طريقة بسيطة لتحفيز الموظفين وتحسين إنتاجيتهم
تأثير وضع موظفٍ عالي الأداء بين موظفين أقلّ إنتاجية
في فترةٍ من فترات حياتي المهنيّة، حينما كنت موظّفاً على أرضية المصنع، كانت تلك الأيام هي الأكثر تأثيراً في مسيرتي المهنية. كنت جزءاً من فريق عملٍ يُعدّ الأكثر إنتاجية في منشأتنا التي تضمّ أكثر من ألف موظّف. بينما كانت الفروق بين معظم الفرق تقتصر على نسبٍ مئويةٍ ضئيلة، كنا نتفوّق على باقي الفرق بمعدل يزيد عن 10%.
ليس بالأمر الغريب أنّنا كنا محطّ غيرة الكثيرين، خصوصاً وأنّنا كنّا محط اهتمام وحماية خاصةٍ من قبل الإدارة، باستثناء مسألة الأجور، حيث يبدو أنّ الشركة لم تكن على درايةٍ بقواعد جوجل المتعلّقة بأجور الموظّفين المتميّزين.
واستمرّ الأمر هكذا حتّى انتقل دوغ للعمل في شركة طاقة، وتمّ تعيين مايك ليحلّ محله. في هذه اللّحظة، بدأت الفرق الأخرى في التحلّي بروح التّنافس. مايك لم يكن سريعاً، ولا يُعتبر عضواً فعّالاً في الفريق، بل كان يُنظر إليه على أنّه شخص متجّهم ومنحرف. بدا أن الأمور ستنقلب للأسوأ بالنسبة لنا.
لكن الواقع كان مغايراً، فبعد تراجعٍ مؤقتٍ في الأداء، عاد فريقنا ليحقق تفوّقاً ملحوظاً على باقي الفرق بفارقٍ نسبي يصل إلى العددين.
القرب ليس مجرد مسألة مكانية...
هل هو أمرٌ مفاجئ؟ الأمر ليس كذلك، خصوصاً عندما تُظهر دراسة أجرتها كلية كيلوج للإدارة أنّ التّواجد على مسافة لا تتجاوز خمسة وعشرين قدماً من موظفٍ يُعتبر عالي الأداء يُسهم في تحسين أداء الفرد بنسبة 15%. وعلى الرّغم من تركيز الدّراسة على الوظائف المكتبية، إلا أنّ الفكرة تُطبق بشكلٍ عام على مختلف أنواع العمل.
يكتسب الأثر قوّةً خاصةً عندما يُنقل موظف ضعيف الأداء ليجلس بالقرب من موظّفٍ متفوّق. إذا كنت تتميّز بالسرعة وأنا أعاني من البطء، فسرعتي ستزيد عندما أجلس بجوارك. إذا كنت تتميّز بالدقة وأعاني من التقصير، فدقتي ستتحسّن. والجميل في الأمر هو أنّ قربي منك لن يُعيق سرعتك أو دقتك.
ما أفاد به الباحثون:
الجانب الرّائع في هذا السياق هو أنّه عندما نجمع بين هؤلاء الأفراد، الذين لا يُعانون من تدهورٍ في مجالات قوّتهم، بل يحقّقون تحسيناتٍ في مجالات ضعفهم.
لكن يُرجى الانتباه لاستثناءٍ مهم. وهو إذا نُقل موظّفٌ يُعتبر "ساماً" ليجلس بالقرب من موظفين متفوّقين، فإن أداء هؤلاء المتفوّقين قد يتأثّر سلباً. في هذا السياق، توصّلت الدراسة إلى أن أداء الموظفين انخرط بنسبة تصل إلى 30%.
وهذا يُؤكّد ما وجدته دراسة أُجريت في كلية هارفارد للأعمال، التي أظهرت أنّ التعاقد مع موظف يُعتبر من النسبة 1% الأعلى سيُوفر للشركة المتوسطة مبلغ 5,303 دولارات، بينما سيُوفّر فصل موظف سام مبلغ 12,489 دولاراً نتيجةً لتراجع الإنتاجية الذي كان يتسبّب به بخفض المعنويات.
وتواصل أهمية القرب...
يستغرق التدفّق الإيجابي للتّأثير نحو شهرٍ ليظهر بوضوح. هذا ما شهدناه في تجربتنا الخاصة؛ فقد احتاج مايك لفترةٍ زمنية قصيرةٍ ليتماشى مع مستوى الأداء الجماعي لفريقنا.
من جهةٍ أخرى، أظهرت الأبحاث أنّ التّدفّق السّلبي للتأثير يظهر بمجرّد القرب، لكنّه يتلاشى بسرعةٍ فائقة عند نقل أو إقصاء الموظف الذي يعتبر "سامّاً".
والأخبار غير المبشرة هي أنّ كلاً من التدفّق الإيجابي والسّلبي للتأثير ليسا دائمين. رغم أنّني قد استفدت من الجلوس بجوارك في تحسين أدائي، إلا أنّ نقل أحدنا سيعيد إنتاجيتي إلى ما كانت عليه سابقاً. (هذا ما حدث فعلياً بعد عام عندما نُقل مايك لوردية عملٍ أخرى).
فما العمل إذاً؟
أولاً، يتعيّن عليك أن تدرك أنّ كلّ موظّف يُسهم بمهاراتٍ ومواقف متفرّدة. جعل كل موظّفٍ متميّزاً ليس هدفك، بل هو التأكّد من أنّ مجموعة موظفيك تتميّز ككل.
لذا، خذ لحظةً للتأمّل والتّفكير في الأمور الّتي تحمل أهميّةً جوهرية. ما هي المهارات أو الصّفات الأساسية التي يحتاجها موظّفٌ متميّزٌ للنّجاح في أداء دوره؟ ربما تكون النّزعة الإيجابية، أو مهارات التفاعل الاجتماعي، أو العمل الجماعي، أو السّرعة، أو الدّقة، أو مجموعة مهاراتٍ محدّدة.
ثم حدّد مواقع الأفراد بعناية، سواءً من حيث المكان الفعلي أو في تكوين الفرق. قم بتنسيق الأفراد بناءً على ما استنتجته من الأهمية الجوهرية للمكان: قرّب موظف ذا أداءٍ أدنى من موظّفٍ ذي أداءٍ عال، أو قرّب موظّفاً ذا أداءٍ عال إلى عددٍ من الموظفين ذوي أداءٍ أدنى. فالعلم يؤكّد أن القرب بحد ذاته يجب أن يحقق فارقاً قابلاً للقياس.