انقطاع خدمات Microsoft: الاستجابة التي زادت الطّين بلة
الاستجابة الباهتة لمايكروسوفت بعد انقطاع الخدمات تترك المستخدمين في حالة من الإحباط، وتكشف ضعف التّواصل والشّفافية عند عملاقة التّقنيّة
شهدت شركة مايكروسوفت (Microsoft) يوم الاثنين انقطاعاً واسع النّطاق أثّر على خدماتها الشّهيرة مثل "آوتلوك" (Outlook) و"تيمز" (Teams)، ممّا عطّل البريد الإلكترونيّ والتّواصل الفوريّ لملايين المستخدمين. وبدأت التّقارير عن الانقطاع تظهر في السّاعات الأولى من الصّباح، قبل أن تتزايد مع بدء يوم العمل، فيما لم تحدّد الشّركة عدد المستخدمين المتأثّرين بدقّةٍ، رغم أنّ لديها أكثر من 400 مليون مستخدمٍ لـ"آوتلوك" وحده.
وفي بيانٍ مختصرٍ نشرته الشّركة عبر منصّة "إكس" (x) الّتي كانت تحت مُسمى تويتر سابقاً، أكّدت فيه أنّها حدّدت تغييراً تقنيّاً حديثاً يُعتقد أنّه السّبب وراء المشكلة. وأضاف البيان: "بدأنا بإعادة الأمور إلى طبيعتها، ونواصل التّحقيق في الخطوات الإضافيّة المطلوبة لمعالجة الموقف". لكن هذا التّصريح يفتقر إلى الشفافيّة، ولا يوضّح طبيعة التّغيير الذي حدث، أو كيف تسبب في فقدان المستخدمين القدرة على الوصول إلى بريدهم أو خدمات المراسلة، أو حتى الخطوات المحدّدة الّتي تتّخذها الشّركة لحلّ المشكلة. بدا الأمر وكأنّ شخصاً ما ارتكب خطأً تقنيّاً فادحاً، وهو مشهدٌ غير ملائمٍ لشركةٍ بحجم مايكروسوفت.
ومن جهةٍ أخرى، قد يكون من المُطمئن أنّ العطل لم يكن نتيجة خرقٍ أمنيٍّ أو هجومٍ سيبرانيٍّ، إذ تعتبر خدمات البريد الإلكترونيّ الّتي تعدّ أداةً للجميع أهدافاً مغريةً للقراصنة، إلّا أنّ الحادث يسلّط الضّوء على هشاشة التّعديلات التّقنيّة الّتي يمكن أن تعطّل خدماتٍ تعتمد عليها ملايين الشّركات والأفراد يوميّاً.
ويزداد الأمر سوءاً عند مقارنة هذا الحادث مع عطلٍ مشابهٍ شهدته شركة "كراودسترايك" (CrowdStrike) في الصّيف الماضي، عندما تسبّب تحديثٌ خاطئٌ لبرامج مكافحة البرمجيّات الخبيثة في أعطالٍ بأجهزة "ويندوز" (Windows)، ممّا أدّى إلى تداعياتٍ شملت تعطيل الرّحلات الجوّيّة واعتماد المستشفيات على السّجلّات الورقيّة. ورغم أنّ تأثير انقطاع خدمات مايكروسوفت لم يصل إلى هذا المستوى، إلّا أنّ الاستجابة البطيئة للشّركة وعدم تقديم توضيحاتٍ وافيةٍ للمستخدمين زادت من حجم الانتقادات.
في مثل هذه المواقف، عادةً ما تواجه الشّركات التّقنيّة الكبرى، مثل مايكروسوفت، تحديّاتٍ في إدارة الأزمات المرتبطة بخدماتها الضّخمة. حيث يتطلّب تحديد الأسباب الجذريّة للمشكلة والعثور على الحلول اللّازمة ونشرها على نطاقٍ عالميٍّ وقتاً. لكنّ المشكلة الأكبر تكمن في ضعف التّواصل مع المستخدمين وغياب الشّفافيّة.
يبدو أن تجنّب الشّركات الإفصاح الكامل عن تفاصيل المشكلات قد يكون بدافع الحفاظ على السّمعة، لكنّ هذا النّهج قد يأتي بنتائج عكسيّةٍ. إذ يسهم الوضوح والصّراحة أثناء الأزمات في تعزيز الثّقة مع العملاء.
تُصنّف شركة مايكروسوفت، والّتي تبلغ قيمتها السوقيّة 3 تريليونات دولارٍ، كأكبر مزوّدٍ للبرمجيّات في العالم. لذا، فإنّ هذا النّوع من الأعطال لا يجب أن يحدث. وإذا حدث، فإنّ المستخدمين يتوقّعون استجابةً أكثر مهنيّةً ووضوحاً من شركةٍ بهذا الحجم.
فالبريد الإلكترونيّ، رغم قدمه، لا يزال الوسيلة الأساسيّة للتّواصل بين الشّركات والأفراد. وأيّ انقطاعٍ فيه يترتّب عليه تعطيلٌ كبيرٌ للأعمال. ومن حقّ المستخدمين الحصول على إجاباتٍ واضحةٍ حول أسباب الانقطاع وتأثيراته المحتملة.
وأخيراً، الثّقة هي أساس العلاقة بين الشّركات التّقنيّة ومستخدميها. حيث يتطلّب بناء الثّقة معلوماتٍ دقيقةً وشفّافةً، خاصّةً في أوقات الأزمات. وأيّ استجابةٍ أقلّ من ذلك تهدّد بتقويض مصداقيّة الشّركة، وهو الخطأ الأكبر الّذي يمكن لأيّ مؤسّسةٍ ارتكابه.