هل ترغب في زيادة إنتاجيّتك دون التّضحية بوقتك أو صحّتك؟
استراتيجيّة بسيطة توصّل إليها عالم النفس روبرت بوايس لتحقيق أقصى النتائج بثلاث ساعاتٍ فقط!
قبل ثلاثين عاماً، توصل عالم نفسٍ مرموق إلى اكتشافٍ مذهل حول كيفيّة تحقيق إنتاجيّةٍ فائقة بجهدٍ أقل، وهو أمرٌ قد يغيّر نظرتك إلى العمل والإبداع. في هذا المقال، سنستكشف رحلة هذا العالم وأبحاثه الّتي قدّمت رؤيةً جديدةً لزيادة الإنتاجيّة دون التّضحية بالصّحة النّفسيّة أو جودة العمل.
من هو روبرت بوايس؟
روبرت بوايس (Robert Boice) هو عالم نفسٍ أمريكيّ عمل بين السّتينيّات والتّسعينيّات، وتركّزت أبحاثه على دراسة إنتاجيّة أساتذة الجامعات والكتّاب. على الرّغم من أن كتبه لم تعد تُطبع، ونادراً ما تُذكر في الأوساط العامّة، إلا أنّها أصبحت أعمالاً كلاسيكيّة بين مجموعةٍ صغيرةٍ من المتخصّصين. وبعض نسخ كتبه تُباع بأكثر من 100 دولار، ممّا يعكس القيمة العميقة لأفكاره وتأثيرها المستمر.
أبحاث بوايس ورؤيته الجديدة
في الجامعات، يواجه الأساتذة ضغطاً مستمرّاً للنشر والبحث، وهو ما يُعرف بقاعدة "النّشر أو الفناء". يتعيّن عليهم إنتاج أبحاثٍ وأعمالٍ علميّة بشكلٍ منتظم للحفاظ على مناصبهم والحصول على التّثبيت الوظيفيّ. هذا الضّغط يمكن أن يكون مرهقاً وغير إنسانيّ، وقد يؤدّي إلى إجهادٍ عقلي وتدهورٍ في جودة العمل.
أجرى بوايس دراساتٍ معمّقةٍ حول أساتذة الجامعات، محاولاً فهم الأسباب الّتي تجعل بعضهم يحقّق نجاحاً كبيراً، بينما يعاني آخرون من قلّة الإنتاجيّة. واكتشف أنّ الأساتذة الذين يحقّقون أفضل الأعمال وأكثرها تأثيراً ليسوا بالضرورة الذين يعملون لساعاتٍ طويلةٍ دون توقّف. بل وجد أنّ هناك استراتيجيّة مختلفة يتّبعونها تساعدهم على تحقيق إنتاجيّة أعلى بجهدٍ أقل.
بدلاً من الانغماس في ساعاتٍ طويلةٍ من العمل المتواصل، وجد بوايس أنّ الفترات القصيرة والمركّزة من العمل يمكن أن تكون أكثر فعاليّة. فالأساتذة الأكثر إنتاجيّة كانوا يخصّصون وقتاً محدّداً يوميّاً للعمل العميق، لا يتجاوز ثلاث ساعات، وفي أوقاتٍ ثابتة. المثير للاهتمام أنّهم كانوا يتوقّفون عن العمل عند انتهاء الوقت المحدّد، حتى لو كانوا في ذروة الإلهام. هذا النّهج سمح لهم بالحفاظ على تركيزهم وتجنّب الإرهاق، مما أدّى إلى إنتاج أعمالٍ ذات جودةٍ عالية.
العلم وراء الفترات القصيرة من العمل
تدعم الأبحاث الحديثة في علم الأعصاب ما توصّل إليه بوايس؛ فالدّماغ البشريّ قادرٌ على التّركيز العميق لمدةٍ محدودة فقط؛ عادةً ما تكون ثلاث إلى أربع ساعاتٍ يوميّاً. بعد هذا الحدّ، تبدأ مستويات التّوتّر والإجهاد في الارتفاع، مما يؤثّر سلباً على القدرة على التّفكير الإبداعي واتّخاذ القرارات.
يشعر الكثير منّا بالحاجة إلى العمل لساعاتٍ طويلة لإثبات الجدارة أو لتحقيق الكمال، لكن هذا النّهج يمكن أن يكون مضلّلاً. إذ قد يقود السّعي المستمرّ نحو الكمال أو الاعتراف الخارجيّ إلى الإرهاق والإحباط. بدلاً من ذلك، القبول بالحدود الشخصيّة والتّركيز على التّوازن بين العمل والرّاحة يمكن أن يكون مفتاحاً لإنتاج عملٍ أفضل والحفاظ على الصّحة النّفسيّة.
عندما نعمل دون انقطاع وبجهدٍ مفرط، ندخل في دوّامةٍ من الإرهاق تؤثّر سلباً على الإبداع والإنتاجيّة. أظهر بوايس أنّ الأساتذة النّاجحين اعتادوا أخذ فترات استراحةٍ منتظمة، وعملوا في جلساتٍ قصيرة، ممّا ساعدهم على الحفاظ على حماسهم وتجنّب الاحتراق الوظيفي.
كيفيّة تطبيق هذه الاستراتيجيّة في حياتك
إذا كنت ترغب في زيادة إنتاجيّتك دون التّضحية بجودة العمل أو صحتك النّفسيّة، قد يكون من المفيد تجربة نهج بوايس:
- تحديد وقتٍ محدّد للعمل العميق: خصّص فترة زمنيّة يوميّة لا تتجاوز ثلاث ساعات للتّركيز على المهام المهمّة.
- الالتّزام بالاستراحات: احرص على أخذ فترات استراحةٍ منتظمة لتجديد الطّاقة الذهنيّة.
- التّوقّف عند الوقت المحدّد: حتى لو كنت في قمّة الإلهام، التّزم بإنهاء العمل عند انتهاء الوقت المخصّص.
- التّوازن بين الحياة والعمل: خصّص وقتاً للأنشطة التّرفيهيّة والهوايات لتعزيز الصّحة النّفسيّة.
من خلال تطبيق هذه الاستراتيجيّة، قد تجد أنك قادرٌ على تحقيق المزيد بجهدٍ أقل، مع الحفاظ على جودة العمل وصحتك النّفسيّة.