رواد التكنولوجيا في الخليج العربي: جوزيف دالاغو

بدأ شغف جوزيف دالاغو بالتّقنيّة وقدرتها التّحويليّة عندما خطا أولى خطواته في البرمجة في سنّ التّاسعة عشرة. واليوم، بصفته المؤسّس المشارك والرّئيس التّنفيذيّ لمنصّة العملات الرّقميّة رين (Rain)، يواصل هذا الشّغف لقيادة ثورة العملات الرّقميّة في منطقة الخليج. انطلقت شركته من البحرين، حيث كانت البداية المتواضعة، ثمّ توسّعت لتشمل الإمارات والتّركيّة، حاملةً رؤيته نحو مستقبلٍ ماليٍّ جديدٍ. 

يقول دالاغو: "لقد حقّقت رين إنجازاتٍ مبهرةً، مع حجم تداولٍ بلغ 6.3 مليار دولارٍ أمريكيٍّ، و1.3 مليون تسجيلٍ، و450 ألف مستخدمٍ موثّقٍ وفقاً لإجراءات "اعرف عميلك". بصفتنا أوّل شركةٍ مرخّصةٍ لتداول الأصول الرّقميّة في الشّرق الأوسط، حاصلةٍ على تراخيص كاملةٍ في الإمارات والبحرين، مع عمليّاتٍ جاريةٍ في التّركيّة ورخصةٍ قيد التّنفيذ، نخدم 10 دولٍ، ونوفّر أكثر من 45 عملةً رقميّةً، مع تمويلٍ فوريٍّ بالدّرهم الإماراتيّ. مع أكثر من 4 ملايين معاملةٍ ودعمٍ ثلاثيّ اللّغات على مدار السّاعة، أصبحت رين شريكاً موثوقاً للأفراد والمؤسّسات في الخليج". 

ويتابع دالاغو حديثه عن دور رين في صياغة مشهد العملات الرّقميّة في المنطقة: "عملنا بشكلٍ وثيقٍ مع مصرف البحرين المركزيّ لوضع إطارٍ تنظيميٍّ هو الأوّل من نوعه. في عام 2019، أصبحنا أوّل منصّةٍ مرخّصةٍ لتداول العملات الرّقميّة في المنطقة. اليوم، نخدم أكثر من مليون عميلٍ، وجمعنا 110 ملايين دولارٍ في جولة تمويلٍ من الفئة B، بمشاركة روّادٍ عالميّين مثل كوين بيس (Coinbase)، وبارادايم (Paradigm)، وكلينر بيركنز (Kleiner Perkins)". 

ورغم هذه الإنجازات، يرى دالاغو أنّ الطّريق لا يزال مليئاً بالفرص غير المستغلّة. يقول: "ما يثير اهتمامي بشأن مستقبل تقنيّة البلوكتشين هو إمكانيّتها في إعادة تشكيل الأنظمة الماليّة. إنّها تفتح أبواباً لشفافيّةٍ أكبر، وتخفّض الحواجز، وتتيح بناء اقتصادٍ عالميٍّ أكثر إنصافاً. في رين، نبني البنية التّحتيّة لهذا المستقبل الماليّ الجديد، لنمكّن الأفراد والشّركات في المنطقة من تحقيق الاستفادة الكاملة من الأصول الرّقميّة". 

دليل النّجاح: جوزيف دالّاغو

ما الدّور الّذي ستلعبه دول مجلس التّعاون الخليجيّ في المشهد العالميّ مستقبلاً، في ظلّ استثماراتها الضّخمة في التّكنولوجيا؟

"تقف دول مجلس التّعاون الخليجيّ على أعتاب مرحلةٍ تاريخيّةٍ تؤهّلها لقيادة الاقتصاد الرّقميّ العالميّ، لا سيّما في قطاع العملات المشفّرة. فمنذ انطلاقة رين (Rain)، كانت البحرين سبّاقةً في تبنّي نهجٍ تنظيميٍّ متقدّمٍ، ما مكّننا من أن نكون أوّل منصّةٍ مرخّصةٍ لتداول العملات المشفّرة في الشّرق الأوسط. وعلى النّهج ذاته، أرسى سوق أبو ظبي العالميّ (ADGM) في الإمارات بيئةً متكاملةً تدعم ازدهار الشّركات المشفّرة، ضمن إطارٍ تنظيميٍّ واضحٍ ومتينٍ. هذه الخطوات تعبر عن رؤيةٍ مستقبليّةٍ واعيةٍ، تستشرف التّحوّلات الاقتصاديّة الكبرى.

إنّ الاستثمارات الهائلة في التّكنولوجيا، إلى جانب الأطر التّنظيميّة الرّشيدة والتّركيز المستمرّ على الابتكار، تجعل من دول الخليج لاعباً محوريّاً في صياغة مستقبل العملات المشفّرة على الصّعيد العالميّ. بل إنّ نموذجها يقدّم اليوم كمرجعٍ لكيفيّة تحقيق التّوازن بين التّحفيز على الابتكار، وترسيخ مبادئ الثّقة والأمان. وأكاد أوقن أنّ الخليج لن يكون مجرّد مركزٍ لهذه الصّناعة، بل سيؤثّر بعمقٍ في وضع المعايير العالميّة لكيفيّة دمج بلوكتشين (Blockchain) في الاقتصادات الحديثة."

ما نصيحتك لروّاد الأعمال الشّباب أو الشّركات النّاشئة الّتي تسعى إلى دخول هذا القطاع أو التّوسّع فيه؟

"علّمتني سنواتي في ريادة الأعمال أنّ النّجاح في عالم العملات المشفّرة لا يقوم إلّا على ركنين: الثّقة والرّؤية الواضحة. منذ انطلاقة رين (Rain)، وضعنا الأمن والالتزام التّنظيميّ وثقة العملاء في صميم استراتيجيّتنا، فكان ذلك مفتاح نموّنا، والسّبيل إلى كسب ثقة المستخدمين والمستثمرين على حدٍّ سواءٍ.

لمن يتطلّع إلى دخول هذا المجال، لا تغفلوا عن بناء المصداقيّة، ولا تتوقّفوا عن تقديم قيمةٍ حقيقيّةٍ لعملائكم. استوعبوا الأطر التّنظيميّة جيّداً، وتفاعلوا بوعيٍ مع صنّاع القرار. لكن لا تجعلوا ذلك يحدّ من ابتكاركم، فالنّجاح لا يكون إلّا لمن يواصل التّجديد، ويقدّم حلولاً فاعلةً. العملات المشفّرة تملك القدرة على إعادة تشكيل الاقتصادات، ولكن وحدها الشّركات الّتي تتسلّح برؤيةٍ طويلة الأمد، وتضع الثّقة في مقدّمة أولويّاتها، هي الّتي ستنجو وتزدهر. وإن كنتم تؤمنون بإمكانات هذه التّقنيّة، فلا لحظة أنسب من الآن للإسهام في نهضتها."

جوزيف دالّاجو، المؤسّس الشّريك لـ رين تريدينغ ليميتد (Rain Trading Limited) ، كان واحداً من ثلاثين مبتكراً احتفت بهم مجلّة "عربية .Inc"في عدد ديسمبر 2024 ضمن تقريرها الخاصّ "روّاد التّكنولوجيا في الخليج العربي" (The GCC’s Tech Vanguard). للاطّلاع على القائمة الكاملة، اضغط هنا.