خطاب فصل موظف: نصائح لتجنّب الأخطاء والحفاظ على سمعة الشّركة
الاستغناء عن موظف ليس بالأمر السهل؛ إذ يتطلّب مبررات قوية ومهارات دقيقة لضمان إنهاء خدماته دون الإضرار بسمعة الشركة أو معنويات الفريق
تُغفلُ بعضُ الشركات أحياناً عن ضرورة تقديم خطاب فصلٍ يتّسمُ بالاحترام والاحترافيّة عند إنهاء خدمات أحد الموظفين. في كثيرٍ من الأحيان، يتمُّ الاستغناءُ عن الموظفين بشكلٍ عشوائيٍّ ودون مراعاةٍ للأثر السلبيّ الذي قد يترتّبُ على هذا القرار، سواءٌ على مستوى سُمعة الشّركة أو الأداء العام للموظفين الآخرين، فضلاً عن تأثيره على رضاهم وولائهم الوظيفيّ. وفي ظلّ التحديات التي تفرضُها المنافسةُ الشديدةُ في العصر الحالي، يُصبحُ من الضروريّ أن تولي الشّركاتُ اهتماماً خاصّاً لهذه الجوانب الحيويّة لضمان استمرارها وتحقيق التّميّز في مجال عملها.
وبناءً على ذلك، تبرزُ مجموعةٌ من الأسئلة الجوهريّة: ما هي الأسبابُ المشروعةُ التي تُبررُ فصل الموظف؟ وما هي الممارساتُ غيرُ المهنيّة التي يجبُ أن تتجنّبها الشركاتُ في هذا السّياق؟ وما هي الإجراءاتُ التي يجبُ اتباعُها لضمان تنفيذ قرار الفصل بطريقةٍ احترافيّةٍ تُقلّلُ من الأضرار المحتملة؟ وما هي العواملُ الأساسيّةُ التي يجبُ مراعاتُها عند تقديم خطاب فصلٍ للموظف؟
لماذا تُضطرُّ الشركاتُ إلى فصل موظف؟
تتعدّدُ الأسبابُ التي قد تُضطرُّ الشركاتُ إلى الاستناد إليها لفصل موظفٍ معيّن، بعيداً عن الأسباب الاقتصاديّة أو الضّرورات المتعلّقة بتخفيض العمالة. ومن بين هذه الأسباب:
انخفاضُ الأداء
قد يظهرُ انخفاضُ الأداء في عدة صورٍ، مثل التأخُّر المستمرّ عن العمل أو المناوبات المجدولة، أو طلب فترات راحةٍ طويلة، أو عدم الالتزام بإجراءات التشغيل القياسيّة حتى بعد التدريب، بالإضافة إلى الفشل في إتمام المهام اليوميّة في الوقت المطلوب. ورغم أنّ بعض هذه المشكلات قد تُحلُّ من خلال تدريبٍ إضافيٍّ أو تقديم حوافز، إلا أنه إذا لم يُظهر الموظفُ أيّ علاماتٍ على التحسُّن بعد استنفاد كلّ السبل، فقد يكونُ قرارُ الفصل ضروريّاً في هذه الحالة.
سوءُ السلوك المهني
إذا وُجّهت للموظف عدةُ شكاوى تتعلقُ بسوء سلوكه مع العملاء أو زملائه في العمل، مثل العصبيّة أو التأخُّر في الردود أو عدم التّعاون أو اللّامبالاة، فإنّ ذلك قد ينعكسُ سلباً على سُمعة الشّركة ويؤدي إلى خلق بيئة عملٍ غير صحيّة. في مثل هذه الحالات، يمكنُ الاكتفاءُ بتنبيه الموظف لمرةٍ واحدةٍ أو نقله إلى قسمٍ آخر إذا كان ذلك ممكناً، مع مراقبة سلوكه. وإذا لم يتحسّن، يمكنُ اتخاذُ قرار الفصل دون تردُّد.
التورُّطُ في قضايا قانونيّة
تُعدُّ القضايا القانونيّةُ أكثر خطورةً من مجرّد سوء السلوك المهني، إذ تتطلبُ تدخُّل الجهات المختصّة بتنفيذ القانون. قد تشملُ هذه القضايا: الغشّ، والعنف، والسّرقة، والتّزوير، والتّحرُّش، وتعاطي المخدرات، سواءً داخل مقرّ العمل أو خارجه. وتشملُ السّلوكيات غير القانونيّة أيضاً: الإضرار بممتلكات الشّركة عمداً، أو إفشاء الأسرار التجاريّة، أو الإخلال بشروط التّعاقد الوظيفيّ، ممّا يستدعي اتخاذ إجراءاتٍ قانونيّةٍ صارمة.
ألّا يكون مناسباً للدّور المُكلّف به
في بعض الأحيان، قد يتبيّنُ أنّ الموظف غيرُ مناسبٍ للدور الذي أُوكل إليه، وهذا يضعُ جزءاً من المسؤوليّة على عاتق صاحب العمل الذي لم يتحقّقْ جيّداً من قدرته على أداء المهام المطلوبة. إذا لم يكنْ هناك تضليلٌ في السيرة الذاتيّة أو الشّهادات المرفقة، فإنّ عدم ملاءمة الموظف للدّور يستدعي اتخاذ قرارٍ مستنيرٍ بمشاورةٍ قانونيّةٍ، مع توثيق الأسباب التي دفعتْ لهذا القرار.
السيرةُ الذاتيّةُ المُضلّلة
وفقاً لدراسةٍ أجراها موقع "تشيكستر" (Checkster)، فإنّ 78% من المتقدّمين للوظائف قد يُبالغون أو يكذبون في بعض تفاصيل سيرهم الذاتيّة. وقد يتراوحُ ذلك بين إدراج مهارةٍ غير موجودةٍ فعليّاً، أو المبالغة بشأن دورةٍ تدريبيّة، ولكن إذا كان التّضليلُ يتعلّقُ بشهاداتٍ أو مهاراتٍ أساسيّة، خصوصاً في المجالات التي تمسُّ صحّة الإنسان أو السّلامة العامة، فإنّ ذلك يُعتبرُ سبباً مشروعاً للفصل.
أسبابٌ غيرُ مشروعةٍ لفصل موظف
لا تزالُ قوانينُ العمل في العديد من البلدان بحاجةٍ إلى تحديثٍ جذريٍّ لضمان حقوق العمال في بيئة عملٍ آمنةٍ وكريمة. ورغم ذلك، تـنتهجُ بعضُ الشّركات ممارساتٍ غير مشروعةٍ عند فصل الموظفين، ومن أبرز هذه الممارسات:
التّمييز
تـنتهجُ بعضُ الشّركات سياساتٍ تمييزيّةً تستندُ إلى العرق أو الجنس أو اللون أو العمر أو الإعاقة. على سبيل المثال، لا يجوزُ فصلُ موظّفٍ لأنّهُ امرأةٌ، أو بسبب تعرُّضه لإعاقةٍ إلا إذا كانتْ تمنعُهُ تماماً من أداء عمله. كذلك، لا يجوزُ فصلُ موظفٍ بناءً على اللّون أو العرق أو الجنسيّة، إذ قد يُؤدّي ذلك إلى رفع قضايا ضدّ الشركة، ممّا يترتبُ عليه دفعُ تعويضاتٍ كبيرةٍ والإضرارُ بسُمعتها وزعزعةُ استقرار بيئة العمل.
الانتقام
في حال قام الموظّفُ بالإبلاغ عن انتهاكاتٍ تحدثُ داخل المؤسسة، لا يحقُّ لصاحب العمل فصلهُ بدافع الانتقام. بل يجبُ حمايّةُ حقّ الموظفين في العمل ضمن بيئةٍ آمنةٍ تُشجّعُهم على الإبلاغ عن أيّ تجاوزاتٍ دون خوفٍ من العقاب.
عدمُ الموافقة على مُخالفة القانون
في بعض الشّركات، قد يُطلبُ من الموظفين القيامُ بأعمالٍ غير قانونيّةٍ، مثل تقديم شهاداتٍ غير صحيحةٍ أو تسويق منتجاتٍ غير مرخّصة. إذا رفض الموظّفُ تنفيذ هذه الأوامر، لا يجوزُ فصلُهُم بسبب هذا الرفض، وإلا يحقُّ لهم المطالبةُ بتعويضٍ في البلدان التي تحترمُ حقوق العمال.
إجراءاتٌ احترافيّةٌ عند فصل موظف
عندما تقرّرُ الشركةُ فصل موظفٍ، يجبُ أن تتّبع إجراءاتٍ احترافيّةً تضمنُ سلاسة العمليّة، وتخفّفُ من حدّة تأثيرها على جميع الأطراف المعنيّة. من بين هذه الإجراءات:
إجراءُ تحقيقٍ إذا كان هذا ممكناً
قبل اتّخاذ قرار الفصل، من الضروريّ إجراءُ تحقيقٍ شاملٍ وغير مُتحيّزٍ لتحديد الحقائق وتوثيقها. يُساعدُ التحقيقُ في الحفاظ على بيئة عملٍ آمنةٍ وأخلاقيّة، ويضمنُ اتخاذ قراراتٍ مُستنيرةٍ تحمي حقوق الموظف وسُمعة الشركة على حدٍّ سواء.
توثيقُ مشكلات الأداء
إذا كان سببُ الفصل هو تدهور أداء الموظف، فيجبُ على الشّركة الاحتفاظُ بسجلاتٍ دقيقةٍ توثّقُ الأخطاء المتكرّرة وأيّ إجراءاتٍ تأديبيّةٍ سابقة. يُساعدُ ذلك في إثبات أنّ قرار الفصل استند إلى أسبابٍ مشروعةٍ، وليس إلى تمييزٍ أو تحيُّز.
تقديمُ خطاب الفصل للموظف
يُعدُّ تقديمُ خطاب فصلٍ رسميٍّ خطوةً مهمةً لضمان تسجيل سبب الاستغناء عن خدمات الموظف بشكلٍ موثّق. يجبُ أن يتضمّن الخطاب:
- اسم الموظف والمنصب الذي كان يشغلهُ وتاريخ بدء الخدمة وتاريخ إنهائها.
- الأسباب المحدّدة للاستغناء عن الخدمات بوضوحٍ واختصار.
- رصد التحذيرات السابقة الموثّقة.
- المعلومات المتعلقة بالراتب الأخير أو أيّ بدلٍ إجازاتٍ أو أيّ مستحقاتٍ غير مدفوعة.
- التذكير بأنّ بنود السريّة لا تزالُ قائمةً في حالة وجودها.
- التذكير بالشروط القانونيّة عند مغادرة العمل.
- مساحةً لتوقيع صاحب العمل والموظف والإقرار بأنّهُ تلقّى الرسالة.
التدرُّبُ على الاجتماع مُسبقاً
يجبُ الإعدادُ الجيّدُ لما سيتمُّ قولُهُ في الاجتماع المُخصّص لإبلاغ الموظف بقرار فصله. يُنصحُ بالتدرُّب على نقاط المحادثة مُسبقاً وترتيبها لضمان وضوح الرسالة، مع اختيار الوقت المناسب لعقد الاجتماع دون التأثير على سير العمل، مع منح نفسك من 10-15 دقيقةً قبل الاجتماع لمراجعة ما ترغبُ في قوله بتركيزٍ ووضوحٍ وإيجاز.
الوضوحُ والاختصار
ينبغي أن تكون أسبابُ الفصل واضحةً ومختصرةً ومباشرةً، دون الإسهاب في الكلام أو إظهار مشاعر مُبالغٍ فيها. كلّما كانت الأسبابُ عمليّةً ومحدّدة، كان من الأسهل إنهاءُ الاجتماع بسرعةٍ وبفاعليّة.
اتباعُ الإجراءات العادلة والواجبة والقانونيّة
يجبُ أن تتمّ عمليّةُ الفصل وفقاً لسياسة الشّركة والقوانين السّاريّة في البلد الذي تعملُ فيه الشركة. من الضّروريّ أيضاً تنظيمُ جميع الوثائق والمستندات اللازمة لإثبات مشروعيّة القرار وموضوعيته.
اعتباراتٌ أساسيّةٌ عند فصل موظف
عند فصل موظفٍ يجبُ الانتباهُ إلى مجموعةٍ من الأمور الأساسيّة لتجنُّب أيّ أضرارٍ مستقبليّة:
التحديدُ المُبكّرُ للمخاوف ومنحُهُ فرصة التحسين
لا يجبُ أن يُطرد الموظفُ فجأةً بصرف النظر عن الأسباب، بل من الأفضل كثيراً تنفيذُ خطة تحسين الأداء مع مناقشة المشكلة مباشرةً مع الموظف وتقديم الملاحظات والموارد اللّازمة مع توثيق كلّ الخطوات لحمايّة عملك، وتزيدُ أهميّةُ هذه الخطوة إذا كان الموظفُ المفصولُ من أحد المديرين، وليس موظفاً جديداً، أو من الفريق، فهنا قد يتطلّبُ الأمرُ الكثير من الحذر والإجراءات لمنع انهيار الفريق بأكمله.
الاستماعُ إلى الموظف السّابق
من المهمّ منح الموظف فرصةً للتّعبير عن وجهة نظره حتى إذا لم يكنْ ذلك سيُغيّرُ من قرار الفصل. قد تُساعدُك وجهةُ نظره في اكتشاف نقاط ضعفٍ في إدارة الشّركة أو عمليّة التوظيف، ممّا يُمكّنُك من تجنُّب تكرار الأخطاء في المستقبل.
التحدُّثُ مع بقيّة الموظفين بشأن سبب الفصل
يؤدّي فصلُ موظفٍ إلى توتُّرٍ في بيئة العمل، لذا من المفيد التحدُّثُ مع الموظفين الآخرين وشرحُ سبب الفصل، خاصةً إذا لم يكن السببُ معروفاً. يُساعدُ ذلك في منع انتشار الشّائعات، ويطمئنُّ الفريق بأنّ الشركة تتخذُ قراراتٍ عادلة.
البحثُ عن بديلٍ مُبكّراً
يجبُ البدءُ في البحث عن بديلٍ فور توجيه إنذارٍ للموظف أو اتخاذ قرارٍ بالفصل. يمكنُ أن يكون البديلُ من داخل الفريق، أو من خلال تعيين موظفٍ جديد، مع تحمُّل فترة التدريب اللازمة.
الاستعانةُ بشاهدٍ خلال عمليّة فصل الموظف
لضمان الاحترافيّة والالتزام بالمعايير، يُفضّلُ وجودُ شاهدٍ موثوقٍ من الإدارة أو المشرفين أثناء إبلاغ الموظف بقرار فصله. يُساهمُ ذلك في توثيق الحدث والتّأكّد من تنفيذ العمليّة بشكلٍ سليم.
السماحُ بفرصةٍ للوداع
إذا لم يكنْ سببُ الفصل مُتعلّقاً بقضيّةٍ شائنة، ينبغي السماحُ للموظف بتوديع زملائه. هذا الإجراءُ مهمٌّ للحفاظ على الروح الطّيبة داخل بيئة العمل، شريطة أن يتمّ ذلك بطريقةٍ منظمة. أمّا إذا ارتفع التوترُ، وحدثتْ إساءاتٌ أو اعتراضاتٌ قويّة، فهنا لا مجال للوداع، حتى لا يتسبّب في بلبلةٍ داخل مكان العمل.
تغييرُ كلمات المرور واستعادةُ أيّ متعلقاتٍ خاصةٍ بالشركة
لا يجبُ أن تنسى منع الموظف من الدخول إلى قاعدة بيانات الشركة أو أيّ أماكنٍ حساسةٍ قبل إبلاغه بقرار الفصل، مع استعادة أيّ أدواتٍ أو متعلقاتٍ من أجهزةٍ وبطاقات هويّةٍ وموادٍّ وغيرها.
شاهد أيضاً: 4 خطوات رئيسة عند إبلاغ الموظّفين بفصلهم
إبلاغُ العملاء
إذا كان الموظفُ المفصولُ يتعاملُ مباشرةً مع العملاء، من الضروريّ إبلاغُهُم بأنّهُ لم يعدْ جزءاً من الفريق، وتحديدُ من سيتولى مهامّهُ، مع طلب ملاحظاتٍ حول جودة العمل.
منحُ الموظفين بعض الوقت عند التسريح لأسبابٍ ماليّة
في حالة فصل الموظف لأسبابٍ ماليّة، من الأفضل منحهُ بعض الوقت للبحث عن وظيفةٍ بديلة، أو منحهُ مكافأة نهاية الخدمة لتخفيف تأثير القرار عليه.
الطّريقةُ التي يتمُّ بها تنفيذُ قرار الفصل تعكسُ قيم الشركة وثقافتها، وهي إمّا أن تُعزّز من مصداقيّتها وسُمعتها، أو تؤدّي إلى العكس تماماً. لذا، على الشركات أن توازن بين الحفاظ على مصالحها وضمان احترام حقوق موظفيها، ممّا يُساهمُ في خلق بيئة عملٍ تحترمُ الجميع، وتدعمُ استمراريّة النجاح.