شركات ناشئة واعدة في مجال الذّكاء الاصطناعيّ في العالم العربيّ
سعي حثيث من روّاد الأعمال الجُدد في العالم العربيّ نحو إعادة صياغة كافّة الصّناعات والاقتصادات وطُرق الحياة عبر تسخير إمكانيّات الذّكاء الاصطناعيّ.
في خضمّ حقبة مُفعَمَة بالابتكار التّقنيّ، يحيك العالم العربيّ لنفسه اسماً ومكانةً بسرعة وثقة كبيرتَين، بالأخصّ مع الانفجار المُتعاظم لثورة الذّكاء الاصطناعيّ. بتحوّل المجتمع العالميّ شيئاً فشيئاً إلى كيان معتمد بشدّة على هذه التّقنيّة، فإنّ الوجود العربيّ فيه لم يَعدْ مُقتصراً على اللّحاق بالرّكب، إنّما الرّيادة فيه، وعن جدارة.
نعاين اليوم تحوّلات جوهريّة في كافّة القطاعات الحيويّة، في ظلّ سعي روّاد الأعمال الجُدد نحو إعادة صياغة وهيكلة كافّة الصّناعات والاقتصادات وطُرق الحياة عبر تسخير إمكانيّات الذّكاء الاصطناعيّ. إنّ مشهد الشّركات النّاشئة في مجال الذّكاء الاصطناعيّ في العالم العربيّ اليوم أشبه بإزهار حقل خصيب بعد احتباس مطر مديد.
أرقام عن واقع ومُستقبل الذّكاء الاصطناعيّ في المنطقة
وفقاً لتقرير صادر عن ؤسّسة البيانات الدّوليّة (IDC)، فإنّ الإنفاق في مجال الذّكاء الاصطناعيّ لدول الشّرق الأوسط سيكون عند حدود 3 مليارات دولار للعام الجاري 2023، مع تنبّؤ بوصوله إلى 6.4 مليار بحلول العام 2026، في الوقت الّذي تشهد فيه المنطقة إجمالاً نموّاً في الإنفاق السّنويّ على هذا المجال بنسبة 29.7%، وتأتي القطاعات المصرفيّة، والتّجاريّة، والحكوميّة في صدارة قائمة الإنفاق تلك، مع توقّع بأن يكون كلّ من قطاعَي النّقل والخدمات التّخصّصيّة في الصّدارة من حيث معدّل النّموّ.
في السّياق ذاته، من المُنتَظَر أن يصل إسهام عوائد الذّكاء الاصطناعيّ إلى نحو 320 مليار دولار أمريكيّ من مجموع النّاتج المحلّي لاقتصادات مصرَ ودول مجلس التّعاون الخليجيّ بحلول العام 2030، ما نسبته 2% من إجماليّ عوائد الذّكاء الاصطناعيّ العالميّة حينها، وذلك وفقاً لتقرير من شبكة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC).
شاهد أيضاً: لا تقع في فخ الوعود الزائفة للذكاء الاصطناعي
أهمّ الشّركات النّاشئة في مجال الذّكاء الاصطناعيّ في العالم العربيّ
مُزن (Mozn)
- تاريخ التّأسيس: 2017
- المؤسّسون: عبدالله السّعيد – خالد الغُنيّم – مالك اليوسف – محمّد الحُسين
- المجال: تعلّم الآلة – البيانات الضّخمة – التّحليل – ذكاء الأعمال
تختصّ شركة مُزن بإنشاء حلول مستندة إلى الذّكاء الاصطناعيّ لتعزيز قدرات الشّركات في اتّخاذ القرارات الحاسمة، إضافة خدمات تحليل البيانات والمخاطر، مع إعمال إمكانيّات البرمجة اللّغويّة العصبيّة باللّغة العربيّة. من بين منتجات Mozn الأكثر تميّزاً، منصّة FOCAL، وهي عبارة عن أداة موجَّهة لمُختلف للمؤسّسات الماليّة، كالمصارف، وشركات التّأمين، مهمّتها تقصّي المخاطر وقياسها والعمل على الحدّ منها، ومنع عمليّات الاحتيال، وتعزيز إمكانيّات العملاء في عمليّات صنع القرار.
تأسّست مُزن في 2017، على يد أربعة روّاد أعمال سعودّيّين، وقد تمكّنت من جمع تمويل بقيمة عشرة ملايين دولار حتّى حينه، مُتّخذة مقرّاً رئيسيّاً لها في الرّياض في المملكة العربيّة السّعوديّة. اُختيرَت Mozn ضمن قائمة أفضل خمس وعشرين شركة لحلول الأعمال الرّقميّة عالميّاً، وفقاً لتقرير بحثيّ صادر عن CNBC وStatista في 2023.
تابي (Tabby)
- تاريخ التّأسيس: 2019
- المؤسّسون: دانييل باركالوف – حسام عرب
- المجال: الفَوتَرة – الخدمات الماليّة
إحدى أبرز شركات التّقنيّة الماليّة في العالم العربيّ، والرّائدة في مجال تسهيل خدمات المدفوعات والتّسوّق، وذلك عبر إتاحة إمكانيّة الدّفع بالأقساط، ودون أيّ فوائد مُترتّبة، وسواء في التّسوّق الرّقميّ أو الفعليّ في المتاجر. يتلخّص مسعى Tabby في تكريس الأريحيّة والحرّيّة الماليّة، والارتقاء بأساليب التّسوّق وتوفير المال بالنّسبة للمستهلكين.
تعمل تابي بالشّراكة مع مجموعة واسعة من الباعة والمتاجر الرّقميّة من خلال إتاحة خدماتها من بين الخيارات المُقدَّمة للعميل أثناء عمليّة الدّفع، كما وأنّها تُعنى بكلّ من قطاعَي التّبادل التّجاريّ على مستوى المستهلكين والشّركات على حدّ سواء.
تمكّنت Tabby من حصد ما مجموعه 744 مليون دولار من جولات التّمويل العشر الّتي كان آخرها في مايو (أيّار) المنصرم 2023 بقيمة 350 مليون دولار، وقد نقلت مؤخّراً مركزها الرّئيسيّ من دبيّ إلى الرّياض في المملكة العربيّة السّعوديّة.
لوسيديا (Lucidya)
- تاريخ التّأسيس: 2016
- المؤسّسون: عبدالله عسيري – حاتم الكاملي – مازن مليباري – محمدّ ملياني
- المجال: إدارة علاقات العملاء الاجتماعيّة – إدارة منصّات التّواصل الاجتماعيّ
تُعتَبَر Lucidya من أسرع الشّركات نموّاً في قطاع خدمات الذّكاء الاصطناعيّ للشّركات والأعمال، حيث استطاعت خلال سنوات قليلة استقطاب شركات ومؤسّسات كبرى ومن دول عدّة لقائمة عُملائها، ومن مُختلف المجالات، كالاتّصالات، وصناعة السّيّارات، ومتاجر البيع بالتّجزئة وما خلا ذلك.
بفضل تقنيّاتها الخاصّة والمميّزة في الذّكاء الاصطناعيّ والبرمجة اللّغويّة العصبيّة بالعربيّة، تقدّم Lucidya مستويات فائقة الدّقّة من التّحليلات للتّفاعلات باللّغة العربيّة، في إطار مجموعة أدوات وحلول للارتقاء بتجربة العملاء، بالأخصّ فيما يتعلّق باستقصاء المشاعر وردود الفعل والقدرة على التّعامل المتكامل مع البيانات من مختلف منصّات التّواصل الاجتماعيّ.
حتّى تاريخه، جمعت لوسيديا نحو 7.3 مليون دولار أمريكيّ من حملات التّمويل الاستثماريّ، كان آخرها في يناير (كانون الثّاني) 2022 بقيمة 6 ملايين دولار، ومقرّها الرّئيس في الرّياض.
شاهد أيضاً: القواعد الخمس الجديدة للشركات النّاشئة
خُلاصة
إن ما ذُكر أعلاه ليس إلّا غيضاً من فيض، وهذا التّوجّه لا بدّ سيُترجم إلى انتقال منطقة الشّرق الأوسط لتغدو موئلاً عالميّاً لتقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ، مع مجموعة من الشّركات يتخطّى تأثيرها حدود بُلدانها وأقاليمها صوب خدمة الاحتياجات والمتطلّبات العالميّة. كلّ ذلك في ظلّ دعم استثماريّ مُستدام، وبيئة تنظيميّة داعمة، ورعيل متنامٍ من المواهب الشّرهة للابتكار والنّجاح.