الذكاء الاصطناعي بلمسة إنسانية: توازن النجاح والمسؤولية
داريو أمودي يكشف لماذا غادر OpenAI ليؤسس Anthropic، مؤكّداً أّن الأمان والمسؤولية في تطوير الذّكاء الاصطناعي هو الأولوية
خلال مقابلةٍ مطوّلةٍ مع المدوّن الصّوتيّ ليكس فريدمان، كشف داريو أمودي، الرّئيس التّنفيذيّ لشركة "أنثروبيك" (Anthropic) والمؤسّس المشارك لها، عن رؤيته الفريدة لتطوير الذّكاء الاصطناعيّ، وأسباب مغادرته "أوبن إيه آي" (OpenAI). وفي حديثه، أظهر أمودي وجهة نظرٍ غير معتادةٍ في مشهد المنافسة الحادّة على التّفوّق في مجال الذّكاء الاصطناعيّ، موضّحاً أنّه لا يعتبر "حروب الذّكاء الاصطناعيّ" أولويّةً، بل يركّز على تحقيق رؤيةٍ متوازنةٍ وموجّهةٍ نحو الأمان والمسؤوليّة.
قبل تأسيس "أنثروبيك" في عام 2021، كان أمودي يقود الأبحاث في "أوبن إيه آي" لمدّة خمس سنواتٍ، حيث شهد التّطوّر الهائل الّذي شهده الذّكاء الاصطناعيّ وقدرته على التّطوّر السّريع. لكنّه شعر بأنّ التّركيز على التّوسّع السّريع في القدرات والذّكاء بدون وضع قواعدٍ آمنةٍ قد يؤدّي إلى نتائج غير محمودةٍ. حيث كان يطمح أمودي لرؤية تطويرٍ مسؤولٍ للذّكاء الاصطناعيّ، يركّز على بناء الثّقة بين النّظام وبين المستخدمين، ويعزّز الفوائد الإيجابيّة للمجتمع ككلٍّ. وعندما وجد أنّ تحقيق هذا التّوجّه قد يتعارض مع رؤى أوبن إيه آي، قرّر المغادرة ليبني شركةً جديدةً تمكّنه من تحقيق هذه الرّؤية.
وأوضح أمودي أنّ هناك سوء فهمٍ كبيرٍ حول سبب مغادرته، حيث يعتقد البعض أنّه غادر بسبب صفقة أوبن إيه آي مع "مايكروسوفت" (Microsoft)، لكنّ أمودي ينفي هذا السّبب. وأوضح قائلاً: "حقيقةً، السّبب يكمن في أنّ من الصّعب جدّاً بناء رؤيتك الخاصّة إذا كنت تسعى لتطبيقها داخل رؤية شخصٍ آخر. لذلك، قرّرت أن أبدأ شركتي الخاصّة، وأجذب معي فريقاً أثق بهم لتحقيق هذا الحلم".
كذلك يشدّد أمودي على فكرة "السّباق نحو القمّة" بدلاً من السّعي للهيمنة في السّوق، حيث يعتقد أنّ نموذجاً للذّكاء الاصطناعيّ يمكن أن يكون ناجحاً تجاريّاً وأخلاقيّاً في نفس الوقت. ويقول: "إذا تمكّنت من بناء شركةٍ تتبنّى ممارساتٍ مسؤولةٍ وجذّابةٍ للعاملين، فإنّ المنافسين سيلاحظون ذلك، وسيسعون لتبنّي ممارساتٍ مشابهةٍ بدلاً من التّركيز على المنافسة في ساحةٍ مليئةٍ بالتّحدّيات".
وبالإضافة إلى ذلك، يرى أمودي أنّ التّركيز على من يفوز في "حروب الذّكاء الاصطناعيّ" ليس مجديّاً، ويعتبر أنّ الأهمّ هو تحسين النّظام البيئيّ الشّامل للذّكاء الاصطناعيّ، ممّا يتيح للشّركات أن تقدّم إسهاماتها بشكلٍ يعزّز القيم الإيجابيّة، ويخفّض من المخاطر.
من ناحيةٍ أخرى، تحدّث أمودي عن الصّعوبات الّتي واجهتها "أنثروبيك" في تسمية نماذجها. فقد أطلقت الشّركة أسماءً بسيطةً على النّماذج الرّئيسيّة، مثل "هايكو" (Haiku) للنّموذج الصّغير، و"سونيت" (Sonnet) للنّموذج المتوسّط، و"أوبوس" (Opus) للنّموذج الكبير، لكنّها اضطرّت لإضافة تواريخ الإصدار لتسمية النّماذج المطوّرة، ما جعل الأسماء أكثر تعقيداً. وأوضح أمودي أنّهم يبذلون جهداً للحفاظ على البساطة، لكنّ سريعاً ما تظهر التّحدّيات، خاصّةً مع التّحديثات المستمرّة.
باختصارٍ، يشدّد أمودي على ضرورة النّظر إلى الذّكاء الاصطناعيّ كوسيلةٍ لخدمة المجتمع، وليس فقط كأداةٍ لتحقيق مكاسب تنافسيّةٍ. ويرى أنّ القيم الّتي يقود بها شركته ستكون نموذجاً يمكن للشّركات الأخرى أن تقتدي به في سعيها لتقديم حلولٍ تكنولوجيّةٍ أخلاقيّةٍ، ويعبّر عن أمله في أن تكون "أنثروبيك" جزءاً من الجهود الّتي تسهم في تطوير نظامٍ بيئيٍّ آمنٍ ومستدامٍ للذّكاء الاصطناعيّ.
شاهد أيضاً: OpenAI تستقطب عبقريّ التّقنية غابور تشيل