سعادتك في هذه الحياة مرهونةٌ بهذا السؤال
سؤالٌ بسيط مستنبط من كلمةٍ لستيف جوبز قبيل وفاته
ما الذي يملأ روحكَ بالبهجة والرضا؟ هل هي اللّحظات الثّمينة التي تشترك فيها مع أحبائكَ وأصدقائكَ؟ أم هي تلك الرّشفة الدّافئة من القهوة عند بزوغِ الفجر؟ أو ربما هي النّشوة التي تغمركَ عند مشاهدة فريقك الرّياضي المفضّل، وهو يحقّق النّصر على أرض الميدان؟ [1]
ومع ذلك، قد تكون هذه اللّحظات مجرّد فتراتٍ مؤقتةٍ من السّرور، بينما البحث عن السّعادة الدّائمة، تلك السّعادة التي تستمرُّ وتدوم، يتطّلبُ منك الاستعداد لاحتضان التّجديد والتغّيير.
ها هو السؤال البالغ الأهميّة المرتبط بقياسِ درجة السّعادة في حياتكَ: ما هو العنصر الذي يُشعل شرارة الحماس في داخلك فعلاً؟
تبدأ رحلة العيش بسعادةٍ صادقةٍ بتحديد الأمور التي تعدّها بالغة الأهميّة، ثم يرتبط بالعمل بناءً على هذه القيم الأساسيّة، بغضّ النّظر عن العقبات والتّحديات التي قد تظهر في الأفق، لأنّ السّعادة الحقيقيّة تنبع من الاهتمام والتّمسك بما يلامس وجدانكَ، أعماقكَ، ولا يمكنكَ منع نفسك عنه وتستمرّ في السّعي نحوه.
عيشُ الحياةِ بأفضل ما فيها
في السنّوات التي سبقت رحيله المُبكّر، ألقى ستيف جوبز كلمةً بديعةً سلّطَ الضّوء فيها على فكرةٍ مهمّة:
"الزّمن جوهرةٌ نفيسةٌ، فلا تضيّعه في عيش حياة أحدٍ آخر. لا تكن عبداً للعقائد السّائدة، التي ما هي إلّا مجرّد نتائج تفكير الآخرين. لا تدع زحام آراء الآخرين يُغرق صوتكَ الدّاخلي الصّادق. ومن الأهمية بمكانٍ، امتلك الشّجاعة لمتابعة أن تكونَ شجاعاً لتتبع قلبكَ وحدسكَ، فهما بطريقةٍ ما يعرفان بالفعلِ ما ترغبُ في تحقيقه، وكلّ شيءٍ آخر هو أمرٌ ثانويٌّ".
ألقى مؤسّس شركة Apple هذه الحقائق الثّمينة على جيلٍ جديدٍ من خرّيجي جامعة ستانفورد في عام 2005م، بعد فترةٍ بسيطةٍ من تشخيص جوبز بمرض سرطان البنكرياس، وقد أخبروه بأنّه سيعيش من ثلاثة إلى ستة أشهرٍ فقط. اقترابُ موته كان بمثابة محفّزٍ له ليستغلّ حياته على أكملِ وجهٍ.
شاهد أيضاً: أهم 10 كتب في علم نفس العمل.. تعرف عليها وكُن المدير الحُلم
قدّمت لنا رسالة جوبز أمراً مهماً لنتمعّن فيه بخصوص ما الذي يحظى بالأهميّة البالغة في حياتنا. وحتّى يومنا هذا، كلّما شاهدت هذا الخطاب، دفعني للنّظر في المرآة وطرح السّؤال العميق على نفسي: هل أعيش الحياة التي أتمناها؟
ربمّا لا نواجهُ خبر اقتراب موتنا كما كان الحال بالنّسبةِ لجوبز، ولكن مع تقدّم الزّمن، أرى الكثيرين يأكلهم الندم في مراحل متأخّرة من حياتهم، لأنّهم يدركون أنّهم لم يعيشوا الحياة التي كانوا يحلمون بها.
بدأ جوبز في عيشِ كلّ يومٍ كما لو كان اليومَ الأخير له، لأنّه قد يكون كذلكَ. يجبُ أن يمنحنا التّأمل في الزّمن المحدود الذي نحظى به على هذه الأرض الدّافع لاستغلالِ الوقت المحدود الذي تبقّى لنا على هذه الأرض، والقوّة لاستخدام هذا الوقت الثّمين بأفضل طريقةٍ ممكنةٍ.
واجه نفسك
إذًا، ما الذي يشعل نار شغفك فعلاً؟ كن على استعدادٍ لمواجهة نفسكَ وطرح هذا السّؤال عندما تبدأ يومكَ غداً، وانتبه لما يظهر لك عندما تتحقّق من مشاعركَ. إذا كنتَ صادقاً مع نفسكَ، قد يكون من الخطير الاعتراف بأنّك لا تعيش الحياة التي تريدها، ولكن هذا هو السّبيل الوحيد للتحوّل إلى متابعةِ شيءٍ جديدٍ، شيءٍ قد يقودكَ إلى السّعادة الحقيقيّة والدّائمةِ.