طريقة سهلة، بسيطة ومجانية لزيادة الإنتاجية في اجتماعاتك
وفي الوقت نفسه تزيد السعادةِ وتطيل العمرِ، قد يبدو الأمرُ مبالغاً فيه، لكن العلم يؤكد ذلك
في كتابهِ عن ستيف جوبز، يذكرُ والتر إسحاقسون أنّ المشيَ كان الطّريقة المُثلى لجوبز في إجراءِ المحادثاتِ الجادّةِ. (يُقالُ: إنّه وجوني إيف قد أتمّا تصميمَ الجهازِ الفريدِ iMac G4 أثناءَ تجوّلهما في حديقةِ الزّهورِ). يفضّلُ جيف وينر، الرئيس التنفيذي السابق للينكدإن، عقدَ اجتماعاتهِ أثناء المشي، معتبراً أنّها تتخلّص من أسبابِ التّشتيتِ وتزيدُ من إنتاجيّةِ الاجتماعِ، أما ريتشارد برانسون فيفضّلها بشدّةٍ، معتبراً أنّها تحسّنُ التّركيزَ وتسرّعُ من عمليّةِ اتّخاذ القراراتِ، وتنشّطُ الإبداعَ بفضلِ المناظرِ الطّبيعيةِ.
ويبدو أنّهم محقّون في ذلك، فقد كشفت دراسةٌ نُشرت في مجلّةِ علمِ النّفسِ التّجريبيّ أنّ أكثرَ من 80% من الأشخاصِ لا يساعدهم المشي على توليدِ أفكارٍ أكثر فحسب مقارنةً بالجلوسِ، بل يطوّرونَ أيضاً أفكاراً إبداعيّةً وحلولاً مبتكرةً.
لكن هذا ليس السّبب الوحيد لتفضيلِ عقدِ الاجتماعاتِ أثناء المشي، خاصّةً في الهواءِ الطّلقِ. إذ يمكنُ لهذه الاجتماعاتِ أن تعزّزَ السّعادةَ والطّاقةَ، وتخفّفَ من القلقِ والإرهاقِ، مما يحسّنُ من نتائجِ الاجتماعِ ويومكَ بأكملهِ، وتقلّلُ من خطرِ الإصابةِ بالأمراضِ، وحتى تطيل العمر.
وجدت مراجعةٌ شملت أكثرَ من 100 دراسةٍ نُشرت في المجلة الدولية لأبحاث البيئة والصحة العامة أنّ قضاءَ الوقتِ في الهواءِ الطلقِ مرتبطٌ بانخفاضِ معدّلاتِ الإصابةِ بأمراضِ القلبِ، والسّمنةِ، والوفاةِ المبكّرةِ.
وهذه النتائج تبدو منطقيّةً بشكلٍ بديهيٍّ، لكنّها أيضاً مدعومة علميّاً. فقد وجدت دراسةٌ نشرت في مجلّةِ Nature Medicine أنّ المشيَ بمعدّلٍ يقارب 8200 خطوةً يوميّاً يقلّلُ من خطرِ الإصابةِ بالسّمنةِ أو اضطراباتِ النّومِ أو الارتجاعِ المعديّ المريئيّ أو الاكتئابِ الشّديدِ. ويُعرفُ أن فقدانَ الوزنِ يقلّلُ من شدّةِ اضطراباتِ النّومِ والارتجاعِ المعديّ المريئيّ، وأنّ التّمريناتِ الرّياضيةِ تحسّنُ الصّحةَ النّفسيّةَ عن طريقِ تقليلِ القلقِ والتّوترِ.
تجدر الإشارة إلى أنّ العددَ المطلوبَ من الخطواتِ قد يختلفُ من شخصٍ لآخر. فالهدفُ الشّائعُ الذي يقضي بـ 10,000 خطوةٍ يوميّاً يعودُ أكثرَ لأسبابٍ تسويقيّةٍ منها علميّةٍ وليس بالرّقم السّحري. فوجدت دراسةٌ أجريت في عامِ 2019، ونُشرت في JAMA Internal Medicine أنّ الأشخاصَ الذين يمشونَ في المتوسّطِ 4400 خطوة يوميّاً لديهم معدّلُ وفيّاتٍ أقلُّ بنسبةِ 41% مقارنةً بالأشخاصِ الأقلّ نشاطاً. وكانت معدّلاتُ الوفاةِ تنخفضُ أكثرُ لدى من يمشونَ أكثر من 4400 خطوةٍ يوميّاً. ولوحظَ أنّ معدّلاتِ الوفاةِ تستقرُ عند الوصولِ تقريباً إلى 7500 خطوةٍ يوميّاً؛ حيث لا يؤدّي المشيُ لمسافاتٍ أطولَ إلى تأثيرٍ ملموسٍ على متوسطِ العمرِ المتوقّعِ.
شاهد أيضاً: دراسةٌ جديدةٌ على 12000 شخص ستعطيك سبباً آخر لشرب المزيد من القهوة
وهناكَ أمرٌ آخرُ مهمٌّ، فقد أظهرت الدّراسةُ أنّ الأشخاصَ الذين زادوا من نشاطهمِ اليوميِّ بمقدارِ 2000 خطوةٍ -بغضِ النّظرِ عن نقطةِ البدايةِ من حيثِ عددِ الخطواتِ- حقّقوا نتائجَ صحيّةً إيجابيّةً، خصوصاً فيما يتعلّقُ بأمراضِ القلبِ والسّكري.
وقد تكون الأهدافُ مفيدةً، لكنّ التّحسنَ، مهما كان صغيراً، يُعتبرُ خطوةً إيجابيّةً، بغضِ النّظرِ عن مدى بُعدكَ عن الحالةِ "المثاليّةِ". المهمُّ حقّاً هو التّغييرُ الذي تحدثهُ مُقارنةً بما تقومُ بهِ حاليّاً. وفي الواقع، كلّما كانت الفجوةُ أكبر عن الحالةِ "المثاليّةِ"، كانت الحاجةُ أشدّ لإحراز تحسيناتٍ، ولو كانت صغيرةً.
إذا كان متوسّطُ خطواتكَ اليوميّة 9000 وزادت إلى 10000، فذلكَ جيّدٌ. وإذا كان متوسطكَ 4000 خطوةٍ، وتمكّنتَ من زيادتهِ إلى 6000 بفضلِ اجتماعٍ أو اثنينِ أثناءَ المشي، فهذا ممتازٌ.
في المرّةِ القادمةِ التي تُخطّطُ فيها لاجتماعٍ، خاصّةً إذا كان مع فردٍ أو اثنينِ فقط، فكِّر في جعلهِ اجتماعاً أثناءَ المشي واعقده في الهواءِ الطّلقِ. قد يبدو هذا مُخالفاً للمعتادِ في البدايةِ، لكنّكما ستجدانِ أنفسكما في نهايةِ المطافِ أكثرَ تركيزاً وإبداعاً وحزماً. وخلالَ هذا النَّشاطِ، ستتمكّنُ من خَطو بضعِ مئاتٍ أو حتى آلاف الخطوات الإضافيّة.
تركيزٌ أعلى، إبداعٌ، سعادةٌ، وطولُ عمرٍ. عندما تنظرُ إليها بهذهِ الطّريقةِ، لا تقتصر منفعةُ الاجتماعاتِ على أعمالكَ فحسب، بل ولصحتكَ أيضاً.