تعزيز عقلية النمو: استراتيجيات لتحقيق النمو الشخصي والمهني
لطالما كان ينظر إلى الأشخاص الناجحين كظاهرة فريدة وُلدوا ليصبحوا قادة ملهمين. ولكن، في الحقيقة، يكمن السر في النجاح على الصعيدين الشخصي والمهني في عقلية النمو. فقد التزم هؤلاء الناجحون بمسار التعلم المستمر الذي يقوده الدافع الذاتي والانضباط والمثابر
أوداي راثود، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة توتل
تغيير قواعد اللعبة!
يكمن تعزيز عقلية النمو من خلال تغيير نظرة المرء خلال رحلته لتحقيق النمو الشخصي أو التميز المهني. كما أنها طريقة جديدة في التفكير والنظر إلى التحديات كفرص لتحسين القدرات. حيث ينصب التركيز على التطوير والتعلم والقدرة على التكيف أكثر من التركيز على الأهداف. وأفضل ما يميز هذه الطريقة أنها تتم داخل عقل الشخص. كل ما هو مطلوب هو طريقة تفكير مستعدة للتغيير تساعد على اجتياز التحديات وتوجيه المسار المهني والشخصي نحو آفاق نمو لا نهاية لها.
وبحسب عالمة النفس الأمريكية الشهيرة كارول دويك يعرف مفهوم عقلية النمو بأنه "الاعتقاد بإمكانية تطوير قدرات الفرد وذكائه من خلال الجهد والتعلم والمثابرة". كما أنها منطقة آمنة لا مكان فيها للشعور بعدم تقدير الذات، وحيث ننظر إلى الأخطاء على أنها فرص للتعلم. كما يكمن المفهوم في الاعتقاد بأن المواهب والقدرات يمكن تطويرها من خلال العمل الجاد والاستراتيجيات الجيدة دون ادعاء الوصول إلى الكمال.
تطوير عقلية النمو
يمكن من خلال بذل الجهد والمواظبة – جعل عقلية النمو رحلة تستمر مدى الحياة. حيث يمكن لأشياء بسيطة مثل الكلمات التي تعزز تقدير الذات أن تكون ذات تأثير كبير على تحقيق النمو. كما تسهم هذه الحالة الذهنية في بناء الذات وتوجيه السلوك لتحقيق الأهداف. حيث تتجاوز عقلية النمو الوعي واللاوعي والواقع لتشكيل المعتقدات الذاتية، مما قد يدفع أو يعيق تعزيز القدرات بشكل شامل. كما أنها تسهم في تعزيز المرونة والمثابرة والابتكار.
يشير هنري فورد في مقولته الملهمة إلى أنه "سواء كنت تعتقد أنك تستطيع، أو لا تستطيع، فأنت على حق". وإذا كان هذا الأمر يؤثر على ما نحققه في الحياة، فلابد من غرسه كقناعة ذاتية منذ بداية الرحلة.
مرة أخرى، إذا أدرك العقل مدى الحاجة إلى تأهيل نفسه لتحقيق لنمو، يغدو الأمر أسهل مما كان متوقعاً. حيث يمكن لهذه الممارسات الراسخة أن تضع طريقة فعالة لتطوير عقلية النمو.
ضبط وضع المستكشف: من المهم أن تكون فضولياً وتبحث عن تجارب جديدة لتعزيز حب التعلم والنمو. فهذا من شانه يفتح آفاقاً جديدة من الفرص لبناء مهارات جديدة، واكتساب اهتمامات جديدة، والتواصل مع من يتبعون منهجاً مشابهاً. والأهم من ذلك، هو أن تبقي عقلك منفتحاً على تعلم كل ما هو جديد. كما تتضمن عقلية النمو شغفاً باكتساب المعرفة والسعي المستمر لتوسيع الآفاق. حيث يساعد السعي لاكتشاف طرق وهوايات معارف جديدة على التغلب على الأفكار التي تعيق الذات والتركيز على التقدم المستمر.
الفشل كفرصة للتعلم: الفشل هو المعلم ويبقى كذلك طوال الرحلة. الفشل يعني المخاطرة التي تمكننا من إدراك ما هو قابل للنجاح وما هو غير قابل للنجاح. كما يساعد تحديد الفجوات وتحليل ما كان يمكن أن ينجح بشكل أفضل، على ضبط منظور عقلية النمو. حيث يعد الفشل جزء لا يتجزأ من عملية التعلم ويساعد على تعزيز المرونة عند القيام بالمخاطرة ليحولها إلى فرصة لتعلم شيء جديد على الطريق. ولكن، من الضروري حساب المخاطر والتعلم من أخطاء الآخرين. عليك ألا تخشى الخروج من منطقة راحتك وأن تعزز الفضول لتشجيع التعلم بطرق جديدة وشيقة. تعامل مع الفشل على أنه أمر طبيعي وجزء أساسي من عملية التعلم يجب الاستفادة منه كفرصة للتحسين والنمو.
تعزيز إدراك الذات: "الذات" هي البطل في هذه الرحلة وتحتاج إلى كل التعاطف لمساعدتها على تحقيق التغيير الهادف. حدد مجالات النمو والتطور بحيث لا تكون صعبة التحقيق، وذلك من خلال تقدير الوقت ووضع أهداف واقعية يمكن تحقيقها في وقت معقول. الصبر أمر بالغ الأهمية لأن تطوير عقلية النمو هي رحلة وليست غاية بحد ذاتها. وضع في اعتبارك أن الانتكاسات والصعوبات لا بد منها، لذلك فإن الاحتفال بالمكاسب الصغيرة سيحافظ على الزخم ويساعد على إدراك أن النمو الذي يبدو بعيد المنال يحدث بالفعل. عليك ان تثق بالمسار ولا تتوانى أبداً في بذل الوقت والجهد.
عقلية النمو في الذكاء العاطفي والعلاقات: عليك تعزيز مشاعر التعاطف وتفهم الآخرين. تدرك عقلية النمو أن لكل شخص نقاط قوة فريدة ومجالات للتحسين ونقاط ضعف. كما أن طرق التعلم تختلف باختلاف الشخص. وتساعد رؤية الروابط والعلاقات بعقل متفتح على فهم وجهات النظر المختلفة. مما يشجع على التعاون الصحي لتوفير بيئة يزدهر فيها التطور الفردي، على الصعيدين الشخصي والمهني. الأمر الذي يفتح المجال لتكوين شبكة قوية تقدّر النقد البناء، كما تسهم في بعض الأحيان في توفير بيئة تشجع على تكوين علاقة تعلم متبادل.
تساعد الطاقة التي تمتلكها عقلية النمو في التغلب على العقبات وتحويل الفشل إلى نقاط انطلاق نحو تحقيق النجاح. وهي بمثابة القوة الخارقة التي تساعد على التحسين والتطور والتقدم. لذلك ينبغي تطوير عقيلة النمو لتحقيق النمو على الصعيدين الشخصي والمهني، وذلك من خلال المساعدة في بناء علاقات ذات مغزى وتقبل الحياة بكل ما تحمله لنا.