كيف تكون قائداً ناجحاً؟ إليك طرق مبتكرة لتحقيق ذلك
استراتيجياتٌ مميزةٌ للإبحار في أفق النجاح المستمرّ خلال الأدوار القيادية
بقلم برنارد كولمان Bernard Coleman، نائب رئيس الموظفين في Swing Education
عندما أتأمّل مساري المهنيّ، يظهرُ لي أنّ القيادةَ كانت تجربةً مُثريةً بشكلٍ كبيرٍ، وفي الوقت نفسه تحمّلتُ ضغوطاً كبيرةً. إذ أتذكّر في البدايةِ، وأنا مساهمٌ فرديُّ أتطلّع لتولّي مسؤولياتٍ قياديةٍ، شعرت بجاذبيّة ما تقدّمه القيادة، ولكنّي كنت أعلمُ القليل جداً عن متطلباتها. [1]
لا نحتاجُ إلى القولِ إنّ إدارةَ الأفراد ليست بالأمرِ السّهل، إذ إنّ البشرَ مخلوقاتٌ مُعقّدةٌ -لديهم نقاط قوّةٍ وضعفٍ- وسيواجهونكَ بتحدياتٍ فريدةٍ، لضمانِ النّجاحِ وتقليلِ فرصِ الفشلِ، لذلك يجبُ أن تأخذَ في اعتباركَ الخطوات الرّئيسية التّالية:
تعرّف على ذاتك
أحد أهمّ جوانبِ القيادةِ هو معرفةُ من تكون في الأوقاتِ الهادئةِ وأوقاتِ الأزماتِ، ويُمكن للضّغط أن يجعلَ أفضلَ القادةِ يفقدون توازنهم، ولهذا يجبُ معرفةُ ما يثيرُ القائد مع معرفةِ كيفيّةِ تهدئةِ تلك المثيرات. وإحدى الصّفات المهمّة، والتي غالباً ما تُغفل هي قدرةُ القائدِ على تنظيمِ نفسه، وعندما يستطيعُ القائد التّصرف برويّةٍ وسبر أغوار ذاته، يكون لديه مزيدٌ من السّيطرة -ليس فقط على نفسه- ولكن أيضاً على الوضعِ.
العواطفُ شيءٌ مفيدٌ وطبيعيٌّ، ولكن من المهمّ جدّاً معرفةُ متى وكيفيّة توجيه العواطفِ بحسب اللّحظة التي تكون فيها. أنا أحدّد هدفاً لي بأن أبقى هادئاً، حيث أجدُ أنّ ذلك يساعدُ في تقليلِ الفوضى وتجنّب عدوى الذّعر. وفي نهاية المطاف، لا يُمكنني دائماً التّحكم في الوضعِ الحاليّ، ولكنّني يُمكنني دائماً التّحكم في كيفيّة ردّ فعلي. فكيفيّة استجابةِ القادةِ مهمّةٌ، لأنّ الفريق يراقبُ بحثاً عن دلائل، ويتساءلون عمّا إذا كان ينبغي أن يكونوا متحمّسين، خائفين، قلقين، غير مبالين، متفائلين، وما إلى ذلكَ.
إذ إنّ القائدَ هو النّموذج الذي سيقتدون به، ولذلك فإنّ التّفكيرَ بعنايةٍ في الطّاقة التي تنقلها كقائدٍ، يعتبر أمراً بالغ الأهميّة، ويجب أن تدركَ أنّ همسةَ القائد يُمكن أن تكونَ صرخةً. كما يقول المثل المأثور الذي اشتهر بفضلِ شخصيّة سبايدر-مان: "مع القوّة العظمى يجب أن تأتي مسؤوليّةٌ عظيمةٌ".
احصل على استشارة جيدة: تقبَّلْ التغذية الراجعة وقابلية التكيف
القيادةُ في تطوّرٍ دائمٍ، ولا يمتلكُ أحدٌ جميع الإجاباتِ، ولا حتّى أنت كقائدٍ. الشّيء الذي يتعلّق بالقيادةِ -خاصّة إذا كانت ناجحةً في وقتٍ مبكّرٍ- هو أنّها يُمكن أن تدفعَ القادة إلى حالةٍ من العُجب والرّضا عن النّفس، بحيث يشعرون بأنّهم وصلوا إلى ذروةِ مهاراتهم. ومن المهمّ أن تبقَ متكيّفاً ومستعداً للاستماع إلى التّغذيةِ الرّاجعةِ، لأنّها مصدرٌ رئيسيٌّ للمدخلات. وفي كثيرٍ من الحالات، يعتاد القادة على إعطاء التّغذية الرّاجعة، ولكنّهم في الغالبِ لا يعتادون على تلقّيها.
إنّ الاستعانةَ بمساعدة مدّربٍ تنفيذيٍّ، أو مرشدٍ، أو متدرّبٍ، أو مجموعةٍ من الأقرانِ، أو كلّ ذلك، يساعدُ في ضمانِ تلقيّ تغذيّةٍ راجعةٍ منتظّمةٍ. ويجبُ على القادةِ أن يحيطوا أنفسهم بأشخاصٍ يُمكنهم توسيع وجهةِ نظرهم، وأنا أحرصُ على التّحدث مع من يرشدني بانتظامٍ، وأدخلُ كلّ محادثةٍ بروحِ تتقبّل النّقد، ولا أتشبّث بفكرةٍ أو نهجٍ. فالبقاءُ مرناً تجاه أفكارٍ ومدخلاتٍ جديدةٍ، يسمحُ لي بالتّكيف بسهولةٍ مع تقلّباتِ البيئةِ.
ابق طالباً: أعط الأولوية للتعلم المستمر
إيّاك أن تنعزلَ كقائدٍ عن التّعلم، لذلك اقرأ الكثيرَ من الكتبِ والمقالاتِ، واذهب إلى المؤتمراتِ، وأنشئ شبكةٍ، وشاهد الأخبار، وتحدّث مع الآخرين، ووسّع نطاقَ المعلوماتِ التي تستوعبها، وكن فضولياً باستمرارٍ حيال الآخرين وتجاربهم. إذ إنّ القيادةَ عمليّةٌ ديناميكيّةٌ، وأولئك الذين يغلقون أبوابهم في وجهِ التّعلم يكونون عُرضة لتكرارِ الأخطاءِ.
يحرصُ صديقي وزميلي السّابق، تشارلز سيم Charles Sim، دوماً على قراءة 100 مقالٍ أو أكثر يومياً، وأحاول القيام بالشّيء نفسهُ، إذ يوميّاً أقرأ الأخبار الصّباحيّة ومقالاتٍ من عدّة وسائط إعلاميّة لضمان أنّني أشحذُ حرفتي ومعرفتي باستمرارٍ. إذ إنّ عملي الكتابيّ يتطلّب منّي الأمرُ أن أبحثَ وأقرأ مصادر للمساعدةِ في توجيهِ وجهةِ نظري بالمعلوماتِ، فإعطاء التّعلّم المستمرّ الأولويّة يساعدُ القادة على تحقيقِ المزيدِ من الانتصاراتِ وتقليلِ الأخطاءِ الّتلقائيّةِ.
استعدّ لإدارة الأفراد: افهم الدوافع واستمع لهم
كانت إدارةُ الأفرادِ أصعبَ جانبٍ في مساري المهنيّ إلى حدٍّ بعيدٍ، إذ إنّ البشرَ مخلوقاتٌ معقّدةٌ، يأتي النّاسُ بعواطفٍ ودوافعٍ وآراءٍ ومعتقداتٍ ومهاراتٍ وأمتعةٍ، ممّا يجعلُ القيادة شبيهةً برعايةِ القطط. وفي النّهاية، يكمن دورُ القائدِ في مساعدةِ أولئك الذين يديرونهم عن طريقِ إلهامهم ودفعهم بنجاحٍ نحو هدفٍ معيّنٍ.
من المهمّ أن تتعاملَ مع الأمور بنظرةٍ واضحةٍ بخصوصِ ماهيّة القيادة، وما لا تكون عليه القيادة، خاصّةً عندما يتعلّق الأمر بإدارةِ الأفرادِ. إذ يوجدُ ركيزتان حاسمتان في القيادة هما: فهمُ دوافعِ النّاس والاستماع. وغالباً لا يأخذ القادة وقتاً كافيّاً لفهمِ البيئةِ الكاملةِ ودوافعِ الأشخاص الذين يديرونهم.
وهناك طبقاتٌ كثيرةٌ في القيادة، لذا أنا أحرصُ على استخدام أداةٍ تسمّى "عنّي"، الّتي تتيحُ للفريقِ مشاركة "من هم"، ومشاركة ما يحركهم، ومشاركة تفضيلاتهم، ونقاط قوّتهم بكلماتهم الخاصّة. ولا يساعدني ذلك فقط في إدارة توقّعاتي بالنّسبة لما أتوقّعه منهم، ولكنّه أيضاً يسمحُ لي بإحداثِ المزيد من الأمانِ النّفسي، حيث يمكنني فهمهم على مستوى أعمقٍ. فمعرفةُ دافعِ شخصٍ ما، والاستماع له، ومعايرة قيادتك بناءً على تكوين فريقكَ، يُمكن أن يساعدَ في ضمانِ المزيدِ من التّقدم وعدد أقلّ من الانهياراتِ.
لمزيدٍ من النصائح الريادية في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.