ستيف جوبز يكشف سرّ نجاح الأشخاص المتميزين

في عام 2005، ألقى ستيف جوبز، أحد أشهر رُوّاد الأعمال في العالم، خطاباً مؤثّراً خلال حفل التّخرّج بجامعة ستانفورد، حيث ترك للحضور نصيحةً أصبحت مرجعاً للعديد من القادة وروّاد الأعمال: "احصل على الشّجاعة لتّتبع قلبك وحدسك". لقد كانت تلك الكلمات تعبيراً عن فلسفة جوبز في الحياة والعمل، والّتي تتمثّل في الاعتماد على الإحساس الدّاخليّ والجرأة لاتّخاذ القرارات الكبيرة.

الثّقة بالحدس في اتّخاذ القرار

غالباً ما يواجه القادة في مجال الأعمال قراراتٍ صعبةً ومعقّدةً. في هذه اللّحظات، يكون الاعتماد على البيانات والتّحليلات أمراً ضروريّاً، لكنّه لا يكفي وحده، فقد يكون الحدس هو العامل الّذي يوجّهنا نحو القرار الصّحيح، خاصّةً عندما تكون المعلومات غير كافيةٍ أو الطّريق غير واضحٍ، إذ يرى جوبز أنّ الحدس يشبه البوصلة الدّاخليّة الّتي تقود الشّخص عندما يعجز العقل عن إيجاد الحلّ، وقد أثبت ذلك بنفسه حين اعتمد على رؤيته لشركة "أبل" (Apple)، حيث اتّخذ قراراتٍ جريئةً لم يفهمها أو يوافق عليها الكثيرون في ذلك الوقت.

لذا، عليك أن تتعلّم كيف تستمع لحدسك وتثق به، فعندما تواجه موقفاً غامضاً أو قراراً صعباً، يمكن لتجاربك السّابقة وإخفاقاتك أن تشكّل مصدراً للقوّة، حيث يكون حدسك هو الآليّة الّتي تستخدمها لتوجيه نفسك، فإذا شعرت أنّ هناك قراراً صائباً أو خاطئاً، خذ الوقت الكافي لاستكشاف مشاعرك واتّخاذ القرار المناسب بناءً عليها.

احتضان المسار الشّخصيّ

إحدى النّصائح الأساسيّة الّتي قدّمها جوبز للقادة هي أهميّة البقاء على طبيعتهم الحقيقيّة، وعدم محاولة تقليد الآخرين، ورغم أنَّ التعلّم من الشّخص الأفضل أمرٌ مهمٌّ، إلّا أنّ النّجاح الحقيقيّ يأتي عندما يرسم القائد مساره الخاصّ، ويظلّ مخلصاً لقيمه وشغفه، فعندما تكون قراراتك وخياراتك منبثقةً من داخلك، وتنسجم مع ما تُؤمن به، يصبح من الأسهل تحقيق الأهداف والقيادة بثقةٍ وأصالةٍ.

فكّر بعمقٍ فيما يحفّزك حقّاً في الحياة والعمل، واجعل طريقة قيادتك تتماشى مع قيمك وأهدافك، ولا تخشَ الابتعاد عن المسارات الّتي يتبعها الآخرون إذا كانت لا تناسبك، فالقادة العظماء هم من يتّبعون طريقهم الخاصّ ويقودون بشغفٍ.

الشّجاعة في مواجهة الشّكّ

من أكبر التّحديّات الّتي يواجهها القادة عند اتّباع حدسهم هي الشّكّ في النّفس، فقد تكون الأفكار الجديدة غير مألوفةٍ أو غير مقبولةٍ في البداية، وقد يتعرّض الشّخص للنّقد أو عدم الفهم. ولكن، أكّد جوبز أنَّ الابتكارات العظيمة غالباً ما تأتي من تلك الأفكار الّتي تبدو غريبةً أو غير تقليديّةً في البداية، فعليك أن تكون شجاعاً في مواجهة عدم اليقين، وثق في قراراتك، خاصّةً عندما تكون مدفوعةً بالشّغف والحدس، وأحط نفسك بفريقٍ داعمٍ يؤمن برؤيتك، حتّى عندما لا تكون النّتائج واضحةً على الفور، فقد يكون مفتاح النّجاح هو تحمّل المخاطر.

بناء بيئةٍ إبداعيّةٍ

بصفتك قائداً، من المهمّ أن تشجّع أعضاء فريقك على الاعتماد على حدسهم في اتّخاذ القرارات، إذ يمكن أن يُسهم هذا في تعزيز الإبداع والابتكار داخل المؤسّسة. وبدلاً من إدارة التّفاصيل الصّغيرة، اخلق بيئةً تُتيح لأفراد الفريق حرية التّعبير عن أفكارهم وتجربة الجديد، إذ تساعد هذه الطّريقة على تحفيز التفكير الإبداعي وتطوير حلولٍ جديدةٍ.

لا تتعلّق نصيحة ستيف جوبز فقط باتّخاذ قراراتٍ تجعلنا نشعر بالرّاحة، بل هي دعوةٌ للعمل؛ إنّها دعوةٌ للقادة للثّقة بأنفسهم، واتّباع شغفهم، وتبنّي الإبداع في حياتهم المهنيّة، فالقادة الّذين يثقون بحدسهم، ويقودون بفخرٍ بأصالتهم هم من يحقّقون التّغيّيرات الكبرى والمكافآت العظيمة.