دليل المدير التنفيذي لإدارة المهام: تنظيم الأولويات وإنجازها
إذا كانت قائمة مهامك تثقلك وتشعرك بالإرهاق، فإليك كيف يمكنك تحويلها إلى أداة لتحقيق النجاح، وفقاً لما يقوله الخبراء
إذا كنت تشعر بأنّ قائمة المهامّ اليوميّة الخاصّة بك تبدو كفاتورةٍ طويلةٍ لا تنتهي، فربّما تشعر بالارتباك بشأن كيفيّة إنجاز كلّ شيءٍ. ولكنّ، تنظيم المهامّ اليوميّة ليس مجرّد مسألة إنجاز الأعمال؛ بل هو وسيلةٌ لتحقيق أقصى قدرٍ من الإنتاجيّة، ممّا ينعكس على أداء الشّركة بأكملها.
وفي ظلّ المسؤوليّات الكثيرة الملقاة على عاتق المديرين التّنفيذيّين، ويعدّ هذا التّحدّي أكبر لدى قادة الشّركات النّاشئة، الّذين قد يكونون غارقين في العمل لأوقاتٍ طويلةٍ. حيث تشير دراسةٌ أجرتها منصّة "ستارت أب سنابشوت" (Startup Snapshot) في عام 2023، إلى أنّ 59% من المؤسّسين ينامون ساعاتٍ أقلّ منذ تأسيسهم لشركاتهم النّاشئة، بينما يعاني أكثر من الثّلث من الإرهاق.
إذ تتعدّد المهامّ بين تطوير الأعمال، والتّعامل مع موظّفين وعملاءٍ جددٍ، وزيادة الوعي بالعلامة التّجاريّة، ومع ضيق الوقت قد تجد أنّك انتهيت من اليوم دون معرفة ما أنجزته بالتّحديد. لكن مجرّد ملء يومك بالاجتماعات ومتابعة البريد الإلكترونيّ قد لا يكون الطّريقة المثلى لتحقيق الإنتاجيّة. وفي هذا السياق، تقول المدرّبة التّنفيذيّة ليلى بولينغ تاون: "إذا كان شعورك بأنّك تحقّق إنجازاً يتوقّف على امتلاء جدولك بالاجتماعات، فقد تكون مديراً غير فعّالٍ". وإليك كيفيّة إدارة قائمة المهامّ بطريقةٍ فعّالةٍ:
حدّد الأهمّ والأكثر تأثيراً في وقتك
يميل المديرون التّنفيذيّون في الشّركات الصّغيرة إلى الاعتقاد بأنّهم قادرون على إنجاز كلّ شيءٍ بأنفسهم، لكن مع نموّ الشّركة، يصبح من الصّعب الحفاظ على هذا الاعتقاد. وهنا توصي ماورا توماس، خبيرة الإنتاجيّة وإدارة الوقت، أن يسأل المدير التّنفيذيّ نفسه: "ما هو الاستخدام الأمثل لوقتي؟" أو بمعنًى آخر، ما الّذي لا يمكن أن ينجز إلّا إذا قمت به أنا؟
وأما بالنّسبة إلى ستيف تابلين، المدير التّنفيذيّ لشركة "سوناتافي تكّنولوجي" (Sonatafy Technology) للتّطوير البرمجيّ، فيرى أنّ الأولويّة دائماً للعملاء؛ فشركة الخدمات التّكنولوجيّة تعتمد بشكلٍ أساسيٍّ على رضا العملاء واستمراريّة عقودها. لذا، يضع تابلين تلبية احتياجات العملاء فوق المهامّ الدّاخليّة، إلّا في حالات الطّوارئ.
ولتحديد الأولويّات بشكلٍ أكثر وضوحاً، تنصح لورا ستاك، المديرة التّنفيذيّة لشركة "برودكتيفيتي برو" (Productivity Pro)، بتقييم "العائد الشّخصيّ على الاستثمار" لكلّ مهمّةٍ. ويقصد بالعائد هنا مدى تأثير المهمّة على الشّركة؛ إذ يمكن لبعض المهامّ أن تساهم في تحقيق إيراداتٍ مباشرةٍ أو تحسين صورة العلامة التّجاريّة، ممّا يمنحها أولويّةً أعلى ضمن قائمة المهامّ.
فمثلاٍ، تعتمد المستشارة الاستراتيجيّة أدريان أوث في مدينة سولت ليك، أسلوباً يعتمد على تقييم تأثير المهامّ من منظورين: "التّأثير الماليّ" و"تأثير الوقت"، حيث تطرح هذه الأسئلة على نفسها: "هل هذه المهمّة تتعلّق بأحد أعضاء الفريق الرّئيسيّين، وتحتاج إلى حلٍّ سريعٍ؟ أو هل تنتظر شريكاً خارجيّاً للحصول على معلوماتٍ تتعلّق بصفقةٍ معيّنةٍ؟" من خلال هذا التّحليل، تقوم أوث بتحديد أولويّاتها بشكلٍ دقيقٍ.
أنشئ قائمة مهامّ للتّفويض
بمجرّد تحديد الأولويّات الخاصّة بك، يأتي دور التّفويض لباقي المهامّ. حيث يعتبر التّفويض من المهامّ الأساسيّة للمديرين التّنفيذيّين، إذ يتطلّب منهم متابعة ما يقوم به أعضاء الفريق لضمان سير العمل بسلاسةٍ. ولكنّ التّفويض قد يبدو غير مريحٍ لبعض المديرين التّنفيذيّين، حيث يشعرون أنّ عليهم مراقبة كلّ تفصيلةٍ بأنفسهم.
ولهذا توصي توماس بإنشاء "قائمةٍ للتّفويض" تحتوي على المهامّ الّتي يمكن للمدير التّنفيذيّ أن يسندها لأعضاء الفريق. وتقول: "إنّ هذه القائمة تشمل عادةً المهامّ الّتي أستطيع فعلها، لكنّها ليست الاستخدام الأمثل لوقتي"، ممّا يسمح للمدير التّنفيذيّ بالتّركيز على الأولويّات الأكثر تأثيراً.
وكذلك توصي بإنشاء "قائمة الانتظار" الّتي تتضمّن المهامّ الّتي تمّ تفويضها بالفعل، والّتي تنتظر استجابةً من الآخرين، سواءٌ من أعضاء الفريق أو شركاء خارجيّين. وتنصح بضرورة تحديد مواعيد نهائيّةٍ واضحةٍ لهذه المهامّ لتجنّب ضياع الوقت في المتابعة.
اعثر على النّظام الّذي يناسبك والتزم به
تختلف آراء الخبراء حول أفضل طرق إدارة قائمة المهامّ. فبينما تشجّع ليلى بولينغ تاون على الاحتفاظ بقائمتين منفصلتين للمسائل الشّخصيّة والعمليّة، ترى ماورا توماس أنّ فصل المهامّ قد يكون صعباً على المديرين التّنفيذيّين، حيث تتداخل حياتهم الشّخصيّة والمهنيّة.
وكذلك تقول ستاك: "لا توجد طريقةٌ مثاليّةٌ لتنظيم المهامّ؛ الأهمّ هو أن تجد ما يناسبك ويلائم أسلوب عملك". ومع تزايد التّطبيقات الرّقميّة المتاحة، يمكن للمديرين التّنفيذيّين الاستفادة من أدواتٍ تنظيميّةٍ مثل "مايكروسوفت تو دو" (Microsoft To-Do) و"تريلو" (Trello) و"أسانا" (Asana)، حيث تساعد هذه الأدوات في إنشاء قائمة مهامّ واضحةٍ وقابلةٍ للتّنفيذ.
وفي شركة سوناتافي تكّنولوجي، يستخدم ستيف تابلين "غوغل تاسكس" (Google Tasks) لمزامنة المهامّ مع باقي أدوات غوغل الّتي يستخدمها في العمل، ممّا يسمح له بترتيب أولويّاته اليوميّة والأسبوعيّة بسهولةٍ.
الالتزام والانضباط في التّنفيذ
بمجرّد العثور على نظامٍ يناسبك، فإنّ السّرّ يكمن في الالتزام التّامّ به. لا يكفي وضع المهامّ في ترتيبٍ معيّنٍ؛ بل عليك اتّباع هذا التّرتيب بعنايةٍ. حيث تقول ستاك: "عندما تضع المهامّ في ترتيبٍ معيّنٍ، لا يهمّ إذا كنت ترغب في تنفيذها أم لا، عليك بالالتزام بما هو التّالي في القائمة". وهذا النّوع من الالتزام يعزّز من فعاليّة التّنفيذ، ويساعدك على التّغلّب على الإحباط النّاتج عن التّردّد.
فمن خلال اتّباع هذه الخطوات الأربعة – تحديد الأولويّات، التّفويض، العثور على النّظام المناسب، والالتزام – يمكن للمدير التّنفيذيّ أن يضمن إدارةً فعّالةً لقائمة مهامّه، ممّا يعزّز إنتاجيّته، ويضعه على المسار الصّحيح لتحقيق النّجاح للشّركة
شاهد أيضاً: مخطط غانت: أداةٌ لتنظيم المهام بفاعليّةٍ