بوصلة النجاح: كيف تُحوّل ردود فعل العملاء إلى محرك للابتكار؟
استغلال هذه التعليقات بشكل استراتيجي لتعزيز الابتكار، وتحسين المنتجات، وتقديم خدمات تُلبّي احتياجات عملائك بدقة
ردود فعل العملاء سواءً الإيجابيَّة أو السَّلبيَّة يمكن أن تكونَ أقوى طُرقٍ لتنميَّة أعمالكَ، لكن إذا كنت تتلقَّى التعليقات الإيجابية بفخرٍ شديدٍ، في حين تتعاملُ مع النَّقد وردود الفعل السَّلبيَّة بغضبٍ أو تجاهلٍ أو حتَّى إحباطٍ، فهذا يعني أنَّك لن تنجحَ على الإطلاق في تحقيقِ أهداف مشروعكَ، فليس فقط تقديم منتجٍ رائعٍ هو ما يمنحك فرصاً أكبر للابتكار والنَّجاح، ولكنَّ تقديم تجربةٍ ذات معنىً للعملاء هو ما يضمن الاستخدامَ المستمرَّ لخدماتك ومنتجاتك وارتفاع مستوى الولاء.
لماذا عليك تركيز المزيد من الانتباه إلى ردود فعل العملاء؟
وفقاً لبحثٍ أجرَتُه مؤسَّسة غلوب، فإنَّ العملاء المهتمِّين بإبداءِ التَّعليقات يرفعون من قيمةِ وربحيَّةِ الشَّركة، ونموّ العلاقات بنسبة 23% مقارنةً بالعملاء العاديّين، وفيما يتعلَّق بالخدمات المصرفيَّة فإنَّ هذه النّسبة ترتفع إلى 37% مقارنةً بالعملاء الَّذين يستخدمون الخدمةَ فقط دون تعليقاتٍ.
حقيقةً ليس من السَّهل التَّعامل دائماً مع الانتقادات والتعليقات السلبية، لكن يؤكِّد خبراء الأعمال أنَّها أكثر أصول الشَّركات قيمةً وفائدةً على الإطلاق، فهي بمثابةِ نصائح مجانيَّة للمزيد من التَّطوير والقدرة على المنافسة الفعليَّة في سوقٍ شديدِ الازدحام، إذ يقول الخبير التّجاريُّ الهولنديُّ آري دي جيوس إنَّ القدرة على التَّعلُّم بطريقةٍ أسرع من منافسيك يمكن أن تتحوَّلَ إلى ميّزتك التَّنافسيَّة المستدامة الوحيدة. [1]
كيف يمكن تحويل ردود فعل العملاء إلى وسائل مبتكرة لتنمية مشروعك؟
في حين أنَّ التَّعلُّمَ من التعليقات السلبية قد يكون معروفاً وبديهيَّاً بمحاولة إصلاح الأخطاء، لكن من المهمِّ للغاية أيضاً إتقان التَّعامل بطريقةٍ مبتكرةٍ مع التعليقات الإيجابية واستغلالها لتنمية مشروعك وليس اقتصار فائدتها على أن تشعرَ فقط بالفخر الشَّديد، فهذا يجعلك تقف محلَّك تاركاً المجال لمنافسيك يسبقونك، وسنرصدُ فيما يلي نصائح أهمِّ خبراء الأعمال الَّذين حقَّقوا فائدةً من توظيف ردود الفعل بكفاءةٍ: [2]
استخدام ردود الفعل الإيجابية لتحسين الخطة التسويقية
إذا كانت التعليقات الإيجابية بشأن سرعةِ توصيل المنتج أو مكوِّناته الصِّحيَّة أو سرعةِ تأثيره على فئةٍ محدَّدةٍ أو على سعره، فمن المفيد هنا للغاية التَّركيز على نقاط القوَّة تلك، خصوصاً إذا كانت تعليقاتٍ متكررةً بشأن الموضوع نفسه، وبالطَّبع قد تحصل على تعليقاتٍ سلبيَّةٍ على نفس نقاط القوَّة تلك، وهنا عليك الموازنة بين نسبة التعليقات الإيجابية إلى السَّلبيَّة والتَّأكُّد من أنَّ الجمهورَ المستهدف فعليَّاً هو من يطرحها.
فالتَّعليق السَّلبيُّ إذا جاء من جمهورك غير المستهدف، فهذا لن يعني لك الكثير، كما أنَّ ردَّ الفعل الإيجابيّ أيضاً من الأفضل كثيراً أن يأتي من جمهورك المستهدف؛ لتضمن قدرته على تطوير منتجك، وإلّا سيكون عليكَ تحسين حملتك الدّعائية، وهنا التَّعليق الإيجابيّ سيظهر لكَ عيوباً خفيَّةً في خطّتك التَّسويقيَّة قد تضرُّك على المدى البعيد.
كما من المفيد عرض تلك التعليقات الإيجابية على الفريق بأكمله مع كلماتِ شكرٍ تحفيزيَّةٍ تزيد من دوافع الموظَّفين، وتُبقي قدرتهم كبيرةً ومتجدِّدةً على العمل الخلَّاق.
شاهد أيضاً: خريطة رحلة العميل.. لعبة السلم والثعبان بين العميل والشركة
حوّل الردود السلبية لقوة تزيد من ولاء العملاء
لا مفرَّ من وصول تعليقاتٍ سلبيَّةٍ لكَ أو لأحد أعضاء فريقكَ أو على المنتج والخدمة عموماً، وبدلاً من اتِّخاذ موقفٍ دفاعيٍّ فوريٍّ من الأفضل الاستماع بعنايةٍ ثمَّ التقاط الأنفاس وطلب وقتٍ معقولٍ لإصلاح الخطأ مع طرح أسئلةٍ متنوّعةٍ على نفسك بشأن أفضل ما يمكنك القيام به؛ لتجنُّب تكرار الخطأ نفسه من جديدٍ.
ولا تنظر إلى الخطأ على الإطلاق وكأنَّه طعنكَ في مقتلٍ فعلى العكسِ، تُشير الإحصاءات إلى أنَّ نسبة تفكير العملاء في الشَّركة التي أَصلحت أخطاءها أكبر بكثيرٍ من تفكيرهم في الشَّركة التي لم تُخطِئ على الإطلاق، وهذا فيما يُعرف باسم SRP أو مفارقة إصلاح الخدمة "Service recovery paradox"، فعند إصلاح الخطأ والاستجابة لشكاوى العُملاء، فإنَّك في الواقع تُحقِّق مستوى رضاءٍ أكبر بكثيرٍ ممَّا يُمكن أن تحقِّقه في المرَّة الأولى دون أخطاءٍ.
الردّ على التعليقات السلبية في أسرع وقت ممكن
هو من أكثر الأمور البديهيَّة على الإطلاق، وعلى الرَّغم من ذلك عادةً ما يتعرَّض هذا الجزء للتَّجاهل، فلا يجب أن تكتفي فقط بإصلاح المنتج أو الخدمة، ولكن يجب الرَّدُّ على التعليقات السلبية سواءً على الصَّفحة الرَّئيسيَّة أو برسائلَ خاصَّةٍ أو عبر البريد الإلكترونيّ، مع إبداء التَّعاطف التَّامّ تجاه ما يشعر به عملاؤك ومحاولة إرضائهم، مع التَّأكيد على السَّعي الدَّائم لتحسين ما تُقدِّمه.
استخدام التعليقات الإيجابية كشهاداتٍ لزيادة تسويق المنتجات
الشَّهادات الموثَّقة ودراسات الحالة هي الفرصة الذَّهبيَّة للتسويق، فهي تزيد الثِّقة في المنتج، وتقلِّل من مشاعر المخاطرة عندما يُجرِّب عميلٌ جديدٌ التَّعامل معك، كما أنَّها شكلٌ مثاليٌّ من أشكال القبول الاجتماعيّ، ولا ينبغي الاكتفاء فقط بنشر التعليقات الإيجابية التي تردّ على صفحتك الخاصَّة، بل يمكن تحويلها إلى دراسةِ حالةٍ، كأن تذكرَ أنَّ نسبةً معيّنةً من عملائك راضين عن الخدمة سواءً بطريقة تقديمها أو سعرها أو توفيرها للوقت أو غيرها من الجوانب الإيجابيَّة.
كما يمكنك أن تطلبَ من العملاء الرَّاضين تصوير مقاطع فيديو قصيرةً؛ لأنَّ هذا يزيد من مصداقيَّة ما تقدِّمه بنسبة 86% على الأقل وفقاً للأبحاث، ويرفع من درجة الإقبال على التَّعامل معك وعرض فرصٍ أكبر لتسويق أعمالكَ واسم شركتكَ.
الاهتمام بردود الفعل على المنتجات والخدمات المنافسة
ردود الفعل من عملائك ليست فقط هي المهمَّة في تطوير مشروعكَ، ولكنَّ توجيه المزيد من الانتباه إلى التَّعليقات الموجودة على الصَّفحات المنافسة لك يمكن أن تؤدِّي إلى نموٍّ هائلٍ عندما ترصد مواطِنَ الشَّكوى وتحاول تلافيها فيما تُقدِّمه، أو تتعقبُ نقاط القوّة وتحاول التَّركيز عليها، وهنا هذا الاهتمام لا يعني التَّقليد الأعمى، إذ يجب أن يكون لديك هويّةٌ خاصَّةٌ، ولكنَّ سدَّ الفجوات الموجودة لدى المنافسين بتقديم منتجٍ أو خدمةٍ جيدةٍ يزيد من فرص النُّموّ السَّريع لك.
الاستعانة بفريق عمل متنوّع
للاستفادة الفائقة بالفعل من ردود فعل العملاء لا بدَّ أن يكون فريقُ عملك متنوّعاً سواءً في التَّخصُّصات والميول والتَّوجُّهات وغيرها لاستخلاص الجوانب الإيجابيَّة والسَّلبيَّة من تلك التَّعليقات وتوظيفها لصالحك بالفعل، فكلّما ارتفع مقدارُ التَّنوّع تحسَّنت العمليَّات الإبداعيَّة في الشَّركة مع تجنُّب مخاطرِ التفكير الجماعي الذي يضرُّ بالإبداع ويجعلك تسير في خطٍّ واحدٍ فقط بناءً على توصياتِ الفريق دون الاهتمام بالكثير من الجوانب الأُخرى، ممَّا يزيد من فرص منافسيكَ في الإطاحةِ بكَ.
شاهد أيضاً: خدمة العملاء.. استراتيجيات مبتكرة لتحسين تجربة العميل وتعزيز ولائه
إنَّ مفتاحَ نجاح أيّ شركةٍ هو بإشراك العملاء، ولكنَّ الأمر أكبر بكثيرٍ من مجرَّد الاهتمامِ بخدمة العملاء أو التَّعامل بكفاءةٍ مع الشَّكاوى الشَّخصيَّة سواءً عند التَّعامل مع المنتج أو أحد الموظَّفين، ولكن يمكن للشَّركات بالفعل تحويل ردود الفعل المختلفة من المستهلكين إلى قوّةٍ إبداعيَّةٍ كبيرةٍ تضمن لها استمرار المنافسة لسنواتٍ لا نهاية لها، فبعض ردود الفعل تحمل هدايا قيّمةٍ للغايةِ، عليك أن تلتقطها بين عشرات ومئات وربَّما آلاف من التَّعليقات الأُخرى ومع عرضها على فريقٍ متكاملٍ والاستفادة من آرائهم وخبراتهم المتنوِّعة في كيفيَّة توظيفها بطريقةٍ صحيحةٍ، فإنَّ فرص النُّموّ ستتسارع بالتَّأكيد خلال فترةٍ قصيرةٍ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.