التواصل الفعّال يبدأ بالتخلّص من هذه الكلمات القاتلة للثّقة
غيّر من أسلوبك في الحديث لتضمن نتائج إيجابية، وابدأ بتجنّب العبارات التي تُعقّد الحوار دون داعٍ
التّواصل الفعّال ليس مجرّد مهارةٍ إضافيّةٍ، بل هو أساس النّجاح في الحياة الشّخصيّة والمهنيّة. ومع ذلك، قد تتفاجأ بأنّ هناك كلماتٍ صغيرةً قد تضعف هذا التّواصل، حتّى لو بدت غير مؤذيةٍ. هذه الكلمات، الّتي نستخدمها يوميّاً دون وعيٍ، قادرةٌ على هدم الثّقة، تعطيل الحوار، وإعاقة التّفاهم. وفي هذا المقال، سنكشف عن ثلاث كلماتٍ شائعةٍ تعتبر أعداءً للتّواصل الفعّال، مع استراتيجيّاتٍ لاستبدالها بعباراتٍ أكثر إيجابيّةً وبناءً.
1. "لكن"… الكلمة الّتي تلغي ما قبلها
عندما نقول كلمة "لكن"، غالباً ما تأتي لتناقض أو تلغي ما قيل في بداية الجملة. فهي تشعر المتلقّي بأنّ كلّ ما سبقها من كلامٍ إيجابيٍّ أو مشجّعٍ قد تمّ إبطاله.
على سبيل المثال: "عملك كان رائعاً، لكنّ التّقرير بحاجةٍ إلى تحسيناتٍ". وفي هذه العبارة، يختفي أثر التّقدير لأنّ كلمة "لكن" تركّز على النّقد وتقلّل من قيمة المديح السّابق.
حسنا، لماذا تعتبر مشكلةً؟ ببساطة لأن المتلقّي يترجم كلمة "لكن" إلى رسالةٍ مخفّيةٍ تقول: "تجاهل كلّ شيءٍ جيّدٍ قلته لك؛ الآن يأتي النّقد الحقيقيّ". وبالتّالي، يشعر بالإحباط وربّما يفقد حماسه للتّطوير.
ما الحلّ هنا؟ استبدل "لكن" بـ"و"، أو أعد صياغة الجملة لتكون أكثر انسجاماً وإيجابيّةً. مثل: "كان عملك رائعاً، وأعتقد أنّه يمكننا تحسين التّقرير ليكون أكثر دقّةً". بهذا الأسلوب، يتمّ تقديم الملاحظات بشكلٍ بنّاءٍ دون إلغاء الجوانب الإيجابيّة.
2. "سأحاول
كلمة "حاول" تبدو وكأنّها تعكس مرونةً أو نيّةً جيّدةً، ولكنّها في الحقيقة تضعف الالتزام، وتعطي انطباعاً بالتّردّد. فعندما تقول "سأحاول"، فإنّك تترك للآخرين شكوكاً حول مدى جدّيّتك.
وعلى سبيل المثال: "سأحاول إنهاء العمل بحلول الغد". حيث توحي هذه العبارة بأنّ إكمال العمل ليس أولويّةً لديك، وقد تعطي انطباعاً بعدم المصداقيّة.
لم تعدّ هذه الكلمة مشكلةً؟ لأن كلمة "حاول" تعطيك مخرجاً سهلاً للفشل دون تحمّل المسؤوليّة. كما أنّ الآخرين قد يفقدون ثقتهم في وعودك إذا استمررت باستخدام هذه العبارة.
والحلّ هنا، استبدل "حاول" بكلمةٍ أكثر قوّةً والتزاماً مثل "سوف". مثل: "سأنهي العمل بحلول الغد". بهذا التّعبير، تظهر أنّك ملتزمٌ بتحقيق الهدف، ممّا يعزّز مصداقيّتك. كما قال الشّخصيّة الخياليّة "يودا" في "حرب النجوم" (Star Wars): "افعل، أو لا تفعل. لا وجود للمحاولة".
3. "لا أستطيع"
غالباً ما تفسّر عبارة "لا أستطيع" على أنّها "لن أفعل"، ممّا يعطي انطباعاً سلبيّاً عن موقفك تجاه المهامّ أو التّحدّيات. حتّى لو كنت صادقاً في عدم قدرتك على أداء المهمّة، فإنّ استخدام هذه العبارة يغلق الباب أمام أيّ فرصةٍ للحلّ أو التّعاون.
ومثالٌ على ذلك: "لا أستطيع إنهاء المشروع اليوم". إذ تبدو هذه العبارة وكأنّك ترفض المشاركة، ممّا يقلّل من رغبة الآخرين في تقديم الدّعم. وتعتبر كلمة "لا أستطيع" مشكلة؛ لأنّها تظهر عجزاً دون محاولة تقديم بديلٍ أو إظهار رغبةٍ في التّعاون، ممّا يضعف صورتك أمام الآخرين.
والحلّ، بدلاً من التّركيز على ما لا يمكنك فعله، ركّز على ما يمكنك تقديمه أو اطلب المساعدة بوضوحٍ. على سبيل المثال: "لست واثقاً من أنّني أستطيع إنهاء المشروع بمفردي اليوم، ولكن يمكنني إكماله إذا حصلت على مساعدةٍ إضافيّةٍ". حيث يظهر هذا النّهج نيّةً صادقةً للعمل والتّعاون، حتّى مع وجود تحدّياتٍ.
قد تبدو الكلمات "لكن"، "حاول"، و"لا أستطيع" غير ضارّةٍ، ولكنّها تلقي بظلالها على جودة تواصلك. وعندما تستبدلها بعباراتٍ أكثر إيجابيّةً والتزاماً، فإنّك لا تحسّن من قدرتك على إيصال أفكارك فحسب، بل تغيّر أيضاً الطّريقة الّتي ينظر بها الآخرون إليك. لأن التّواصل النّاجح لا يعني فقط الحديث بلغةٍ واضحةٍ، بل اختيار الكلمات بعنايةٍ لتكون أداة بناءٍ، وليس هدماً.
وفي المرّة القادمة الّتي تجد نفسك تقول إحدى هذه الكلمات، خذ لحظةً للتّفكير وأعد صياغة عبارتك. ستدهش من تأثير هذه التّغييرات الصّغيرة على علاقاتك، سواءٌ في العمل أو الحياة اليوميّة.