كيف تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي في المحاسبة
ُُيُمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يُوفر الوقت لرجال الأعمال عندما يتعلّق الأمر بتحديث السجلات المالية؛ لكن لا زالت بعض حواجز الحماية ضرورية لتنفيذه.
بقلم سارة لينش Sarah Lynch، مراسلة
إنّ المحاسبةَ مهمّةٌ مملّةٌ، ولكنّها بالغة الأهميّةِ بالنّسبةِ لأصحاب الأعمال. لكن يُمكن أن تتحسّنَ بمساعدة أدواتِ الذّكاءِ الاصطناعيّ. [1]
لقد قامت منصّات المحاسبة بدمج الذّكاء الاصطناعيّ منذ سنواتٍ، ممّا ساعد في أتمتة تصنيف النّفقات، والكشف عن الأخطاء المكتبيّة، وما إلى ذلك. ولكن انتعاش الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ وشهرة أدوات مثل ChatGPT قد أثار اهتماماً إضافيّاً من أصحاب الأعمال والمحاسبين على حدٍّ سواء: أظهر استطلاعٌ حديثٌ من QuickBooks أن 48% من المحاسبين يخطّطون لـ "استثمارٍ في أدوات الأتمتة والذّكاء الاصطناعيّ خلال الـ 12 شهراً القادمة."
وأصبحت شركات المحاسبة المعروفة الآن تتبنّى تطوّر التّكنولوجيا في المحاسبة أو على الأقلّ تُفكّر فيها. ويتطلّع المحاسبون الطّامحون إلى معرفة المزيد: أطلق مات بونتراغر Matt Bontrager، الشّريك الإداري لشركة المحاسبة تروبوكس TrueBooksفي لاس فيجاس، دورةَ البصمة المحاسبيّة في 22 حزيران يونيو مع تركيزٍ محدّدٍ على الذّكاء الاصطناعيّ. وفي غضون يومين فقط، سجّلَ أكثر من 100 طالب لمعرفة المزيد عن البرنامج، متجاوزين بذلك الهدفَ الأوليَّ.
ويُمكن أن تجلبَ قدرات الذّكاء الاصطناعيّ المتطوّرة قيمةً جديدةً لأدوات المحاسبة وللشّركات الّتي تخدمها. وإليك بعض الفوائد المتعلّقة باستخدام هذه التّقنيّة، وفقاً لشركات المحاسبة التي تبنّتها.
شاهد أيضاً: الذكاء الاصطناعي والإنسان
تُوفّر الوقت
تهدفُ أدوات الذّكاء الاصطناعيّ الحاليّة المتعلّقة بالمحاسبة إلى الحفاظ على سلعةٍ حيويّةٍ لرجال الأعمال وأصحاب الأعمال الصّغيرة، ألا وهي الوقت. على سبيل المثال، تستخدم شركة Xero، وهي شركةُ برمجيّاتٍ محاسبيّةٍ مقرّها نيوزيلندا، الذّكاء الاصطناعيّ لتحليلِ الأرقام وتوقّع التّدفّق النّقديّ للكشف بسرعةٍ عن أيّة مشكلاتٍ مُحتملةٍ. بينما تستخدم شركة Sage Accounting، وهي شركة برمجيّات محاسبيّة مقرّها المملكة المتّحدة، هذه التّكنولوجيا لمساعدة الشّركات الصّغيرة على تتبّع المعاملات غير الطّبيعيّة عند زيادة حجم المعاملات الورقيّة، ممّا يقلّل من الحاجة إلى مراجعةٍ بشريّةٍ مفصّلةٍ لكلّ قيدٍ.
ويُمكن لأدوات الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ الجديدة أن تسرّعَ أكثر في عمليّة المحاسبة، حسبما يقول آرون هاريس Aaron Harris، المدير التّنفيذيّ للتّكنولوجيا في شركة Sage حاليّاً. إذ تمتلكُ Sage مشروعين بالذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ قيد التّنفيذ: أوّلاً، تعتزم Sage تجديد منتجها للبريد الوارد كي تستخدمَ الذّكاء الاصطناعيّ لبدء سير العمل؛ على سبيل المثال، إذا طلب العميل نسخةً من فاتورةٍ عبر البريد الإلكترونيّ، يُمكن لأداة الذّكاء الاصطناعيّ تفسير هذه الرّسالة وإرفاق الفاتورة بالبريد الإلكترونيّ، وانتظار المراجعة البشريّة قبل الإرسال، مما يسرّع عمليّة الاستجابة. ثانيّاً، تُخطّط Sage لدمج مساعدٍ رقميٍّّ في جداول Excel لبيانات المحاسبة للإجابة على أسئلة الشّركات (مثل "ما هو رصيدي النقدي؟") وتقديم التّوجيه. وعلى الرّغم من أنّ المساعدَ في مراحله الأولى، لكن من المتوقّع أن يتمّ إطلاق منتجِ البريد الوارد في الأشهر القادمة.
يوصي بن ريتشموند Ben Richmond، المدير الإقليميّ لـ Xero في الولايات المتّحدة، بأن يفكّر رجال الأعمال الّذين يختبرون أدوات الذّكاء الاصطناعيّ بشكلٍ انتقاديٍّ من أجل زيادة فوائد الكفاءة: "انظر إلى سير العمل لديك. انظر إلى العمليّات: أين تستهلك الوقت؟" من هنا، يُمكن لقادة الأعمال التّعرّف على المجالات الّتي يُمكن أن تتولّى فيها أداة الذّكاء الاصطناعيّ زمام الأمور، وتوفّر الوقتَ للتّركيز على مجالاتٍ أخرى في العمل.
تقديم رؤى أعمق
بالإضافةِ إلى توفيرِ الوقتِ، يُمكن للذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ أن يستثيرَ رؤىً قيّمةً لأصحاب الأعمال من خلال "التّحليلات الوصفيّة أو التّحليلات التّنبّؤية"، وفقاً لمارتن موليادي Martin Mulyadi، أستاذ المحاسبة في جامعة شناندوا. على سبيل المثال، يُمكن أن يحلّلَ خطّ الأعمال الهابط، ويُوفّر بسرعةٍ طبقةً من الرّؤى أعمق مما تُقدّمه الأرقام على المستوى السّطحيّ، حسب قول موليادي.
ويقول جيريمي سولزمان Jeremy Sulzmann، نائب الرّئيس والمدير العام لقسم شركاء QuickBooks في Intui، رغم أنّ الشّركة لا تستطيعُ حتّى الآن أن تكشفَ عن كيفيّة دمج الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ بشكلٍ خاصٍّ، ولكنّه يتوقّع أن تصبحَ هذه التّكنولوجيا أداةً قويّةً في تسهيل "محادثاتٍ أعمق حول ماهيّة المعلومات مقابل المحاولة الفعليّة لإدخال البيانات إلى النّظام أو إخراجها منه."
باختصارٍ، يُمكن أن يُلهم الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ أصحاب الأعمال لاتّخاذ "قراراتٍ فوريّةٍ بثقّةٍ أكبر"، وفقاً لهاريس.
الحاجة إلى التحقق
بينما يشعرُ بعض خبراء المحاسبةِ بالتّفاؤل بخصوصِ إمكانات هذه التّكنولوجيا، يؤكّدون على أهميّة التّحقّق من الدّقّة، خاصّةً عندما يتعلّق الأمرُ بالأمورِ الماليّة. "تخيّل نفسك محاسباً: في المرّة الأولى الّتي يُنتج فيها الذّكاء الاصطناعيّ تحليلاً خاطئاً، ويحوّله إلى بيانٍ ماليٍّ، سيتمّ تدمير الثّقة"، كما يقول هاريس. "المحاسبة دقيقةٌ للغاية، لكنّ الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ ليس كذلك".
لهذا السّبب، في ربع السّنة الفائت، قدّمت Sage خمس براءات اختراع تتعلّق بالذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ، منها أربعة تتعلّقُ بمنع الهلوسات أو النّتائج الّتي لا تتوافقُ مع "مدخلات العالم الحقيقيّ" في بيانات المحاسبة، حسب قول هاريس.
ويشعرُ موليادي أيضاً بالقلق بشأن "نقص المعرفة بالذّكاء الاصطناعيّ" في المجالات المهنيّة. وهو يشيرُ إلى مثالٍ حديثٍ عن محامٍ في نيويورك قدّم ملفاً في محكمة فيدراليّة باستخدام ChatGPT، ممّا أسفرَ عن تقديم المستند مليئاً بالقضايا الّتي لا وجودَ لها.
إنّه يعتقدُ أنّ الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ ما زال بحاجةٍ للاقتران مع المراجعة البشريّة، خاصّةً في مجال المحاسبة. لذلك يقول "يُمكننا الثّقّة، ولكن بعد ذلك نحتاجُ إلى التّحقّقِ".