الرئيسية الريادة كيف يساعدك التفكير الثنائي على تحقيق النمو المستدام؟

كيف يساعدك التفكير الثنائي على تحقيق النمو المستدام؟

في عالم الأعمال لا يوجد صوابٌ مطلقٌ أو خطأٌ مطلقٌ، بل تظهر الفرص الحقيقيّة في التّناقضات

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

"لقد كانت أفضل الأوقات، وكانت أسوأ الأوقات". ربّما لم يكن تشارلز ديكنز يتحدّث عن عالم الأعمال، لكنّه كان ليكون محقّاً لو فعل ذلك. في مجال الأعمال –كما هو الحال في الحياة– قد يكون هناك أمران متناقضان، لكن كلاهما صحيحٌ في نفس الوقت. وكلّما أسرعت في تقبّل هذه العقليّة التي تعتمد على "كلاهما معاً"، زادت قدرتك على مواجهة التّحديّات، واتّخاذ قراراتٍ أكثر ذكاءً، وتحقيق النّموّ لعملك.

التفكير الثنائي: العقبة الخفية أمام النجاح

بصفتي مدرّباً تنفيذيّاً، أرى العديد من روّاد الأعمال والمؤسّسين يقعون في فخّ التّفكير الثّنائيّ، فهم يميلون إلى الاعتقاد بأنّه إذا كان "هذا" صحيحاً، فلا بدّ أن يكون "ذلك" خاطئاً. تعدّ هذه العقليّة المطلقة، الّتي ترى الأمور على أنّها إمّا كلّ شيءٍ أو لا شيءٍ، أحد أكبر العوائق الّتي تبطئ التّقدّم وتعيق النّموّ. لكن ماذا لو بدلاً من التّفكير بطريقة "إما/أو"، بدأت في تبنّي عقليّة "كلاهما معاً"؟ ماذا لو تمكّنت من الإقرار بوجود حقيقتين متناقضتين في نفس الوقت، ممّا يتيح لك رؤية الفرص حيث يرى الآخرون العقبات؟

يتمتّع روّاد الأعمال عادةً بقدرةٍ كبيرةٍ على اتّخاذ القرار بسرعةٍ؛ إنّهم يحدّدون فجوةً في السّوق، ويتحرّكون بجرأةٍ، ويستثمرون كلّ جهودهم في تنفيذ فكرتهم. ولكن في بعض الأحيان، يتحوّل هذا الحسم إلى فخٍّ يضيّق الرّؤية. عندما ترى الأمور بمنظورٍ مطلقٍ، فإنّك تفقد التّفاصيل الدّقيقة والفرص التي تختبئ في المناطق الرّماديّة. على سبيل المثال، قد يعتقد البعض:

  • "إذا كان فريقي غير متحمّسٍ، فإنّ هذا يعني أنّ ثقافتنا التّنظيميّة ضعيفةٌ".
  • "إذا انخفضت مبيعاتنا، فإنّ هذا يعني أنّ منتجنا غير جيّدٍ بما فيه الكفاية".
  • "إذا كنت أشعر بعدم اليقين، فإنّ هذا يعني أنّني أسير في الاتّجاه الخاطئ".

لكن الحقيقة غالباً ما تكون أكثر تعقيداً، بل أكثر تفاؤلاً. إذ يمكن أن يكون فريقك غير متحمّسٍ، ولكن ثقافة شركتك لا تزال قويّةً. وقد تتباطأ مبيعاتك، ولكن منتجك لا يزال الأفضل في السّوق. ويمكنك أن تشعر بعدم اليقين، ومع ذلك تكون على الطّريق الصّحيح تماماً.

كيف تتبنى فكرة التعايش بين حقيقتين؟

التّفكير في أمرين متناقضين كحقيقتين متوازيتين لا يعني أنّك متردّدٌ أو غير حاسمٍ، بل هو توسيعٌ لرؤيتك، إذ تساعدك هذه القدرة على اتّخاذ قراراتٍ أكثر ذكاءً وثقةً، حتّى عندما لا تكون الإجابات واضحةً تماماً، وإليك بعض الأمثلة على ذلك:

1. النمو والركود يمكن أن يحدثا في نفس الوقت

عندما يبدو أنّ أحد جوانب عملك يتباطأ، قد يكون جانباً آخر مستعدّاً للنّموّ السّريع، وربّما يكون منتجك الرّئيسيّ قد وصل إلى مرحلة الاستقرار. لذلك، بدلاً من الذّعر، اسأل نفسك:

  • أين تكمن فرص النّموّ الجديدة؟
  • هل هناك أسواقٌ جديدةٌ يمكن التّوسّع فيها؟
  • هل هناك ميّزاتٌ جديدةٌ يمكن إضافتها لمنتجك؟

غالباً ما يختبئ النّموّ في ظلّ الرّكود، ولكنّ عليك أن تكون مستعدّاً لاكتشافه.

2. التراجع والترابط القوي قد يتواجدان معاً

أحياناً تجد فرقاً يكون فيها بعض الموظفين غير متحمّسين لعملهم، ولكنّهم في الوقت نفسه متّصلون ببعضهم بقوّةٍ، وقد يشكّلون ما يعرف بمجموعات الرفض أي مجموعاتٍ من الموظّفين غير المتفاعلين، ولكنّهم مترابطون فيما بينهم. وقد يراها البعض فشلاً في بناء الثقافة التنظيمية، ولكنّها في الواقع فرصةٌ؛ فوجود هذا النّوع من التّرابط داخل الفريق يشير إلى أنّ الأساس موجودٌ، وما عليك سوى إعادة توجيه هذا التّرابط نحو رؤيةٍ مشتركةٍ.

3. الفوضى قد تحمل داخلها فرصاً ذهبيّةً

في عالم الأعمال، تسود الفوضى أحياناً، حيث تتغيّر الأسواق بسرعةٍ، ويبدو كلّ شيءٍ غير مستقرٍّ. ولكن وسط هذه الفوضى، هناك دائماً فرصٌ مختبئةٌ؛ فبينما يحاول منافسوك إعادة ترتيب أوراقهم، يمكنك أن تبقى ثابتاً، وتختار القطع الصّحيحة لبناء شيءٍ جديدٍ.

4. البيع والخدمة لا يتعارضان، بل يتكاملان

يعاني بعض المؤسّسين من فكرة أنّهم يجب أن يختاروا بين تحقيق الرّبح أو تقديم خدمةٍ مميّزةٍ. ولكن الحقيقة هي أنّ أفضل عمليّات البيع تحدث عندما تخدم عملاءك بعمقٍ؛ فعندما تركّز على تقديم قيمةٍ حقيقيّةٍ، ستجد أنّ المبيعات تتّبع ذلك بشكلٍ طبيعيٍّ، ويمكنك أن تكون بائعاً ناجحاً ومقدّم خدمةٍ ملتزماً في نفس الوقت.

كيف يساعدك تبنّي عقلية "كلاهما معاً" في تحقيق النجاح؟

التّحدّي الحقيقيّ ليس فقط في تقبّل أنّ أمرين متناقضين قد يكونان صحيحين في نفس الوقت، بل كيفيّة التّنقّل بينهما بذكاء ووعيٍ، وإليك بعض الخطوات لمساعدتك على ذلك:

  • حدّد الحقائق المتناقضة: عندما تجد نفسك عالقاً في التّفكير الثّنائيّ، توقّف واسأل نفسك: "ما الّذي قد يكون صحيحاً أيضاً؟".
  • تعلّم التّعامل مع التّوتّر النّاتج عن وجود حقيقتين: تقبّل التّوتّر النّاتج عن التّفكير في حقيقتين متناقضتين، فلا تتعجّل في حلّ هذا التّوتّر، بل استخدمه مصدراً للإبداع واتّخاذ قراراتٍ أفضل.
  • اختر متى تعتمد على أيّ من الحقيقتين: في بعض الأحيان، ستحتاج إلى التّركيز على جانبٍ معيّنٍ أكثر من الآخر، فالمفتاح هو أن تكون واعياً ومدركا للخيارات الّتي تتّخذها، دون أن تفقد رؤية الجانب الآخر.

القادة الحقيقيّون ليسوا أولئك الّذين يحاولون تجنّب التّعقيد، بل أولئك الّذين يعرفون كيف يتعاملون معه ويستفيدون منه. لذلك، في حياتك المهنيّة، وفي عملك، وفي قيادتك لفريقك، حاول أن تترك مساحةً للتّفكير بـ "كلاهما معاً"، إذ ستفاجأ بكميّة الفرص الّتي ستظهر أمامك عندما تبدأ في رؤية العالم بهذه العقليّة.

شاهد أيضاً: 6 استراتيجيات لتعزيز التفكير الإبداعي في المجال التجاري

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: