رحلة اعتذارات Mark Zuckerberg الطويلة بين الاعتراف والتبرير
تضاف الجلسة الأخيرة في مجلس الشيوخ إلى قائمة الاعتذار العلنية المقدمة من رئيس Meta
واجهَ مارك زوكربيرج Mark Zuckerberg مجلس الشُّيوخ في جلسة استماعٍ للتَّحدث إلى أولياء الأمور، الَّذين تعرَّض أطفالهم للاستغلال أو التَّنمر أو دُفعوا إلى إلحاق الضَّرر بأنفسهم عبر وسائل التَّواصل الاجتماعيّ، فبدا الأمر وكأنَّه عودةٌ لمثل هذه الاجتماعات إلى الواجهة من جديد بعد أن غابت لفتراتٍ. [1]
"أعتذر عن كلِّ ما مررتم به"، هذا ما قاله الرَّئيس التَّنفيذيّ لشركة Meta يوم الأربعاء، وأضاف: "لا يجب على أحد أن يمرَّ بما مررتم به أنتم وعائلاتكم"، ثمَّ عاد إلى الحديث عن وضع الشَّركة، مشيراً إلى استمرار استثمارات مجموعة Meta في أعمالٍ "على مستوى القطَّاع" لحماية الأطفال.
ولدى Zuckerberg تاريخٌ طويلٌ من الاعتذارات العلنيَّة، التي تصدر عنه في كثير من الأحيان عقب الأزمات، أو عندما ينتفض مستخدمو Facebook ضدَّ التَّغييرات غير المعلنة في خدمته، التي غالباً ما تكون غير مرغوبةٍ من قِبلهم، إنَّه تاريخٌ يمثُّل حالةً استثنائيَّةً مقارنةً بأقرانه في مجال التُّكنولوجيا، الَّذين يفضِّلون بشكلٍ عام عدم التَّحدث علنيَّاً خارج إطار عروض المنتجات المدارة بعنايةٍ، ولكن من المؤكَّد أيضاً أنَّ Facebook كان لديها ببساطةٍ الكثير للاعتذار عنه.
وسواء كان الرَّأي العام يصدّق اعتذارات زوكربيرج دائماً أم لا، فإنَّه ما من شكِّ أنَّه هو نفسه يجد الإدلاء بها مهماً، وإليك تلخيصاً سريعاً، لكن ليس بالضَّرورة شاملاً، لبعض اعتذارات زوكربيرج الشَّهيرة والظُّروف التي أدت إليها:
تجربة Beacon غير الموفقة
كانت أولى موجات الغضب العارمة قد حدثت بسبب انتهاك الخصوصيَّة على Facebook جرّاء خدمةٍ تُسمّى Beacon، التي أطلقتها المنصّة في عام 2007، وكانت تهدفُ إلى الدُّخول في عصرٍ جديدٍ من إعلانات "التَّواصل الاجتماعيّ"، حيث كانت تتبَّع مشتريَّات المستخدم وأنشطته على مواقعٍ أخرى ثمَّ تنشرها على أخبار أصدقائه دون طلب إذنٍ، لكن بعد ردود الأفعال الغاضبة -التي عبّر عنها الكثيرون في ذلك الحين- كتب زوكربيرج في مقال نشرت TechCrunch جزءاً منه: "لقد ارتكبنا العديد من الأخطاء في إنشاء هذه الميِّزة، ولكنَّنا ارتكبنا المزيد حتَّى في كيفيّة التَّعامل معها"، وهكذا لم تدم خدمة Beacon طويلاً.
شاهد أيضاً: في اليوم العالمي لخصوصية البيانات: كيف نحمي الخصوصية في الفضاء الرقمي؟
سخرية من مستخدمي Facebook الأوائل
في إحدى أقدم قصص تأسيس Facebook، سخر Mark Zuckerberg -الذي كان يبلغ من العمر 19 عاماً حينها- من الطُّلاب الَّذين انضمّوا إلى خدمته النَّاشئة، وتفاخر أمام أصدقائه في رسائل نصيَّةٍ بالكمِّ الهائل من المعلومات الشَّخصيَّة التي جمعها بفضل الثَّقة التي وضعها مستخدمو الموقع في غير محلَّها، إذ وصفهم زوكربيرج بأنَّهم "أغبياء"، وتخلَّل تلك الكلمة بعضٌ من الشَّتائم.
وعندما نشر موقع Silicon Alley Insider، الذي كان يسمّى سابقاً Business Insider، تلك الرَّسائل في عام 2010، اعتذر زوكربيرج خلال مقابلةٍ أجرتها معه مجلة New Yorker، قائلاً إنَّه آسف "بالتَّأكيد" للتفوُّه بتلك الأشياء.
إخفاء تسوية فدرالية
في 9 نوفمبر 2011، خضعت Facebook لرقابة أشدَّ على الخصوصيَّة بعد أنَّ اكتشفت لجنة التّجارة الفيدراليّة FTC أنَّ الشَّركة كشفت عشوائيَّاً عن معلوماتٍ خاصَّةٍ دون إشعارٍ مسبقٍ، وفشلت في تقييد مشاركة البيانات مع التَّطبيقات عند تنشيط المستخدمين لإعداداتٍ مقيّدةٍ، وشاركت معلوماتٍ شخصيَّةٍ مع المعلنين بعد القول إنَّها لن تفعلَ ذلك، وغيرها، وفي نفس اليوم، نشر زوكربيرج مقالاً بعنوان "التزامنا تجاه مجتمع Facebook" مؤلّفاً من 1,418 كلمةٍ، ومع ذلك لم يذكر فيه الإجراء القضائيّ الذي اتَّخذته لجنة التِّجارة الفيدراليَّة حتَّى الثُّلث الأخير من المقال، ووصف الأخطاء الفادحة مثل خاصية Beacon بأنَّها "مجموعة من الهفوات".
شاهد أيضاً: اعتذار Mark Zuckerberg للأهالي: خطوة نحو حماية الطفولة على الإنترنت
جولة افتراضية في منطقة كارثية
كان إعجاب زوكربيرج بالواقع الافتراضيّ سابقاً بكثيرٍ لقراره بإعادة تسمية الشَّركة باسم Meta Platforms، ففي 9 أكتوبر 2017، ظهر هو وموظَّف آخر في Facebook في بثٍّ حيٍّ ضمن جولةٍ افتراضيَّةٍ قاما بها في بورتو ريكو فور وقوع إعصار ماريا، إذ نقلا صورةً تبيَّن حجم الضَّرر الحاصل والجهود المبذولة للتَّعافي من الكارثة، وذلك من خلال لقطاتٍ ثلاثيَّة الأبعاد مُسجَّلةٍ مسبقاً، وعبّر زوكربيرج عن شعوره تجاه تجربة الواقع الافتراضيّ عندما أحسَّ بالفعل "وكأنَّه متواجدٌ هناك في مكان الكارثة" بأنَّه "واحدةٌ من الأشياء المذهلة حقَّاً"، خاصَّةً بالنَّظر إلى أنَّه "مكانٌ يصعب الوصول إليه بالفعل في الوقت الحالي".
وفيما بعد، وضّح جهود Facebook للتَّعافي من الكارثة، ولكن الفيديو المتنافر جذب العديد من الشَّكاوى، حتَّى نشرَ زوكربيرج اعتذاراً قصيراً في دردشة الفيديو، وشرح فيه أنَّ محاولته لعرض جهود Facebook في مجال التَّعافي من الكوارث لم تكن واضحةً جداً، وقدم اعتذاره لأيِّ شخصٍ شعر بالإساءة.
فضيحة Cambridge Analytica
في عام 2018، انتشرت أخبارٌ حول سماح فيسبوك لتطبيقاتٍ بجمع كميَّاتٍ كبيرةٍ من البيانات من حسابات المستخدمين وحسابات أصدقائهم بدون رقابةٍ، بينما تورَّطت مئات التَّطبيقات في هذا الأمر، وتركِّز الانتباه سريعاً على تطبيقٍ واحدٍ، إذ التقط بياناتٍ من 87 مليونٍ مستخدمٍ على Facebook، وأرسلها إلى شركة تنقيب بيانات سياسيَّةٍ في المملكة المتَّحدة تسمَّى Cambridge Analytica، وكانت لها صلاتٌ بمستشار الرَّئيس الأمريكيّ السَّابق دونالد ترامب (ستيف بانون) في تلك الفترة، وقيل إنّ هذه البيانات استُخدمت لاستهداف النَّاخبين خلال حملة الانتخابات الرِّئاسيَّة الأمريكيَّة عام 2016 التي أسفرت عن انتخاب ترامب.
وقد اعتذر Mark Zuckerberg لأوِّل مرَّةٍ عن هذه الفضيحة في قناة CNN، قائلاً إنَّ Facebook تقع عليها "مسؤوليَّة" حماية بيانات مستخدميها، وإذا أخفقت في ذلك، "فإنَّنا لا نستحقّ فرصة خدمة النَّاس"، وقدَّم نسخةً من هذا الاعتذار في وقتٍ لاحقٍ من ذلك العام خلال شهادته أمام الكونغرس، قائلاً: "إنَّنا لم نتخذ رؤيةً واسعةً بما فيه الكفاية لمسؤوليتنا"، بينما واجهنا أيضاً الإخفاقات في قمع الأخبار المزيفة وخطابات الكراهيّة، وضعف الرَّقابة على خصوصيّة البيانات، وعدم معالجة التَّدخل الأجنبي بشكلٍ كافٍ في انتخابات عام 2016 على Facebook.
لمزيدٍ من الأخبار في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.