4 كلمات سامة يجب تجنبها في الأدوار القيادية
عبارات لا تبدو سيئة في ظاهرها، ولكنّها تُوّلد مشاعر سلبية في نفوس الموظفين
بوصفنا قادةً، فإنَّ ما نقوله من كلماتٍ وعباراتٍ من شأنه أن يقول عنَّا الكثير ويميَّزنا عن نظائرنا بالفعل، ففي دراسةٍ حديثةٍ أجرتها منصَّةُ Mattersight المتخصِّصة في التَّحليلات السُّلوكيَّة، تمَّ تحليل مقاطع مدتها عشر دقائق من الخطابات العامَّة لعددٍ من القادة المرموقين، وإثر ذلك استخدمت الدِّراسة نموذج التَّواصل القائم على اللُّغة أو PCM، لفكِّ شيفرة شخصيَّات هؤلاء القادة البارزين. [1]
على الرَّغم من أنَّ PCM يحدِّد ستَّ شخصيَّاتٍ متباينةٍ، إلّا أنَّ الشَّخصيَّة الأبرز هي المتواصل، ووفقاً للتقرير يتبع 30% من الأفراد، بمن فيهم ماريسا ماير، الرَّئيس التَّنفيذيّ السَّابق لشركة Yahoo، نهجاً يركِّز بشكلٍ طبيعيٍّ على الرَّوابط الإنسانيَّة.
تقول ميليسا مور، موظَّفة الشُّؤون الشَّخصيَّة في Mattersight: "المتواصلون هم أشخاصٌ مهيؤون فطريَّاً لإدراك العالم من خلال زاوية المشاعر، والحالات النَّفسيَّة، والعلاقات الإنسانيَّة". ومن بين الكلمات والتَّعبيرات التي يفضِّلها هؤلاء القادة هي كلمة "أفضل"، و"الشُّعور"، و"بالغ اللُّطف"، إذ يُظهرون اهتماماً بالجانب الإنسانيّ لمكان العمل، وهو توجُّه يكتسب شعبيَّةً متزايدةً في عالم القيادة.
في مجال التَّواصل، يمكن أن يكونَ ما نختار عدم قوله مهمِّاً بقدر الذي نقوله، وبالنِّسبة للقادة الرَّاغبين في التَّركيز أكثر على الجانب الإنسانيّ، هناك مجموعةٌ من الكلمات والعبارات التي ينبغي تجنُّبها:
-
"أنا"
"أنا أتطلَّع إلى هذا التَّقرير"، أو "كانت توقُّعاتي أنا أعلى" أو "أنا أرى أنَّ هذا هو الخيار الأمثل لنا". عندما يتحدَّث القائد عن ذاته بتكراره استخدام كلمة "أنا"، فإنَّه يحوُّل الانتباه والاحتياج إلى شخصه، وتبيَّن ستيسي هانكي، مؤلّفة كتاب Influence Redefined، أنَّ هذا من شأنه أن يُعطي انطباعاً بأنَّ القائد ينخرط في حوارٍ داخليٍّ، بعيداً عن تفاعلٍ حقيقيٍّ مع فريقه.
بينما يتَّخذ أسلوب حديث القادة الذي يهتمُّون اهتماماً حقيقيَّاً بأعضاء فريقهم طابع الشُّموليَّة، فهم يفضِّلون استخدام كلمات مثل "نحن" و"فريقنا"، ما يؤكّد للجميع أنَّهم عنصرٌ لا يتجَّزأ ومهمُّ في الهيكل العام للمؤسَّسة، وبهذه الطَّريقة لا يشعر الأعضاء بأنَّ مهمتهم هي مجرَّدُ إرضاء قائدهم، بل يرون أنفسهم شركاء فاعلين في تحقيق أهداف الشَّركة.
شاهد أيضاً: فنّ القيادة المرتدة: كيف يكون القائد مثلاً أعلى لموظفيه؟
-
"حاول"
لا بدَّ أنَّك سمعت بالجملة الشَّهيرة ليودا التي تقول: "إمَّا أن تفعل أو لا تفعل، فلا مكان للمحاولة"، وتفسير ذلك أنَّ كلمة "حاول" تفتقر إلى الحسم وتنطوي على نفحةٍ من الشَّكّ، فمثلاً حين يخاطب القائد أحد موظَّفيه قائلاً: "حاول أن تُقدِّم لي ذلك التَّقرير بحلول يوم الجمعة"، فمن شأن ذلك أن يُوحي بعدم الثّقة في إمكانيَّات الموظَّف، ما قد يُثير لديه مشاعر عدم التَّقدير.
ويؤكّد آرت بارتر، الرئيس التنفيذيّ لمركز تأهيل الموظَّفين Servant Leadership Institute، أنَّ استخدام القائد لهذه الكلمة حيال أفعاله الخاصَّة يحمل الضَّرر ذاته، ويقول بارتر: "توفِّرُ 'حاول' للقادة ذريعةً للتَّهرُّب من التزاماتهم".
عندما يقول القائد: "سأحاول تنسيق وقت للقائك"، فهو يلمِّح منذ البداية إلى أنَّ اللِّقاء على الأرجح لن يتمّ، ومع أنَّ هذا قد يخفِّف من شعور القائد بالذَّنب، إلَّا أنَّه يعكس للموظَّفين شعوراً بأنَّهم لا يحظون بالتَّقدير الكافي.
أمَّا البديل المفضَّل فهو "دعونا نفعل ذلك"، شركتي التي تدعى Come Recommended، يعمل فيها الموظَّفون عن بعد، وفي مثل هذه البيئة، يُعدُّ التَّواصل الواضح مع الفريق ضروريَّاً لإظهار التَّقدير لهم، وعلى سبيل المثال إذا طلب منِّي أحد الموظَّفين الحديث، أوضِّح لهم جدولي الزَّمنيّ خلال اليوم وأُظهر تقديري لوقتهم بقولي: "دعونا نحدِّد وقتاً في فترة بعد الظُّهر"، وهذا من شأنه أن يُنمِّي روح التَّعاون، بغضِّ النَّظر عن الظُّروف، وحتَّى إن لم نتمكَّن من التَّحدُّث إلَّا في اليوم التَّالي، كلانا يشعر بأنَّه جزءٌ من سيرورة العمل.
شاهد أيضاً: أتريد إلهام فريقك؟ 5 عبارات تشجيعية يجب أن تكون دوماً على لسان كل قائد
-
"أنت دائماً كذا" أو "أنت أبداً كذا"
يؤدِّي استخدام الكلمات المطلقة في الحديث إلى تصنيف الموظَّفين ضمن فئاتٍ ثابتةٍ، دون النَّظر إلى طبيعة تكوينهم وأحوالهم المتغيَّرة كبشرٍ، وهذا غالباً ما يضعهم في موقع الدِّفاع عن النَّفس.
ويعقِّب مايك واجنر، الرَّئيس التنفيذي لشركة Target Freight Management النَّاشطة في مجال الشَّحن على هذا بقوله: "حتَّى في الحالات التي يتكرَّر فيها سلوكٌ معيَّنٌ يُفضِّل تجنُّبه، أنا على يقينٍ بأنَّ هذه الصِّيغة من التَّعبير لن تكون مفيدةً".
حتَّى عند استخدام هذه العبارات بنيَّةٍ إيجابيَّةٍ، فإنَّها لا تخلو من الضَّرر، فمثلاً عند قولك لأحد موظَّفيك: "أنت دائماً تُبدي أداءً متميَّزاً"، فقد يبدو هذا تعبيراً عن التَّقدير، لكنَّه في الواقع يفرض ضغطاً لا مبرِّر له عليه، وبذلك يبدأ شعور القلق بالتَّسلُّل إلى نفسه ليخبره من أنَّ خطأً واحداً قد يجرِّده من قيمته.
وبدلاً من ذلك، من الأفضل الاعتراف بالأخطاء والإنجازات في إطار اللَّحظة الرَّاهنة، وقدَّم ملاحظاتٍ محدَّدة للموظَّفين بناءً على ما أنجزوه في موقفٍ معينٍ، فهذا سيوضّح لهم أنَّ تلك الملاحظة تستندُ إلى أفعالهم الفرديَّة، وليس على تصوُّرٍ شاملٍ عنهم كأشخاصٍ.
شاهد أيضاً: أتريد أن تصبح قائداً متميزاً؟ إليك هذه النصائح الأربعة
-
"كلُّ شيءٍ مثاليّ"
عندما توجد مشكلاتٌ داخل الشَّركة، فلا يخفى ذلك عن الموظَّفين، بل يكونون واعين تماماً لوجودها؛ لذلك عندما يصرُّ القائد بابتسامةٍ بأنَّ "كلَّ شيءٍ مثاليٌّ"، فهم يعرفون أنَّ هذا بعيدٌ عن الحقيقة.
مولي موير، التي تشغل حاليَّاً منصب رئيس الطَّاقم في شركة Arcules المتخصِّصة في المراقبة بالفيديو، شهدت مثل هذه المواقف في تجربة عملٍ سابقةٍ، حيث كان يُجري تجميل صورة الواقع في عيون أعضاء الفريق، إذ تقول: "هذا يُثير التَّساؤل حول ما هي الحقيقة الكاملة، ولماذا لم يكن القائد مستعدِّاً لمشاركة الواقع بشفافيَّةٍ وصدقٍ مع الفريق".
على الرَّغم من أنَّه ليس من الضَّروري أن يُخبر القادة موظَّفيهم بكلِّ التَّفاصيل، لكن مع ذلك عليهم تحرّي الصِّدق، حتَّى عند نقل الأخبار غير السَّارة، سواءً كان ذلك بسبب خسارة عميلٍ أو تسريح موظَّفٍ، إذ يجب أن يكون أعضاء الفريق على علمٍ بما يحدث فعليَّاً، ويشاركون في وضع استراتيجيَّات لتحسين سير العمل.
وبالنِّسبة لي، فإنِّني واثقٌ بأنَّ فريقي لا يمتلك القدرة على التَّعامل مع التَّحدِّيات فحسب، بل هم أيضاً شركاء فعّالون في التَّصدّي للمشكلات واستكشاف الحلول.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.