كيف تكتشف ما تريد في عملك أو حياتك بـ3 خطوات بسيطة؟
يُمكن لأبسط التغييرات في تصرفاتنا أن تُغيّر الظروف من حولنا بسرعة كبيرة، ممّا ينعكس على علاقتنا المهنية والشخصية.
هل يمكنكَ أن تُعبِّر بكلماتٍ قليلةٍ عن أهمِّ الأشياء بالنِّسبة لك؟ هل تعرف حقَّاً ما الذي تريده أساساً من عملكَ وعلاقاتكَ؟ تقول خبيرة العلامات التِّجارية بوني وان، التي عملت على حملة "?Got Milk" الشَّهيرة، إنَّ كتابة ملخصٍ إنشائيٍّ لحياتك -حيث تسأل نفسك عمّا تريد حقَّاً- يُمكن أن يساعدكَ في التَّخلُّص من الأمور غير الضَّروريَّة، ما يتيح لك إحراز التَّفوِّق في كلِّ الأمور التي تعدُّ أكثر أهميَّةً بالنِّسبة لك. [1]
في كتابها الجديد "The Life Brief"، تُقدِّم وان طريقةً بسيطةً مؤلّفةً من ثلاث خطواتٍ لمساعدتكَ في اكتشاف ما تريد حقَّاً، ثمَّ تحقيقه، وهي مستوحاةٌ من الملخَّصات الإنشائيَّة التي ظلَّت تكتبها هي وزملاؤها في وكالة الإعلانات Goodby Silverstein & Partners لعقودٍ، وغالباً ما كانت تبدأ العمليَّة بتحديد ماهيّة العلامة التجارية، على سبيل المثال، ملخصٌ إنشائيٌّ يُحدِّد "الشَّغف" كأهمّ صفةٍ في علامة Cheetos.
ألهم ذلك وان لاستخدام صيغةٍ مماثلةٍ لحياتها الشَّخصيَّة بعد أن سألها زوجها سؤالاً بسيطاً وسط نقاشٍ حادٍّ دار بينهما، عمَّا إذا كانت ما تزال مغرمةً به، إذ تقول وان: "كان ذلك بعد 17 عامٍ من الزَّواج، وإنجاب أربعة أطفالٍ، وعلى الأقلِّ تغيير مكان الإقامة ثلاث مرَّاتٍ عبر الولايات"، وعلى الرَّغم من كلِّ ذلك بدأت تكبر الهوة بينهما، وتتابع قولها: "كانت رحلات عملي تأخذني إلى أماكن لم أعرفها من قبل وتنقلني إلى مراحل جديدةٍ، وكان وجودي إلى جانب الأشخاص الَّذين كنت أعمل معهم باعثاً على الشَّغف والحماس، في حين كانت تخيّم على المنزل أجواءٌ مشحونةٌ بالتَّوتُّر والاضطراب".
لذا عندما سألها زوجها ما إذا كانت ما تزال مغرمةً به، كان الجواب الذي طرأ على ذهنها حالاً هو لا! لكنَّها لم تقل ذلك بصوتٍ عالٍ، وتقول: "لقد أثار ذلك الأمر الكثير من التَّساؤلات المربكة في داخلي"، وبعد ذلك بوقتٍ قصيرٍ، سافرت وان من سان فرانسيسكو إلى بوسطن لتقديم عرضٍ لعملٍ جديدٍ، وكان العرض محور اهتمامها بأكمله حتَّى قدَّمته، لكن بعد الانتهاء من ذلك كلِّه، وأثناء عودتها إلى منزلها، وجدت نفسها متفرِّغةً للتَّأمُّل في سؤال الغرام ذاك وماذا يعني، وتقول وان: "لا يمكنني تخيُّل بقية حياتي دون تجربة تلك الرَّغبة المتوقِّدة بداخلي مع شخصٍ آخر"، "ولكن بعد ذلك جاء السُّؤال الأصعب: هل أريد ذلك مع زوجي؟"
وبدأت تطرح على نفسها العديد من الأسئلة الأخرى حول ما إذا كانت تتحوَّل إلى امرأةٍ ناضجةٍ، ولماذا هي محبطةٌ، وما مسمَّى علاقتها بزوجها، ومن تخالها تكون بدونه، إذ تقول: "بعد جهدٍ من الكتابة والتَّساؤلات، وصلت إلى مكانٍ أستطيع فيه الإجابة بـ 'نعم، أريد ذلك بشدِّةٍ". وخلُصت إلى نتيجةٍ مفادها: "أنا مستعدَّةٌ للوقوع في غرام زوجي مرَّةً أُخرى"، وهذا كان الملخَّص.
شاهد أيضاً: كيف يمكن للتفكير كمؤسس شركةٍ ناشئةٍ أن يُحسِّنَ زواجك
وتقول وان إنَّه يمكنك التّوصُّل إلى ملخَّصاتٍ متعدَّدةٍ لجوانب مختلفةٍ من عملك وحياتك، أو في أيّ وقتٍ تواجه فيه سؤالاً أو قراراً صعباً، وإليك كيفيَّة القيام بذلك:
الجأ إلى تقنية التفريغ العقلي يوميّاً لمدَّة أسبوعين
تقول وان إنَّ المرحلة الأولى للتَّوصّل إلى ملخصٍ يتمثِّل في "أن تطلق سراح أفكارك"، وهذا يعني الغوص في عواطفك الشَّخصيَّة والعثور على ذاك الصَّوت الذي بداخلك والاستماع إلى ما يقوله، وإنَّ أسهل طريقةٍ للقيام بذلك -حسب قولها- هي: التَّفريغ العقليّ، أيّ كتابة أفكارك بأيِّ ترتيبٍ دون رقابةٍ ذاتيَّةٍ، وتوصي بتعيّينٍ مؤقَّتٍ لمدَّة 10 دقائق والكتابة دون توقُّفٍ حتَّى ينتهي المؤقِّت، وتقول: "إذا كنت مشغولاً جداً لمدَّة 10 دقائق، جرِّب 5 دقائقٍ، وإذا كنت مشغولاً جداً لمدَّة 5 دقائق، جرِّب 3 دقائقٍ"، فهي بذلك تريد من النَّاس ممارسة أمرٍ "يتعذَّر تبرير عدم القيام به"، أي أنّه سهلٌ وبسيطٌ لدرجة أنَّه لا يوجد عذرٌ لعدم فعله.
لذا يجدر بك ألّا تستسلم لإغراء تخطِّي هذه الخطوة أو التَّسرُّع بها، وتضيف: "في ثقافتنا، لدينا الكثير من الشِّعارات التي تقول مثلاً 'الأفعال أبلغ من الأقوال'، أو 'اطرق الحديد وهو ساخنٌ'"، وفي كثيرٍ من الأحيان، تجد النَّاس يرغبون في الانتقال مباشرةً إلى حيِّز الفعل، ولكن إذا فعلت ذلك، فلن تحصلَ على الفائدة الحقيقيَّة من ملخَّص الحياة.
شاهد أيضاً: الذكاء الروحي.. حين تمتلك القدرة على تغيير حياتك والتأثير بالمجتمع
ابحث عن الأنماط
تقول وان إنَّ المرحلة الثَّانية من العمليَّة تتمثَّل في "الوصول إلى حالةٍ من الصَّفاء الذِّهنيّ"، وتضيف: "بمجرَّد ممارستك للتَّفريغ العقليِّ لمدّة 14 يوماً، ستبدأ الأمور في التَّكشُّف أمامك وستتضَّح رؤيتك"، وبصفتها محلِّلة استراتيجيَّة، تقضي وان في كثيرٍ من الأحيان وقتاً في جمع المعلومات دون أن تعرفَ بعد ما فحواها.
إذ تقول عنها: "إنَّها عبارةٌ فقط عن الكثير من المقابلات والأقاويل والتَّحليلات، ولا يمكنني رؤية الأنماط حتَّى أستطيع وضعها ضمن جدولٍ والنَّظر إليها، يمكنني رؤية خيوطٍ يمكنني سحبها، إنَّنا نفعل الشَّيء نفسه عندما نُجمّع أفكارنا من خلال الكتابة، إذ حينها يمكننا العودة إليها وملاحظة أشياءٍ لم نكن لنلاحظها إذا كانت مجرَّد حلقةٍ تتكرَّر داخل عقولنا فقط".
وتقول وان إنَّه مع تقدُّمك في رؤية تلك الأنماط، ستتمكَّن من الفصل بين الأمور المهمَّة والتَّافهة، وعندما تكتشف ما هو الأكثر أهميَّةً، تنتهي بالإفصاح عمّا يهمُّ أكثر بالنِّسبة لك، "ستبقى مع الأجزاء الرَّئيسيَّة الجديرة بالأهميَّة ولا تقبل التَّفاوض عنها"، وهذا هو ملخَّص حياتك حسب قولها.
وتضيف أنَّه يجب عليك أخذ الوقت للعثور على الكلمات المناسبة، ويجب أن يلهمكَ ملخَّصك ويعطيك ذلك الإحساس بأنَّ الذي أمامك هو الصَّحيح تماماً، ولا يقلُّ ذلك عن استراتيجيَّة العلامة التِّجاريَّة، فوفقاً لوان: "يمكن أن يقتصرَ الفرق بين ملخَّصٍ عاديٍّ وملخَّصٍ محفِّزٍ ومثيرٍ على وجود اختلافٍ في الكلمات وحسب".
شاهد أيضاً: التغيير في العادات اليومية من الممكن أن يغير حياتك
طبّق ما كتبته
تقول وان: "يجب أن تكونَ متحمِّساً لدرجة أنَّه عند قراءة الملخَّص لنفسكَ وإعادة قراءته، لا يمكنك إلّا أن ترغبَ في العمل عليه، وعندما تصل إلى هذه النُّقطة، يصبح التَّطبيق مجرَّد نتيجةٍ فوريَّةٍ لذلك الصَّفاء".
يُمكن أن يكونَ للأفعال الصَّغيرة تأثيرٌ كبيرٌ بصورةٍ مدهشةٍ، فوان مثلاً -فيما يتعلَّق بملخَّص زواجها- بدأت بشكر زوجها على إعداد القهوة في الصَّباح، إذ كان من عادتها أن تمرَّ بسرعةٍ نحو المطبخ، وتأخذ فنجان القهوة الذي أعدَّه زوجها لها، وتمسك بيد طفلها الذي كانت تقلُّه إلى المدرسة، وتستعجل الخروج من الباب، وهي تتحدَّث في هاتفها طوال الوقت في أغلب الأحيان، ولكن عندما وضعت ملخَّص زواجها في اعتبارها، استبطأت ذات يومٍ خطواتها وشكرت زوجها على إعداد القهوة واستدارت نحوه لتبادره بقبلةٍ.
وأخذت تستدعي تلك اللحظات، وتقول: "لا أستطيع وصف تلك النَّظرة التي تبدّت في عينيه، وفي عيني طفلي! وذلك الشُّعور الذي تملَّكني حين ركبت السَّيارة، وفكَّرت... 'كان ذلك في غاية السُّهولة، فلماذا لا أفعل ذلك أكثر؟' لذلك أعادت فعل الأمر يوميَّاً ذاك الأسبوع".
لم تخبر وان زوجها عن الملخَّص، لكنَّ أفعالها كانت تدعوه للردِّ بالمثل، وفعل ذلك، على سبيل المثال، عندما أمسك بيدها في متجر البقالة، وبعد ثلاثةِ أسابيعٍ، قررا الذَّهاب لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في حدائق ريدوود حيث تزوجا، بينما تكفَّلت والدتها بالاعتناء بأطفالهما في المنزل، وهناك، جدّدا عهد الحبِّ بينهما.
شاهد أيضاً: سعادتك في هذه الحياة مرهونةٌ بهذا السؤال
تقول وان: "عندما تصبح واضحاً بما يكفي للإفصاح عن الأمور التي ترغب بها، سيُصرف اهتمامك تلقائيَّاً نحوها"، وبالحديث عن الظُّروف، فهي لم تتغيَّر على الإطلاق، ولكن عندما يحدث تغيُّرٌ على صعيد الأمور التي نوليها اهتمامنا، تتغيَّر أفعالنا تبعاً لذلك، ومن شأن حتَّى أبسط التَّغييرات في تصرفاتنا على صعيد العمل أوفي علاقاتنا مع الآخرين أن تغيَّر الظُّروف حولنا بسرعةٍ كبيرةٍ، وهذا يدعو الآخرين أيضاً للتَّصرُّف بطريقةٍ مختلفةٍ تجاهنا"، وهنا مكمن القوّة في إنشاء ملخَّصٍ لحياتك.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.