ثانيتان كفيلتان بتغيير مصير عملك جذريّاً، فهل تنتبه لهما؟
عندما يتصلُ شخصٌ ما بشركتِك أو يتصفَّحُ موقعَك على الإنترنت، ما الذي يكتشِفُهُ عنك؟
هل حدثَ لكَ هذا من قبل؟ لنفترض أنّ صديقكَ يمتلكُ شركةً استشاريةً صغيرةً وأنّ أحدَ العملاءِ المحتملين تواصلَ معه عبر البريدِ الإلكترونيّ مؤخّراً. لسوءِ الحظّ، ولأيّ سببٍ كان، اتّضحَ أنّ كلتا الرّسالتين الأوليّةِ ورسالةِ المتابعةِ الإلكترونيّةِ للعميلِ الجديدِ انتهتا في مجلّدِ الرّسائلِ غير المرغوبِ فيها. [1]
لنفترضَ أيضاً أنّه بمجرّدِ اكتشافِ صديقك للمشكلةِ، على سبيلِ المثالِ، بعد 10 أيّام، حاول على الفورِ الاتصالَ بالعميلِ المحتملِ، ولكنّ العميلَ لم يردّ على مكالماتِ صديقك أو يجيبُ عليها.
هل يمكنك إلقاءُ اللّومِ على العميلِ؟ للأسفِ، الحقيقةُ المحزنةُ هي أنّه في مثل هذه الحالة، ربّما لن يتمكّنَ صديقك المستشار من إعادةِ إحياءِ الاتصالِ. كان العميل الجديد سيشكّل حكماً أوليّاً، سواءً كان عادلاً أم لا (ولكن بكلّ إنصافٍ، ربّما يكونُ عادلاً)، أنّه إذا سارتِ الأمورُ بشكلٍ خاطئٍ في بداية العلاقة، فلن يبشّرَ ذلك بالخير للعمل معاً في المستقبلِ.
كما تعلمُ على الأرجح، فإنّ مالكولم جلادويل هو المؤلّفُ الأكثرُ مبيعاً في صحيفةِ نيويورك تايمز، وهو مراقبٌ حادٌّ للحياةِ الحديثةِ. أصبحت العديدُ من كتبهِ وتصريحاتهِ معياراً ثقافيّاً، كما حدثَ مع "نقطةِ التحوّلِ" على سبيلِ المثالِ.
يقدّم لنا جلادويل في كتابهِ الشهيرِ "وميضٌ" نظرةً شاملةً عن كيفيّةِ تكوينِ انطباعاتنا الأولى. وعندما نلتقي بشخصٍ ما للمرّة الأولى، أو ندخلُ إلى منزلٍ نفكّرُ في شرائهِ، أو نقرأ الجملَ القليلةَ الأولى من كتابٍ، يستغرقُ عقلنا ثانيتين فقط تقريباً ليقفزَ إلى سلسلةٍ من الاستنتاجاتِ. هذه اللّحظةُ السّريعةُ تعرفُ بلحظةِ "طرفة عين".
المشكلةُ تكمنُ في أنّ العملاء الجددَ غالباً ما يستغرقون وقتاً قصيراً، ربّما ثوانٍ، ليصلوا إلى استنتاجاتٍ حول فعاليةِ المستشارِ، ولن تتاحَ لك فرصةٌ ثانيةٌ لتركِ انطباعٍ أوّليٍّ إيجابيّ.
خلالَ فترةِ دراستي في جامعة كاليفورنيا، تلقّيتُ نصيحةً قيّمةً من زميلٍ في الغرفةِ، وتركت أثراً عميقاً في تفكيري. قال لي: "عندَ بدءِ وظيفةٍ جديدةٍ، تخطّ الحدودَ، خاصّةً خلال الشهرِ الأوّلِ. تطوّع لإنجازِ المزيدِ من العملِ، وقل "نعم" لكلِّ ما يُطلبُ منك. ابذلْ جهداً إضافيّاً غير متوقّعٍ. أظهرْ نفسك كموظّفٍ متفانٍ ومجتهدٍ. لماذا؟ لأنّهم سيشكّلون صورةً إيجابيّةً عنك منذُ البدايةِ". هذه النّصيحةُ لا تهدف إلى خداعِ الآخرين، بل تهدفُ إلى تركِ انطباعٍ أوّليٍّ إيجابيّ.
شاهد أيضاً: ما هو العامل الأكثر تأثيراً على الأرباح: التعاقد مع موظفين استثنائيين
الحقيقةُ المثبتةُ هي أنّ هذه الفلسفةَ صحيحةٌ، حيث يقولُ المثلُ الشّهيرُ: "نادراً ما تأتي الفرصةُ الثّانيةُ لتركِ انطباعٍ أوّلٍ جيّدٍ".
في العصر الرقمي الحالي، لم تعدْ الانطباعات الأولى تقتصرُ على اللّقاءات الشّخصيّة، بل تمتدّ إلى الوجودِ على الإنترنت:
-
موقع الويب: يُشكّلُ موقعُ الويب الخاصّ بك عاملاً حاسماً في تقييمِ عملك، فموقعٌ غير مصمّمٍ بشكلٍ جيّدٍ، أو موقعٌ قديمٌ يمكن أن يؤثّر سلباً على انطباعِ العملاءِ المحتملين.
-
وسائل التواصل الاجتماعي: لا يمكن تجاهلُ أهميّةِ ملفاتكَ الشّخصيّةِ على وسائلِ التّواصلِ الاجتماعيّ، إذ يجبُ أن تعكسَ قيمك واحترافيتك من خلالها.
-
البريد الإلكتروني: يبقى البريدُ الإلكترونيّ وسيلةَ تواصلٍ أساسيّةٍ للشّركاتِ، والاهتمامُ بالرّدودِ السّريعةِ والمهنيّةِ يعتبرُ أمراً ضروريّاً.
-
الهاتف والرّسائل النّصيّة: غالباً ما يُكوّن الانطباعُ الأوّلُ عبر الهاتف أو الرسائل النصية، فالتعاملُ السّريعُ والاحترافيّ في هذه الوسائلِ يؤثّرُ على تصورِ العملاءِ لشركتك.
-
التسويق: يجبُ أن يعزّزَ تسويقك علامتك التّجاريةَ بفعاليةٍ، فالحملاتُ التّسويقيّةُ السّيئةُ يُمكن أن تخلقَ انطباعاً سلبيّاً.
إذا كنتَ تعملُ أيضاً في مجالٍ يتطلّبُ وجوداً ماديّاً، يجبُ عليك الاهتمامُ بالمظهرِ الماديّ أيضاً:
-
واجهة المتجر أو المكتب: المظهرُ الماديّ يلعبُ دوراً كبيراً في تقديرِ العملاءِ لعملك.
-
اللافتات: يجبُ أن تكونَ اللافتاتُ واضحةً وحديثةً، فاللّافتاتُ القديمةُ والتّالفةُ ترسلُ رسالةً سلبيّةً عن عملك.
لديك فقط ثانيتان لتركِ انطباعٍ أوّلٍ إيجابيّ، فلنتسارع! ماذا يمكنُ للنّاسِ أن يستنتجوا عنك وعن عملك خلالَ هذا الزّمنِ؟