مدح الجهد المبذول: طريقةٌ فعالةٌ لرفع أداء الفريق يدعمها العلم بشدّةٍ
اكتشف الطريقة العلميّة لتحفيز فريقك ورفع أدائه للحدّ الأقصى بتشجيع الجهد بدلاً من النتائج
بقلم خوان م. فرنانديز Juan M. Fernandez، مؤسس Coaching by JMF
خلال مسيرتي المهنيَّة التي امتدّت لخمسة عشر عاماً كرياضيٍّ محترفٍ، كثيراً ما تعاملت مع فكرةٍ خاطئةٍ مفادها أنَّ النَّجاح ما هو إلَّا نتاجٌ ثانويٌّ للموهبة والنَّتائج الإيجابيَّة، أدركت أنَّ هذا الاعتقاد يتجاهل حقيقةً حاسمةً، سواءً في الرِّياضة أو في الحياة، غالباً ما تتأثَّر النَّتائج بمتغيراتٍ خارجةٍ عن سيطرتنا. [1]
كان هذا الإدراك بالغ الأهميَّة: على الرَّغم من أنَّ النَّتيجة النِّهائيَّة ليست في أيدينا دائماً، إلَّا أنَّ الشَّيءَ الوحيدَ الذي لدينا سيطرةٌ كاملة عليه هو موقفنا وجهودنا، بغضِّ النَّظر عن الظُّروف، وبالبحث في هذا الموضوع، وجدت أنَّ علمَ الأعصاب يدعم أيضاً هذا الاعتقاد، إليك كلُّ ما تحتاجُ إلى معرفته، كقائدٍ، للمساعدة في تحقيق أقصى قدرٍ من أداء فريقكَ من خلال التَّركيز على الجهد بدلاً من النَّتائج.
شاهد أيضاً: أتريد إلهام فريقك؟ 5 عبارات تشجيعية يجب أن تكون دوماً على لسان كل قائد
استراتيجيةٌ مدعومة بالعلم
في دراسةٍ ذكرها عالم الأعصاب أندرو هوبرمان Andrew Huberman في البودكاست الخاصِّ به، The Huberman Lab، أخذ الباحثون مجموعةً من الأطفال وأعطوهم جميعاً مجموعةً من المشكلات لحلِّها، بمجرَّد حلِّها، أثنوا على الأطفال، تمَّت الإشادة بإحدى المجموعات على ذكائهم، "أنت ذكيٌّ جداً"، "أنت موهوبٌ جداً". بينما كانت الإشادة بالمجموعة الأخرى على جهودهم، "لقد حاولت جاهدةً"، "أنا معجبٌ بإصراركَ".
وفي وقتٍ لاحقٍ، أعطوا نفس المجموعة من الأطفال مجموعة أخرى من المشاكل وقاموا بتقييم أدائهم، ما وجدوه، لدهشتهم، هو أنَّ المجموعةَ التي حصلت على الثَّناء على الجهد المبذول تفوَّقت بشكلٍ كبيرٍ على المجموعة التي حصلت على الثَّناء على الموهبة، بالإضافة إلى ذلك، انخفضت المجموعة التي تمَّ الإشادة بها على أداء موهبتها بشكلٍ ملحوظٍ مقارنةً بالمجموعة الأولى من المشكلات التي قاموا بحلِّها.
وما استنتجوه من خلال هذه التَّجربة هو أنَّ الثَّناء على الذَّكاء يقللُّ في الواقع من الأداء، في حين أنَّ الثَّناء على الجهد يحسِّنه بشكلٍ كبيرٍ، ويقول هوبرمان في البودكاست الخاصِّ به: "اتضح أنَّ نوع الثَّناء أو التَّغذية الرَّاجعة التي نتلقّاها، والتي تربط هويتنا بالأداء يمكن أن تقوِّض أداءنا". ومن المفارقات أنَّ إخبارنا بأنَّنا موهوبون أو أذكياء يمكن أن يحدَّ من إمكاناتنا، في حين أنَّ التَّركيزَ على طريق الرِّحلة يمكن أن يساعدَ في توسيعها.
كقادةٍ ورجال أعمال وموجَّهين، يجب أن تجعلنا هذه الرُّؤية نتوقّف ونعيد التَّفكير في نهجنا لتحفيز وتطوير فِرقنا؛ فبدلاً من التَّركيز على الموهبة والنَّتائج، يمكننا أن نشيدَ بالجهد عمداً، ومن خلال القيام بذلك، فإنَّنا نستفيدُ من منبع التَّحفيز وإمكانات النُّمو داخل كلِّ فردٍ، ولا يتعلَّق الأمرُ بما يمكن أن يفعله فريقنا الآن؛ ولكن بما يمكن لهؤلاء الأفراد تحقيقهُ إذا عملوا بجدٍّ وتعاونوا وجرَّبوا أشياء جديدة.
تطبيق عملي
في كتابهِ، يوميّات الرَّئيس التَّنفيذيَّ: القوانين الـ 33 للأعمال والحياة (المحفظة، 2023)، يشاركُ رجل الأعمال ستيفن بارتليت Steven Bartlett قصَّةً توضّح قيمة هذا المفهوم في الحياة الواقعيَّة، وفي عام 2020، واجهت شركته مهمَّةً صعبةً تتمثَّل في إحياء مجموعة التِّجارة الإلكترونيَّة المتعثِّرة للأزياء والتي كانت على وشك الانهيار الماليّ، إذ كانت معنويّات الموظَّفين منخفضةً للغاية، وتمَّ للتوِّ تعيين رئيسٍ تنفيذيٍّ جديدٍ مهمّته إعادة الشَّركة إلى الحياة.
خلال العرض الأوليِّ الذي قدَّمه، أكَّد بارتليت على حاجة الشَّركة إلى تقبُّل الفشل على نطاقٍ أوسع بكثيرٍ في جميع الأقسام، والمثير للدَّهشة أنَّ الرَّئيس التَّنفيذيَّ ذكر أنَّ الشَّركةَ شجعت فريقها بالفعل على تجربة المزيد، مستشهداً بمفهوم "الفشل بشكلٍ أسرع" كإحدى القيم الأساسيَّة في دليل الموظَّف.
ومع ذلك، استفسارات بارتليت قادته إلى الكشف عن مشكلةٍ أساسيَّةٍ أضرَّت بالشَّركة، وهي مشكلةٌ أطلق عليها اسم "الحوافز المنحرفة"، إنَّ ما أرادته الشَّركة من موظّفيها -الابتكار، والمجازفة، وروح المبادرة- لم يتوافق مع الحوافز التي تقدّمها، وفي جوهر الأمر، تم تشجيع الموظَّفين على أداء وظائفهم فقط، دون أيِّ حافز للذَّهاب إلى أبعدِ من ذلك، وكما يشير بارتليت في كتابه، "تحتاج الكلمات إلى الأدلَّة والحوافز والأمثلة لإضفاء الحيويَّة عليها، والسُّلوك البشريُّ لا تحرِّكه العبارات المبتذلة والشِّعارات وعقليَّة التَّمنيّ".
ولمعالجةِ هذا الانحراف، نفَّذ استراتيجيَّةً لإعادة تصميم الحوافز داخل قسم التَّسويق، وكان أحد التَّغييرات المهمَّة هو إدخال عمليّة تقديرٍ تهدفُ إلى الاحتفال بالموظَّفين كلَّما تمَّ تنفيذ التَّجربة بنجاحٍ، بغضِّ النَّظر عن النَّتيجة؛ ففي نهاية المطاف، كان تنفيذ التَّجربة تحت سيطرتهم، في حين ظلَّت استجابة السُّوق غير قابلةٍ للتَّنبؤ، هل تتذكَّر ما قلتُه في البداية عن تقييم الأداء من خلال وضع معاييرك والتَّركيز على الأشياء التي يُمكنكَ التَّحكُّم فيها؟
ولم يحفِّز هذا التَّحول الاستراتيجيَّ الموظَّفين على بذل المزيد من الجهد فحسب؛ بل أدَّى أيضاً إلى تعزيز ثقافة الابتكار والمجازفة، لقد جسَّدت جوهر مدح الجهد والمحاولة، وهي نظريَّةٌ تدعمها الأبحاث المذكورة التي أجراها الدُّكتور هوبرمان والتي شملت هؤلاء الأطفال.
شاهد أيضاً: التغيير المستمر: استراتيجيات الابتكار لنمو الشركات في العام الجديد
رفع إمكانات فريقك إلى أقصى حدِّ ممكن
آخر شيءٍ تريد القيام به كقائدٍ هو الحدُّ من إمكانات فريقكَ، يتمُّ تشكيل الشَّركات في نهاية المطاف بموظَّفيها، وليس فقط منتجاتها أو خدماتها، ومن خلال الثَّناء على الجهد المبذول، يمكنك المساعدة في اكتشاف الإمكانات الكاملة لفريقكَ، ممّا يزيد من فرص النَّجاح والاستدامة على المدى الطَّويل.
في وظيفتي الحاليَّة كمدّرب كرة سلَّةٍ للشَّباب، أقوم بتطبيق هذه الأفكار لمساعدة اللَّاعبين على تحقيق أقصى قدرٍ من إمكاناتهم، ولإبعادهم عن التَّركيز على النَّتائج، أساعدهم على تقييم أدائهم من خلال رصد ما يقع تحت سيطرتهم الجهد والموقف، ويؤدّي هذا إلى تحويل التَّركيز الرَّئيسيَّ من الوجهة إلى الرَّحلة الفعليَّة والرضا الذي يأتي من الوصول إلى أهدافكَ نتيجةً لفعل الشَّيء الصَّحيح.
لمشاهدة فريقك وهو يحلِّق إلى آفاقٍ جديدةٍ، امتدح الجهد المبذول، وشجِّع على التَّجربة، وابتعد عن النَّتائج، ابدأ في الاعتراف بالرِّحلة والعمل الجادِّ والإصرار والاحتفال بها، حيث من المرجَّح أن تزيدَ هذه العناصر الأساسيَّة من فرص نجاح فريقكَ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.