حيلة لا أخلاقية تستخدمها بعض الشركات عند التوظيف.. تجنّبها
كيف تتحول مقابلات العمل إلى ساحةٍ لسرقة الأفكار؟
سطّرت رائدة الأعمال كودي سانشيز تاريخاً مشرّفاً في بناء إمبراطوريتها الضّخمة، حيث بلغت ثروتها الصّافية 17 مليون دولارٍ في عقدها الثّالث. ومن البديهيّ أنّها تمشي على الدّرب الصّحيح. ولكن، كونها قادرةً على تحقيق الثّروة لا يعني بالضّرورة أنّ نصائحها ينبغي أن تُتّبعَ في كلّ شأن. خذ مثلاً، هذه الحيلة التي تقدّمها لحلّ المشكلات في الأعمال التّجاريّة. أطلقت سانشيز مؤخّراً تغريدةً تقولُ فيها:
هل تبحث عن حيلة لا يستخدمها أحد؟
أجر مقابلاتٍ مع أكبر عددٍ ممكنٍ من الأذكياء لكلّ وظيفةٍ تعرضها، واستفسر عن كيفيّة معالجتهم لمشكلاتك.
هذه استشاراتٌ مجانيّةٌ لك.
فلنتساءل، لماذا ليست هذه الطّريقة في التّوظيف جديدة، وأيضاً لماذا هي غير مُجديةٍ؟ إنّها تنطوي على عدم أخلاقيّة، وقد تتنافى مع الأخلاق المهنيّة، بل وقد تكون غير قانونيّةٍ.
ليست فكرة سرقة الأفكار من المرشّحين بالأمر الجديد، إذ يعود تاريخها إلى التّسعينات حينما خضت مقابلةً مع شركة طلبت منّي إعداد تحليلٍ كواجبٍ منزليٍّ، قمت بتسليمه ولم أعد أسمع منهم بعد ذلك، لن أستغرب إن كانوا قد استفادوا من تحليلي.
لو أنّ سانشيز أجرت بحثاً بسيطاً لاكتشفت أنّ "حيلتها" ليست بالجديدة، بل هي متداولةٌ على نطاقٍ واسعٍ. على سبيل المثال، إليك قصّة من منصة "كورا" تعود لعامين خلت:
"نعم، هذا يحدث فعلاً. تقدّمت لوظيفةٍ لدى إحدى الحكومات المحليّة بمنصب أخصّائي حفظ المياه، وقدّمتُ فكرةً مبتكرةً في خطاب التّقديم تتضمّن استخدام نظم المعلومات الجغرافيّة، وكانت تحمل في طيّاتها الكثير من الإمكانيّات".
خلال المقابلة، أبدى مدير نظم المعلومات الجغرافيّة اهتماماً كبيراً بفكرتي، فطرحَ عليّ العديد من الأسئلة المحدّدة، الّتي أجبت عنها جميعاً. وبعد مرور عامٍ، تم تكريمهم لابتكارهم طريقةً جديدةً في العمل أدّت إلى توفير كميّاتٍ كبيرةٍ من الماء وملايين الدّولارات على مدى الزّمن، لم يُنسب إليّ أيّ إنجازٍ".
وقصّة أخرى من "ريديت":
"قبل المقابلة الثّانية، طلب منّي صاحبُ العمل أن أُحضر معي بعض الأفكار الخاصّة بموقعه الإلكترونيّ ووسائل التّواصل الاجتماعيّ. وخلال المقابلة، سجّل ملاحظاتٍ حوّل كلّ ما قلتهُ وأعرب عن إعجابه بخبرتي التسّويقيّة". وفي نهاية المطاف لم يتم توظيفي. بدافع الفضول، بحثتُ عن الشّركة مجدّداً ووجدت أنّهم قد طبّقوا فعليّاً 90%، ممّا اقترحته خلال المقابلة".
هذه القصة من "ريديت" تعود إلى ثمانية أعوامٍ، ولكن من المحتمل أن يكونَ هناك مثل هذه القصص منذ العصور الغابرة، حيث كان يسرقُ الناس أفكار الأفراد الذين لم يتمّ توظيفهم.
إهدارُ وقت النّاس أمرٌّ ينافي الأخلاق، فإذا ما دعوت شخصاً لمقابلةٍ يعتقد أنّها خطوةٌ نحو التّوظيف، بينما أنت تسعى فقط للحصول على استشارةٍ مجانيّةٍ، فأنت بذلك تتجاوز حدود الأخلاق الإنسانيّة. بالطبع، ليس من الخطأ طرح أسئلة حول الأفكار خلال مقابلة العمل. لكن، إذا رغبت في استغلال هذه الأفكار، يجب عليكَ إمّا توظيف الشّخص لتنفيذها، أو دفع مقابلٍ له عنها.
الأعمالُ التي ينجزها موظّفوك تعتبر "عملاً موظّفاً لأجلك"، وأنت تمتلكُ حقوقها، أمّا المشروعات والخطط التي يطوّرها الآخرون ويعرضونها عليك فلا تعتبر كذلك، ولا تملك حقوقها. هذه الحقوق ملكٌ للمرشّحين، يمكنك شراء هذه الأفكار منهم، ولكن لا يحقّ لك استخدامها قانونيّاً بدون إذنٍ.
من الطّبيعيّ أن تجري مقابلاتٍ مع عدّة أشخاصٍ، توظّف الأنسب بينهم، وتحتفظ بالأفكار التي نوقشت في ذهنكّ. لكن، إذا كنتَ تدعو النّاس بنيّة سرقة أفكارهم فأنتَ تسلك مسلكاً غير أخلاقيٍّ.
السّرقة غير أخلاقيّةٍ وغير قانونيّةٍ، كما ذكرنا سابقاً، لا تمتلكُ الأعمال التي يقوم بها مرشحوك للوظيفة، حتّى لو كنتَ أنتَ من طلبَ إنجازها، فهم يملكونها.
إذا اكتشفَ المرشّحون أنّك استخدمت أفكارهم، يمكنهم مقاضاتك والفوز. بالطّبع، بعض الحالات أسهل في إثباتها من غيرها. ولكن، صعوبة إثبات المرشّح لحقّه لا تعطيكَ الحقّ في الاستيلاء على فكرتهِ.
شاهد أيضاً: 5 أسباب تحول بينك وبين توظيف أصحاب الكفاءات
تذكّر، تُثبّت حقوق النّشر فور إنشاء العمل، فليس من الضّروري تسجيله لدى مكتب حقوق النشر لتحظى بحماية حقوق النّشر. نعم، التّسجيل يُسهّل إثبات ملكيّة الفكرة، لكنّه ليس ضروريّاً. ببساطةٍ، إذا رغبت في استخدام فكرةٍ ما، فقط اطلب الإذن. وغالباً ما ستجد أنّ المرشّحَ سيكون مستعدّاً لفرض رسومٍ مقابل بضع ساعاتٍ من الاستشارة أو لترخيص استخدام الفكرة لك. لكن، إذا رفض، عليكَ احترام قراره.
وإذا كنتَ تبحثُ عن أفكارٍ، فعليك توظيف الأشخاص كمستشارين منذ البداية، كن واضحاً وصريحاً منذ اللّحظة الأولى، وقل لهم: "أمامي تحدٍ أسعى لتجاوزه، أودّ توظيفكَ لبضع ساعاتٍ للاستفادة من أفكاركّ"، واعرض عليهم مقابلاً معقولاً.
إذا كنت لا تودّ أن يستولي الآخرون على أفكاركِ، فلا تستولي على أفكارهم، فإنّ هذه الحيلةُ سيّئةٌ للغاية، وربّما لذلك حذفت سانشيز منشورها، فلا تفكّر حتّى في استخدامها.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.