الذكاء الاصطناعي في الصناعة: تحويل مستقبل التصنيع

لم يعد بالإمكان تجاهل مسألة توظيف الذكاء الاصطناعي في الصناعة وأهمُّ التَّطبيقات له في هذا المجال، واليوم تستفيد شركات التَّصنيع الكبيرة حول العالم، من قوَّة الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة والدّقَّة والإنتاجيَّة، عبر مجموعةٍ من التَّطبيقات مثل الصّيانة التَّنبُّؤيَّة، وتحسين سلسلة التَّوريد، ومراقبة الجودة، والتَّنبُّؤ بالطَّلب، وغيرها.

ما هو الذكاء الاصطناعي في التصنيع؟

الذكاء الاصطناعي في التصنيع، هو استخدام حلول التَّعلُّم الآليِّ، والشَّبكات العصبيَّة للتَّعلُّم العميق، بهدف تحسين عمليَّات التَّصنيع، عبر جودة تحليل البيانات واتّخاذ القرارات. وكما جميع مناحي الحياة الأخرى مثل التَّعليم والرّعاية الصّحيَّة وغيرها، فإنَّ الذكاء الاصطناعي يُعدُّ أمراً بالغ الأهميَّة في الصّناعة، حيث يساعدها في التَّوجُّه نحو أكبر قدرٍ ممكنٍ من الأتمتة في إعدادات التَّصنيع، كذلك توليد البيانات ونقلها على نطاقٍ واسعٍ في الإعدادات.

ويُنظر إلى الذكاء الاصطناعي بوصفه أحد الطُّرق الأساسيَّة في ضمان قدرة المؤسَّسات على إطلاق القيمة في الكميَّات الهائلة من البيانات الَّتي أنشأتها آلات التَّصنيع، كذلك فإنَّ استخدامه بتطبيق تلك البيانات على تحسين عمليَّة التَّصنيع من شأنه أن يوفِّر التَّكاليف، ويحسِّن السَّلامة، إضافةً إلى كفاءة سلسلة التَّوريد والعديد من الفوائد الأخرى. ^[1]  

دور الذكاء الاصطناعي في المجال الصناعي

إنَّ وصف دور الذكاء الاصطناعي في المجال الصناعي بالهام لم يأتِ من فراغٍ، على سبيل المثال تستطيع تقنيَّات الذكاء الاصطناعي مثل التَّعلُّم الآليّ، وأتمتة العمليَّات الرُّوبوتيَّة، تعزيز عمليَّات التَّصنيع عبر زيادة الكفاءة وتحسين مراقبة الجودة كذلك خفض التَّكاليف، إضافةً إلى ما سبق يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في: ^[2]  

• تحسين عمليَّات الإنتاج والتَّنبُّؤ باحتياجات الصّيانة، نتيجةً قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات في الوقت الفعليّ واتّخاذ قراراتٍ سريعةٍ.
• تحسين الإنتاجيَّة الإجماليَّة بشكلٍ كبيرٍ وضمان تسليم المنتجات في الوقت المناسب، كونه يؤدّي إلى تقليل وقت التَّوقُّف عن العمل.
• توفير بيئة عملٍ آمنةٍ للعمال والموظَّفين والسَّماح لهم بالتَّركيز على المهام الأكثر تعقيداً وإبداعاً، من خلال استخدام الرُّوبوتات المعنيَّة بأتمتة المهام المتكرّرة والخطيرة.

على الرَّغم من الدَّور الهام للذكاء الاصطناعي في الصناعة، فإنَّه يثير مخاوف كبيرةً لدى العمال، من أن تَحلَّ تقنيَّاته محلِّ الوظائف التي يؤدّيها البشر تقليديّاً، ممَّا يؤدّي إلى البطالة وعدم المساواة في الدَّخل، وللتَّخفيف من ذلك، يحتاج المصنّعون إلى الاستثمار في برامج تحسين المهارات وإعادة صقلها لتمكين العمال من الانتقال إلى أدوارٍ جديدةٍ تتطلَّب مهاراتٍ تكنولوجيّةً متقدّمةً.

فضلاً عن ذلك، من المفيد تشجيع التَّعاون بين البشر والأنظمة الذَّكيَّة لتعمل الأخيرة كأداةٍ لتعزيز القدرات البشريَّة بدلاً من استبدالها بالكامل، ويرى الخبراء أنَّه من خلال تبنّي دمج الذكاء الاصطناعي في التصنيع وضمان اتّباع نهجٍ متوازنٍ، يُمكن أن يكونَ مستقبل الصّناعة مبهراً لناحية زيادة الإنتاجيَّة وتحسين الجودة والنُّموّ المستدام.

شاهد أيضاً: هل يصل الذكاء الاصطناعي إلى إدارة الشركات؟

وسط ذلك، تبرز العديد من الفوائد لاستخدام الذكاء الاصطناعي في عمليَّة التَّصنيع، للدرجة التي يمكن القول إنَّ الصِّناعة ما قبل الذكاء الاصطناعي ليست مثل الصّناعة ما بعد الذكاء الاصطناعي، الذي يقدِّم لها عدَّة فوائد تتمثَّل في: ^[2]

• تحسين الدّقَّة ومراقبة الجودة: باستخدام الآلات والرُّوبوتات التي تعمل بالذَّكاء الاصطناعيّ، يُمكن للمصنّعين تقليل الأخطاء البشريَّة، ما يضمن بقاء جودة المنتج ثابتةً طوال عمليَّة الإنتاج، الذي يؤدِّي بدوره إلى تقليل العيوب والتَّكاليف المرتبطة بإعادة العمل أو المرتجعات ويلغي الهدر.
• كفاءة الإنتاج: تستطيع خوارزميَّات الذكاء الاصطناعي تحليل كميَّاتٍ هائلةٍ من البيانات بسرعةٍ فائقةٍ، كما تمتلك القدرة على تحديد الأنماط والاتّجاهات التي قد لا يلاحظها العمال البشر، هذا من شأنه إتاحة الفرصة لتحسين عمليَّات الإنتاج وجعلها أكثر انسيابيَّةً وفعاليَّةً لناحية التَّكلفة والوقت.
• السُّرعة: يمكن للرُّوبوتات الذَّكيَّة، أداء المهام بشكلٍ أسرع من البشر، ممَّا يؤدّي إلى تقليل الاختناقات وزيادة الإنتاجيَّة إلى أقصى درجةٍ ممكنةٍ.

بعيداً عن مخاوف فقدان العمال لوظائفهم، تبدو فرص الصّناعة وعمليَّات التَّصنيع واعدةً بظلِّ ثورة الذَّكاء الاصطناعيّ الحاليَّة، ولن يكونَ من الخطأ أن يبدأ العمّال بتدريب أنفسهم على التَّعامل مع الأنظمة الذَّكيَّة ضماناً للمستقبل.

قطاعات الذكاء الاصطناعي التي تؤثر على الصناعة

قطَّاعات الذكاء الاصطناعي التي تؤثِّر على الصّناعة ليست بالقليلة، حيث يقول تقريرٌ صادرٌ عن شركة برايس ووتر هاوس كوبرز الأميركيَّة، إنَّ نحو 73% من الشَّركات الأميركيَّة تستخدم الذكاء الاصطناعي بالفعل ببعض جوانب أعمالها. وفيما يلي بعض الصّناعات التي تُحقِّق استفادةً كبيرةً من استخدام الذكاء الاصطناعي: ^[3]  

الخدمات المالية

باتت الخدمات الماليَّة، بما فيها الخدمات المصرفيَّة والتَّأمين، رائدة في اعتماد الذكاء الاصطناعي، ويبدو الحماس في أوجه لدى الشَّركات النَّاشئة التي تبحث عن النُّموّ، وتشير التَّوقُّعات إلى أنَّ المؤسَّسات الماليَّة ستضاعف إنفاقها على الذكاء الاصطناعي بحلول العام 2027.

وفي حين تشير التَّقارير أنَّ الاستخدام الأكثر نضجاً للذكاء الاصطناعي، يتمحور حول دعم العملاء والخدمات المصرفيَّة الشَّخصيَّة، يتمُّ الآن تطبيق تحليل البيانات والتَّنبُّؤ بالإيرادات كذلك توقُّعات أسعار الأسهم ومراقبة المخاطر، في حين يكتسب استخدام الذكاء الاصطناعي باكتشاف الاحتيال ومنعه شعبيَّةً كبيرةً أيضاً.

الأمر المبشّر، أنَّه على الرَّغم من الانخفاض الطَّفيف في إعلانات الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في مجال التَّمويل والتَّأمين خلال السَّنوات القليلة الماضية، إلَّا أنَّ الطَّلب على المهنيين المهرة في الشَّركات التَّقليديَّة ما يزال قويّاً جداً.

الرعاية الصحية

على الرَّغم من أنَّ الرّعاية الصّحيَّة تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على العمل البشريّ، لكن يمكن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لأداء العديد من المهام، على سبيل المثال يمكن أن تختلف النَّتائج الصّحيَّة للفرد واستجابته لعلاجٍ معينٍ، بشكلٍ كبيرٍ بناءً على عدَّة عواملٍ تتعلَّق بنمط الحياة أو الوراثة.

يمكن للذكاء الاصطناعي الحصول على كميَّةٍ كبيرةٍ من البيانات لتحديد العلاج الأمثل للمرضى، إضافةً إلى ذلك، فإنَّ الرُّؤية الحاسوبيَّة والتَّعلُّم الآليّ مفيدان للغاية في تشخيص حالاتٍ مثل سرطان الجلد، والمساعدة خلال العمليَّات الجراحيَّة المعقَّدة، ومن خلال الذكاء الاصطناعي يمكن التَّأكُّد من قيام الأطباء بكلّ الخطوات اللَّازمة بشكلٍ صحيحٍ خلال العمليَّة الجراحيَّة.

الصناعات النفطية

في الصّناعات النّفطيَّة بالغة التَّعقيد، لا يوجد مجالٌ كبيرٌ للخطأ نظراً لاعتبارات السَّلامة والبيئة، هنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي الذي يُتيحُ لشركات الطَّاقة زيادة كفاءتها دون أيّ تكاليف إضافيَّةً.

على سبيل المثال، يستطيع الذكاء الاصطناعي معالجة الصُّور والتَّعرُّف على الأنماط، ممَّا يتيح استخدام الطَّائرات بدون طيَّارٍ للتَّحقُّق من البُنى التَّحتيَّة بحثاً عن أعطال المعدَّات أو الأسلاك المتهالكة، وهذا أمرٌ تمَّ استخدامه بالفعل في المملكة المتَّحدة.

الاتصالات

تعتمد صناعة الاتّصالات على سلسلة من العمليَّات المعقَّدة للغاية والتَّعديلات المستمرَّة، الذكاء الاصطناعي قادرٌ على تلبية تلك الاحتياجات بالعديد من الطُّرق، مثل تحسين الشَّبكة التي تحتاج إلى معالجة الحالات الشَّاذَّة بسرعةٍ، وحاليّاً يستخدم نحو 63% من مزودي الاتّصالات الذكاء الاصطناعي لمراقبة شبكاتهم وتحسينها وتقديم أفضل أداءٍ ممكنٍ لعملائهم.

كما أنَّ اعتماد شبكات الاتصالات على مجموعاتٍ من الأجهزة الموزَّعة على نطاقٍ واسعٍ، يؤدِّي إلى بروز مشاكل داخل البنية التَّحتيَّة للشَّبكة بأكملها، ليبدو الذكاء الاصطناعي كبطلٍ منقذٍ، من خلال الخوارزميَّات التَّنبُّؤيَّة التي من شأنها تحديد الأوقات التي يُرجّح حدوث مشكلاتٍ فيها.

إذاً لا يمكن الاختباء خلف الإصبع، أو الادعاء وكأنَّ الذكاء الاصطناعي غير موجودٍ، وبخلاف ذلك من المتوقَّع أن يؤدّي استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الصِّناعي، إلى تحوُّلٍ كبيرٍ في كلّ أنواع الصّناعات خلال العقود القليلة القادمة، وما على الشَّركات سوى الاستجابة السَّريعة وبدء عمليَّة دمج الذكاء الاصطناعي بعملها.

مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الصناعة

في حقيقة الأمر، مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الصناعة لا يمكن حصرها، فقد دخل تقريباً كلُّ أنواع الصِّناعات، بينما يبقى الرِّهان اليوم على مدى الاستحواذ الذي يُمكن أن يحدثَ مستقبلاً، وهل ستكتفي الصّناعة بهذا القدر من التَّدخل الذَّكيّ أم أنَّ الأمر مفتوحٌ على المزيد من التَّحوُّلات والتَّطوُّرات.

الذكاء الاصطناعي في صناعة الحديد

استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الحديد، أحد أكثر مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في الصّناعة نجاحاً، ويُمكن أن يحدثَ فيه ثورةً عبر فتح فرص متنوّعةٍ لتحسين الأعمال وكفاءة الإنتاج. كما يُمكن لشَّركات الصَّلب والحديد تعزيز الإنتاجيَّة، وخفض النَّفقات، وتقليل استخدام الطَّاقة، وتعزيز رضا المستهلك، وزيادة جودة السّلع باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وعلى الرَّغم من ذلك، لا يخلو الأمر من بعض العقبات التي تُسبّب تباطؤاً في زيادة استخدام الأنظمة الذَّكيَّة بهذه الصّناعة، وتشمل تلك العقبات:

• الاستخدام المفرط للطَّاقة.
• التَّأثير البيئيُّ.
• تقلُّب الأسواق.
• المعارضة الاجتماعيَّة.
• نقص التَّمويل ونقص الموارد البشريَّة.

للتَّغلُّب على تلك العقبات، يحتاج القائمون على صناعة الحديد والصَّلب، اعتماد تكنولوجيات وتقنيَّاتٍ جديدةٍ من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعيِّ لزيادة كفاءته، ومكاسبه الماليَّة، ومسؤوليَّته البيئيَّة. واليوم يستخدم قطَّاع صناعة الحديد بالفعل الذكاء الاصطناعي بالعديد من العمليَّات، مثل: ^[4]  

• تحديد وفرز المنتجات التي تحوي عيوباً، كأن تكون مكسورةً أو سيئة التَّصنيع.
• التَّنبُّؤ بمتطلَّبات الخدمة، والحفاظ على وظيفةٍ وحالةٍ الأدوات الفولاذيَّة.
• تعزيز الكفاءة التَّشغيليَّة، وتبسيط عمليَّة صناعة الفولاذ، بما في ذلك الصِّهر والطَّحن والتَّسخين والتَّلميع

يعدُّ الذَّكاء الاصطناعيُّ أداةً فعَّالةً يمكن لشركات الصَّلب نشرها للتَّغلُّب على التَّحديَّات الحاليَّة والمستقبليَّة والحفاظ على قدرتها التَّنافسيَّة، ومع ذلك فهو ليس حلّاً مضموناً مئةً بالمئة، إنَّما يحتاج إلى التَّجريب والتَّطوير المستمرِّ.

الذكاء الاصطناعي في الصناعات الدوائية

يُعيدُ الذكاء الاصطناعي في الصناعات الدَّوائيَّة، تشكيل كلِّ جواب العمليَّات فيها، ومن المتوقَّع أن تخلق تطبيقات الذكاء الاصطناعي قيمةً سنويَّةً تتراوح بين 350 مليار دولار إلى 410 مليارات دولار لشركات الأدويَّة بحلول عام 2025، كذلك يمكن أن ينمو سوق الأدوية بمعدَّلٍ سنويٍّ مركبٍ قدره 42.68%؛ أي ما يعادل تقريباً نموّاً بنحو 15 مليار دولار بين عامي 2024 و2029.

دعونا نستعرض معاً الذكاء الاصطناعي في إحصاءات الصناعة الدَّوائيَّة للعام 2024 الجاري، والتي يُمكن أن تحمل مؤشّراً هامَّاً للمستقبل: ^[5]  

• 80% من المتخصصين في العلوم الصّيدلانيَّة والحياة يستخدمون حالياً الذَّكاء الاصطناعيّ لاكتشاف الأدوية.
• 95% من شركات الأدوية تقول إنَّها تستثمر في قدرات الذكاء الاصطناعي.
• يساعد الذكاء الاصطناعي على تقصير عمليَّة اكتشاف الأدوية من 6 سنواتٍ إلى سنةٍ واحدةٍ.
• استخدام الذكاء الاصطناعي في التَّجارب السَّريريَّة يوفر 70% لكلّ تجربةٍ ويخفِّض الجدول الزَّمنيَّ بنسبة 80%.
• الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يُقلِّل الوقت اللَّازم لتطوير دواءٍ ما بنحو 4 سنواتٍ ويوفِّر 26 مليار دولار.
• 65% من المشاركين باستطلاع حول الذكاء الاصطناعي، يعتقدون أنَّه سيكون له الدُّول الأكبر بإدارة التَّصنيع وسلسلة التَّوريد بالمجال الدَّوائيّ.

ويغطي الذكاء الاصطناعي في صناعة الأدوية، مجموعةً واسعةً من العمليَّات، مثل اكتشاف الأدوية والتَّجارب السَّريريَّة، وتحسين سلسلة التَّوريد، ما يفتح باب الفرص للحلول العلاجيَّة المبتكرة.

الذكاء الاصطناعي في الصناعات الكيماوية

سيؤثِّر الذكاء الاصطناعي في الصناعات الكيماوية، بشكلٍ كبيرٍ خلال السَّنوات الثَّلاثة المقبلة، كما يقول 80% من المدراء التَّنفيذيين بهذا النَّوع من الصّناعة، وذلك خلال استطلاع أجرته شركة IBM.

مؤخَّراً، بات الذَّكاء الاصطناعيُّ أمراً لا غنىً عنه في مجال الصِّناعات الكيميائيَّة، ومن المتوقَّع أن تبلغَ قيمته العالميَّة في سوق المواد الكيميائيَّة، نحو 16.94 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدَّل نمو ملحوظ يبلغ 31.9% منذ العام 2023 الفائت. ويُمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعلَ عمليَّة التَّصنيع أكثر قابلية للتسويق، كما يُقلّل بدرجةٍ كبيرةٍ من خسائر الشَّركات، فهو قادرٌ على تقليل عدم دقَّة التَّنبُّؤ بنسبة 50% تقريباً مقارنة بالتَّنبُّؤ البشريّ.

في الوقت الحاليّ يستخدم الذكاء الاصطناعي في عدَّة مراحل من العمليَّات في الصّناعات الكيميائيَّة، مثل البحث والتَّطوير بنسبة 74%، والتَّصنيع بنسبة 61%، والتُّنبؤ والتَّخطيط بنسبة 47%، إضافةً إلى إدارة المخاطر بنسبة 58%، كذلك يستخدم في باقي الأقسام والمراحل لكن بنسبٍ أقلّ بكثيرٍ.

تعالوا نلقي نظرةً على أبرز استخدامات الذَّكاء الاصطناعيّ في الصّناعات الكيميائيَّة: ^[6]  

• تستفيد صناعة البلاستيك المكرَّر من الذكاء الاصطناعي، في إيجاد حلول تغليفٍ أكثر ابتكاراً وأكثر متانةً واستدامةً.
• يؤدِّي الذكاء الاصطناعي إلى تحسين حلول تخزين الطَّاقة الضَّروريَّة لطول عمر وسلامة الأجهزة الإلكترونيَّة الاستهلاكيَّة.
• يقلّل الذكاء الاصطناعي من التَّخمين في صياغة مستحضرات التَّجميل، ممَّا يؤدّي إلى توافق المنتجات مع توقُّعات المستهلك.
• يزيد الذكاء الاصطناعي من متانةٍ ومرونةٍ الأبنية، من خلال التَّنبُّؤ بعمر مواد البناء، ممَّا يؤدّي أيضاً إلى استدامة مشاريع البناء.

وبينما يشير الذكاء الاصطناعي في الصناعة الكيميائية، إلى مستقبل عنوانه الدِّقَّة والكفاءة، فإنَّه يسلِّط الضَّوء على الحاجة المتزايدة للمهنيين المهرة للتَّمتُّع بالخبرة اللَّازمة في التَّعامل مع الأنظمة الذَّكيَّة.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الصناعات الغذائية

استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الصناعات الغذائية، ربَّما يكون آخر شيءٍ نفكِّر فيه عند مناقشة مشاكل الغذاء، ومع ذلك فإنَّ أتمتة الصّناعة الغذائيَّة أمر لا غنى عنه في إنتاج الغذاء وحتَّى توزيعه.

كما كل القطَّاعات الأخرى، أحدث دمج الذكاء الاصطناعي في صناعة الأغذية، ثورةٌ في كيفيَّة إنتاج الغذاء وتوزيعه وحتَّى استهلاكه، إذ تعمل تقنيَّات الذكاء الاصطناعي مثل التعلم الآلي، وتحليلات البيانات والرُّؤية الحاسوبيَّة على إحداث تحول في أساليب الزّراعة التّقليديَّة، وتحسين الخدمات اللُّوجستيَّة لسلسلة التَّوريد، وتعزيز معايير سلامة الأغذية.

صناعة الأغذية اليوم تشهد تحوُّلاً كبيراً نتيجة الاستخدام واسع النّطاق للذكاء الاصطناعي والرُّوبوتات، التي تؤدّي إلى زيادة الدَّقَّة والكفاءة، وتحسين العرض وتوفير تكاليف التَّشغيل، وتقليل الهدر، كذلك اتّخاذ القرارات الصِّحيحة والتَّكيُّف بشكلٍ سريعٍ مع اتّجاهات السُّوق المتغيّرة.

ومن المتوقَّع أن ينمو سوق أتمتة الأغذية، بنحو 5.4 مليار وحدةٍ بحلول عام 2030، وفق بيانات Statista، وفيما يلي أبرز الطُّرق التي يقوم الذكاء الاصطناعي من خلالها بتغيير صناعة الأغذية: ^[7]  

• الزّراعة التي تشهد تحوُّلاً بفضل الذكاء الاصطناعي، ممَّا أدَّى إلى تحسين الإنتاج والاستدامة والكفاءة.
• التَّصنيع الغذائيّ، حيث يمكن للرُّوبوتات الذَّكيَّة تنظيف وتصنيف أنواعٍ مختلفةٍ من المواد الغذائيَّة.
• تغليف الطَّعام، وهنا يبرز دور الروبوتات في التَّغليف وتنظيم الطَّعام بصناديق التَّخزين والشَّحن.
• الطَّبخ، من خلال استخدام روبوتات لإعداد الطَّعام وطهيه، بكلّ مراحل العمل سواءً تقطيع أو تحميص وحتَّى تزيين الطَّبق النّهائيّ.
• توصيل طلبات الطَّعام، على الرَّغم من أنَّه يبدو جنونيّاً لكن يمكن توصيل الطَّعام آليّاً، واليوم يتمُّ اختبار الطَّائرات بدون طيّارٍ لتقوم بتلك المهمَّة.
• خلق منتجاتٍ جديدةٍ، بمساعدة الذكاء الاصطناعي بما يلبّي حاجة السُّوق ويعزّز رضا العملاء.

يقولون إنَّ الطَّبخ نفسٌ وفنٌّ، في الحقيقة ليس من المعروف بعد، إن كان الرُّوبوت الشّيف قد يمتلك نفساً جيّداً للطَّبخ، عموماً إنّنا اليوم في عصرٍ فريدٍ من نوعه ولا ضير من خوض التَّجارب المشابهة، والحكم عليها عن قربٍ وليس بمجرَّد التَّنظير والاعتماد على تجارب الآخرين.

دور الذكاء الاصطناعي في الصناعة التحويلية

دور الذكاء الاصطناعي في الصناعة التحويلية، لا يختلف كثيراً عن دوره بباقي أنواع الصّناعات، ويشمل مجموعة متنوّعة من التِّقنيَّات، مثل: التَّعلُّم الآليّ، والرُّوبوتات، والحوسبة المعرفيَّة، التي عزَّزت الإنتاجيَّة والسَّلامة والدّقَّة بشكلٍ كبيرٍ في عمليَّات التَّصنيع. ويُمكن للرُّوبوتات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أداء مهامٍ متكرِّرةٍ وخطيرةٍ، ممَّا يُقلّل من التَّدخل البشري، بينما تقوم خوارزميَّات التَّعلُّم الآليّ بتحليل كميَّاتٍ هائلةٍ من البيانات لتحسين عمليَّاتٍ الإنتاج والتَّنبُّؤ باحتياجاتٍ الصّيانة وتحديد العيوب المحتملة.

بالإضافة إلى ذلك، تمكن الحوسبة المعرفيَّة الآلات من فهم البشر والتَّفاعل معهم، ممَّا يُحسّن التَّواصل والتَّعاون داخل مرافق التَّصنيع، كلُّ هذا أدَّى إلى فتح إمكانيَّات جديدةً للكفاءة والابتكار في مجال الصّناعات التَّحويليَّة.

إذاً، يمكن القول إنَّ الذكاء الاصطناعي يفيد الصناعات التحويلية من خلال: ^[2]

• تحسين الإنتاج والتَّنبُّؤ باحتياجات الصّيانة وتقليل وقت التَّوقُّف عن العمل.
• اكتساب ميزةٍ تنافسيَّةٍ وتبسيط العمليَّات وتحقيق رضا العملاء بشكلٍ أكبرٍ.
• تقليل التَّكاليف والهدر وتجنُّب نفاذ المخزون.

بالعموم من الشَّائع اليوم استخدام الذكاء الاصطناعي في الصناعات التحويلية، لزيادة كفاءة المعدَّات وإنتاجيَّتها بشكلٍ عامٍ، ومن يدري أي تحوُّلٍ جديدٍ ينتظر هذه الصّناعات في المستقبل.

شاهد أيضاً: المدير التنفيذي للذكاء الاصطناعي ودوره في صناعة التكنولوجيا

ما هي تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصناعة؟

تتنوَّع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصناعة، ولا تتوقَّف عند حدٍّ معينٍ، كما أنَّ الأمر قابل للتُّطوِّر مستقبلاً إلى درجةٍ لا يمكن تخيلها اليوم، على الرَّغم من أنَّه يمكن على الأقلّ معرفة سياق التَّطوُّر اعتماداً على المؤشّرات في الوقت الحاليّ. ^[8]  

إدارة سلسلة التوريد

تلعب إدارة سلسلة التوريد دوراً حاسماً في الصّناعة، الذكاء الاصطناعي ظهر ليكون أداة تغييرٍ لقواعد اللُّعبة في هذا المجال، حيث يُمكن أن يفيد استخدامه في تحسين إدارة المخزون وتعزيز التَّنبُّؤ بالطَّلب، كذلك تبسيط الخدمات اللُّوجستيَّة.

اليوم العديد من الشَّركات تستخدم الذكاء الاصطناعي في إدارة سلسلة التَّوريد، مثل شركة عملاق البيع بالتَّجزئة المعروفة عالميّاً، Walmart ، كما تعمل على تحسين الخدمات اللُّوجستيَّة باستخدام خوارزميَّات التَّوجيه المدعومة بالذكاء الاصطناعي؛ ممَّا يتيح تسليماً أسرع.

الروبوتات

تعدُّ الرُّوبوتات التَّعاونيَّة، ضرورية لعمليَّة الصَّنيع القائمة على الذكاء الاصطناعي، كونها تزيد الإنتاجيَّة عبر التَّعاون مع العنصر البشريّ، تلك الرُّوبوتات تتواجد في مراكز التنفيذ للمساعدة في الانتقاء والتَّعبئة، وتعمل بشكلٍ منسجمٍ مع العمال البشر.

مثلاً، تستخدم أمازون روبوتات التَّعلُّم الآليّ، لتسريع الطَّلبيَّات وتبسيط الخدمات اللّوجستيَّة، إذ تؤدِّي المهام المعقَّدة بدقَّةٍ وقابليَّةٍ للتَّكيُّف، كذلك تستطيع التَّعامل مع عمليَّات التَّجميع المعقَّدة وعمليَّات فحص مراقبة الجودة والتَّعاون بسلاسةٍ مع العمال البشريين.

الإدارة

إدارة المخزون واحدةٌ من أهمِّ تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصناعة، حيث يُمكن للخوارزميَّات الذَّكيَّة تحليل بيانات المبيعات التَّاريخيَّة ومستويات المخزون الحاليَّة، كذلك اتّجاهات السُّوق بهدف التَّنبُّؤ بأنماط الطَّلب بدقَّةٍ، ما يتيح للمستودعات تحسين مخزونها، وهذا يؤدّي بدوره إلى تقليل التَّكاليف.

إضافةً إلى التَّطبيقات السَّابقة، يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحسين خطِّ التَّجميع، والصيانة التنبؤية، وتطوير المنتجات الجديدة، إضافةً إلى تحسين الأداء، وضمان الجودة، وتبسيط الأعمال الورقيَّة وغيرها.

إزاء هذا الواقع، ربَّما بعد عدَّة سنواتٍ، لن نستطيع تخيُّل حياتنا بدون وجود الذكاء الاصطناعي، وبالتَّأكيد الحياة بعده لن تكون على الإطلاق مثل الحياة قبله.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال

انضم الآن