعتباركَ أيضاً الادّعاء المخيفَ بأنّ الكافيين يُسبّب الجفاف، فحتّى الجفاف الخفيف يُمكن أن يُضعفَ التّركيز، ويُبّطئ توقيت ردّ الفعل، ويُؤثّر سلباً على الذّاكرة قصيرة المدى، بل ويُؤثّر على الحالة المزاجيّة. وفي حين أنّ الجفافَ هو بالتّأكيد مصدر قلقٍ، إلّا أنّه لا علاقة له بشرب القهوة في الصّباح الباكر. فوفقاً للتّحليل:
يبدو أنّ معدلّ التّعرق واستراتيجيّات التّرطيب والوراثة تؤثّر على حالة الترّطيب أكثر من مجرّد القواعد المنطقيّة لتناول الكافيين، فقد تكون التّأثيرات المُدرّة للبول ضئيلةً أو غير موجودة. ومع ذلك، فإنّ تناول كميّةً كافيةً من السّوائل يمنع التّأثيرات الضّارة على توازن السّوائل.
نعم: الكافيين له تأثيرٌ خفيفٌ كمدّرٍ للبول، لكن محتوى الماء في القهوة يُعوّض هذا التّأثير حتّى حوالي خمسة أكوابٍ في اليوم. وماذا عن فكرة "تحتاج إلى إعادة التّرطيب قبل شرب القهوة؟" نعم ولا. فماذا يعني ذلك؟
الأمر بسيطٌ: اشرب فنجانكَ الأوّل متى شئت، ولكن إذا كنت ترغبُ في الانتظار لأنّك تشعر بأنّ مستويات الأدينوسين لديك مستمرّة في الارتفاع، وهذا الارتفاع يجعل دماغك أكثر استجابةً لتأثيرات الكافيين، فافعل ذلك. أمّا إذا كنت ترغبُ في شرب كوبٍ واحدٍ فقط في البداية؛ لأنّك تشعر باليقظة والنّشاط، فافعل ذلك أيضاً.
ففي نهاية المطاف، إنّ توقيت أوّل فنجان قهوة لك يشبه توقيت استيقاظك في الصّباح. وكما يقول آدم غرانت: "أكثر النّاس نجاحاً في العالم لا يهتمّون بالوقت الذي يستيقظ فيه الآخرون، فهم يستيقظون ويعملون وفقاً لجدولٍ زمنيٍّ يناسبهم". فما يبدو مناسباً لمن يستيقظون مُبكّراً قد لا يكون مناسباً لك، فالنّجاح يتعلّق بما تحقّقه -وبنفس القدر من الأهميّة- كيف تختار تحقيقه.
فهل ستشعر بتحسنٍ إذا انتظرت؟ هل ستشعر بتحسنٍ عند صب كوبٍ على الفور؟ يقول العلم إنّ ذلك لا يهمّ، فقط افعل ما تعتقدُ أنّه الأفضل لكَ.