دعك من الاحتراق الوظيفي قد يحترق موظفوك وأنت لا تعلم
التصدي لـ"متلازمة الإرهاق من الملل" في بيئة العمل، كيف يمكن للقادة تحفيز الموظفين وتجديد حماسهم؟
نعم، قد تكونون أكثر تركيزاً على مواجهةِ الإنهاكِ، الذي يشهدُ ارتفاعاً على مستوى العالمِ، إلّا أنّ فريقكم قد يواجه مشكلةً أخرى خفيّةً وماكرةً: الشّعورُ بالمللِ. بالفعلِ، "متلازمة الإرهاق جرّاء الملل" لدى الموظّفين، والتي تُعرف بـ"المللِ المزمنِ وفقدانِ الحافزِ في بيئةِ العملِ" حسبما وُصفت في كتابِ "تشخيص الإرهاق من الملل" عام 2007، تبرزُ كمصدرِ قلقٍ متنامٍ. [1]
إذا كان الموظّفون لا يجدون ما يكفي من العملِ لينجزوه أو يشعروا بعدمِ الرّضا عن الأعمالِ التي يؤدونها، فقد يؤدّي مللهم إلى خفضِ الرّوحِ المعنويةِ وإلحاقِ الضّررِ بالشّركةِ. فالانخراطُ المنخفضُ، بوجهِ العمومِ، يكبّدُ الاقتصادَ العالميّ خسائرَ تُقدرُ بـ9% من النّاتجِ المحليّ الإجماليّ، وفقاً لتقريرِ حالةِ مكانِ العملِ العالميّ لعامِ 2023 من جالوب.
لكن يمكنُ لأربابِ العملِ اتّخاذَ خطواتٍ استراتيجيّةٍ لكبحِ جماحِ المللِ وتعزيزِ انخراطِ الموظّفين، كما يذكرُ جوش بيرسين، الباحثُ والمستشارُ في مجالِ المواردِ البشريةِ.
أوّلاً، يمكنُ للقادةِ صياغةُ "رؤيةٍ واضحةٍ ومُحفّزةٍ"، كما يقولُ بيرسين، رؤيةٌ تُوصل بجلاءِ أهدافِ الشّركةِ وقيمها وعملائها وخططها المستقبليّةِ. "هذا يظلّ عالقاً في الأذهانِ"، يُضيف. "يستوعبهُ النّاسُ، ممّا يمنحهم الوضوح اللّازم لجلبِ المزيدِ من الحيويةِ إلى العملِ وتوظيفها في سبيلِ تلك المهمّةِ".
هنا، يجبُ على القادةِ التأكّد من وصولِ الرّسالةِ إلى جميعِ العاملين، سواءً كانوا حاضرين شخصيّاً أو يعملون عن بُعدٍ. فقد كشفَ تقريرٌ صادرٌ عن جالوب في وقتٍ سابقٍ من هذا العامِ أنّ 28% فقط من العاملين حصرياً عن بُعد يشعرون بالارتباطِ بمهمّةِ وغايةِ منظّمتهم، وهي أدنى نسبةٍ منذُ عام 2011.
شاهد أيضاً: 4 خطوات رئيسة عند إبلاغ الموظّفين بفصلهم
في الواقعِ، قد يكون تحديدُ نقصِ الانخراطِ لدى العاملين عن بُعدٍ أمراً أكثرَ صعوبةً، كما يشيرُ بيرسين، لكنّ هذا الأمر قابلٌ للمعالجةِ: "أظنّ أنّ الأمرَ يستحقّ الخروجَ وتناولَ فنجانِ قهوةٍ وقضاءَ بعضِ الوقتِ مع الموظّفِ، فربّما يُطلعونك على ما لم يُخبروك به عبر الفيديو".
كما يحتاجُ القادةُ إلى فهمِ التّأثيرِ الذي يمكنُ أن يُحدثه مديرٌ فرديٌّ على مشاعرِ الموظّفِ في العملِ، يضيفُ بيرسين. فقد وجدت جالوب أنّ المديرَ وحده يتحمّلُ مسؤوليةَ 70% من تباينِ مستوى انخراطِ الفريقِ.
"عليكم مساءلةُ قادتكم عن الاستماعِ للموظّفين، والاهتمامِ بهم، والتّعرّفِ على مشاكلهم، وتحفيزهم على التّنقلِ وتقديمِ فرصٍ تطويريةٍ لهم"، كما يقولُ بيرسين. ويتذكّرُ موقفاً من مسيرتهِ المهنيّةِ عندما شعرَ بالمللِ أثناءَ عملهِ في شركةِ IBM، وكيف تدخّلَ مديرهُ ومنحهُ دوراً جديداً وأكثر تحديّاً، الأمرُ الذي أبقاه ملتزماً بالعملِ.
وأخيراً، لمنعِ تسربِ "متلازمة الإرهاق من الملل" إلى ثقافةِ الشّركةِ، يحتاجُ قادةُ الأعمالِ إلى الإيمانِ الحقيقيّ بأنّ فرقهم قادرةٌ على تحقيقِ المزيدِ، كما يقولُ بيرسين: "إذا كنتم تؤمنون بهذا، فإن الشّركةَ ستكون دوماً مصدرَ إلهامٍ للأفرادِ، حيث سيرونها كمكانٍ للنّموّ والتطوّرِ".