عادةٌ بسيطة تفصل بين القادة الناجحين والمتظاهرين بذلك
يعتقد البعض أن الخوف عامل تحفيز، لكننا اكتشفنا أنه في الواقع عامل محبط أساسي
ن أكثرَ منْ ثلاثةِ عقودٍ، استمرّتْ منظّمةُ غالوبْ في ترديدِ نغمةٍ قديمةٍ، ولكنّها معروفةٌ وقد تكونُ سمعتَ بهَا؛ 30٪ تقريباً من العاملينَ في الولاياتِ المتّحدةِ المنخرطين في أعمالهم ْفقطْ. وتنقلُ هذه النّغمةُ العتيقةُ رسالةً لا تزالُ صحيحةً حتّى يومنَا: النّاسُ عادةً ما يغادرونَ مدراءهمْ، وليسَ الشّركاتُ الّتي يعملونَ فيهَا.
وعلى الرّغم من أنّنا نعلمُ هذه الحقيقةِ منذُ فترةٍ، إلّا أنّنا لا نستطيعُ العثورَ على حلٍّ لأزمةِ انخراطِ الموظفينَ. السببُ وراءَ ذلكَ هو عدمُ وجودِ فهمٍ واضحٍ لدى معظمِ الأشخاصِ في المناصبِ القياديّةِ بشأنِ ما يتطلّبهُ الأمرُ للتّأثيرِ الفعّالِ على الآخرينَ. وإليكمْ نصيحةٌ: لا تديروا النّاسَ، بل قودوهمْ وتحكّموا في العملِ.
حقيقة صعبة حول القيادة
إذا وجدتَ نفسكَ في موقفٍ حرجٍ تتساءلُ فيهِ عن مكانتِكَ كقائدٍ، فيجبُ عليكَ في نقطةٍ ما أنْ تواجهَ بعضَ الحقائقِ الصّعبةِ حولَ ما يلزمُ لكيْ تكونَ قائداً ناجحاً، قائداً يحفّزُ ويُلهمُ الآخرينَ على مستوىً إنسانيٍّ وعاطفيٍّ ونفسيٍّ.
إحدَى هذهِ الحقائقِ الصّعبةِ يمكنُ أنْ تتحوّلَ إلى عادةٍ بسيطةٍ لرفعِ مستوَى قدراتكَ القياديّةِ: القضاءُ على الخوفِ داخلَ مكانِ العملِ.
في الهياكلِ القويّةِ التقليديّةِ الّتي تتدفّقُ من الأعلَى إلى الأسفلِ، يستخدمُ الرّؤساءُ قوّة المناصبِ والتحكّمِ لـ "دفعِ" الموظّفينَ إلى تحقيقِ النّتائجِ المرجوّةِ. الخوفُ هنا جزءٌ أساسيٌّ كعاملِ تحفيزٍ رئيسٍ. في اقتصادنَا الاجتماعيّ الحاليّ، يخلقُ القادةُ المُساندونَ جوّاً نفسيّاً آمناً بإزالةِ الخوفِ من البيئةِ لتحريرِ فِرقِهم للتّعاونِ، والابتكارِ، والانخراطِ بحريّةٍ لتقديمِ أفضلَ ما لديهمْ.
تمكّنتْ الشّركاتُ الّتي تمَّ تصنيفهَا كـ "أفضلِ مكانٍ للعملِ"، منْ فكّ شفرةِ إزالةِ الخوفِ، وتحوّلتْ إلى أماكنَ عملٍ يشعرُ فيها النّاسُ بالانتماءِ، ويرونَ أنفسهمْ مشرفينَ يحافظونَ على الثّقافةِ والشّركةِ.
اقرأ أيضاً: تأثير بيئة العمل على الإنتاجية بطريقةٍ إيجابية وبناءة
تقييم الخوف في مكان العمل
لتحديدِ مدَى تأثيرِ الخوفِ في شركتكَ أو قسمكَ أو فريقكَ، يُفضّلُ طرحُ الأسئلةِ التّاليةِ على نفسكِ:
- ما مدَى أهميّةِ السّياسةِ الدّاخليّةِ في شركتكَ أو مؤسستكَ؟
- منْ يتقدّمُ ولمَاذا؟
- هلْ يرحّبُ المدراءُ والقادةُ في المناصبِ العُليا بآراءٍ تختلفُ عن آرائهمْ؟
- هلْ يشعرُ النّاسُ بالأمانِ عندَ اتّخاذِ المخاطرِ؟
- ما هِي آخرُ فكرةٍ عظيمةٍ اتّبعتهَا الشّركةُ، ولمْ تأتِ من أحدِ القادةِ التّنفيذيين؟
إذا أثارتْ أيٌّ من هذهِ الأسئلةِ تفكيرَكَ، فاعلمْ أنّ الخوفَ لا يُميّزُ بينَ المناصبِ، وأنّهُ ينتشرُ في جميعِ المستوياتِ، من العاملينَ الأساسيّينَ حتّى القادةِ التّنفيذييّن.
ما يرغب فيه كل موظف
يعيقُ الخوفُ تحقيقَ الشّركةِ لإمكاناتهَا الكاملةِ، ولا يمكننَا أنْ نكونَ مُنخرطينَ أو مُبتكرينَ عندما نشعرُ بالخوفِ. بعضُ النّاسِ يعتقدونَ أنَّ "الخوفَ محفّزٌ"، لكنَّ الخوفَ في الواقعِ يقتلُ الثّقةَ، وهوَ العاملُ المُحبطُ الأساسيُّ.
ليسَ مفاجئاً أنّ القادةَ الّذينَ يُولونَ اهتماماً بمصلحةِ موظفيهمْ يُحسّنونَ أداءَ الموظّفينَ، ويرفعونَ من معنوياتِ الفريقِ؛ لأنّ هذا يُشعرُ الموظّفينَ بالأمانِ، لا بالخوفِ.
تُشيرُ الأبحاثُ الّتي أجرتهَا إيمي إدموندسون في كليّةَ هارفارد للأعمالِ، إلى أنّ القادةَ الّذينَ يُعزّزونَ "ثقافةَ الأمانِ"، حيثُ يمكنُ للموظّفينَ التحدّثَ بحريّةٍ، والتّجريبُ، والإدلاءُ برأيهمْ، أو طلبِ المساعدةِ، يُحقّقونَ نتائجَ أداءٍ أفضلَ.
فكّرْ في ما سيتطلّبهُ الأمرُ للانتقالِ من إدارةٍ تعتمدُ على الخوفِ والتّرهيبِ إلى إدارةٍ تعتمدُ على الحريّةِ والإمكانياتِ. لتوسيعِ نطاقِ تفكيركَ، اطرحْ سؤالينِ قويّين على نفسكَ، حينمَا تتصوّرُ مكانَ عملٍ خالٍ من الخوفِ:
- ماذا سيفعلُ موظفوكَ أو أعضاءُ فريقكَ بشكلٍ مختلفٍ إذا لمْ يكونوا خائفينَ؟
- كيفَ سيشعرونَ بدونِ الخوفِ؟