رواد التكنولوجيا في الخليج العربي: فيناي جوكالداس

فيناي جوكالداس، الرّجل الّذي لا يكتفي بالنّظر إلى الحاضر، بل يخطو ببصيرته نحو المستقبل، حمل في قلبه رؤيةً لا تنحصر في النّجاح الشّخصيّ، بل تسعى إلى تمكين الأفراد وإحداث تغييرٍ عميقٍ في حياتهم. بصفته مؤسّساً ورئيساً تنفيذيّاً لشركة باسيف فاينانشال (Pasiv Financial)، الّتي تتّخذ من دبيّ مقرّاً لها، أطلق جوكالداس أوّل منصّةٍ للاستثمار المصغّر في الإمارات العربيّة المتّحدة، منصّةً ولدت من رؤيةٍ تمزج بين الذّكاء الاصطناعيّ وعالم المال، لتقدّم حلولاً تجعل الادّخار والاستثمار جزءاً طبيعيّاً وسهلاً من حياة النّاس. 

لقد رأى جوكالداس، بعين الخبير المتيقّن، أنّ كثيراً من النّاس في الإمارات، من الأصدقاء إلى أفراد العائلة والزّملاء، يصلون إلى أواخر الثّلاثينيّات، دون أن يبدأوا في الادّخار لتقاعدهم. هذا الإدراك لم يكن مجرّد ملاحظةٍ، بل كان شرارةً أضاءت طريقه نحو ابتكار منصّةٍ تبسّط عمليّة الادّخار، وتزيل عن الأفراد عبء التّعقيد، وتجعل الاستثمار أمراً يجري بانسيابيّةٍ، دون أن يعكّر صفو حياتهم. يقول جوكالداس: "تصوّرت حلّاً يجعل الادّخار والاستثمار يجريان بسلاسةٍ في الخلفيّة، دون أن يشعر الأفراد بأدنى اضطرابٍ في نمط حياتهم". وهكذا خرجت باسيف إلى النّور، لتعيد تعريف الاستثمار السّلبيّ وتحوّله إلى تجربةٍ طبيعيّةٍ". 

لم يكن طموح جوكالداس محدوداً بإطلاق منصّةٍ تقنيّةٍ فحسب، بل كان يحمل رسالةً أعمق: تعليم الأفراد أهمّيّة العادات الماليّة الصّحيحة، وتشجيعهم على الاستثمار المنتظم لبناء أصولٍ تنمو بمرور الوقت. يقول: "ميزة الاستثمار المصغّر الّتي نقدّمها، والّتي تتيح للمستخدمين البدء بمبالغ صغيرةٍ تصل إلى 5 دراهم إماراتيّةٍ فقط، ليست مجرّد أداةٍ ماليّةٍ؛ إنّها خطوةٌ نحو دمقرطة الوصول إلى الأسواق الماليّة، وجعل الجميع جزءاً من الاقتصاد العالميّ". 

ومع ذلك، يؤكّد جوكالداس أنّ رؤيته تمتدّ إلى ما هو أبعد من بناء المحافظ الفرديّة. فهو يؤمن أنّ تقنيّةً مثل باسيف يمكنها أن تسهم في بناء مجتمعاتٍ أكثر عدلاً واستدامةً. يقول: "لن يزدهر الاقتصاد في المستقبل إلّا إذا تمكّن المزيد من النّاس، بغضّ النّظر عن مستوى دخلهم، من المشاركة في خلق الثّروات. هذه التّقنيّة ليست مجرّد وسيلةٍ لبناء المحافظ، بل هي وسيلةٌ لبناء مجتمعاتٍ متوازنةٍ، رصينةٍ، وقادرةٍ على مواجهة تحدّيات المستقبل". 

دليل فيناي غوكالداس للنّجاح

ما الدّور الّذي يمكن أن تلعبه دول مجلس التّعاون الخليجيّ عالميّاً بالنّظر إلى استثماراتها في التّكنولوجيا؟

"تخطو دول مجلس التّعاون الخليجيّ خطواتٍ واثقةً نحو ترسيخ مكانتها كمركزٍ عالميٍّ للابتكار، وهو ما يتجلّى في استقطابها لألمع العقول من مختلف أنحاء العالم. دولة الإمارات، على سبيل المثال، تعدّ نموذجاً فريداً بفضل بيئتها الدّاعمة الّتي تركّز على جودة الحياة، والأمان، والأسرة، وهي عوامل جوهريّةٌ لتحفيز السّعادة والإبداع والابتكار.

لكنّ الإمارات لا تقف عند حدودها؛ فهي تعيد رسم خرائط الاقتصاد العالميّ عبر التّحوّل إلى جسرٍ يربط القارّات، جامعاً بين البشر، والتّكنولوجيا، ورؤوس الأموال، مع تركيزٍ خاصٍّ على إفريقيا. هذه الاستثمارات الاستراتيجيّة في البنية التّحتيّة والابتكار لا تغيّر واقع المنطقة فقط، بل تحدث موجة تأثيرٍ عالميٍّ تعيد تشكيل مشهد التّكنولوجيا والتّعاون الدّوليّ".

ما النّصيحة الّتي تقدّمها للشّباب والشّركات النّاشئة في مجال التّكنولوجيا الماليّة؟

"الدّخول إلى عالم التّكنولوجيا الماليّة يحتاج إلى أكثر من مجرّد فكرةٍ جيّدةٍ؛ فهو يتطلّب شغفاً عميقاً، ومثابرةً مستمرّةً، وفهماً شاملاً لقطاعٍ شديد التّعقيد والتّنظيم.

رحلة ريادة الأعمال مليئةٌ بالتّحدّيات، ولكنها تبدأ وتنتهي بالشّغف، فهو الوقود الّذي يدفعك لتجاوز العقبات. نصيحتي للشّباب هي الانغماس الكامل في المجال الّذي يطمحون للعمل فيه، حتّى لو تطلّب الأمر قبول مهامٍ تبدو مملّةً أو غير مدفوعةٍ في البداية. على هذه الخطوات الأولى تبنى المهارات الأساسيّة، وتؤسّس شبكات علاقاتٍ قويّةٍ، وتتيح الفرصة لاكتشاف الجوانب الّتي تلهمهم فعلاً.

عندما تجد شغفك في وقتٍ مبكرٍ، فإنّك لا تحقّق النّجاح المهنيّ فقط، بل تعيش السّعادة الحقيقيّة بأن تنهض كلّ يومٍ للقيام بما تحب".

فيناي غوكالداس، من شركة باسيف فاينانشل (Pasiv Financial)، كان أحد أبرز 30 مبتكراً تمّ تكريمهم ضمن تقرير “روّاد التّكنولوجيا في دول الخليج العربيّ” في العدد الخاصّ لشهر ديسمبر 2024 من مجلّة "عربية .Inc". لاستعراض القائمة الكاملة، يرجى النّقر هنا.