3 نصائح لاحتراف فنّ الحوارات الصّعبة في عملك
لا تكن في خجل من المحادثات والحوارات الصّعبة في العمل، بل تطلّع إليها كمحفّزات للنّموّ، وفرصة لتمكين كلّ من عملك وتطوّرك الشّخصيّ.
شون جوهال عضوٌّ في منظّمةِ روّادِ الأعمالِ في مونتريال، ومتحدّثٌ قياديّ، وكاتبٌ متخصّصٌ في القيادةِ، ومؤسّسٌ Elevation Leaders، وهي ممارسةٌ لتطويرِ الأعمالِ، تساعدُ الشّركاتِ على مضاعفةِ قيمتها بنحو 10 مرّاتٍ. سألنا شون كيف يتعاملُ مع المحادثاتِ الصّعبةِ في شركتهِ، وهذا ما قاله:
إنّ نسبةً صاعقةً بنحو 85% من الفِرَق تواجِهُ صراعاً في مكانِ العملِ، وما يقربُ من 30% من تلك الصداماتِ تؤدّي مباشرةً إلى تقويضِ الإنتاجيّةِ.
كمدرّبٍ لتنميةِ الأعمالِ، صادفتُ العديدَ من روّادِ الأعمالِ الّذين يعانون من صعوبةٍ في المبادرةِ بالمحادثاتِ الصّعبةِ في شركاتهم، وعادةً ما ينجمُ ذلك عن واحدٍ من سيناريوهَين اثنَين:
أولاً، هناكَ رائدُ الأعمالِ المغمور بالشّعورِ بالذّنبِ، والذي يسألُ: "كيف يمكنُ لي تقديمُ ردودِ فعلٍ صادقةٍ دون كسرِ معنويّاتِ هذا الشّخصِ؟" على المقلبِ الآخر، هناك رائدُ الأعمالِ الذي يستسيغُ الصّراعَ برحابةِ صدرٍ مبالغٍ بها بعض الشّيءِ. قد يقولُ: "أنا لا أستمتع بالمجابهةِ، ولكن إلى أن نصبحَ شركةً بمليارِ دولارٍ..."
المحادثاتُ عاليةُ التّأثيرِ يمكن أن تُفضي إلى ردودِ فعلٍ عاطفيّةٍ، إذ في أوقاتِ النّموّ أو في أوقاتِ الأزماتِ (بالنّسبةِ لبعضِ الشّركاتِ، تتذبذبُ الحياةُ بين الاثنين)، تميلُ هذه اللّحظاتُ عاليةُ العاطفةِ إلى التّظاهرِ على نحوٍّ أكثرَ تكراراً.
إنّ بناءَ عملٍ يمتلكُ القدرةَ على التّضاعفِ عشرَ مرّاتٍ لا يتوقّف عندَ العمليّاتِ، والاستراتيجيّةِ، والتّوظيفِ، وإدارةِ التّدفقاتِ النّقديةِ. والقدرةُ على الانخراطِ والخروجِ بنجاحٍ على الجانبِ الإيجابيّ من نقاشاتٍ صعبةٍ إمّا أن تسهمَ أو تعوقَ نموّ الشّركةِ. لذا، سواء كنت تواجهُ نقاشاً صعباً مع مرؤوسٍ مباشرٍ، أو شريكٍ تجاريّ، أو مستثمرٍ، أو أقرانك، إليك استراتيجيّاتٌ ثلاثٌ لاحترافِ فنّ المحادثاتِ الصّعبةِ.
أنشئ مساحة آمنة
نسمعُ مصطلحَ "المساحة الآمنة" في كلّ مكانٍ في الآونةِ الأخيرةِ. ولكن ما هي، وكيف بمقدورنا فعليّاً إنشاءُ واحدة؟
إنّنا نثمّنُ جميعاً مكاناً، أين يمكننا مشاركةُ أفكارنا وهواجسنا بحريّةٍ دون خوفٍ من حكمٍ أو عاقبةٍ، إنّه جزءٌ من التّجربةِ الإنسانيّةِ، وينطبقُ أيضاً على السّياقاتِ التّجاريةِ. إذ في جوهرها، "المساحة الآمنة" هي بيئةٌ.
لخلقِ واحدةٍ، بادر بإعطاءِ اهتمامك غير المتجزِّئ، فعندما يتحدّثُ أحدهم، كن حاضراً ومُنصتاً تماماً، وانسَ جدولك المزدحمَ أو النّقطةَ التّاليةَ التّي ترغبُ في طرحها، وأظهر أنّك تقدّر حقّاً كلماتهم وآراءهم.
ثمّ، سيّر الأمرَ بالتّعاطفِ. إذ من السّهلِ أن ننغمسَ في وجهاتِ نظرنا الخاصّةِ، ولكن النّقاشات الصّعبة تسترعي الإحاطةَ. ضع نفسك موضعَ الآخرين وحاول أن ترى الأمورَ من وجهةِ نظرهم، سيشعرُ الطّرفُ الآخرُ بالتّفهّمِ بسرعةٍ. فعندما نكون قادرين على تحقيقِ هذا، يمكن لشركاتنا التّغلّبُ على العقباتِ اليوميّةِ بسهولةٍ أكبرَ والتّقدّم من خلال الحوارِ البنّاءِ.
أوجد أرضيّة مشتركة
لا نتيجةٌ ناجحةٌ لمحادثةٍ صعبةٍ ما لم تقم أوّلاً بإيجادِ أرضيّةٍ مشتركةٍ. فأنا مثلاً، لن أنسَ قطعاً الوقتَ الّذي وجدتُ نفسي في اجتماعٍ حيويّ مع رئيسٍ تنفيذيّ وقد بدا أكثرَ اهتماماً بهاتفهِ من نقاشنا. كان طاقمُ القيادةِ خاصّته من الخبراءِ القديرين بأكمله في الغرفةِ، بينما أنّه لم يرغب بفعلِ شيءٍ البتّةَ حيالَ المسألةِ (بالغةَ الجدّيّةِ). في المتناولِ، بدا الأمرُ وكأنّ هذا الرّئيسَ التّنفيذيّ كان في إحدى زوايا الغرفةِ بينما جلسَ فريقُ الإدارةِ التّنفيذيةِ بأكملهِ في الزّاويةِ المقابلةِ، لم ينظر أحدٌ إلى الآخر؛ يا لها من لحظةٍ مشحونةٍ.
كيف حلّت المشكلة؟ ركّزتُ تواصلي على شيءٍ واحدٍ: إعادةُ التّأكيدِ على الهدفِ المشتركِ الّذي لدى الجميع في الغرفةِ (نتيجةٌ ناجحةٌ عادت بالفائدةِ على العملِ). إنّ تحديدَ أرضيّةٍ مشتركةٍ -الشّيء الأوحد الّذي نشدَه الجميعُ بالتّساوي في تلك الغرفةِ- ذكَّر كلّ فردٍ بأنّهم يتشاركون غايةً جماعيّةً تهمّهم.
عندما تجدُ نفسك في محادثةٍ معقّدةٍ، تفكَّرْ في الأرضيّةِ المشتركةِ التي تربطُ جميعَ الأطرافِ. فإيجادُ هذا الهدف المشترك سوف يمهّدُ الطّريقَ نحو الأمام.
لا تدع العواطف تستنزف أفضل ما لديك
إنّ المشكلةَ المرتبطةَ بالعواطفِ هو أنّها معديّةٌ للغاية. إنْ دخلتَ محادثةً صعبةً وأنت مضرّجٌ بمشاعرك، فمن المرجّحِ أن الطّرفَ الآخر ستنتابهُ العاطفةُ أيضاً، ويمكن أن تغدو الأمورُ عقيمةً بسرعةٍ. ولمنعِ ذلك، انتبه إلى نبرةِ صوتك، ولغةِ جسدكَ، واختيارِ الكلماتِ. إذ يمكن أن تؤثّرَ الإشاراتُ غير اللّفظيّة بشكلٍ كبيرٍ على كيفيّةِ استقبالِ رسالتك، وابذل جهدكَ للحفاظِ على سلوكٍ رزينٍ، مستخدماً نبرةً تحملُ في طيّاتها الاحترام والانفتاح.
عباراتٌ من قبيلِ "أنا خائب الأمل" أو "لقد كان بمقدورك" يمكن أن تعطي انطباعاً بالاتهاميّةِ. بدلاً من ذلك، ركّز على إيرادِ الحقائقِ، متلمّساً وجهاتِ النّظرِ، ومشاركاً خبرتكَ.
على كلّ حالٍ، إن لاحظت أنّ حدّةَ العاطفةِ تتصاعدُ إلى درجةٍ تعوقُ التّواصلَ الإنتاجيّ، فاعلم متى يحينُ الوقتُ لإيقافِ الاجتماعِ. تذكّر أنّ صحّتك العقليّةَ لا ينبغي أن تكون إطلاقاً محلّ مساومةٍ خلال هذه المناقشاتِ.
في بعضِ الأحيانِ، يشعرُ المرءُ أنّ التّعاملَ مع المناقشاتِ الصّعبةِ جزءٌ من وصفةِ عملِ صاحبِ العملِ. شخصيّاً، أمضيتُ سنواتٍ في معرفةِ كيفيّةِ التّعاملِ بأفضلِ طريقةٍ مع هذه المحادثاتِ. إنّ تطبيقَ تكتيكاتٍ رئيسيّةٍ أمرٌ مساعدٌ، ولكن أيّاً من هذهِ التّكتيكاتِ لا تعمل إذا لم تضبطْ تفكيركَ أوّلاً.
نصيحتي لجميعِ روّادِ الأعمالِ: لا تتهرّب من المحادثاتِ الصّعبةِ، بل تطلّع إليها كمحفّزاتٍ للنّموّ، معزّزةً لعملك وتطوّرك الشّخصيّ. فإذا استطعت أن تعزّز نجاحَ الحواراتِ الشّاقّة بعشرةِ أضعافٍ، فأنت قادرٌ على زيادةِ إنتاجيّةِ، وثقافةِ، وربحيّةِ شركتك بعشرةِ أضعافٍ وثقافةٍ، وأنا ضامنٌ لذلك!
لمزيدٍ من النصائح الريادية في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.