التسويق عبر المؤثرين: أساليب تسويقية بقدرات سحرية
من التكلفة المنخفضة إلى زيادة نمو وانتشار العلامات التجارية، استطاع التسويق المؤثر إثبات فعاليته في بناء الخطط التسويقية الناجحة.
لقد تجاوز التسويق الرقمي التسويق التقليدي بسهولةٍ، فقد أصبحَ الأساس لجميع أنشطةِ التّسويق والإعلان في عالم الأعمال اليوم، ومثلهُ مثل سابقيه، فهو يشملُ مجموعةً متنوّعةً من خيارات وقنوات التّسويق. واليوم، برز التسويق عبر المؤثرين كواحدٍ من أكثر استراتيجيّات التسويق الرقمي فعاليةً للمؤسّسات والعلامات التّجاريّة.
وفقاً لتقريرٍ صادرٍ عن شركة ستاتيستا الألمانيّة للتّسويق، من المتوقّع أن يتجاوزَ حجم سوق المؤثرين العالميّ 15 مليار دولارٍ أمريكيٍّ بحلول عام 2022، وأن يصلَ إلى 22 مليار دولارٍ أمريكيٍّ بحلول عام 2025. وهذا النّمو السّريع دليلٌ على أن فرقَ التسويق أدركت بسرعةً تأثير المؤثرين على قرارات متابعيهم.
باختصارٍ، مع المؤثّرين، فإنّ جزءاً من العمل التّسويقيّ سيتمّ بالفعل، إذ إنّ معظم المؤثّرين قد أسّسوا مجالاً متخصّصاً ولديهم جمهورٌ مثبتٌ يهتمّ بكلّ المحتوى داخل هذا المجال. ومع التسويق عبر الشّخصيّات المؤثّرة، لا تحتاج العلامات التجارية إلى إنفاق الكثير من ميزانيّتها التّسويقيّة على تجارب إعلانيّة واسعة النّطاق لبناء جمهورها المثاليّ، حيث إنّ المؤثرين الموثوق بهم لديهم دليلٌ اجتماعيٌّ مدمجٌ بشكلٍ أساسيٍّ.
كما تلعبُ الرّقمنة المتزايدة وتفضيل المحتوى المرئيّ دوراً مهمّاً في هذا الواقع، وقد مهّدت هذه العوامل الطّريق للتسويق المؤثر ليحتلّ مركز الصّدارة كاستراتيجيّةِ تسويقٍ أساسيّةٍ للعلامات التجارية والشّركات التي تسعى للوصول إلى الجمهور المستهدف مباشرةً. وعلى نحوٍّ غير متوقّعٍ، ظهر عددٌ من منصّات التسويق المؤثر، مّما سهّل العثور على المؤثرين المناسبين للعلامة التجارية أو المنتج أو الخدمة والتّواصل معهم. ومع ذلك، اتّبعت بعض الوكالات المؤثّرة أساليب مبتكرةً للتّأثير على المؤّثرين.
شاهد أيضاً: 4 اتجاهات تسويق يجب معرفتها في عام 2024
إذ يقولُ جيمس هاكينج، مؤسّس شركة سوسيالي باورفول، وهي وكالةٌ تسويقيّةٌ اجتماعيّةٌ شاملةٌ: "التّأثير شيءٌ فريدٌ من نوعه، فعندما يُروّج المؤثّرون لعلامتك التجارية من خلال محتوى مدروسٍ وملهمٍ، يُصبح متابعوهم تلقائيّاً مناصرين لعلامتكّ التّجارية، ممّا يخلق مجتمعاً مخلصاً لهذه العلامة".
ومع ذلكَ، هناك شيءٌ واحدٌ مهمٌّ يجب أخذه في الاعتبار: التّأثير جيدٌ بقدر جودة المحتوى الخاصّ بك. فبدون الجودة، قد لا يحقّق حتّى أفضل المؤثّرين النّتائج المرجوة. إذ تكمنُ القيمة الحقيقيّة في التّأثير والتّسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الإبداع، وليس فقط في اختيار المؤثّر المثالي. والحقيقة هي أنّه باستثناء المشاهير ذوي الأسماء الكبيرة الذين يُمكنهم التّأثير في كلّ شيءٍ تقريباً، يُمكن للمؤثرين محدودي التّأثير أو المؤثرين الصّغار أن يلحقوا الضّرر بأنفسهم وبعلاماتهم التّجارية إذا نشروا محتوى سيئاً أو غير أصليٍّ، ويخاطرون بالإضرار بسمعتهم وتقليل مصداقيّة علامتهم التّجارية، تذكّر أنّ الإنترنت لا ينسى؛ لذا فإنّ إصلاح الضّرر الذي يلحق بالسّمعة قد يكون مُكلفاً.
وبقدر ما يمكن أن يكونَ التّسويق عبر المؤثرين فعّالاً، يجدر بنا أيضاً أن نعرفَ أنّه قد يكونَ سلاحاً ذا حدّين، يُمكن أن يضرَّ بعملكَ بقدر ما ينفعهُ. فإذا كان المحتوى الخاصّ بكَ لا يتماشى مع اتّجاهات الصّناعة ووسائل الإعلام الحاليّة، أو لا يواكب التّغيرات الثّقافية، فقد تهدرُ الوقت والمال بفشلكَ.
أيّ فريقِ تسويقٍ يعرف ذلك، إذ يُمكن لشيءٍ واحدٍ خاطئٍ تقولهُ أو تفعلهُ العلامة التجارية أو ممثّليها في أيّ مكانٍ -سواء في محتوى التسويق المؤثر أو حملةٍ تسويقيّةٍ كاملةٍ- أن يُشعلَ النّار من خلفكَ.
في بعضِ الأحيان، لا تتعلّقُ المشكلة حتّى بمحتوى العلامة التجارية نفسها، ففي عالمٍ تُهيمن عليه المجتمعات الاجتماعيّة على الإنترنت إلى حدٍّ كبيرٍ، تحتاجُ الشّركات إلى اليقظة الدّائمة، وأن تراقبَ ما يُقال عنها على الويب وتتصرّف بسرعةٍ لتصحيحِ المفاهيم الخاطئة من خلال استراتيجيّات التّسويق والمشاركة الاجتماعيّة.
من الضّروري أن تكونَ الشّركات على درايةٍ بتأثير الرّأي الاجتماعيّ على علاماتها التّجاريّة. تخيّل للحظةٍ لو أنّ أحد المشاهير، مثل غوردون رامزي، انتقد علامةً تجاريّةً للطّعام على الإنترنت وفشلت الشّركة في ملاحظة ذلك أو اتّخاذ إجراءٍ: في أوائل عام 2024، نشر ناقد الطّعام الشّهير كيث لي على تيك توك مقطع فيديو يمدح الطّعام في مطعمٍ محلّيٍّ. جذب الفيديو عدداً كبيراً من الزّبائن إلى المطعم في غضون أيامٍ قليلةٍ. ولكن سرعان ما تمّ الكشف عن أنّ "لي" أعطى مالكة المطعم ما يقربُ من 4000 دولارٍ أمريكيٍّ لتتقاسمها مع موظّفيها، لكنّها احتفظت بها كلّها لنفسها. نشر مئات الأشخاص، بمن فيهم لي، عن القصّة على وسائل التواصل الاجتماعي، ممّا أدّى سريعاً إلى إغلاق المطعم.
باختصارِ، التسويق من خلال المؤثرين ضروريٌّ لنجاح أيّ حملةٍ تسويقيّةٍ لعدّة أسبابٍ، فهو ميسور التّكلفة، ويُسرّع عمليّة التسويق، ويُمكنه زيادة نموّ العلامة التجارية والوعي بها وبمعدّلات التّحويل بشكلٍ فعّالٍ. ومع ذلك، لكي يكون ناجحاً، يجب أن يكونَ المحتوى ملائماً ثقافيّاً واجتماعيّاً ومتماشياً مع الاتّجاهات الحاليّة والمستقبليّة؛ هذه هي معادلة التسويق المؤثر النّاجح.