كيف تخدع دماغك لينام سريعاً؟ إليك 3 طرق فعالة
من التّنفس العميق إلى تدوين الأفكار وإعادة ترتيبها، تعرّف على أفضل الاستراتيجيات للاسترخاء والرّاحة بسهولةٍ

قدرتك على توقّع العقبات، ورؤية أهدافك بوضوحٍ، والتّعلّم من أخطائك، ووضع خططٍ مفصّلةٍ من الأسباب الرّئيسيّة الّتي ساهمت في نجاحك كرائد أعمالٍ. ومع ذلك، إنّ نفس العقل المبدع والمشغول الّذي يدفعك نحو التّقدّم قد يتحوّل إلى عائقٍ عندما يحلّ وقت النوم.
ليس من المستغرب أن يجد العديد من المحترفين الطّموحين أنفسهم مستيقظين في سريرهم، منشغلين بإعادة تكرار المشكلات، وتفصيل الأخطاء، وحتّى الدّخول في جدالاتٍ مع أشخاصٍ تخيّليّين. ومع ازدحام الأفكار في ذهنك، يصبح الاستغراق في النّوم تحدّياً حقيقيّاً، فما الّذي يمكن فعله لتهدئة هذا الصّخب العقليّ والحصول على قسطٍ كافٍ من الرّاحة؟
في بعض الأحيان، قد تكون هذه الحالة ناتجةً عن مشاكل نفسيّةٍ تستدعي تدخّل متخصّصين، أمّا إذا كنت تعاني من فرط التّفكير المعتاد النّاتج عن التّعب والإرهاق، فإنّ علم النّفس يقدّم مجموعةً من الاقتراحات الّتي يمكنك تجربتها، ومن بينها: تقنيةٌ مبتكرةٌ تُعرف بـ "إعادة ترتيب الأفكار المعرفيّة".
حيلتان بسيطتان لتهدئة العقل قبل النوم
عندما يمنعك ضجيج أفكارك من النّوم، قد تكون الخطوة الأولى والأبسط هي التّركيز على التّنفّس، إذ إنّ تبطئة وتنظيم تنفّسك بعمقٍ يمكن أن يبعد انتباهك عن الأفكار المتسارعة، ويساهم في تهدئة جسدك وعقلك. واحدةٌ من التّقنيات الموصّى بها في هذا الصّدد هي: طريقة "4-7-8" طريقةٌ بسيطةٌ، لكنها فعّالةٌ لتهدئة الجهاز العصبيّ.
كيف تعمل طريقة 4-7-8؟
- استنشق بعمقٍ عبر أنفك لمدّة 4 ثوانٍ.
- احبس أنفاسك لمدّة 7 ثوانٍ.
- أخرج الزّفير ببطءٍ عبر فمك مع إصدار صوتٍ يشبه الهمهمة لمدّة 8 ثوانٍ.
كرّر هذه الدّورة ثلاث إلى أربع مرّاتٍ، وستشعر بتأثيرها المُهدّئ على جسمك وعقلك. وهنا يصف أندرو وائل، مؤسّس مركز الطّبّ التّكميليّ "بجامعة أريزونا" (University of Arizona)، هذه التّقنية بمهدّئٍ طبيعيٍّ يعمل على تهدئة الجهاز العصبيّ.
إذا وجد أنّ التّنفّس العميق وحده غير كافٍ لتهدئة ذهنك، فقد يكون من المفيد تفريغ تلك الأفكار المزعجة على ورقٍ، فقد يساهم تدوين الأفكار في دفتر يوميّاتك في معالجة المشاعر وإعادة تنظيمها. كما أوضح عالم النّفس الإكلينيكيّ ميكل بروس في مجلّة "سايكولوجي توداي" (Psychology Today)، فإنّ كتابة الأفكار تساعد على التّعرّف على الأنماط السّلبيّة وغير المنتجة وتقدّم استجابةً أكثر إيجابيّةً لها، ممّا يجعل التّعامل مع ضغوط الحياة أسهل، ويؤدّي إلى نومٍ عميقٍ وأفضل.
التقنية القوية: إعادة ترتيب الأفكار المعرفية
على الرّغم من فعّاليّة أسلوب التّنفّس وتدوين اليوميّات، إلّا أنّها ليست حلولاً جديدةً للكثير من الّذين يعانون من مشاكل النوم المزمنة؛ لذلك يتساءل بعضهم: هل يمكن أن يقدّم علم النّفس نهجاً أكثر ابتكاراً ليساعدك على الاسترخاء؟
تشير أبحاث عالم النّفس لوك بودوان في جامعة "سيمون فريزر" (Simon Fraser University) في كندا إلى حلّةٍ جديدةٍ وفعّالةٍ، فبدلاً من محاولة إسكات الأفكار المجهدة عن طريق التّنفّس أو تدوينها، يقترح بودوان توجيه ذهنك نحو أفكارٍ هادئةٍ وممتعةٍ. بمعنى آخر، بدلاً من مقاومة الأفكار المزعجة، يمكنك توجيه عقلك للحديث عن أمورٍ خفيفةٍ تساعد على الاسترخاء.
كيف تعمل تقنية إعادة ترتيب الأفكار المعرفية؟
لا يزال دماغك نشطاً، لكنّه سينشغل بأفكارٍ خفيفةٍ ومريحةٍ بدلاً من الانشغال بالمخاوف اليوميّة، ممّا يساعدك في النّهاية على الاسترخاء والنّوم؛ لذا تعتمد هذه التّقنية على ميل الدّماغ الطّبيعيّ لفقدان السّيطرة التّدريجيّ عندما ينتقل إلى النّوم، ممّا يسمح له بتكوين روابط جديدةٍ وغير متوقّعةٍ، ولتطبيق هذه التّقنية جرّب ما يلي:
- اختر كلمةً قصيرةً عشوائيّةً، مثل: طائرٍ أو بيانو.
- انظر إلى الحرف الأوّل من الكلمة وفكّر في أكبر عددٍ ممكنٍ من الكلمات الّتي تبدأ بهذا الحرف. على سبيل المثال، إذا كانت الكلمة طائراً، قد تستحضر كلماتٍ، مثل: طيفٍ، طموحٍ، طرقٍ، وغيرها.
- وعندما تستنفد الكلمات من ذلك الحرف، انتقل إلى الحرف التّالي من الكلمة الأصليّة، وكرر العمليّة.
من المحتمل أن تنام قبل أن تنتهي من جميع حروف الكلمة. كما أوضح بودوان في مقابلةٍ مع "بي بي سي ساينس فوكس" (BBC Science Focus): "نريد لعقلك أن يتجوّل في مواضيع مختلفةٍ، فذلك ما يحدث بشكلٍ طبيعيٍّ عندما تغفو". وأضاف مبتسماً: "في الوقت الّذي يفعل فيه ذلك، تقلّ الأفكار المتعلّقة بمشاكل مثل الرّهن العقاريّ".
إيجاد الإطار العقلي المناسب للنوم
تعمل تقنية إعادة ترتيب الأفكار المعرفيّة على توجيه عقلك نحو الحالة الذّهنيّة المثاليّة للنّوم، إذ تسعى إلى تخفيف السّيطرة الواعية مع إبقاء الذّهن مشغولاً بشكلٍ خفيفٍ بين الأفكار والصّور، إذ تعتبر هذه التّقنية من الطّرق المنظّمة لتهيئة العقل للنّوم، ولكن يمكن استخدام أيّ تمرينٍ عقليٍّ يبقي عقلك مشغولاً بما فيه الكفاية لتشتيت انتباهك عن هموم اليوم الواقعيّة.
يقترح عالما النّفس الأستراليّان ميليندا جاكسون وهيلي ميكين أن: "تقرّر قبل الذّهاب إلى السّرير ما ستركّز عليه أثناء انتظار النّوم. اختر مهمّةً معرفيّةً مشوّقةً تكون واسعةً بما يكفي لجذب انتباهك، دون أن تثير مشاعر أو نشاطاً جسديّاً مفرطاً". على سبيل المثال:
- إعادة تصميم غرفةٍ في منزلك بخيالك، وتخيّل ألوان الجدران والأثاث الجديد.
- ترديد كلمات أغاني من ألبومك المفضّل أو محاولة تذكّر أكبر عددٍ ممّكن من الأغانيّ.
- تخيّل التّشكيلة المثاليّة لفريقك في مباراةٍ قادمةٍ.، مثلاً: في مباراة نهاية الأسبوع القادمة.
الفكرة هي تحويل الأفكار المركّزة والمجهدة إلى أفكارٍ خفيفةٍ وإبداعيّةٍ، ممّا يساعد على تهدئة العقل وتمهيد الطّريق لنومٍ هانئٍ. فباستخدام هذه التّقنيات البسيطة والمنظّمة، سواءً كان ذلك عن طريق التّنفّس العميق أو تدوين الأفكار أو تقنية إعادة ترتيب الأفكار المعرفيّة، يمكنك مساعدة عقلك على تخفيف التّوتّر والإقلاع عن التّفكير المفرط، ممّا يمهد لك الطّريق نحو نومٍ هانئٍ ومريحٍ.