ستيف جوبز يُلقي الضوء على أساس النجاح والرضا الدائمين
باحتضان اكتشافٍ بسيط يُحدّد مسارك، وذلك بما يتوافق مع تصوّرك الشّخصي للنّجاح.
قد يظنُّ البعض أنّ، ستيف جوبز، المعلّم الفذّ في عالم التّكنولوجيا، مزيجٌ من مكوّنات النّجاح الفريدة: الذّكاء، والموهبة، والإبداع، والمعارف، الّتي يفتقدونها.
لكنّ الحقيقة أنّك عندما تغوص في أعماق شخصيّاتٍ ناجحةٍ مثله، ستجد أنّهم، مثلك تماماً، يعانون من متلازمة المحتال، تلك الشّكوك الدّاخليّة الّتي تعتريهم رغم الأدلّة القاطعة على كفاءتهم وإبداعهم. جوبز نفسه قد صاغ هذا الواقع بكلماتٍ لا تُنسى:
"الحياة تصبح أكثر إشراقاً عندما تكتشف حقيقةً بسيطةً ولكنّها عميقةً: كلّ ما تحيط به وتطلق عليه اسم 'الحياة' هو نتاج أيدي أشخاصٍ لم يكونوا أذكى منك. وأنت، نعم أنت، قادرٌ على إعادة صياغتها وتحسينها".
في اللّحظة الّتي تستوعب فيها هذا الحقيقة، تبدأ في التّفكير بجديّةٍ في كيفيّة تحسين وتطوير الواقع الّذي تعيش فيه، بدلاً من الاكتفاء بالعيش فيه كما هو.
كان جوبز شخصيّةً معقّدةً ومتناقضةً، رائدَ أعمالٍ برؤيّةٍ استثنائيّةٍ، وفي الوقتِ نفسِه، شخصاً قد يقتصر طعامه على الجزر والتّفاح لأسبوعٍ كاملٍ، كما كان قائداً بالغ التّأثير، لكنّه لم يكن نموذجاً للرّئيس التّنفيذيّ الذي يتّسم بالدّفء والتّعاطف.
نحن، جميعاً، مزيجٌ من التّناقضات. في بعض الأوقات، جميعنا نشعر بعدم الأمان، بالشّكّ، بالفوضى. كما يقول سينيستر غيتس، عازفُ الجيتار في فرقة "Avenged Sevenfold":
"كلٌّ منّا لديه جانبٌ معقٌّد ومشوّشٌ".
هذا ليس محبطاً، بل هو منظورٌ يمنح القوّة والتّفاؤل، خاصّةً عند النّظر إلى قصصِ النّجاح الأخرى. فلنأخذ ريتشارد برانسون كمثالٍ، هو رائد أعمالٍ بامتياز، وفيلانثروبي مشهورٌ، ومغامرٌ عالميّ، ومؤثرٌ بين القادة العالميين. عندما قابلته لأوّل مرّةٍ، شعرت بالتّوتر، وما كان عليّ ذلك لأنّه كان: كريماً، وقوراً، ومراعيّاً (حتّى إنّه أعطاني نصف شطيرته). وعلى الرّغم من أنّ الواقع نادراً ما يرقى إلى مستوى التّوقّع، إلّا أنّ برانسون كان بالضبط ما كنت آمل أن يكون عليه.
وفي الختام، سمعته يقول لمنسّق العلاقات العامّة لديه: "هل تعتقد أنّ المقابلة سارت بشكلٍ جيّدٍ؟ لست متأكّداً من أنّني قدّمت إجاباتٍ مُرضيّةٍ لبعض الأسئلة." في تلك اللّحظة، أدركت أنّ حتّى العظماء -مثل برانسون- يعانون من الشّكّ والقلق، تماماً مثلُنا نحن.
شاهد أيضاً: 5 طرق للنجاح خارج منطقة الراحة الخاصة بك
يمكنني الإشارة إلى المزيد والمزيد من النّماذج التّوضيحيّة، لكنّ السّؤال الأساسيّ يبقى: لماذا؟ لأنّ الجوهر البشريّ يعكس حقيقةً عالميّةً: بصرف النّظر عن مدى البراعة، والشّهرة، والإنجاز، أو حتّى النّفوذ الّذي يتمتّع به الشّخص، فالإنسان في أعماقه لا يفلت من الشّكوك والمخاوف الّتي تعتصرنا جميعاً.
تلك المستثمرة البارعة الّتي تستعدّ لتقديم مشروعك أمامها؟ شخصيّةٌ ذكيّةُ، ملمّةُ بأسرار النّجاح، وقد حقّقت وأنجزت الكثير. من الطّبيعيّ أن تشعر بالقلق، حتى الرّهبة. تخاف أن تكون رؤيتك، وخططك، وتوقّعاتك، وحماسك ليست على قدر الأهميّة. تخاف من أن تكون أنت نفسك لست على قدر الأهميّة. لكنّ هذا الخوف يعتصرها هي أيضاً. على الرّغم من سيرتها المتميّزة، لا تزال تشعر بعدم اليقين تجاه المستقبل: هل ستتمكّن من التّعرّف على الشّركة النّاشئة التّالية، أو العقل المبدع التّالي، أو الفرصة الذّهبيّة التّالية؟ في أعماق نفسها، تخشى من عدم كفايتها.
في الأساس، تحت طيّات النّجاح والتّألّق، يكمن إنسانٌ يشعر بنفس درجة القلق وعدم اليقين الّتي تشعر بها أنت. لأنّنا، كما لمّح جوبز، جميعنا بشرٌ، والأرضيّة الّتي نلعب عليها أكثر عدالةً ممّا يظهر لنا.
في المرّة القادمة الّتي تشعر فيها بالتّوتر قبل مواجهة شخصٍ، أو تقديم عرضٍ له، أو الدّخول في صفقةٍ معه، أو حتّى التّواصل البسيط، تأكّد من أنّ سبب التّوتر لديك ليس نقصاً فيك. من المعقول أن تشعر بالقلق حول كيفيّة أدائك، خصوصاً إذا كنت غير مستعدٍّ بشكلٍ كافٍ. (فالثّقة تنبع من التّحضير الجيّد، وكلّما كنت مستعدّاً بشكلٍ أفضل، زادت ثقتك بنفسك).
لكن لا يعقل أن تشعر بالقلق من الشّخص نفسه، بغض النّظر عن مظهر النّجاح الّذي يتمتّع به، فإنّه في جوهره مثلك تماماً: مليءٌ بالخوف، والقلق، وعدم اليقين، والفوضى الدّاخليّة.
وهذا يعني أنّه بإمكانكَ تحقيق النّجاحِ بالقدرِ الّذي تحدّده لنفسك، مثل الأشخاص الذين تعجب بهم. يمكنك أن تكون ناجحاً مثل الأشخاص الّذين تظنّ أنّهم ربّما أذكى منك، أو أكثر موهبةً، أو أكثر مهارةً، أو أكثر تواصلاً، لأنّنا في العمق متشابهون بأروع طريقةٍ ممكنةٍ.