تخطيط الخلافة: استراتيجياتٌ لتأمين انتقال سلس وفعال للقيادة
عندما يأتي اليوم الذي تضطر فيه لترك منصبك، سيساعدك تطوير خطة الخلافة المبكرة في ضمان نجاح واستمرارية عملك
عندما تبدأ عملاً تجاريّاً، يصبح كطفلك: تعتني بهِ، تشاهدهُ ينمو، وتساعد في تطويرهِ إلى شركةٍ ناجحةٍ ومزدهرةٍ. ولكن بالنّسبة للبعضِ، يأتي وقتٌ لترك عملكَ ومشاهدتهِ يزدهر تحت إدارةٍ مختلفةٍ. سواءً كان ذلك يعني مجرّد التّراجع عن العمليّات أو بيع العمل نهائيّاً، عليك أن تنفصلَ عن الأعمالِ اليوميّة، ولفعل ذلك بنجاحٍ، تحتاج إلى خطّة خلافةٍ متينةٍ. [1]
أخرج نفسك من المعادلة
بدأتُ أول عملٍ لي في المدرسة الثّانوية، وعملتُ عليه خلال الكليّة، وكان لديّ الكثير من نفسي مستثمراً في هذه الشّركة لدرجةٍ أنّها كانت تقريباً جوهر هويتي في ذلك الوقت. لذا، عندما قررتُ التّراجع من كوني رئيساً إلى مجرّد مالكٍ، كان الأمرُ صعباً.
لجعل الانتقال سلساً، كان عليّ التّفكير في مستقبلي بعيداً عن مستقبل شركتي. لهذا أقول إنّ الخطوةَ الأولى في أيّ خطّةِ خلافةٍ هي فصلُ نفسك وإدراكُ أنّك بينما قد تقود الشّركة، أنت لست الشّركة.
اعثر على خليفةٍ
الخطوةُ التّالية هي إيجاد خليفةٍ، بالنّسبة لي، كان الأمرُ سهلاً نسبيّاً: أوّل مكانٍ نظرتُ إليه كان مدير العمليّات لدينا، الذي كان في الشّركة لأطول فترةٍ وكان في الواقع أوّل موظّفٍ لدينا. كان يعرف كلَّ شيءٍ عن العمل، باستثناء ما كنتُ أعرفه، وعندما سألتُه عن مكان رؤيته لمستقبله، قال إنّه يودُّ أن يكون في المكان الذي كنتُ أجلس فيه.
الآن، أدركُ أنّ ليس كلُّ شخصٍ سيجد الخليفة المثاليَّ في شركته بالفعل، ولكن لمجرّد أنّك لا تستطيع العثورَ على شخصٍ بسهولةٍ لا يعني أنّك لا تستطيع المغادرة. وظّف من الخارج أو ابحث بعمقٍ أكبر في شبكتكَ، حتى لو استغرق البحث عاماً، فهو أفضل من ترك شركتكَ بدون توجيهٍ.
وثّق للانتقال
بعد أن وجدتَ الشّخص الذي تبحث عنه، لا يمكنك المغادرة مباشرةً، بل عليك أن تعدَّه لملء حذائك. أوّلُ شيءٍ فعلتُه كان اتّخاذُ نهجٍ مبنيٍّ على الزّمن لسرد جميع مهامي ومسؤوليّاتي. فبدأتُ بالأشياء اليوميّة، قبل توثيق مهامي الأسبوعيّة، مثل: القيام بالرّواتب أو مراجعة البيانات الماليّة، ثمّ نظرتُ إلى واجباتي الشّهريّة، مثل: اجتماعات البائعين، وبعد ذلك إلى مسؤوليّاتي الرّبع سنويّة، مثل: تقديم الضّرائب الرّبع سنويّة. أخيراً، وضعتُ كلَّ مشاريعي السّنويّة، مثل: التّخطيط الاستراتيجيّ والاستراتيجيّة الضريبيّة الشّاملة.
بعد ذلك، مررتُ برسائلِ بريدي الإلكترونيّ المرسلة، قد يبدو هذا مملّاً بعض الشّيء، ولكنّه سجّلٌ سهلٌ لجميع المراسلات التي تفاعلتُ معها فعليّاً، حتى أتمكّن من رؤية الاتّصالات التي يجب تحديد أولويّاتها. كما يظهر ما أرسلتُه بنفسي، حتى يتمكّن خليفتي من رؤية المكان الذي كنتُ أبحث فيه عن عملاءٍ محتملين.
بعد مراجعة البريد الإلكتروني، نظرتُ إلى العام الماضي في تقويمي. نعم، عامٌ كاملٌ، بعض الأشياء تحدث في دورةٍ سنويّةٍ، وإذا كنت تريد حقّاً التخطيط لخلافةٍ فعّالةٍ، يجب أن تكون شاملاً. خذ ملاحظةً عن الاجتماعات ودورك فيها، مكالمات البائعين، محادثات العملاء، أو أيّ شيءٍ يُمكن أن يساعدَ في وضع جميع مسؤوليّاتك. وبمجرّد الانتهاء من ذلك، كان لديّ هذه القائمة الرّئيسيّة الكبيرة لكلّ مهمّةٍ كنت مسؤولاً عنها، والتي شاركتُها مع خليفتي وفريق القيادة.
لن تنتقلَ جميع مسؤوليّاتك مباشرةً إلى خليفتك، كمؤسّسٍ، كان لديّ مجموعةٌ من المهام التي كنتُ دائماً أتحمّل مسؤوليتها. التراجع يتيحُ لي تبنّيَ دورٍ استشاريٍّ يرى أنّ المهامَ الماليّة يمكن أن تذهبَ إلى قائدي الماليّ، أو مهامَ المبيعات يُمكن أن تذهبَ إلى قائدي المبيعات. وسمح لي ذلك بإنشاء خطةٍ لتدريب ليس فقط خليفتي، ولكن أيضاً الأشخاص المجاورين الذين يتولّون بعض المسؤوليّات الجديدة.
شاهد أيضاً: قاعدة وارن بافيت الأولى في التوظيف: هذه الصّفة أهم من الذكاء
تدريبُ خليفةٍ لملء مكانك
لا تتوقّف خلافةٌ ناجحةٌ عند توثيق مسؤوليّاتكَ، بل يجبُ أن يكون هناك عمليّةُ تدريبٍ لخليفتك. كانت مدّةُ التدريب لدينا ستة أشهرٍ، لكن الجدول الزمنيُّ يختلف، وقد يستغرق التدريب ثلاثة أشهرٍ؛ قد يستغرق ثلاثَ سنواتٍ. بغضّ النّظر عن مدّة العمليّة، قم بإنشاء منهجٍ تدريبيٍّ مع تواريخٍ قابلةٍ للقياس لمتى سيتولّى خليفتُك الأدوار المحدّدة.
بدأنا بأشياءٍ صغيرةٍ، مثل: تشغيل الاجتماع الأسبوعيّ للتخطيط أو التحدّث مع البائعين الخارجيّين، ثمّ أسبوعاً بعد أسبوعٍ، شهراً بعد شهرٍ، كان لدينا خطّةٌ للمسؤوليّات التي سيتولّاها. أقترحُ كتابة الخطّة بأكملها حتّى يكون هناك سجّلٌ لمتى سيتولّى خليفتك، ثمّ الالتزامُ بها بقدر ما تستطيعُ.
المضيُّ قدماً
الخطوةُ الأخيرة، وهذه يمكنُ أن تكون صعبةً جدّاً للبعض، هي معرفة ماذا تفعل بوقتك الآن بعد أن أصبح متاحاً. يبدو وكأنّه لديك مشكلةٌ جيّدةٌ، حيث لا يبدو أنّ الرّؤساءَ وأصحابَ الأعمال لديهم وقتٌ كافٍ، ولكن صدّق أو لا، تركُ نفسك بدون شيءٍ للقيام به يُمكن أن يؤدّي إلى تدخّلكَ في عملكَ القديم وإحداث مشاكلَ بعد أنّك من المفترض تركته.
لذا، قبل أن تبدأَ بتسليم الواجبات التّشغيليّة، طوّر بعض الشّغف خارج العمل. قد يكونُ ذلك العمل على عملك التجاريّ القادم، قد يكون السفرُ، قد يكون ممارسةُ "البيكل بول" أو تسلّقَ الصّخور. مهما كان الأمرُ، ستحتاج إلى شيءٍ لملء وقتك حتّى تتمكّن من التّخطيط لفصلك التّالي.
أتمنّى لو كان لديّ خطةٌ معدّةٌ عندما سلّمتُ السيطرة التشغيليّة لعملي الأوّل، والتّجربةُ ألهمت الكثير ممّا نقوم به في شركتي الحاليّة، Trainual، لمساعدة الأعمال اليوم. إذا كنتَ تحاول التّراجع عن العمليّات اليوميّة، فإنّ الخريفَ هو الوقت المثاليُّ لبدء وضع الخطط. العام الجديد على الأبواب، ويمكنك بدءُ عام 2024 بالخطوات الأولى لخلافتك في مكانها، ممّا يمنحك الوقت للتخطيط لمستقبلٍ جديدٍ.