سؤالٌ واحد سينقذك: كيف تتغلب على التردد وتتخذ قراراتك بحكمة؟
كيف تنتقل من الحيرة إلى اليقين بتحليلٍ منطقيٍ للخيارات الموجودة وتقييم الاحتمالات المتوقّعة، وصولاً إلى أفضل النتائج.
بقلم بيل ميرفي الابن Bill Murphy Jr.، مؤسس Understandably ومحرر مساهم في Inc.
هل تواجه صعوبةً في اتِّخاذ قرارٍ كبيرٍ؟ربَّما تحاول أن تنجو من مشكلةٍ تجاريَّةٍ شائكة، أو ربَّما لا تستطيع اتِّخاذ قرارٍ بشأن ما يجب فعله مع موظِّفٍ واعدٍ، أو ربَّما يكون الأمر أنَّك محصورٌ بين خيارين في مسألةٍ شخصيَّةٍ أو متعلِّقةٍ بالعلاقات. [1]
ولكن، الخبر السَّار هو: هناك سؤالٌ بسيطٌ يمكنكَ طرحه على نفسكَ (مرتكز على علم الأعصاب)، ليرشدكَ خلال التَّردد، ويساعدكَ على التَّغلُّب على الشَّلل التَّحليلي، ممّا يؤدّي في النَّهاية إلى اتِّخاذ خياراتٍ أفضل وأكثر جرأةً؛ والسّؤال ببساطةٍ هو: "ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدثَ؟"
وبينما قد يسأل بعضهم هذا السُّؤال عندما يواجه خياراتٍ صعبةٍ، فإنَّ هذا ليس كافيَّاً تماماً، بدلاً من ذلك، هي مسألة فهمٍ للعمليَّات العاطفيَّة والعقليَّة التّي تؤدّي إلى التَّردُّد، والسَّبب الذي يجعل التَّركيز على هذا السؤال يأتي بنتيجةٍ.
لاستكشاف هذا المفهوم، جلستُ مع دينيس ك. شول Denise K. Shull، مدربة الأداء العالي الحاصلة على شهادة الدِّراسات العليا في التَّحليل النَّفسيّ العصبيّ من جامعة شيكاغو، إذ عملت Shull مع أفضل الأشخاص أداءً، سواء من المتداولين الَّذين يديرون محافظ استثماريَّةً بمليارات الدُّولارات، أو نخبة الرِّياضيين المحترفين الَّذين يتنافسون في دوري البيسبول الرَّئيسيِّ، واتِّحاد كرة القدم الأميركيّ، والألعاب الأولمبيَّة.
وأوضحتْ أنَّ النَّظريَّة وراء نجاح هذا السُّؤال بشكلٍ جيّدٍ في سياقٍ منظَّمٍ هي أنَّ المشاعر البشريَّة تنبؤيَّة وليست تفاعليَّة:
"تحاول أدمغتنا دائماً التَّنبُّؤ بما سيحدثُ بعد ذلك، خذ، على سبيل المثال، رفع فنجانٍ من القهوة، إذا لم تكن متأكِّداً ما إذا كان ساخناً أم بارداً، فسيستغرقُ دماغك لحظةً لمعالجة درجة الحرارة، ولكن إذا علمت أنَّه فنجان قهوة ساخن، فستشعر بالحرارة على الفور.
لا يتعلَّق الأمرُ فقط بالتَّنبُّؤ بالشَّيء نفسه، بل التَّنبُّؤ بما سيُشعرنا به هذا الشَّيء...
الثَّقة هي في الأساس توقُّع بأنَّ كلَّ ما نقوم به سوف ينجح، في حين أنَّ الخوفَ هو الاعتقاد بأنَّ الأمرَ لن ينجح، عندما تقوم بتحليل سلوك النَّاس واتِّخاذهم للقرارات حسب هذه التَّوقُّعات، فإنَّك تنفتح على فهمٍ أوسع لأفعالهم ودوافعهم".
يجب أن أشيرَ هنا إلى أنَّ شول تستشهد بعمل بريان كنوتسون Brian Knutson، أستاذ علم النَّفس وعلم الأعصاب في جامعة ستانفورد ومدير مشروع ستانفورد التَّكافلي في علم الأعصاب العاطفيّ. إذ تقول: "قبل عشرين عاماً، عندما بدأت هذا المجال لأوِّل مرَّةٍ، كنت أعرف أهميَّة العواطف في عمليَّة صنع القرار، ولكن فقط عندما اكتشفت عمل كنوتسون حول العواطف الاستباقيَّة، أصبح كلُّ شيءٍ في مكانه الصَّحيح".
على أيَّة حال، دعونا نرى كيف يعمل ذلك في الممارسة العمليَّة، طلبتُ من شول أن تشاركني تجارب العملاء الَّذين أرشدتهم خلال عمليَّات صنع القرار، من الواضح أنَّنا لا نستطيع تسميتهم على وجه التَّحديد، ولكن آمل أن تكونَ الأوصاف كافيةً.
شاهد أيضاً: هل تشعر بأنك عالق؟ إليك 3 أسئلة ذهبية ستغير نظرتك إلى الحياة
"قد يعتقد رئيسي أنّني غبي"
أراد مدير الموارد البشريَّة في إحدى الشَّركات الماليَّة الكبرى أن يطلبَ ترقيَّةً، ولقد كان يعتقدُ أنَّ بإمكانه القيام بهذه المهمِّ، وأنَّه سيتعلَّم كلَّ ما يحتاجه لملء الفجوات، لكنَّه واجه صعوبةً في حمل نفسه على طلب ذلك.
- ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث؟ لقد أدرك في النِّهاية أنَّه كان يشعر بالقلق من أنَّ رئيسه قد لا يقدّره بما فيه الكفاية، أو يغضب منه، أو يعتقد أنَّه "غبيٌّ".
- النَّتيجة: لقد أدرك أنَّ النَّتيجةَ الأكثر احتمالاً هي أنَّ رئيسه قد يريده فعلاً أن ينتقلَ إلى منصبٍ أعلى، ومن المرجَّح أن يكونَ داعماً له، وحتَّى لو كان هذا خطأً، فكيف يمكن مقارنة الخوف من رئيسه بالإيمان بنفسه؟
"قد لا ينجح الأمر وسأحرج نفسي"
تحدَّث أحد لاعبي دوري البيسبول الرَّئيسيّ مع شول عن عدم قدرته على الالتزام بتعلُّم طريقةٍ جديدةٍ قد تؤدّي إلى تحسين لعبته.
- ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث؟ لقد أدرك أنَّ خوفه كان من أنَّه قد لا يتعلُّمها أو لا يتقنها، وأنَّه سيحرج نفسه إذا حاول تطبيقها في رمي الكرة في إحدى الألعاب.
- النَّتيجة: ذكّر نفسه بأنَّه ليس عليه في الواقع أن يجرِّب الرَّمية الجديدة في إحدى الألعاب حتَّى يكتسب الثِّقة في قدرته على رميها، وكانت الميزة هنا هي أنَّه إذا تحلَّى بالثِّقة، فسيضيف ذلك ارتباكاً لحاملي المضرب الَّذين يواجههم.
"مدربيّ سيكون غاضباً"
أراد أحد المتزلجين الأولمبيين عدم المشاركة في منافسة ما قبل الألعاب الأولمبيَّة، لكنه كان يخشى إخبار المدرب.
- ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث؟ أدرك المتزلج أنَّ السَّببَ هو الخوف من غضب المدرب.
- النَّتيجة: قرَّر المتزلج أنَّ المدرِّب سيتجاوز الأمر، وأنَّ الجانب الإيجابيّ كان الرَّاحة الإضافيَّة وعدم التَّعرُّض لخطر الإصابة قبل وقت السِّباق الأكبر، وهذا يستحقُّ عناء تحمُّل غضب المدرِّب.
"سأشعر بالاستياء لأنّني لم أؤمن بنفسي"
كان مدير محفظةٍ في أحد أكبر صناديق التَّحوِّط في العالم متراجعاً هذا العام، وكان يمسك صفقةً ضخمةً أراد القيام بها في ديسمبر.
• ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث؟ يمكن أن ينتهي به الأمر إلى مزيدٍ من التَّراجع إذا لم تنجح الصَّفقة، ولكن، كان هناك جانبٌ آخر أيضاً: ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث إذا لم يقم بالصَّفقة، وتبيَّن أنَّها كانت صفقةً جيدةً؟
• النَّتيجة: "سأكون أكثر غضباً من نفسي، وأشعر بأنَّني أحمقٌ إذا لم أستمع إلى قناعتي وانتهى الأمر بنجاح الصَّفقة، وأكثر ممّا سأشعر به إذا كنت مخطئاً."
شاهد أيضاً: أتريد التخلص من السلبية؟ إليك طريقة Dickens لرؤية العالم بشكلٍ مختلفٍ
التقليل من أهمية العاطفة المتوقعة
حسناً، أنا مثل (الإسكافي الحافي) عندما يتعلَّق الأمر بإخبار الآخرين بأن يتغلَّبوا على قلقهم وأن يكونوا أكثر حسماً، ولكن ربَّما يكون هذا أيضاً هو السَّبب وراء انفتاحي الشَّديد على هذه الأنواع من الأفكار، ورغبتي الشَّديدة في البحث عن مدرّبين وغيرهم من المتخصِّصين الَّذين يمكنهم المساعدة في التَّعامل معها.
باختصار، عندما تواجه التَّردد، اسأل نفسك ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث، وبعد ذلك، ابحث عن المؤشِّرات التي تدلُّ أنَّه (ربَّما) لا يكون خوفكَ من النَّتيجة هو ما يمنعك من التَّصرُّف، ولكنَّ خوفكَ ممّا قد تشعر به، إذا تحقَّق هذا السِّيناريو الأسوأ، وإذا قمت بتحصين نفسك ضدَّ تلك المشاعر المتوقِّعة، فقد تكون قادراً على اتِّخاذ القرار.
إذا كان هذا يهمك، فلدي كتابٌ إلكترونيٌّ مجانيٌّ كاملٌ يضمُّ العديد من الدِّراسات والنَّصائح العمليَّة المماثلة التي قد ترغب في الاطِّلاع عليها: الكتاب المجانيِّ لعلم الأعصاب: 13 طريقةٍ لتدريب دماغك على النَّجاح في الحياة، The Free Book of Neuroscience: 13 Ways to Train Your Brain for Success in Life.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.