الرئيسية الابتكار شركة ناشئة تعيّن الذكاء الاصطناعي في منصب المدير التنفيذي

شركة ناشئة تعيّن الذكاء الاصطناعي في منصب المدير التنفيذي

شركة HeyBoss تستبدل مديرتها التّنفيذيّة بذكاء اصطناعي يُدعى Astra، في خطوةٍ تطرح تساؤلاتٍ جوهريّةً حول دور البشر في قيادة الشّركات مستقبلاً

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هل تحتاج شركتك إلى مديرٍ تنفيذيٍّ بشريٍّ؟ ليس بالضّرورة، على الأقلّ وفقاً لرؤية شركة "هاي بوس" (HeyBoss)، النّاشئة في مجال بناء المواقع الإلكترونيّة. فقد أعلنت الشّركة الأسبوع الماضي استبدال مديرتها التّنفيذيّة البشريّة، شياو يين كو، بذكاء اصطناعي يدعى “أسترا” (Astra)، وذلك حسب تقريرٍ صادرٍ عن مؤسّسة "إيه آي إم ريسيرتش" (AIM Research).

إن كانت شركتك توظّف أفراداً، فإنّك بحاجةٍ إلى مديرٍ تنفيذيٍّ يستطيع جذب المواهب وتحفيزها، وتكييف استراتيجيّات الشّركة بسرعةٍ وفعاليّةٍ مع تقلّبات الصّناعة، وابتكار منتجاتٍ جديدةٍ كلّيّاً مع تقدّم المنتجات الرّئيسيّة وتراجعها؛ فهل يستطيع مديرٌ تنفيذيٌّ اصطناعيٌّ أن يقوم بكلّ هذه المهامّ؟ وهل يجب على شركتك أن تسير على نهج هاي بوس؟ تعتمد الإجابة على عدّة عوامل.

ما طبيعة عمل شركة HeyBoss؟

تقدّم هاي بوس خدمة بناء المواقع الإلكترونيّة والتّطبيقات والألعاب في غضون 9 دقائق فقط. وبالنّظر إلى تجربتي الشّخصيّة في محاولة إنشاء موقعٍ إلكترونيٍّ باستخدام أدواتٍ، مثل: "ويكس" (Wix)، فإنّ ما توفّره هذه الشّركة هو قفزةٌ نوعيّةٌ في القيمة المقدّمة للمستخدم، إذ تقدّم فائدةً أعظم بكثيرٍ مقابل ما توفّره المنتجات والخدمات الأخرى بذات التّكلفة.

كما أشرتُ في كتابي "استراتيجيّة الشّركات النّاشئة الجائعة" (Hungry Startup Strategy)، فإنّ "القفزة النوعيّة في القيمة" (Quantum Value Leap - QVL) هي السّبب الّذي يدفع العملاء لتحمّل مخاطر التّعامل مع شركةٍ ناشئةٍ بدلاً من اللّجوء إلى شركاتٍ راسخةٍ. ويبدو أنّ “هاي بوس” توفّر هذه القفزة النّوعيّة بامتيازٍ؛ فهي تمكّن المستخدم من إدخال فكرة منتجٍ في سطرٍ واحدٍ، سواءً كان موقعاً أو تطبيقاً أو لعبةً، وخلال 9 دقائق تنتج الشّركة منتجاً حيّاً جاهزاً بالكامل: تصميماً احترافيّاً، وشيفرةً نظيفةً، وبنيةً خلفيّةً، ونصوصاً محسّنةً، تحسيناً لمحرّكات البحث، واستضافةً؛ وذلك حسب تقرير "إيه آي إم ريسيرتش".

لماذا استبدلت هاي بوس مديرتها التّنفيذيّة؟

بدأت أسترا، المديرة التّنفيذيّة الجديدة، بتولّي مهامٍّ محدودةٍ، فخضعت لاختباراتٍ مكثّفةٍ استمرّت لعدّة أشهرٍ. وبدأت تساهم في تحسين جودة ألعاب الشّركة من خلال صقل العناصر البصريّة، وتحسين الأكواد البرمجيّة، وتسريع عمليّة الإنتاج. ثمّ أدرك فريق شياو يين كو أنّ أسترا قادرةٌ أيضاً على تحسين عمليّات تطوير التّطبيقات والمواقع الإلكترونيّة، ممّا فتح مجالاً أوسع للنّموّ، يفوق الحجم السّابق بمئة مرّةٍ، بحسب ما أفادته شياو يين كو.

ومع توسّع خدمات هاي بوس لتتضمّن ميزاتٍ كإنشاء أو رفع المشاريع، والوصول إلى مساحات عملٍ شخصيّةٍ، وتفاعل المستخدمين مع مجتمعٍ عامٍّ على المنصّة، تولّت أسترا مسؤوليّاتٍ أكثر. ومنذ شهر ديسمبر، تفوّقت أسترا على الأداء البشريّ، حيث أدّت آلاف المشاريع في وقتٍ واحدٍ، وتكيّفت في الوقت الحقيقيّ، وأنتجت منتجاتٍ رقميّةً جاهزةً للعمل خلال أقلّ من عشر دقائق.

في الثّامن من أبريل، أعلنت شياو ترقية أسترا إلى منصب المدير التّنفيذيّ، وهي خطوةٌ رمزيّةٌ تبيّن أنّ أسترا تنسّق بين برامج الذكاء الاصطناعيّ الّتي تؤدّي مهامّاً، مثل: الهندسة، والتّصميم، وإدارة المنتج، وكتابة المحتوى، وتحسين أداء المواقع في محرّكات البحث.

عمليّاً، تُعدّ أسترا تطبيقاً متخصّصاً ضمن إطار "إيجينتفورس" (Agentforce) التّابع لشركة "سيلزفورس" (Salesforce)، وهو النّظام الّذي يتولّى تنسيق عمل ما يُعرف بـ"الوكيل الذّكيّ". وكما أوضحتُ في كتابي "اندفاعة العقل: كيف تستثمر وتنافس في عالم الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ" (Brain Rush: How to Invest and Compete in the Real World of Generative AI)، فإنّ الوكيل الذّكيّ يُشبه في وظائفه المساعد الإداريّ، إذ يستطيع تنفيذ مهامٍّ معقّدةٍ، مثل تخطيط الإجازات، بما في ذلك اختيار الرّحلات، وحجز الفنادق، وانتقاء المطاعم المناسبة. غير أنّه، رغم ذلك، لا يخلو من القيود والحدود.

ما الذي يستند إليه قرار ترقية أسترا؟

على الرّغم من الجدل الواسع الّذي رافق هذه التّرقية، فإنّني أعجبت بالمنطق الاستراتيجيّ الّذي استندت إليه شياو يين كو في قرارها؛ فقد وصفت في إعلانها العلنيّ ترقية أسترا بأنّها: "أحد أصعب القرارات الّتي اتّخذتها"، وقد جاءت استجابةً مباشرةً لتعليقات العملاء الّذين قالوا صراحةً بأنّ أسترا أسرع، وأذكى، وأكثر موثوقيّةً منك. يا له من تعليقٍ لاذعٍ لا يخلو من الصّراحة القاسيّة!

هل شركتك جاهزة لمدير تنفيذي ذكي؟

قبل أن تقرّر تبنّي نهج هاي بوس، اسأل نفسك:

  1. ماذا يفعل المدير التّنفيذيّ؟
  2. لماذا تسند إلى شخصٍ واحدٍ جميع المهامّ؟
  3. أيّ من هذه المهمّ يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يؤدّيها بكفاءةٍ أفضل من البشر؟
  4. وأيّها ما زال يتطلّب خبرةً بشريّةً رفيعةً؟
  5. هل تنتج شركتك منتجاتٍ مادّيّةً، أم تقدّم خدماتٍ رقميّةً؟

إذا كانت خدماتك مؤهّلةً لتحويل المدير التّنفيذيّ إلى وكيلٍ ذكيٍّ، فليكن ذلك شرطاً لـ:

  • أن تؤدّي جميع أنشطة الخدمة بسرعةٍ ودقّةٍ أفضل من البشر.
  • أن تبني وكيلاً ذكيّاً لتنسيق أنظمة الذكاء الاصطناعي المتخصّصة.
  • أن يتمكّن هذا الوكيل من التّنسيق بفعاليّةٍ حين ازدحام الطّلب على الخدمة.

أمّا إن كانت شركتك توظّف أفراداً فقط، قد لا يكون التّجريب ملائماً في الوقت الحاليّ؛ فلم يبرز أدلّةٌ قاطعةٌ تثبت قدرة الذكاء الاصطناعي على جذب المواهب وإلهامها لتحقيق رؤيةٍ طموحةٍوعلى الرّغم من أنّ كثيراً من البشر يفشلون في هذه المهامّ، يبقى الوجود الإنسانيّ للمدير التّنفيذيّ ضروريّاً لتكييف الاستراتيجيّات وابتكار مساراتٍ جديدةٍ للنّموّ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: