عبارة يلجأ لها المتحدثون المهرة حسب خبير الاتصال في ستانفورد
هل تقدّم ردوداً داعمة أم ردوداً تحويلية؟ وكيف لذلك أن يحدث فرقاً في نوعية محادثاتك؟
"أخبرني بمزيدٍ من التّفاصيلِ" هذه العبارةُ، بسيطةٌ في صياغِتهَا لكنّها عميقةٌ في معانيهَا، وتعتبرُ مفتاحاً لإجراءِ محادثاتٍ أكثرَ إثراءٍ وجاذبيةٍ. هذا التّوجيهُ البلاغيّ جاءَ على لسانِ مات أبراهامز، المحاضرُ المتميّزُ في جامعةِ ستانفورد في مجالِ السّلوكِ التّنظيميّ، ومؤلفِ الكتابِ الجديدِ "فكّر بسرعةٍ، تحدّث بفصاحةٍ" (نُشر عام 2023 عن دارِ سايمون وشوستر).
رغمَ أنَّ أبراهامز يحملُ شهاداتٍ في علمِ النّفسِ وعلومِ الاتّصالِ، إلّا أنّه اكتسبَ هذهِ الحكمةَ البلاغيّةَ من والدةِ زوجتهِ، كمَا يشيرُ في مقالٍ لهُ على موقعِ CNBC.com. وفي عائلتهِ، اتّسمَ الحديثُ بالفوضى والتّداخلِ، وكانَ من يرفعُ صوتَه هوَ الّذي يَحظى بالاهتمامِ. لكنْ عندمَا تزوّج، أثّر فيهِ، وبشكلٍ كبيرٍ، ذكاءُ حماتهِ العاطفيُّ وسعيُها لإعطاءِ الفرصةِ للآخرينَ للتّعبيرِ عن أنفسِهم.
قالَ: "عبارتُها المفضّلةُ كانتْ 'أخبرني بمزيدٍ من التّفاصيلِ'، وهيَ بالضّبطِ العبارةُ التّي يتبنّاها الّذينَ يتميّزونَ بالقدرةِ على الحوارِ الاجتماعيّ النّاجح". ويضيفُ: "انتبهتُ فوراً إلى الرّوابط الإنسانيّة التي تَبنيها هذهِ العبارةُ الثّلاثيّةُ، وإلى مدى الفهمِ والمعرفةِ التّي تكتسبُها من الأشخاصِ الّذين تدخلُ في حوارٍ معهمْ".
ردٌّ داعم أم ردٌّ تحويلي؟
المفتاحُ لفهمِ هذهِ العبارةِ القويّةِ، ولفهمِ دينامياتِ المحادثةِ عموماً، يكمنُ في التّمييزِ بين الرّدِّ الدّاعمِ والرّدِّ التّحويليّ، كما يُبيّنُ أبراهامز. الرّدُّ الدّاعمُ يقومُ على تعزيزِ الشّخصِ الآخرِ من خلالِ الإظهارِ المستمرِ للاهتمامِ بمَا يقولُ، والإشارةُ إلى رغبتِكَ في سماعِ المزيدِ منهُ، بينمَا الرّدُّ التّحويليّ يقومُ على تحويلِ مسارِ الحديثِ باتجاهكَ.
على سبيلِ المثالِ، يمكنُ لصديقٍ لكَ، يعملُ كرائدِ أعمالٍ، أنْ يشكوَ لكَ عدمَ تلقّيهِ للمستحقّاتِ الماليّةِ منْ أحدِ العملاءِ وتأخّرِ الدّفعِ. الرّدُّ التّوجيهيُّ قد يكونُ مثلاً: "أنا مررتُ بنفسِ الظّروفِ! كانَ لديَّ عميلُ لمْ يدفعْ لي لفترةٍ طويلةٍ حتّى قمتُ بمقاضاتِه". هذا الرّدُّ قدْ يبدوْ مفيداً في الظّاهرِ، لكنَّ الرّدَّ التّعزيزي يمكنُ أنْ يكونَ أكثرَ فعاليةً، مثلَ: "أخبرنِي بمزيدٍ من التّفاصيلِ"، أو "هَذا مروّعٌ! ما هوَ السّببُ الّذي يقدّمونهُ للتّأخيرِ؟" هَذا يُظهرُ لصديقِكَ اهتمامَكَ الحقيقيّ بوضعِهِ، ويعطيهِ الفرصةَ للكشفِ عن تفاصيلَ أكثرَ، قدْ تكونُ مفيدةً في تقييمِ الوضعِ.
التوازن بين الردود الداعمة والردود التحويلية
لكلٍّ من الرّدودِ الدّاعمةِ والتّحويليّةِ دورٌ مهمٌ في سياقِ المحادثةِ. إذا كانتْ جميعُ ردودِكَ تعزيزيّةٌ، فأنتَ ببساطةٍ تحجبُ معلوماتٍ عن نفسكَ. "النّاسُ يرغبونَ في التّعرفِ علينَا، ولا نريدُ أنْ نظهرَ كأنّنا متحفظونَ، ولا أنْ نحتكرَ الحديثَ لأنفسِنا"، يوضّحُ أبراهامز. لكنَّ معظمَنَا يميلُ للكثيرِ منَ التّحويلِ والقليلِ من الدّعمِ، سواءً كانَ السّببُ أنّنا نرغبُ في نقلِ فهمِنا عن طريقِ الإشارةِ إلى تجربةٍ مماثلةٍ لدينَا، أو لأنّنا نستمتعُ بالحديثِ عن أنفسِنا أكثرَ من الاستماعِ للآخرينَ.
لذلكَ، قد يكونُ الحلُّ الأمثلُ هو البقاءُ على درايةٍ بنوعِ الردّ الذي تقدّمهُ، والتأكّدُ من تحقيقِ توازنٍ جيّدٍ بين الدّعمِ والتّحويلِ. هذا صحيحٌ خاصّةً إذا أخبركَ شخصٌ بتجربةٍ صعبةٍ أو بإنجازٍ شخصيٍّ. الأسلوبُ الذّكيّ عاطفيّاً يتطلّبُ تقديمَ عدّةِ ردودٍ تعزيزيّةٍ لإظهار اهتمامِكَ وإعطاءِ الشّخصِ الفرصةَ للتحدّث عمّا يزعجهُ، أو للتفاخرِ بأخبارِه الجيّدةِ. بعدَ ذلكَ، قدْ توجّهُ الحديثَ نحوَكَ وتشاركُ بعضَ تجاربِكَ الشّخصيّةِ.
هناكَ جمهورُ متزايدٌ من قرّاء Inc.com يتلقّونَ منيّ نصّاً يوميّاً يتضمّن تحديّاً أو نصيحةً تحفيزيّةً. غالباً ما يردّونَ عليَّ بنصوصٍ ونجدُ أنفسنا في حوارٍ. العديدُ منهمْ روّادُ أعمالٍ أو قادةٌ في مجالِ الأعمالِ، يُخبرونني بمدَى صعوبةِ الدّخولِ في حواراتٍ عابرةٍ مع معارفَ جديدةٍ أو التّفاعلِ الصّميميّ مع عملائِهمْ. استخدامُ المزيدِ من الرّدودِ التّعزيزيّةِ ومعدّلٍ أقلُّ من الرّدودِ التّوجيهيّةِ، قدْ يكونُ وسيلةً لتسهيلِ كلّ محادثةٍ والتّفاعلِ بفعاليةٍ أكبرَ معَ الآخرينَ.