الرئيسية التنمية رؤية مو جودت لمفهوم السّعادة وأثرها على ريادة الأعمال

رؤية مو جودت لمفهوم السّعادة وأثرها على ريادة الأعمال

مؤلف كتاب "حل معادلة السعادة" يتحدّث إلى "عربية .Inc" عن الفرق بين السّعادة والمتعة وكيفيّة تحقيق التّوازن في الحياة المهنيّة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

في عالم الأعمال وريادة الأعمال، حيث تعلو المخاطر وتتزايد التّحدّيات، تضيع في كثيرٍ من الأحيان الحدود بين السّعادة الحقيقيّة المستدامة وبين اللّحظات العابرة من المتعة. يرى مو جودت (Mo Gawdat)، مؤلّف الكتاب الشّهير "حلٌّ للسّعادة" (Solve For Happy)، أنّ هذا الالتباس ليس مجرّد أمرٍ عابرٍ، بل هو مسألةٌ جوهريّةٌ تؤثّر في قدرتنا على بناء حياةٍ مليئةٍ بالرّضا والسّكينة.  

في حديثٍ أجراه مع "عربية .Inc" على هامش النّسخة الثّانية من معرض (Gladiator Summit)، الّتي انعقدت في دبيّ خلال نوفمبر، تناول جودت، وهو رائد أعمالٍ متسلسلٍ والرّئيس التّنفيذيّ السّابق للأعمال في شركة "غوغل [إكس]" (Google [X])، المعروفة حاليّاً بـ"إكس" (X)، "مصنع الأفكار الجريئة" التّابع لشركة ألفابت (Alphabet)، الشّركة الأمّ لغوغل، رؤيته حول الفارق الجوهريّ بين السّعادة الحقيقيّة، وتلك اللّحظات المؤقّتة الّتي يدفعنا العالم الحديث إلى اعتبارها سعادةً.  

يوضّح جودت برؤيته العلميّة: "أقنعنا العالم الحديث، العاجز عن تحويل السّعادة إلى سلعةٍ قابلةٍ للبيع، بأنّ السّعادة تجسّد المتعة، وأنّها تكمن في الفوز، والمكافآت، واللّحظات المثيرة. ولكنّ هذا تصوّرٌ خاطئٌ بناءً على الواقع والعلم؛ فلحظات المتعة الّتي ندمن عليها ليست إلّا نتيجة استجابةٍ جسديّةٍ لإفراز هرمون الدّوبامين، ووظيفته أن يشعرك أنّ ما حدث كان مهمّاً لك، ممّا يدفعك للسّعي نحو تكراره، حتّى وإن لم يكن ضروريّاً لبقائك. ومع الزّمن، يكتسب الجسد مناعةً تجاه الدّوبامين، ممّا يضعف استجابة الدّماغ له. وهكذا، ما كان مبهجاً في الماضي يصبح عاديّاً اليوم، ممّا يجعل الإنسان في سباقٍ مستمرٍّ نحو مزيدٍ من التّجارب المثيرة. هذه الدّوّامة تحرمنا من السّكينة، وتبقينا أسرى لشهواتٍ لا تشبع روحنا".  

ويكمل حديثه موضّحاً أنّ هذا السّعي الدّائم وراء المتعة يعيق قدرتنا على الشّعور بالسّعادة الحقيقيّة، تلك السّعادة الّتي يصفها بقوله: "السّعادة هي ذلك الإحساس العميق بالسّكينة والرّضا، الذي ينبع من تصالحك مع الحياة كما هي، دون أن تنتظر منها الكمال. فالحياة لن تكون مثاليّة أبداً، ولكن حين تتقبّل واقعها بسلام، تجد نفسك غارقاً في الطّمأنينة والهدوء. هذا القبول، الذي يأتي من عمق التّصالح مع الذّات، هو أعظم ما يمكن للإنسان أن يحقّقه في رحلته".  

يوضّح جودت الجانب الفسيولوجيّ للسّعادة قائلاً: "عندما تغمرك السّكينة، يفيض جسدك بهرمون السّيروتونين، الذي يختلف تماماً عن الدوبامين؛ فالسّيروتونين يمنحك شعوراً عميقاً بالاستقرار والرّضا، وكأنّه يخبرك بأنّك مكتفٍ بما أنت عليه، دون الحاجة لفعل المزيد. ولكنّ المثير للاهتمام هو أنّ ارتفاع مستويات الدّوبامين قد يؤثّر سلباً على إفراز السّيروتونين. فكلّما زاد تركيز الدّوبامين في الجسم، قلّ إنتاج السّيروتونين، ممّا يضعف قدرتك على اختبار السّكينة الحقيقيّة".  

يبرز جودت معادلةً عميقةً وبسيطةً لفهم السّعادة، قائلاً: "السّعادة هي عندما تكون أحداث حياتك إما مطابقة لتوقّعاتك أو أفضل منها. في عالمنا اليوم، نفتقد السّعادة ليس لأنّ الحياة قاسيةٌ بالضّرورة، بل لأنّ توقّعاتنا منها أصبحت بعيدةً عن الواقع، إمّا مرتفعةٌ بشكلٍ مفرطٍ أو غير منطقيّةٍ. لكن إذا تمكّنّا من مواءمة توقّعاتنا مع ما تمنحه لنا الحياة حقّاً، سنكتشف أنّ الكثير من الأحداث تتطابق مع هذه التّوقّعات، وسنجد أسباباً لا حصر لها للشّعور بالرّضا".  

يقدّم جودت من خلال هذه الرّؤية فلسفةً تحرّر السّعادة من قيود العصر الحديث، الّذي يسعى لتحويلها إلى متعٍ سريعةٍ ومكافآتٍ مؤقّتةٍ. ويدعونا إلى إعادة صياغة مفهومنا للسّعادة بعيداً عن سباقٍ لا ينتهي نحو المزيد، وإلى البحث عن السّلام الدّاخليّ بدلاً من اللّهاث وراء إثارةٍ جديدةٍ. في تصوّره، السّعادة ليست في الحصول على كلّ ما نفتقده، بل في تقدير ما لدينا الآن وقبول الحياة كما هي، بكلّ ما تحمله من جمالٍ وحقائق.  

نُشرت هذه المقالة لأول مرة في عدد ديسمبر من مجلة "عربية .Inc". لقراءة العدد كاملاً عبر الإنترنت، يُرجى النقر هنا.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: